الرئيسية / تقارير وملفات / الحقائق الغاطسة فى سجل مبارك – بقلم : عبد الله السناوي

الحقائق الغاطسة فى سجل مبارك – بقلم : عبد الله السناوي

index.jpg 33
تعليق د.كمال خلف الطويل
اختيار أنور لحسني نائباً، في أبريل ٧٥، كان قراراً محسوباً بمشعر ذهب، من وجهة نظر أنور: ضابط غير طموح، أقصى أمنياته أن يعين سفيراً .. فاشل في أداء مهمته كقائد للطيران: ضربة جوية واحدة وغير ناجحة، غاب بعدها النشاط الجوي حتى بهدف إعاقة الثغرة (كتاب كينيث بولاك فاضح),لا بل وتسبب في مذبحة حوامات صاعقة في اليوم الأول لعدم توفيره الحماية .. مطيع حتى الثمالة .. زوجته نصف أجنبية, كحالته (ولو أن سوزان من أم بريطانية، لا مالطية كجيهان وأبو دجاجة .. منوفي مثله .. ويقود السلاح الوحيد الذي يستطيع إعاقة بل وإفشال انقلاب آت من القوات البرية، كما نبهه بهلوي 

في المقابل، فعلي فهمي خلفه سجل ناجح في حربي الاستنزاف وأكتوبر (لم يتلاشى أداؤه إلا مع تدمير قوات الثغرة الاسرائيلية لبطاريات سلاحه)، وبالتالي فإمكانية أن “يتفشخر” على أنور واردة .. وشيء شبيه ينطبق على عبدالغني الجمسي، يضاف إليه موقفه العاطفي في يناير ٧٤ ممانعاً لشروط كيسنجر في فصل القوات- ١ قبل أن ينهره أنور فينصاع .. أما فؤاد ذكري فهو، في عموم، عرّة: فشل في حرب الاستنزاف، ولم يفعل شيئاً في حرب أكتوبر سوى حصار المندب، وهو قرار سياسي أكثر مما هو ميداني

إعجاب البنتاغون بحسني هو بالضبط لذات الأسباب التي زكته عند أنور، ومن هنا الترحيب الشديد، وإن غير المعلن، بالاختيار، والذي دشن باعتماده ممثل مصر في نادي السفاري، بصحبة كمال أدهم ونعمت نصيري وأحمد الدليمي وألكسندر دي مارش

أما بخصوص السودان، فكل الإنكار الذي خطّه هيكل عن أن الطيران المصري منبت الصلة بتدمير جزيرة أبا، في أبريل ٧٠، غير صحيح: أوفد عبدالناصر أنور ومعه أمين هويدي (آخر مهمة له في المخابرات العامة) وحسني مبارك (رئيس أركان سلاح الجو) إلى الخرطوم في مهمة أُمروا ألا يعودوا إلا بعد أدائها: قتل الهادي المهدي وتدمير وكره في أبا .. وقد كان

أما عن مقالات الجيروزاليم بوست، فحسني كان قد صار مركز قوة معتبر منذ توقيع كامب ديفيد، في سبتمبر ٧٨، وتجلى ذلك بإطاحته بالجمسي وعلي فهمي بعدها بأسابيع، ثم في الإتيان بعبدالحليم أبو غزالة رئيساً للأركان في مايو ٨٠، مستدعىً من ملحقيته العسكرية في عاصمة أحبابه: واشنجتن. بدأت استرابة أنور منه شهرها، لما طلب حسني لنفسه رئاسة الحكومة، فضلاً عن نيابة الرئيس، فرفض أنور واستعرت بينهما إرهاصات الشقاق. كانت هناك بعدُ عقبة كؤود أمام حسني هي وزير الدفاع أحمد بدوي. عند مفصل ٨٠/٨١ كان واضحاً أن نزاع الرئيس والنائب صار ناموساً وأن حسمه مسألة وقت. اغتيال بدوي مطالع مارس ٨١ صبّ في هذا السياق

ما بين مارس وأكتوبر ٨١، استأذن أنور عدة مرات في استبدال حسني بغيره: منصور حسن أو عبدالقادر حاتم أو غيره، وكان جواب واشنجتن الثابت: إلعب غيرها .. تجلى الخلاف ساطعاً لما أتى أنور زائراً لرونالد ريغان، في أغسطس ٨١، فأهمل ولم يُجب وعاد كسير الخاطر ؛ ليفجر احتقانه باعتقال معارضة قوس قزح برمتها. في هذه فقط وافقه، لا بل وحرّضه حسني

فصل الختام في حكاية حسني كانت زيارته الطارئة والقصيرة لواشنجتن ما بين 2 و 4 أكتوبر ٨١ !!!

 _____________________________________________________________________________________

الحقائق الغاطسة فى سجل مبارك

عبد الله السناوي
عبد الله السناوي

4 مارس 2020

يصعب تقويم العصور والرئاسات بأكبر قدر ممكن من الموضوعية ما لم يكن الكلام مستندا على وثائق تكشف ما هو خاف من حقائق وتنير ما هو غارق فى الظلال.
يكتب التاريخ بالوثائق الثابتة لا بالانطباعات العابرة.


لسنوات طويلة حاول الأستاذ «محمد حسنين هيكل» أن يلم بسجل الرئيس الأسبق «حسنى مبارك».. كيف صعد إلى رئاسة الدولة.. ثم كيف استطاع البقاء لثلاثين سنة؟
نقب فى الوثائق التى أمكنه الوصول إليها، سأل واستقصى، بعض ما عنده تحدث فيه على الفضائيات، وبعضه الآخر نشرته منسوبا إليه على صفحات جريدة «العربى»، وبعضه الثالث أودعه بعد «يناير» فى كتابه «مبارك وزمانه ـ من المنصة إلى الميدان».
فى مارس (١٩٧٥) أخبره الرئيس «أنور السادات»، بعد حوارات مطولة فى استراحة القناطر الخيرية، أنه يفكر فى إسناد منصب نائب الرئيس إلى قائد سلاح الطيران الفريق «حسنى مبارك».
كانت مثل تلك الحوارات قد اتصلت مع «السادات» مجددا بين عامى (١٩٧٤) و(١٩٧٥).
كان تقديره أنه لا يجد مبررا يزكى «مبارك» بالذات على قادة عسكريين آخرين لعبوا أدوارا جوهرية فى حرب أكتوبر.
كان المشير «أحمد إسماعيل» قد توفى، والفريق «سعد الدين الشاذلى» قد أبعد، وتبقى «محمد عبدالغنى الجمسى» ـ مدير العمليات أثناء الحرب ووزير الدفاع بعدها، و«محمد على فهمى» ـ قائد الدفاع الجوى، و«فؤاد ذكرى» ـ قائد البحرية، ثم «حسنى مبارك» ـ قائد سلاح الطيران.
لماذا «مبارك»؟
كان «السادات» حاسما فى خياره و«هيكل» حائرا فى أسبابه.
لم تكن هناك فى ذلك الوقت معلومات كافية تفسر اختيار «السادات».
كل ما كان يعرفه عن «مبارك» أنه قائد عسكرى كفء على ما سمع من الفريق أول «محمد فوزى»، الرجل الذى أعاد بناء الجيش بعد هزيمة يونيو، عندما أسند إليه رئاسة أركان سلاح الطيران عام (١٩٦٩).
رآه لأول مرة فى مكتب الفريق «محمد صادق»، الذي حل مكان «فوزى» بعد أحداث مايو (١٩٧١)، وكان اللقاء عابرا ورأى «صادق» فيه أنه كفء و«مطيع لرؤسائه».
لكن ذلك شىء ورئاسة الدولة شيء آخر، دوره العسكري شىء ودوره السياسي شيء آخر.
لم يكن يعرف كصحفى تعنيه الألوان والظلال فى إحكام نظرته إلى الشخصية عن «مبارك» شيئا يعتد به، وكان ظنه أن أحدا آخر لا يعرف، حتى الذين يتصورون أنهم يعرفون.
بالوثائق اكتشف ـ فى الظلال الكثيفة ـ دوره فى اغتيال الإمام «الهادى المهدى» فى السودان أثناء تمرده على الرئيس «جعفر نميرى» بسلة فواكه ملغومة، وأن الذى كلفه بالمهمة نائب الرئيس فى ذلك الوقت «أنور السادات».
أشار إلى القصة الموثقة على إحدى الفضائيات و«مبارك» يحكم.
وبالوثائق اكتشف ـ فى الظلال الكثيفة ـ دور «مبارك» فى مجموعة «السفارى» الاستخباراتية، التى ضمت ممثلين لفرنسا والسعودية والمغرب وإيران ومصر لتعقب النفوذ السوفيتي في إفريقيا.
اطلع «هيكل» على الوثيقة الخطيرة فى قصر «الشاه» بطهران بإذن خاص من «آية الله الخمينى» فى الأيام الأولى للثورة الإيرانية.
كان «أشرف مروان» هو ممثل مصر فى مجموعة «السفارى» حتى حل مكانه نائب الرئيس «حسنى مبارك».
وهكذا فإن جهات عديدة فى الغرب كانت تعرف عن النائب أكثر مما هو ظاهر على سطح الحياة السياسية المصرية.
لم يكن «هيكل» مقتنعا بأسباب «السادات» فى حوار استراحة القناطر من أن جيل أكتوبر جاء وقته ليحل مكان جيل يوليو تفسيرا لاختيار «مبارك» بالذات.
بصورة ما استشعر ـ من إشارات الرئيس ـ إنها نصيحة من الشاه «محمد رضا بهلوى»، الذى عين زوج شقيقته الجنرال «محمد فاطمى» قائدا للطيران «لأنه السلاح الذى يستطيع أن يتدخل بسرعة، وبقوة نيران كثيفة لمواجهة أى تمرد أو عصيان، أو حتى محاولة انقلاب».
سأله «هيكل«: «هل تلك نصيحة من شاه إيران؟».
«ارتفع صوت السادات محتجا«: «جرى لك إيه يا محمد؟!».
لماذا «مبارك»؟
تبدت فى صباح الاثنين (٥) يناير (١٩٨١) ظلال أخرى فى قصة «النائب الغامض».
فقد نشرت صحيفة «الجيروزاليم بوست» الإسرائيلية تقريرا فى أعلى يسار صفحتها الأولى كتبه محررها لشئون الشرق الأوسط عن صعود نفوذ النائب «حسنى مبارك» وصراعات السلطة فى مصر.
صودرت أعداد الصحيفة الإسرائيلية، ونشرت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» برقية موجزة تصف المعلومات بـ«الادعاءات والأكاذيب» دون أن تشير إلى طبيعة مادتها.
فى ذات اليوم قرر «السادات» إنزال عقاب جماعى بالصحيفة ومحرريها: ممنوع دخول أية أعداد منها، أو منح أى من محرريها تأشير دخول.
فى اليوم التالى «الثلاثاء» اعتبرت «الجيروزاليم بوست» الإجراءات بحقها هى الأولى من نوعها ضد صحفيين إسرائيليين منذ السماح لهم بالعمل فى مصر بعد زيارة القدس.
ونشرت تقريرا ثانيا لنفس المحرر فى نفس الموضوع أعقبه تقرير ثالث بعد يوم آخر يناقش خلافات التكتيك بين «السادات» و«مبارك» فى قضية السلام والتطبيع مع إسرائيل.
ناقض الكلام الإسرائيلى كليا الصورة التى استقرت عن «مبارك» فى تلك الآونة وقللت من شأنه وسخرت منه، فهو قوى وينازع على السلطة وله أنصار فى القصر الجمهورى.
فى الكلام روايات يصعب التسليم بمبالغاتها، لكن التأكيد عليه لثلاث مرات متتالية فى أهم صحيفة إسرائيلية يشير لحقائق غاطسة لا نعرفها حتى الآن.
لم يقرأ «السادات» الغاضب ما خلف النصوص من رسائل إلى المستقبل القريب.
لم يتوقف بالتنبه الكافى عند فقرة أشارت إلى تقرير جديد للمخابرات الأمريكية يقول نصا: «يكفى السادات عشر سنوات فى الحكم وعليه أن يتركه لمبارك».
ذلك ما تحقق بعد شهور قليلة من نشر النص المثير.
استحوذ على تفكير «السادات» هاجس «هيكل».. وذهب تفكيره إلى أنه هو مصدر معلومات التقرير الموسع.
طرح هواجسه أمام وزير الإعلام والثقافة «منصور حسن»، وهو مقرب ومحل ثقته.
استبعد الوزير الشاب الفكرة تماما: «يا فندم.. هيكل لا يتصل بالإسرائيليين».
لكن هواجسه لم تغادره ودعا وزير إعلامه أن يتقصى الحقيقة بنفسه من رئيس تحرير «الجيروزاليم البوست»، الذى طلب زيارة القاهرة لإنهاء الأزمة مع الرئيس المصرى.
عندما وصل إلى القاهرة توجه مباشرة إلى مكتب السفير «حسن عيسى» مدير مكتب وزير الإعلام، لينتقل معه إلى منزل الوزير الذى وجه له سؤالا مباشرا: «لا أريد أن أعرف مصادر صحيفتك فى القاهرة.. لكن قل لى نعم أم لا.. هل هو هيكل؟».
كان الرد: «لا».
لماذا تصور «السادات» أنه «هيكل»؟
وما الذي أغضبه إلى هذا الحد؟
لا بد أن شيئا حقيقيا حوته النصوص الإسرائيلية.
استمعت إلى تلك القصة المثيرة من «منصور حسن» فى صالون منزله الذى يطل على نيل الزمالك أعقاب ثورة «يناير»، ولم يكن «هيكل» على معرفة بها، فوجئ تماما بالقصة.
كان ذلك داعيا لمحاولة الوصول بكل طريقة ممكنة للتقارير الإسرائيلية الثلاثة حتى تتضح الأسباب، التي دعت «السادات» إلى توجيه أصابع الاتهام إلى «هيكل».
لم تكن تلك المقالات على الموقع الإلكترونى لـ«الجيروزاليم بوست»، فتاريخ نشرها يسبق إنشاء الموقع بسنوات طويلة.
بمعاونة صحفيين فلسطينيين خلف الجدار جرى الوصول إليها.
استرعى انتباه بعض العاملين فى الصحيفة الإسرائيلية أن هناك من ينقب عن شىء ما فى الأرشيف، وكانت هويتهم العربية كافية لطردهم، لكنهم حصلوا على غنيمتهم بطريقة أخرى، وأرسلت على عجل إلى القاهرة عبر أمستردام.
كانت تلك القصة المجهولة موضوعا لحوار بين الرجلين، «محمد حسنين هيكل» و«منصور حسن»، وبعض ما ورد فى الصحيفة الإسرائيلية نشرته فى صحيفة «الشروق» ـ (٤) يونيو (٢٠١٢) عن «السادات ونائبه الغامض».
تبدت فرضية رئيسية أن «مبارك» هو خيار الولايات المتحدة وإسرائيل لخلافة «السادات».
لم يكن «مبارك» شخصية سياسية له تاريخ وعنده خيال، لكنه بدا مأمونا وموثوقا في ضمان المصالح الأمريكية والإسرائيلية أكثر من الرجل الذي وقع معاهدة السلام.
سألت الأستاذ «هيكل»: «هل كان السادات ضحية لشىء ما جرى فى الظلام؟».
أجاب: «لا.. كان ذلك اختياره».

عن admin

شاهد أيضاً

مطارق الحنين الي فلسطين

مطارق الحنين!! د.شكري الهزَّيل لم يكن يدور بخلدي يوما ان تضرب الاسوار اطنابها حول قلمي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *