الرئيسية / حوارات ناصرية / الحرب على جمال عبد الناصر ما زالت مستمرة

الحرب على جمال عبد الناصر ما زالت مستمرة

91192232_547433532558304_4578709160744452096_n

تابعت قبل أيام حوارا تلفزيونيا أجراه الإعلامي عمرو أديب مع وزير الري المصري الدكتور محمد عبد العال حول سد النهضة والبدائل لدى مصر حول تلك الأزمة .
وكانت إجابة الوزير بأننا سوف نلجأ إلى “حصالتنا” يقصد بحيرة ناصر التي اسماها بحيرة السد وليس اسمها الأصلي ، وإذا بعمرو أديب وهو من المعادين للثورة الناصرية يصرخ قائلا (( إذاً جمال عبد الناصر كان عظيما ولديه إستراتيجية لمائة عام )) وهنا انتبه الوزير وأجاب، للتقليل من شأن عبد الناصر، بأن كل قياداتنا كانت عظيمة، وتراجع عمرو أديب حتى لا يفقد لقمة عيشه ليقول في تغطية على المفاجأة التي نطق بها بشكل عفوي ((إن المصريين هم من بنى السد العالي وبحيرة ناصر ))
نحن هنا لا نريد أن نخوض معارك طواحين الهواء حول هذا الموضوع فهو معروف.. وقد كانت مصر بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر حديث العالم ايام بناء السد العالي وبحيرة ناصر حصالة مصر كما وصفها الوزير .
ولا شك أن الزعيم جمال عبد الناصر قاد تلك المعركة السياسية والعسكرية والاقتصادية بذكاء شهد به العالم واعتبره بمثابة الملحمة التارخية.
في عهده استعادت مصر دورها التاريخي، وأبرزه داخليا حقها في قناة السويس .. ذلك الدور الذي بدأ به محمد علي باشا وتم ضرب مشروعه القومي لتوحيد مصر والشام عام 1840م ، ليتكرر نفس السيناريو مع جمال عبد الناصر ولكن بطريقة أكثر خبثا ودهاء ، ففي عهد محمد علي لم تكن هناك ما يسمى إسرائيل، ومع ذلك التاريخ كرر نفسه مع جمال عبد الناصر وتم ضرب مشروعه .
لقد أكدنا وغيرنا أن انجازات جمال عبد الناصر تتحدث عن نفسها، وهي أكبر من كل الأكاذيب والافتراءات ولعل الحرب على هذا القائد العظيم وبكل الأسلحة أكبر شهادة له وليس العكس .
فهل هناك اعتراف من عملاء أمريكا أكثر من اعتراف محمد بن سلمان ووزير خارجيته الولد الجبير وما تحدثوا به حرفيا عن تحالف سعوديتهم مع أمريكا والعدو الصهيوني لضرب مشروع جمال عبد الناصر والكل يعلم أن أمريكا هي الكيان الصهيوني مكرر .
لقد تعرض تاريخ مصر الحديث لهزات عنيفة وتشويه متعمد، بدأ مع السادات خاصة بعد نهاية حرب أكتوبر المغدورة حيث تعهد ذلك الوغد السادات بشطب تاريخ جمال عبد الناصر بالتحريض من نواطير النفط العربي والمخابرات الأمريكية ووكيلها كمال أدهم بالشرق الأوسط .
وأعلنت حرب بكل وسائل الإعلام المرئي والمسموع وبالمسرح والسينما والتلفزيون والمال الخليجي ولا سيما السعودي والإماراتي ، وكانت الخمسون عاما التي عقبت رحيل جمال عبد الناصر كلها بمثابة محاكمة سياسية له لأجل تهيئة المنطقة لما نمر به اليوم .
لذلك مصر فقدت دورها ومكانتها كدولة مهمة مع بداية الهجوم البربري على تجربة جمال عبد الناصر، والسماح بذلك الهجوم من خليفة عبد الناصر نفسه للأسف في محاولة لتشويهه حتى وصل الأمر ببعض الخونة أن يدفعهم المال الخليجي للتشكيك في ذمته المالية، وكان ذلك أكبر اهانة لذاكرة مصر وضميرها الوطني قبل غيرها .
لقد حاولوا تشويه هذا القائد الرمز صاحب المشروع الوحدوي الذي آمنت به الملايين وأحبته الملايين ليس في مصر وحدها ولكن في كل العالم النامي ، وإذا بالأقلام المنتفخة بالدولارات والريالات السعودية والشيكالات تهاجمه وتشكك بكل انجازاته التي لا ينكرها إلا الجاحد، الأمر الذي دفع بقائد عظيم وهو الزعيم الجزائري هواري بوميدن أن يقول للسادات بأن الهجوم على جمال عبد الناصر اهانة لكل عربي، فهو رمز الأمة العربية وعنوان صمودها والهجوم عليه اهانة لكل تاريخها .
وهذا أمير كويتي يقول للسادات أنه اختلف مع عبد الناصر ولكنه ظل رمزا لكل العرب سواء شئنا أم أبينا والهجوم عليه اهانة لذاكرة الأمة العربية التي أحبته وآمنت بمشروعه ولا زالت ، وهذا وزير المالية الكويتي في ذلك الوقت ويدعى عبد الرحمن العتيقي يقول لوفد مصري زار الكويت عام 1971م ، بعد أن سمع منهم إعجابهم بتجربة الكويت الديمقراطية حيث قال ذلك الوزير كأنها صفعة على وجه السادات ووفده الذي أرسله للكويت (( لقد كانت أرائي بعيدة عن أراء جمال عبد الناصر ولكن دعونا نكون صرحاء مع أنفسنا أنني سمعت منكم كلاما عن تجربة الكويت الديمقراطية وأقول لكم بصراحة إن هذه التجربة ما كانت لتحدث ولا ترى النور لولا تأثير الزعيم جمال عبد الناصر ، فاتقوا الله فينا وفيه )) .
ولكنها الحرب الشرسة على الزعيم في حياته ومشروعه بعد رحيله، فهي حرب مصير بالنسبة لأصحابها ، لأننا أمام مشروعين : مشروع الأمة الوحدوي المقاوم الذي قاده جمال عبد الناصر، ومشروع الاستسلام الأخر الذي قاده السادات، فهل نذكر برسالة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود إلى الرئيس الأمريكي ليندن جونسون الذي طالب بها ضرب مشروع جمال عبد الناصر بواسطة إسرائيل كما قال حرفيا، وحذر ذلك الملك الهالك بانه إذا لم يتم ذلك فلن يبقى عرش من عروش أصدقائكم في المنطقة ، وساهم الملك فيصل قبل ذلك بقتل وجرح مئات الجنود المصريين في اليمن بالتعاون مع الكيان الصهيوني، كما صرح بذلك قائد الجيش الصهيوني بنفسه لموقع إيلاف السعودي قبل أكثر من عامين ، كما قدم الملك فيصل (( مائة مليون دولار )) لأجل تغير مناهج الأزهر ليكون كما نراه اليوم .
وفي عهد الانفتاح الساداتي على نظام آل سعود الوهابي عرفت مصر الخيم السوداء المتنقلة والإرهاب الوهابي الذي ذهب ضحيته الآلاف من البشر ومنهم مفكرين وسياسيين، واليوم للأسف فان أكبر الشوارع في مصر تحمل اسم ذلك الفيصل .
لقد اخذ الهجوم على التجربة الناصرية أشكالا متعددة وتناول شخصيات عديدة كانت بالقرب من جمال عبد الناصر وكانت تلك الشخصيات بصناع ثورة 23 يوليو مهما اتفقنا أو اختلفنا معها ، وما دفعه نظام آل سعود وشاه إيران المخلوع يعادل أضعاف أضعاف ما قدمه لأجل قضية العرب ألأولى فلسطين، وكانت النتيجة لذلك الهجوم اللا أخلاقي ضعفا لدور مصر القومي وانتفاخا في أرصدة الفاسدين من قياداتها بدءا من السادات ومن جاء بعده. وهناك محطات ودور نشر جنت أرباحا خيالية من الارتزاق بالهجوم على عبد الناصر وتجربته ، وأصبح بطاقة دخول للرضا الصهيوني ومن ورائه الأمريكي .
المؤسف ان من عانى هو مصر الشعب والدور ، أما انجازات جمال عبد الناصر التي حاولت كل الأنظمة التي جاءت بعده تشويهها فقد بقيت عملاقة شاهدة على العصر، ولكن من سقطوا أخلاقيا هم حكام تلك الأنظمة التي انكشفت أمام أمريكا اليوم، وها هو السياسي المصري الدكتور علي السمان الذي عاصر الملك فاروق وجمال عبد الناصر والسادات ومبارك وهو من المقربين للسادات يقول في مذكراته الأخيرة التي حملت اسم (( أوراق عمري من الملك إلى عبد الناصر والسادات )) يقول من ضمن رأيه في سلبيات السادات أنه فتح الباب لكل الحاقدين والأفاقين على التجربة الناصرية الذي هو ، أي السادات أحد أبنائها كما قال، لتشويه صورة الزعيم جمال عبد الناصر والحرب على مشروعه القومي لن ينتهي بل سيزداد طالما وجد كيان لقيط اسمه إسرائيل ومن وراءه أمريكا وأنظمة أصحاب الجلالة والسمو رغم ما بينهم من خلافات، ولكن معلمهم نظم خلافاتهم ووحدهم اتجاه المعركة مع التيار العروبي الناصري حتى بعد الرحيل القائد الرمز جمال عبد الناصر .
وهذا المبارك يفاجئ الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي الذي زار مصر في عهد رئيسه أحمد نجادي وإذا بهذا المبارك يقول له قاطعا الحديث (( هو انتو عازين ناصر من تاني عندكم ، يقصد الرئيس أحمدي نجاد )) .
والسيناتور الأمريكي الراحل جون ماكين قال بعد أكثر من أربعين عاما على رحيل الزعيم، يجب أن لا يظهر ناصر آخر في المنطقة تحت أي مسمى أو عنوان .
هل علمتم الآن لماذا يصاب نظام كامب ديفيد بالسعال السياسي من ذكر أي انجاز من انجازات التجربة الناصرية التي لن تنمحي من ضمير التاريخ العربي الذي لا بد أن يصحح مساره.. وهذه حتمية تاريخية .

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول إذاعة ونشر رد «عبدالناصر» على خطاب الرئيس العراقى أحمد حسن البكر

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول …

تعليق واحد

  1. هذا الكلام جميل و نحبه ، لكن يبقى النظر الى ثورة الثالث و العشرين من يوليو عام 1952 حتى نهاية إنتقال الرئيس جمال عبد الناصر الى بارئة الأعلى يشتمل على عديد من التناقضات ، فقد بدأت بتأيد أمريكي و أنتهت بتأيد سوفيتي لكن ما بين التأيدين حقق جمال عبد الناصر نقلة نوعية للإقتصاد المصري ة و الإجتماعي . و السؤال كيف كان عبد الناصر يسبح ما بين هذين التيارين ؟
    لو كان بعلم الحكومة البريطانيه أن هذا الثائر سينتهي الى تأميم القناة لما سمحت له و قواتها ليست بعيدة عنه و هي موجودة على ضفاف القناة ، ثم ما هي مصلحة الولايات المتحدة في تأييد عبد الناصر في ثورته ؟ ثم ما هي مصلحتها في إيقاف العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ؟ ثم ما هي مصلحة الإتجاد السوفيتي في مد يد المساعدة عسكرياً و إقتصادياً لمصر ؟ لقد كان عيد الناصر يسبح في تيارات سياسيه متناقضة لينقذ مصر خاصة و العرب عامة من الوضع الذي يعانوا منه . لقد كان صاحب رؤية سياسيه تصب في مصلحة الأمة العربيه بشكل عام و في مصلحة مصر بصورة خاصة ، ولا يمكننا أن نقول عنه سوى ما قاله حسين الشافعي ” إنه لا عب ماهر ” ليت الأيام حفظته لنا . لقد كان بسمارك العرب .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *