د.عبد الخالق فاروق·
الاثنين، ١٨ نوفمبر ٢٠١٩·
(7) مجموعة هيرمس القابضة وشركاتها التابعة :
تحتاج قصة شركة هيرمس إلى وقفة خاصة وتحليل عميق لأنها من أغرب القصص التى تروى فى تاريخ النهب والفساد فى مصر طوال العقود الأربعة الأخيرة ، فالشركة التى تأسست عام 1984 على يد السيد منصور عامر والسيد محمد علوي تيمور، شقيق زوجة الصحفى المصرى الاشهر محمد حسنين هيكل ، وخال رجلى الأعمال حسن هيكل وشقيقه الدكتور أحمد هيكل ، وثلاثة شركاء آخرون ، ومنذ التأسيس حتى عام 1997 تقريبا – حيث حدث التحول الكبير فى نشاطها بعد دخول جمال وعلاء مبارك فى شراكة معها – كان الدكتور محمد علوي تيمور هو المدير المسئول عن الشركة ، ثم أصبح السيد ياسر هشام الملواني ثم انضم حسن هيكل في عام 2004 لمجلس الادارة، والسيدة منى ذو الفقار رئيس مجلس الإدارة ، واثنين ممثلين لشركة دبي القابضة ، والسيد سانجيف اودجى رئيس قطاع الاستثمارات في جهاز أبو ظبي للاستثمار ، والسيد تشارلى ماكيزى أحد المديرين في سيتى بنك العالمي ، والسيد وليد كابا شريك جمال وعلاء مبارك فى أنشطتهم فى قبرص والجزر البريطانية ، والسيد رمزي زكى رئيس قطاع العمليات بالشركة ، والسيد روبرت ايكفلد الرئيس التنفيذي لبنك سامبا أكبر المصارف السعودية ، والسيد وليم جاريتا الذى كان أحد المصرفيين فى إحدى المؤسسات المصرفية في انجلترا ، بالإضافة إلى الرؤساء التنفيذيين ياسر الملوانى وحسن هيكل .
و يقول موقع بلومبرج أن شركة هيرمس القابضة ، وشركاتها التابعة تعمل فى مجالات الاتصالات والتكنولوجيا ، و الخدمات المالية ، والاغذية ، والمشروبات ، والمقاولات والعقارات ، والبترول والغاز والبتروكيماويات ، و الطاقة و المستشفيات و الرعاية الصحية ، والسياحة ، و تقوم بعمل الابحاث والدراسات فى قطاعات التمويل والاستثمارات العقارية والمقاولات و مواد البناء ، فلم يبق شىء لم تعمل فيها هذه الشركة الغامضة ، التى قفزت بموقفها المالى وأرباحها قفزة غير مسبوقة بعد أن أنضم إليها بالشراكة عام 1997 ، كل من علاء مبارك وجمال مبارك من خلال شركتهما المجهولة النسب المسمى ( بوليون ) المسجلة فى قبرص ، والتى لا يزيد رأسمالها على 10 آلاف دولار فقط لا غير .
و الشركة تعمل – عن طريق شركاتها التابعة – فى إنشاء و إدارة صناديق الاستثمار المباشر التى يتكون رأسمالها من مجموع وثائق إستثمار تصدر بقيمة إسمية معينة يشتريها الافراد ، أو الشركات ، ليكتسب الصندوق شخصية أعتبارية مستقلة و تنشأ له إدارة مستقلة ، وهو نوع من الصناديق الذى عرفته مصر منذ سنوات قليلة ، مع حالة الفوضى المالية التى سادت العالم الرأسمالى وصعود مدرسة الليبرالية الجديدة والمتوحشة فى الولايات المتحدة ، ومنها زحفت لتجتاح بقية دول العالم ، وخصوصا العالم النامى الذى لم تستقر معالم وضوابط أقتصاديات السوق فيها بعد ، ويساهم كبار رجال المال والأعمال فى هذه الشركات ، و تعمل شركة هيرمس فى مجالات شراء الشركات كليا أو جزئيا ، ثم إعادة بيعها بعد فترة ( أى عمليات السمسرة فى الشركات ) ، و هو ما جعل هيرمس مؤهلة تماما لإدارة صناديق حورس المتعددة المملوكة لعلاء و جمال مبارك .
ومن المؤسف أن القوانين المصرية لا تلزم مثل هذه الصناديق بالإفصاح عن أسماء أصحابها ، أو المساهمين فيها , ولا عن تفاصيل وشروط و قيمة الصفقات التى تكون طرفا فيها , مثلما تقضى قوانين الولايات المتحدة , ولذلك أمكن لجمال وعلاء مبارك التسلل من خلال المشاركة مع شركة هيرمس عام 1997 ، إلى بنية وربوع الاقتصاد المصرى وخلاياه المالية .
ففى عام 1996 أسس جمال وعلاء مبارك وأخرين شركة ( بوليون ) المحدوده Bullion Co.LTD فى جزيرة قبرص ، وضمت فى مجلس إدارتها كل من وليد كابا ( بريطانى الجنسية ) وسعيد شماس ، وسوقراطس سولوميدس ( يونانى الجنسية ) وعزت جراح والسيدة رنا زين الدين ، وأمتلك جمال مبارك 51% من رأسمال هذه الشركة التى لم تزد على عشرة آلاف دولار أمريكى ، وكان مقر الشركة كالتالى :
Thomaides building , office 3, 20omirou avenwe , Lemesos , Cyprus
وبعدها بدأ زحف جمال مبارك على مصر ، عبر أدخال شركته كغواصة بنسبة 35% فى أحدى الشركات التابعة لهيرمس القابضة ، وهى ” شركة هيرمس للاستثمار المباشر ” فى عام 1997 ، ومن ثم أصبح لعلاء وجمال مبارك حصة تعادل 18% من شركة هيرمس القابضة ككل ( 51% حصة جمال وعلاء مبارك مضروبة فى 35% من هيرمس للاستثمار المباشر = 18% ) .
ومن خلال صندوق حورس للتعاملات الخاصة hours private equity fund المسجل فى جزيرة كايمان التابعة للتاج البريطانى ، والتى يتحرك من خلالها الأموال بعيدا عن السلطات النقدية والضريبية المصرية دخل جمال وعلاء مبارك إلى شركة هيرمس للاستثمار المباشر .
وفى عام 2001 قام جمال مبارك بتأسيس صندوق أخر للاستثمار أطلق عليه ” الصندوق الدولى للأوراق المالية ” International securities Fund ، وبعدها بفترة قصيرة أختفى هذا الصندوق بعد أن قام بعدة عمليات غامضة .
وعموما خلال الفترة الممتدة من عام 1997 حتى عام 2002 قام جمال وشقيقه علاء مبارك بتأسيس عدة صناديق للاستثمارات المالية وغير المالية سجلت جميعها فى جزر كايمان التابعة للتاج البريطانى ، والتى تراقب حركتها وسكاناتها الاستخبارات البريطانية M.I. 6 . ومن هذه الصناديق :
– صندوق حورس للمعاملات الخاصة hours private equity fund
– صندوق الشرق الأوسط للتكنولوجيا The Middle East Technology Fund
– صندوق الأردن المشترك للمشروعات والتكنولوجيا المتقدمة The Jordan Hi-Tech Venture Fund
وفى إجتماع مجلس إدارة شركة هيرمس القابضة بتاريخ 4 مارس 2002 ، تقرر إنشاء شركة تختص بصناديق الاستثمار للمعاملات الخاصة المباشرة ، بالشراكة مع جمال مبارك وشركته ( بوليون ) المسجلة فى جزيرة قبرص (74) ، وبهذا وفرت شركة هيرمس الغطاء القانونى والمالى لحركة أموال جمال وعلاء مبارك طوال الفترة الممتدة منذ عام 1997 حتى بعد ثورة يناير عام 2011 ، وأستمر هذا الوضع حتى وقت قريب ، دون أن تتدخل السلطات لفحص نشاط وعمليات شركة هيرمس وما قدمته من خدمات قد يكون بعضها يقع تحت طائلة القانون ، كعمليات غسل الأموال ، والتهرب الضريبى .
ونظرا لأن شركة هيرمس القابضة وشركاتها التابعة مقيدة بالبورصة المصرية ، فقد أمكن رصد تطور أرباحها الصافية خلال السنوات السبع ( 2004- 2010 ) ، التى قفزت من 60 مليون جنيه فقط عام 2004 لتتجاوز 1600 مليون جنيه عام 2007 ، و تنخفض فى 2008 و 2009 بسبب الازمة المالية العالمية لتعاود الصعود بعد ذلك فى 2010 إلى 1026 مليون جنيه ، على النحو الموضح بالرسم البيانى التالى :
المصدر : كتاب الافصاح الصادر عن البورصة المصرية – أصدارات متعددة
و يكفى أن نطالع الاعلانات الاسبوعية التى تصدرها صناديق الاستثمار المقيدة بالبورصة المصرية , لنعرف عدد الصناديق التى تديرها هيرمس مقارنة بباقى الشركات ، وندرك حجم الأموال التى تديرها هذه الشركة ، و مدى سيطرتها على التعاملات المالية فى مصر ، فوفقا لما نشر فى صحيفة الأهرام بصفحة الاقتصاد يوم السبت الصادر فى 10 سبتمبر 2011 ، نرى أن شركة هيرمس تدير 9 صناديق إستثمار فى البورصة من مجموع 12 صندوقا إستثماريا ، بما يؤكد قدرتها الفائقة على التأثير فى البورصة ، علما بأن إدارة صناديق الاستثمار فى سوق الاوراق المالية لا يمثل سوى جزء يسير من أنشطة الشركة ومن أهم هذه الصناديق :
– صندوق الاستثمار الأول للبنك الرئيسى للتنمية و الائتمان الزراعى
– صندوق إستثمار بنك الاسكندرية الاول .
– صندوق إستثمار البنك المصرى الخليجى .
– صندوق إستثمار بنك القاهرة الاول .
– صندوق إستثمار بنك البركة مصر.
– صندوق إستثمار بنك كريدى أجريكول مصر الأول ( منصور والمغربى وشركاه).
– صندوق إستثمار بنك كريدى أجريكول مصر الثانى ( منصور والمغربى وشركاه)..
– صندوق إستثمار بنك فيصل المصرى .
– صندوق إستثمار البنك الوطنى المصرى ( الذى أستحوذ عليه بنك الكويت الوطنى ) .
فى نهاية عام 2005 تقدمت شركة هيرمس القابضة ( EFG ) بطلب للحصول على تمويل من المؤسسة الدولية للتمويل ، وهى إحدى مؤسسات البنك الدولى ، و تتخصص فى تمويل القطاع الخاص دون الحكومات ، و بهذه المناسبة قدمت المؤسسة نبذة عن هيرمس قالت فيها إنها تكونت عام 1996 ، نتيجة إندماج المجموعة المالية المصرية ، ومجموعة هيرمس , وفى عام 2000 إستحوذ سيتى بنك على شريحة 4% من رأسمال هيرمس ، وإستطاع البنك من خلال هذه النسبة أن يلعب دورا مؤثرا فى هيرمس ، و فى 2001 إندمجت المجموعة المالية هيرمس ، وشركة التجارى الدولى للإستثمار لتكون واحدا من أكبر شركات للإستثمار الخاص و بنوك الاستثمار فى مصر ، و يبلغ عدد العاملين بالشركة 350 فردا.
و أسهم الشركة مقيدة فى كل من بورصتى القاهرة ولندن ، وهى من أكثر الأسهم نشاطا ، و حينما تقدمت هيرمس بطلب التمويل فى عام 2005 كانت أسهم الشركة موزعة بنسبة 16 % للعاملين و 15 % لمستثمرين أجانب ، و 12 % لمستثمرين من مواطنى الخليج ومنهم أمراء ومشايخ كبار ، و10 % لمؤسسات مصرية محلية ، و 5 % أسهم خزينة و 41 % للتداول الحر بالبورصة .
أما عن مالكى الشركة فتقول الموسوعة تتقدمهم شركة دبي القابضة بنسبة 18.5% المملوكة للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم إمارة دبي , و نسبة 8.5% لجهاز أبو ظبي للاستثمار المملوك لحكومة الإمارات والباقي موزع على حوالي 11 ألف مساهم يتداولون في بورصتي مصر ولندن
و كانت هيرمس تهدف للتحول إلى مركز مالى إقليمى فى الشرق الاوسط عن طريق التوسع فى شبكة خدماتها لتشمل دول الخليج العربى ، وبلغت تكلفة هذا التوسع 40 مليون دولار ، يتم تمويل 20 مليونا منها بالقرض الذى طلبته هيرمس من مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولى ، وأدهاله كطرف دولى مساند ، و يتم تنفيذ مشروع التوسع من المقر الرئيسى للشركة بالقاهرة ، و فرعيها بكل من دبى و أبو ظبى ، و الذين إفتتحا فى ديسمبر 2004 و فبراير 2005 على التوالى ، و ترى مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولى إن هيرمس تعتبر اللاعب الرئيسى فى مجالات الوساطة المالية و إدارة الاصول و الصناديق الخاصة (75 ) .
و تعمل شركة هيرمس القابضة في عدة بلدان، فلديها شركات تابعة في مصر والسعودية والإمارات والكويت وعمان ولبنان ودول أخرى ، وكل منها يقوم بنشاط التداول في هذه البلدان ، كما ان جميع الشركات التابعة لها هي شركات مساهمة تملك المجموعة المالية هيرمس القابضة فيها حصة أغلبية في معظمها وتكون خاضعة كل شركة على حدة للجهة القانونية والرقابية في بلد المنشأ .
وقد ساهم كل ذلك ، والإطار القانونى الجديد الذى أبعدها عن أى رقابة لصيقة من السلطات النقدية المصرية ، فى سهولة حركة الأموال منها وإليها ، خروجا ودخولا ، وعبر هذه النافذة الواسعة تحركت أموال كثير من كبار رجال المال والأعمال المصريين والعرب والأجانب من داخل مصر إلى خارجها فى أكبر عمليات نهب وإستنزاف للثروة والموراد المالية المصرية طوال عشرين عاما على الأقل .
الأن هل عرفتم من سوف يشترى الأصول المصرية الباقية من شركات وأراضى وغيرها ؟