الرئيسية / حوارات ناصرية / تنظيم ‘ثورة مصر’ تحطم سريعا على صخرة الطمع والغدر!

تنظيم ‘ثورة مصر’ تحطم سريعا على صخرة الطمع والغدر!

10269474_640963302661511_7960635872179611378_n

9 – مايو – 2014

محمد عبد الحكم دياب

ما تحت أيدينا بالنسبة لتنظيم ‘ثورة مصر’ شهادات ومحاضر تحقيق ومرافعات دفاع المتهمين، ومقابلات مع من قضوا مدة العقوبة، أما الوثائق لم يكشف عنها بعد، وهو ما يجعل التناول ناقصا، ومثل هذا الموضوع لا يترك للأيام للفصل فيه، فهذا سوف يطول إلى أن يقول التاريخ كلمته، والحاجة إلى المعرفة تنطلق مما هو متاح في قضية أُحِيطت بسياج من السرية والحرص الشديد، ومع ذلك تعرض ذلك السياج للكسر بمطارق الضعف البشري والغدر غير المتوقع!.
ارتبط اسم خالد جمال عبد الناصر بـ’ثورة مصر’، وقُدم للمحاكمة كمتهم برأ القضاء ساحته؛ هل كان الاتهام صحيحا وحال الحافز الوطني لدى مؤسسة العدالة دون إدانته؟، أم أن شهامة محمود نور الدين دعته لتحمل المسcولية وحده؟ وهل كان ذلك سبب غضب أخيه عصام متهما إياه بالجنون؟. لأنه اعترف على نفسه وترك خالد عبد الناصر، اللصيق الصلة بأخيه، وعونه على حل أزماته المالية. وهل كان ذلك الموقف مزيجا من البطولة المفتقدة والوفاء النادر في مناخ الانحطاط غير المسبوق؟.. أسئلة قد يكون الرد عليها صعبا، لكن علينا الغوص في الأعماق من أجل وطن متعطش للبطولة، ولا يأبه أبناؤه كثيرا بالتكالب ولا بالدوران في حلقات مفرغة؛ يصنعها تيه بلا هدف واقتتال بلا طائل.
وأحيانا ما تساعد التجربة الشخصية، إذا كانت موجودة، في كشف جوانب قد تستكمل صورة ما زالت غير مكتملة، فمعرفتي بمحمود نورالدين، أو نور السيد، كما يناديه عرب لندن، تلت معرفتي بالراحل خالد عبد الناصر، وقد قابلته للمرة الأولى في ذكرى مرور عام على رحيل الزعيم الوالد، وكانت سنة تخرجه من كلية الهندسة جامعة القاهرة، وذلك بمقر ‘اللجنة العربية لتخليد الزعيم عبد الناصر’، بالقرب من ‘ميدان التحرير’ الشهير، وكنت أتوقع لقاءه قبلها حين ذهبت لتقديم واجب العزاء في وفاة الزعيم ناصر، ولم يكن موجودا وكان العم المرحوم الليثي عبد الناصر في استقبال المعزين بمنزل الأسرة بمنشية البكري.
كان المفكر الفلسطيني الراحل أحمد صدقي الدجاني في معية الراحل خالد، وربطتني بالدجاني علاقة إنسانية وفكرية منذ نهايات ستينات القرن الماضي وحتى وفاته في 23 كانون الاول/ديسمبر 2003، وحظي خالد عبد الناصر باهتمام وحفاوة الحضور، إلى أن التقيته في لندن مرتين؛ واحدة أثناء دراسته العليا بمكتب صديق عراقي، وأخرى بعدها بسنوات على عشاء ضم السيناريست الراحل عبد الحي أديب وابنه الصحافي الشاب عماد الدين أديب، وكان يعمل وقتها في مطبوعات ‘الشركة السعودية للأبحاث والتسويق’، وتصدر عنها صحيفة ‘الشرق الأوسط’ ومجلة ‘المجلة’ ومطبوعات أخرى، وحضر العشاء الكاتب الراحل عبد الله إمام، والأخ الصديق أمين الغفاري. وطرق عماد أديب موضوع ‘الناصرية’، وعلى ما أذكر أن خالد طلب التفرقة بين خالد ابن جمال عبد الناصر وخالد المواطن القادر على تكوين رأي وتحديد موقف من الأحداث خاص به؛ بغض النظر عن الرباط العائلي. وقابلته مرة عابرة بمنطقة كينزنجتون بالعاصمة البريطانية؛ فوجئت بسيارة تقف أمامي ويطل منها مبتسما.. يسأل: ‘عايز حاجة من مصر؟’، وسألته خيرا، فأجابني أنه حصل على الدكتوراة وعائد بشكل نهائي؛ شكرته وتمنيت له سفرا آمنا.
كنت أتابع أخباره من بعد، وحين استقر به المقام في يوغوسلافيا في ضيافة وحماية خلفاء زعيمها التاريخي ‘جوزيف بروز تيتو’؛ صديق عبد الناصر الأب ونصير العرب، اتصلت به أكثر من مرة للاطمئنان. إلى أن عرفت من السيد سامي شرف الوزير الأسبق وسكرتير عبد الناصر للمعلومات أن الراحل خالد مريض، وبعدها أبلغني الأكاديمي وأستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة حامد متولي بأن خالد سيحضر للعلاج في بريطانيا، وكان ذلك في كانون الثاني/يناير 2011؛ شهر الثورة. وحين زرته في مستشفى ‘لندن بريدج’ فاجأني وضعه الصحي، وشردت بعيدا؛ مقارنة بحالة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ‘أبو عمار’. وتحادثنا، وحكى عن العلاج والجراحة التي خضع لها؛ كان ذلك يوم جمعة، وتركته على أمل اللقاء يوم الثلاثاء التالي، وعندما ذهبت في الموعد لم أجده، واتصلت على هاتفه المحمول ولم يرد، وعرفت أنه غادر إلى القاهرة.
أما محمود نورالدين فتعرفت عليه مع صدور مجلة ’23 يوليو’ 1979، وكنت على علاقة بعدد من كتابها ومحرريها وفنانيها، وذهبت مهنئا، وتعرفت يومها على نور الدين؛ كرئيس لمجلس إدارة المجلة، وداومت التردد على الصديق المؤلف المسرحي الراحل ألفريد فرج؛ لسابق معرفة في القاهرة، وعلى الصديق الكاتب والسينمائي المعروف بكر الشرقاوي، وكنت متحمسا للمجلة، في وقت كنت شريكا في تأسيس دار نشر عربية مع أشقاء عرب غير مصريين، ولما بدأت أتعرف على سوق النشر والطباعة والإعلان، تصورت إمكانية تحويل ما يأتيني من طلبات نشر وطباعة وإعلان إلي مجلة ’23 يوليو’، وطلبت موعدا مع نور الدين وعرضت الفكرة عليه، وذهبت في الموعد، وأنا أحمل في حقيبتي عددا من الطلبات، وخرج من مكتبه لاستقبالي، ولاحظت أنه أغلق الباب خلفه، وهذا الموقف الغامض منعني من مفاتحته، وعدت من حيث أتيت، وتوقفت عن زيارة المجلة بعد ذلك، وهو الشيئ الذي لم أفصح عنه من قبل!.
رأيت محمود نور الدين في 1984؛ على مقهى بمنطقة ساوث كينزنجتون اللندنية، وعلمت منه أنه استقر بمصر، وتبادلنا الرأي في الأوضاع السياسية، وبدأت الأخبار تتلاحق عن عمليات تنظيم ‘ثورة مصر’ حتى انكشف وتم القبض على المتهمين بتشكيله وتمويله، وبدأ اسم المرحوم خالد يتردد بين المتهمين. وفي شباط/فبراير 1988 صدر قرار الاتهام في القضية، وشمل اسم خالد عبد الناصر مشفوعا بطلب من النيابة بإعدامه مع 11 آخرين؛ متهمين بقتل وجرح شخصيات دبلوماسية صهيونية وأمريكية ‘مع سبق الإصرار والتعمد’!!. وهي تهمة مشينة جنائيا ومشرفة إذا ما كانت تواجه الاغتصاب والاحتلال ومصادرة الأراضي وتحويلها إلى مستوطنات وتجمعات عنصرية، فضلا عن التهجير القسري والإبادة الجماعية للسكان الأصليين.
ارتفع المتهمون في الأعين، ونالوا تعاطفا كبيرا وإعجابا زائدا؛ وكان لخالد عبد الناصر النصيب الأوفر منه، وبدأ البحث عن دوره؛ كرجل وصفته دوائر المخابرات الصهيونية بـ’الغامض الصامت’!.
ورغم عمليات الإخفاء والتمويه التي نجح فيها تنظيم ‘ثورة مصر’، لكنه تحطم سريعا على صخرة طمع وغدر عصام نور الدين الشقيق الأصغر لمحمود نور الدين، الذي عُد الرجل الثاني بعد خالد عبدالناصر؛ ولعب عصام دور حصان طروادة؛ مقابل مكافأة سخية رصدتها السفارة الأمريكية، قدرها نصف مليون دولار. وذهب بنفسه للسفارة الأمريكية، ونُقل فورا إلى واشنطن دون معرفة الحكومة المصرية! ، وبعد استجوابه أعيد إلى مصر حاملا بطاقة إقامة دائمة في الولايات المتحدة. ورحل خالد عبد الناصر ورحلت معه أسراره، ولم يبق غير اعترافات محمود نور الدين، وادعاءات وغدر شقيقه عصام، ومقابلات نظمي شاهين؛ المتهم السادس مع الصحف وأجهزة الإعلام بعد خروجه من السجن، ومعلومات متناثرة هنا وهناك!.

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول إذاعة ونشر رد «عبدالناصر» على خطاب الرئيس العراقى أحمد حسن البكر

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *