الرئيسية / كتاب الوعي العربي / أرجوك لا أستطيع التنفس أنا أموت يا أمريكا

أرجوك لا أستطيع التنفس أنا أموت يا أمريكا

index.jpgءؤئرق

( أرجوك لا أستطيع التنفس أنا أموت ) نعم هذه آخر كلمات إستغاث بها ( جورج فلويد ) المواطن الأمريكي من أصول أفريقية قبل مقتله على يد شرطي أبيض يُدعي ( ديريك مايكل تشوفين ) والذي إشتبه في كون فلويد يحمل عملات مزورة فدهس بركبته على رقبة فلويد أثناء القبض عليه فأدى بهذا الجرم إلى وفاته ، وترتب على الأمر غضب وإحتجاجات في ولاية مينيسوتا الأمريكية لحقها مظاهرات عنيفة في عدد كبير من الولايات الأمريكية قابلتها الشرطة الأمريكية بعنف مضاد و دهس للمتظاهرين .

وكلمات فلويد قبل وفاته جاءت متطابقة مع كلمات المواطن السعودي جمال خاشقي حين مقتله ، وهي ذات الكلمات التي طالما رددتها شعوب المنطقة العربية ، وهي كلمات جاءت معبرة عن واقع العالم أحادي القطبية الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة ، ويمضي نحو تفكك الإتحاد الفيدرالي الأمريكي ، للمعطيات الآتية :-

خطورة الإحتجاجات الأمريكية :-

تكمن في تلاحقها لحقبة التحولات السياسية الكبرى في العالم منذ 2011، وتزامنها مع مخطط أمريكي إسرائيلي لإستكمال نهب أراضي العرب ( صفقة القرن ) ، وتوتر حاد بين أمريكا والصين يقترب من الوصول لمرحلة الحرب الباردة ، وتأزم الأوضاع السياسية والإقتصادية لحلفاء أمريكا في الشرق الأوسط ، بالإضافة لتداعيات فيروس كورونا المستجد وكشفه لقبح الإدارة السياسية لترامب ، وكشفه لمدى توحش السياسات الرأسمالية والنيوليبرالية الحالية ، وكشفه للأزمات السياسة الخارجية لأمريكا تجاه العالم الآن ، وكشفه لأزمة إقتصادية حادة قادمة لأمريكا بدأت مع تسريح ما يقارب من 40 مليون أمريكي من أعمالهم ، مع وضع في الإعتبار أن هذه الإحتجاجات تختلف تماماً من حيث المطلب والتوجه عن حركة ( إحتلوا وول ستريت ) التي وقعت في سبتمبر 2011 والتي أتت تأثراً بثورات الربيع العربي وفي ظل معطيات مغايرة لما هي الآن .

عنصرية ترامب ومسئوليته :-  

الرئيس الأمريكي ترامب بطبيعته شعبوي فج لا منهج فكري أو أخلاقي له ، وتكوينه النفسي ورؤيته السياسية قائمة علي المال والتجارة ولا شيء سواهما ، يحمل كراهية ضد المهاجرين عموماً ، وضد المسلمين خصوصاً تسمى ( الإسلاموفوبيا ) ، وتميز عنصري قائم على اللون ضد السود ، يليهم الجنس الأصفر ، وإحتقار للمستضعفين الفقراء ، وإداراته الداخلية والخارجية للولايات المتحدة تقول إنه :- ( قرصان أعور من قراصنة البحر المتوسط في العصور الوسطى ، يحمل راية إدفع أكثر نبيع لك قيم حقوق الإنسان والديمقراطية أكثر ) ، ومن ثم هو مستعد لفعل أي شئ من أجل المال ومن أجل الحفاظ على بقائه في الحكم ، حتى لو أدى هذا العمل لإنتهاك الثوابت الدستورية أو الدبلوماسية للسياسة الأمريكية ، وهو الآن سيُزيل كامل الغطاء الأخلاقي عن فكرة الديمقراطية الأمريكية وعن الحاكم الخفي الحقيقي لأمريكا .

للعنصرية الأمريكية وجهان :-

الأول – عنصرية مؤسسية  :- بما يمثله إنتشار اليمين المتطرف المعروفين ( بالصقور ) في دوائر الحكم الأمريكي وعلى رأسهم ترامب ، وإن بدت خطوات توغلهم منذ عهد جورج بوش الإبن يؤمنون إيماناً مُطلقاً ( بالصهيونية المسيحية ) وبحتمية الإستدلال بالنبوءات التوراتية والتلمودية في تحريك السياسة الداخلية والخارجية لأمريكيا ، وهؤلاء الصقور موجودون بالحزب الديمقراطي بقدر أقل خطورة ووطئة من صقور الحزب الجمهوري الأكثر بشاعة والذين يؤمنون بإستخدام القوة المسلحة ضد أي تحديات للسياسة الأمريكية خارجياً وداخلياً .

ثانياً – عنصرية شعبية :- ما دامت السلطة ونظم الحكم ترفع لواء الكراهية والتمييز والأفكار المتطرفة لا تعترف بأي ثوابت دينية أو قيم أخلاقية فحتماً سوف تجد الشعب ينشيء جماعات سرية تعمل لمواجهة هذا العنف بشكل مضاد جزء منها بدافع شعبي ونية طيبة لدرء الضرر ومواجهة المفاسد للسلطة ، والآخر مدفوع ممن له مصلحة وهدف في التقسيم والتفرقة كالصهيونية والماسونية وجماعاتهم ، وتتنوع الجماعات العنصرية الأمريكية حيث :- ( اليمين البديل – ومنظمة كو كلوكس كلان – النازيين الجدد – الحركة الوطنية الإشتراكية – مجلس المواطنين المحافظين – حزب الحرية الأمريكي ) وأخيراً جماعة أنتيفا ، هذا غير جماعات الملحدين بل دعموا من هم أخطر وهم الملحدين الجدد .

ويمكن للقاريء الرجوع لما نشره موقع بي بي سي عربي بتاريخ 14/8/2017 – بعنوان :- ( صعود الحركات اليمينية العنصرية المتطرفة في الولايات المتحدة ) ، وكذلك ما ( موقع روسيا اليوم بتاريخ 17/6/2016 – بعنوان :- خمس أخطر جمعيات سرية تحكم العالم ، نقلاً عن صحيفة (” إكسبريس ” البريطانية ) .

الهيمنة الصهيونية على أمريكا :-

قد تحدثت سابقاً بمقال :- ( تجارة السلاح بين الإستعمار والإستبداد – الجزء الخامس – المنشور في موقع الحوار المتمدن – بتاريخ :- 28/12/2019 ) جاء فيه :- ( فالنهج السياسي الذي تنتهجه الإدارات الأمريكية تجاه العالم منذ إنهيار الإتحاد السوفيتي يمثل نهجاً عدائياً أو يمكن وصفه ( بالبلطجة أحادية القطبية ) فقد أطلق العنان للقوى العظمى الوحيدة للعبث بمقدرات الأمم والشعوب ، من خلال إدارة سياسية وإقتصادية للولايات الأمريكية تدلل بكون منظومة القرار الأمريكي خاضعة لقوى إحتلال خفي ( الصهيونية والماسونية ) تهدف لتحويل شعوب العالم إلى أدوات لخدمة المشروع الإسرائيلي الإستعماري ، وتعمل النخب الأمريكية ( المختارة بعناية من ذلك الإحتلال الخفي ) على إتخاذ القرار السياسي والإقتصادي لإرضاخ أوروبا لذلك المشروع الإستعماري الأكثر توحشاً في العصر الحديث من خلال دعم ( أحزاب وتيارات اليمين المتطرف ) ومساندتهم للوصول لسلطة إتخاذ القرار في أوروبا ) . ويمكن للقاريء الرجوع في ذلك إلى ثلاث كتب وهي ( أمريكا المختطفة اللوبي الإسرائيلي وسياسة الولايات المتحدة الخارجية  – جون جيميرشايمر و ستفن إموالت ) ، و ( سطوة إسرائيل في الولايات المتحدة – جايمس بتراس – ترجمة أ / حسان البستاني ) ، و ( يد الله .. لماذا تضحي الولايات المتحدة الأمريكية بمصالحها من أجل إسرائيل ؟! جريس هالسل – ترجمة أ / محمد السماك ) .

هوليوود وبث الأفكار الشاذة :-

لعبت هوليوود دوراً سياسياً رئيسياً في غرس وقبول المجتمع الأمريكي للعنف والعنصرية والأفكار الشاذة في كل المستويات سواء السياسي أوالإجتماعي أوالإقتصادي أو الثقافي أوالديني ، بدءت ببث نموذج للقوة الأمريكية التي لا تقهر وتوظيفها سياسياً ( لخلق نماذج نمطية راسخة في العقل الباطن عن الآخر ) تحمل معاني وأغراض سياسية وجهت ضد ( العرب ، والمسلمين ، والآسيويين وعلى رأسهم الصينيين واليابانيين ، والأتراك ، وكل أصحاب الوجوه السمراء المضيئة من أفريقيا ) ، وقد إستطاع اليهود السيطرة التامة على السينما الأمريكية ( من خلال توظيف القوة الناعمة لها في التأثير الفكري والسلوكي ) بغرض نشر الفكر الصهيوني وجعله منهج وقاعدة يُعتقد بها وفيها كثير من الأمريكيين بل كثير من الغربيين ، و الهدف دائماً إحكام السيطرة السياسية والإقتصادية على المجتمع والدولة الأمريكية لخدمة إسرائيل ، ثم السيطرة على العقول البشرية وتوجيهها طبقاً لمرادهم ( فتبنت هوليوود سينما الجريمة والمخدرات والدعارة وتقبل القتل والعنف الغير مبرر والمحرمات بأنواعها ونبذ القيم الأخلاقية وكراهية الدين والدعوة للإلحاد وإنتظار الدجال ) وهذا النهج ليس بجديد على الصهاينة فهو ذات النهج الذي حدث منهم ضد ألمانيا عام 1850 حينما توغلوا بين الصحفيين والإعلاميين والأدباء والفنانين داعمين سياسية الفن الرافض لأي قيم أو تقاليد أو دين ، وتمكنوا بذلك من حلحلة المجتمع الألماني وأصبح عاجز عن مواجهتهم .

تأثير المشهد الأمريكي على العرب :-

عندما نتحدث على العرب فعلينا أن نفصل بين ( النظم الحاكمة و الشعوب ) ، فالشعوب العربية إكتوت بنيران القهر والجوع والخوف والمرض والمشاهد الحالية ستعيد لها ذكريات طيبة وتوقظ بداخلهم مزيداً من الأفكار عن المستقبل ، أما النظم الحاكمة عند العرب فهي قائمة على منهج قمعي مُستند لدعم الإدارات الأمريكية السابقة لها بلغ ذروته ومنتهاه مع إدارة ترامب وهذه النظم ستدفع بأجهزتها الأمنية نحو مزيد من القمع والبطش المجنون وهو ما سيؤدي إلى مواجهة لا محالة .

كيف سيؤل المشهد الأمريكي :-

أتصور أن تنتهي أحداث أمريكا الحالية بعد فترة من الوقت القريب ، فالإدارة الأمريكية ومن ورائها سيقدمون بعض التنازلات ، وبعض التعويضات للضحايا ، من أجل إفساح المجال للتغيير السياسي في الإنتخابات المقبلة في نوفمبر 2020 ،  وسيصبح أمام ترامب لمواجهة ذلك السخط والغضب الداخلي للحفاظ على كرسي البيت الأبيض أحد أمريين :- أولهما – محاولة الإسراع بإتمام صفقة القرن في الشرق الأوسط أو أخذ بعض الخطوات المتقدمة في هذا حتى يضمن بشكل كامل أصوات اللوبي الصهيوني واليمين المسيحي المتطرف ، ثانيهما – سيناريو الحرب الوهمية تجاه الشرق الأوسط ( من منطلق الحرب الإستباقية للحفاظ على المصالح الأمريكية والتي يؤمن بها الصقور الأمريكيين ) وفي كلا الأمرين المستفيد الأول منهما إسرائيل .

وإن فشل في ذلك سيصبح عبئاً على كل الأطراف داخل الولايات المتحدة ومن ثم ستطل برأسها نظرية ( أنا أو الفوضي ) وحينها سترى كل ولاية مصالحها على حدة ، والثمن سيكون مُريعاً ، فشراء السلاح الآن في أمريكا أسهل من شراء مستلزمات البقالة .

والسؤال الآن :-

من المؤكد أن أمريكا ستشرب من ذات الكأس السام الذي سقت منه الشعوب العربية ( كأس الصهيونية ) فهل سيستفيد العرب من تتابع مرحلة التحولات الكبرى في العالم الآن ؟ وهل هناك خطة أو إستشراق للقادم ؟

بقلم

وائل رفعت سليم

المحامي

 

 

 

عن admin

شاهد أيضاً

رغيف العيش

محمد سيف الدولة Seif_eldawla@hotmail.com   لم تكن هذه هى المرة الاولى الذي يعبر فيها رئيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *