الرئيسية / تقارير وملفات / أيران و أمريكا و لعبة خلط الأوراق في العراق

أيران و أمريكا و لعبة خلط الأوراق في العراق

بقلم سلطان سيف

202.jpg3

قبل يومين من الان وجه الرئيس الامريكي ترامب، رسالة تطمينية ودية لايران، يبدو أنها تخديرية مخادعة، حيث قال: انا رجل سلام احب السلام ولا أريد الحرب مع ايران ولا غير ايران، جاء هذا بعد الضربة التي تلقتها القوى المسلحة التابعة لايران في غرب العراق،… ويبدو ان ايران بلعت الطعم، فذهبت لدفع الامور في العراق الى حافة الهاوية، في محاولة منها لخلط الاوراق ومحاولة اجهاض الثورة الشعبية في العراق التي تهدد الوجود الاجنبي برمته في العراق، فأوعزت الى اتباعها في الذهاب الى محاولة اقتحام السفارة الامريكية في المنطقة الخضراء في بغداد الشديدة التحصين، والتي تظم في داخلها معظم السفارات الاحنبية، والوزارات واهم مقرات ادارة وحكم العراق، وسكن كبار لصوص(حكام) العراق، وقد تم تسهيل دخول اتباع ايران الى المنطقة الخضراء وتخطي كل الحواجز الامنية، في تواطؤْ مفضوخ من القائمين على الحراسة، التي عجز المتظاهرون من الوصول الى تخومها لإيصال رسالتهم، وظهر رموز اتباع ايران في وسط الحشد المتجمع امام بوابة السفارة الامريكية وعلى رأسهم قيس الخرعلي ونائب الحشد الشيعي(أبو مهدي المهندس)، وتوعدوا باقتحام السفارة التي اسماها الخزعلي بوكر التآمر على العراق،…..، وهنا يرتسم السؤال، لماذا الان يا ابو خزعل،… هل ادركت الان فقط ان هذا الوكر هو وكر التآمر، بعد 16 سنة، وأنت من دخلت الى العراق على ظهر الدبابة التي جلبت هذه السفارة، الان هذه السفاره هي وكر تآمر، عندما باتت الثورة الشعبية ان تحقق اهدافها والتي هي بالنتيجة لا تروق لك، لانك ومن معك يا ابو خزعل جزء من المشروع الامريكي الذي انت جزء منه، وترفض رفضا قاطعا من المساس بدستور بريمر، الذي حول العراق الى بلد هش تنهشه الفوضى وتتغول فيه العصابات المنفلتة التابعة لايران، لقد كنت من الموقعين على الاتفاقية الامنية التي ابرمتموها مع الغازي الامريكي وشرعتم احتلاله للعراق، وتحت حماية الحراب الامريكية حولتم بلد غني من العراق ميزانيتة الدولة فيه 100مليار$،سنويا، ودخله من النفط فقط اكثر من 200مليار $، والشعب العراقي يعاني الفقر والمرض، وانتشرت الامية بين العراقيين والعراق كان على وشك قبر آخر أمي عام 2005م في حال استمرار نظام البعث العفلقي،…..، عندما خاطب الرئيس الامريكي ترامب ،العالم من منبر الامم المتحدة، في ايلول الماضي، كان خطابا تاريخيا بكل معنى الكلمة، وكان صريحا الى اعلى درجات الصراحة، حين ذكر ان عالمنا هذا لا مكان فيه للأخلاق والقيم الانسانية والأديان، فقد اصبحت هذه ارثا من الماضي، مؤكدا بانه صاحب نوادي قمار، والشعب الامريكي اختاره،…، لذلك فان قتل المسلمين وسلب اموالهم واحتلال ارضهم هو عمل مشروع، من وجهة نظره، لان المسلمين اغبياء، ولا يستحقون العيش، وان عدد القتلى من المسلمين الذين قتلوا على ايدي الامريكيين هم اقل بكثير من العدد الذي قتل على ايدي بعض مع البعض الآخر،….، وذكز ترامب في خطابه التاريخي الذي يعد اهم وثيقة تفصح عن نهج السياسة الامريكية، ان العرب هم من يمد اسرائيل بالاموال، فأموالهم في البنوك الصهيونية وهم من يدعمون اسرائيل، وليس الولايات المتحدة، ……، نذكر هنا ان التابعين لايران في العراق الذين طالبوا البرلمان باخراج الوجود الامريكي من العراق، وطالبوا النواب بالتوقيع على هذا الطلب، لم يوقع على هذا الطلب سوى 27نائب فقط، علما ان ما يسمى بكتلة الفتح التابعة لايران لديها 46نائبا في برلمان بريمر،…، اي كل الذين يرفعون اصواتهم باخراج القوات الامريكية من العراق، موقفهم بالسر غير موقفهم المعلن، وهنا تحضرني بيت من شعر الشاعر العراقي:
لا يخدعنك هتاف القوم للوطن&فالقوم في السر غير القوم في العلن،
وفي فجر هذا اليوم(الجمعة/3/1/2020 )حدث ما كان متوقعا، فقد اقدمت القوات الامريكية على تصعيد الفوضى في العراق، الى آخر مدى، حين قامت بضربة مفاجأة كان نتيجتها قتل الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس اهم شخصية عسكرية خارج ايران، تتولى الاشراف على كل الاذرع الايرانية خارج ايران ، الى جانب نائب قائد الحشد (الشعبي) الشيعي، الذراع الطولى لايران في العراق، والقوة المعادية للثورة الشعبية المتأججة في العراق،…..، هز هذا الحدث اذرع ايران، وسارعت القيادة الايرانية للاجتماع برئاسة المرشد ذاته، وهذا يشيء الى خطورة الحدث بالنسبة لايران، التي اعلنت الحداد ثلاثة ايام، على مقتل الجنرال سليماني، وتداعت كل اذرع ايران، للتنديد في الحادث المزلزل، وسائل الاعلام العالمية تناولت الحدث وافردت له معظم مساحة البث، وعلى رأسها قناة RT الروسية، التي خصصت مساحة البث لهذا اليوم لتناول هذا الحدث، التداعيات الاولية لهذا الحدث كان ارتفاع اسعار النفط الى اعلى مستوى، والعصابات الصهيونية تعلن الاستعداد والتأهب في حدود فلسطين الشمالية، (جنوب لبنان، والجولان)، وارتفاع التوتر في المنطقة بلغ ذروته، حيث اعلنت ايران ان الرد سيكون قويا ومباشرا، وان واشنطن ستدفع ثمن مقتل الجنرال سليماني، هذا الحدث اظهر ما حاولت العصابات المتسلطة على العراق إخفائة وهو ان الحاكم الفعلي للعراق هو السفير الامريكي، فانتشار قوات المارينز الامريكية في المنطقة الخضراء والمناطق الحساسة في العراق، والسيطرة التانة على مطار بغداد، يظهر حقيقة الوضع في العراق، فالعراق محتلا بشكل مباشر بالقوات الامريكية، وتتحكم بكل تفاصيل الحياة في العراق،…، ولم تكن اذرع ايران في العراق الا غطاءاً لهذا الاحتلال، ورمادا يذر أمام العيون لصرف الانظار عن الوجود الامريكي في العراق،الذي صرح قادة هذا الغزو انهم قدموا الى العراق للبقاء فيه الى الابد،…،فالسفارة الامريكية في بغداد هي اكبر سفارة في العالم، يعمل بداخلها 16 ألف موظف أمريكي وهي مدينة ودولة داخل الدولة،، فالعراق بما يمتلكه من قدرات وامكانيات يجعله مستهدفا من كل القوى المعادية للعرب والمسلمين عموما، وهذه الحقيقة قررها التاريخ وفرضتها الجغرافيا، فمن يتحكم بالعراق يتحكم بالمنطقة،… هذه الحقيقة فطن اليها الفاروق عمر الذي وصف العراق بانه رأس حربة الاسلام، وقد كان القاعدة التي انطلقت منه جيوش الفتح الاسلامي، لما يمتلكه من قدرات، وبغداد كانت اعظم عاصمة في التاريخ، لامبراطورية مترامية الاطراف، بلغت فيها الحضارة الاسلامية من القرن السابع الى القرن العاشر الميلاديين، أوجها، وينظر الغرب الى العراق نظرة خاصة، فهو يأتي مباشرة بعد مصر من حيث القوة والتأثير ، لذلك لن يسمح الغرب بأي حال من الاحوال ان يفلت هذان القطران من يده، ووجود نظام قومي وطني في العراق خط احمر تضعه القوى الصهيوصليبية، وقد جازف الغرب بسمعته وضرب بكل اداعاءاته عن حقوق الانسان، عرض الحائط في سبيل السيطرة على العراق، وحين قامت الثورة العراقية في تموز 1957م، والتي كان نتيجتها طرد المستعمر البريطاني، جن جنون الغرب الذي كان يحشد الحكومات العميلة للاستعمار البريطاني، (باكستان، تركيا، ايران، الاردن،…..) في حلف تم تشكيله سمي بحلف بغداد تمثل فيه العصابات الصهيونية دور (الماسترو)، وهدفه اجهاض تطلعات العرب في الحرية والوحدة، وتمكين العصابات الصهيونية من السيطرة والتحكم في الوطن العربي، وهذا لن يتأتى الا بالسيطرة على العراق، وحين بلغ التقارب بين مصر الناصرية وعراق ع الرحمن عارف في الاعوام(66—1968)، وكانت له نتائج مثمرة عززت من القوة العربية المواجهة للمشروع الصهيوصليبي، حيث بلغ التنسيق بين القطرين مرحلة الاندماج والتماهي السياسي، وكانت المخابرات العراقية والمصرية تداران من غرفة عمليات واحدة، وأهم ثمار ذلك التنسيق هي عمليات أم الرشراش(ايلات)، التي هزت العصابات الصهيونية، وتصاعد العمليات الفدائية التي ارعبت هذه العصابات، واعادت الاعتبار للمقاتل العربي، والثقة للأمة، استعادت الامة العربية معنوياتها التي تأثرت بعدوان حزيران1967م،…. ازعج هذا التقارب بين مصر الناصررية وعراق ع الرخمن عارف، قوى الغرب الصهيوصليبي، وقررت التخلص من نظام ع الرحمن عارف، فدعمت البعث العفلقي، الذي نفذ المهمة، وقام بالانقلاب على الحكومة الوطنية والقومية،منهيا بذلك التنسيق الكامل بين مصر الناصرية وعراق ع الرحمن عارف، وسرعان ما انقلب ذلك التعاون والتماهي والتنسيق الى تآمر البعث العفلقي على مصر الناصرية، وهذا ما انعكس سلبا على العمل القومي بين القطرين التحررين، وخاصة العمل الفدائي المقاوم في وادي الاردن، الذي كان منطلقا للمعركة القومية ضد العصابات الصهيونية،شعرت العصابات الصهيونية بهذا العمل ان وجودها بات في خطر حقيقي، …،فقام سليل الخيانة بدعم من الغرب الصهيوصليبي والبعث العفلقي والاخوان المتأسلمين على طعن المقاومة طعنة غائرة في الظهر، كانت نتيجتها اخراج المقاومة من أطول جبهة مواجهة مع العصابات الصهيونية، تنفست بعده العصابات الصهيونية الصعداء،………، يشهد العراق اليوم اهم ثورة شعبية في تاريخه تضع الوجود الاجنبي برمته في مهب رياحها العاتية، وكان لابد من إجهاضها بأي ثمن، وخلط الاوراق، فنجاح هذه الثورة يعني خروج القوات الاجنبية من العراق، وقيام نظام وطني منبثق من الآرادة الشعبية، وهذا اشد ما تخشاه القوى الصهيوصليبية، فهذه الثورة لن تكون الا بداية للثورة العربية الشعبية الكبرى التي ستمتد على طول الوطن العربي،…. لذلك فأعدائها كثيرون، في الداخل والخارج، ونجاحها يعني بداية عهد عربي جديد،

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم.. 2 أغسطس 1990..إيقاظ مبارك وفهد وحسين من النوم على اتصالات هاتفية باحتلال العراق للكويت

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 2 أغسطس 1990..إيقاظ مبارك وفهد وحسين من النوم على اتصالات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *