الرئيسية / حوارات ناصرية / ورقة مقدمة لمعهد إعداد الكادر الناصري: دور القطاعين العام والخاص في ظل ثورة 23 يوليو، وتطور البنية والمنهجية التخطيطية في الوضع الراهن – د.محمد عبد الشفيع عيسى

ورقة مقدمة لمعهد إعداد الكادر الناصري: دور القطاعين العام والخاص في ظل ثورة 23 يوليو، وتطور البنية والمنهجية التخطيطية في الوضع الراهن – د.محمد عبد الشفيع عيسى

أستاذ في معهد التخطيط القومي- القاهرة

6daa1bce-cf56-4500-9ddd-3a92b7829afd 

 

 

 

12124837_6040240831953_1512250389_n.png

 

 

الجزء الأول

 

دور القطاعين العام والخاص في ظل ثورة 23 يوليو

 

تميز النظام الاقتصادى المصرى قبل 23 يوليو 1952 ، بغلبة القطاع الخاص على النشاط الاقتصادي؛ إذ بالإضافة إلى الأرض الزراعية التى شملتها الملكية الخاصة مع تركز عال في شرائح الملكية الكبيرة، امتد القطاع الخاص، المحلى والأجنبى، ليسيطر على المنشآت الصناعية والتجارية والائتمانية والعقارية، ابتداء من صناعة النسيج وتكرير السكر وانتهاء بالبنك الأهلى – بنك الإصدار في مصر حينئذ – وحتى شركة “سكة حديد الدلتا”.   و تميز النشاط الخاص عموماً بالتركز في الأنشطة الأعلى ربحية : زراعة وتجارة القطن ، التسليف والرهونات، وبعض الصناعات الخفيفة التى تتمتع  ” بالحماية ” الجمركية و غير الجمركية.

وقد افتقد رأس المال الخاص القدرة على المخاطرة نظراً لافتقاده فئة “المنظمين”      التى قادت حركة التصنيع في أوروبا ، واتجه، خاصة في الريف، إلى الإنفاق البذخي مع ما أدى إليه ذلك من تبديد هائل للفائض الاقتصادي.

ويعتبر النظام الاقتصادي في مصر قبل1952 ، بمثابة “نظام فرعي” تابع تبعية تامة داخل الاقتصاد الرأسمالي العالمي، باعتبار مصر شبه مستعمرة داخل الامبراطورية البريطانية. فسيادة الملكية الخاصة للأرض الزراعية ضمنت وجود طبقة من كبار الملاك ترتبط مصالحها باقتصاد “وحيد المحصول” قائم على التخصص في إنتاج سلعة أولية تصديرية ذات أهمية استراتيجية للصناعة البريطانية وهي سلعة القطن – كما أن ضآلة الوزن النسبي للقطاع الصناعي في هيكل الناتج المحلي الإجمالي،استتبعها فتح السوق المصرية أمام السلع البريطانية والأوروبية، سواء منها الاستهلاكية أوالوسيطة والإنتاجية .

وهكذا فإن أهمية مصر كمزرعة للقطن وكسوق للمصنوعات الأجنبية كانت المحدد الرئيسى للنظام الاقتصادى المحلى، القائم على القطاع الخاص و “السوق المفتوحة” .

و كانت سيادة القطاع الخاص و “اقتصاد السوق”تكملها ” هامشية ” القطاع العام ووظيفة الدولة، وخاصة مع تركز الملكية العامة في الأنشطة التى لا تدر ربحاً سريعاً ، أو التى توفر البنية الأساسية اللازمة لممارسة الأنشطة الخاصة.

وبعد وقوع ثورة 23 يوليو 1952- وتحت قيادة جمال عبد الناصر الاستثنائية- تغيرت سياسة الدولة إزاء القطاعين الخاص والعام تغيرا جذريا، كجزء من السياسة الاقتصادية والاجتماعية للثورة، سعيا إلى تحقيق غايات التنمية والعدل الاجتماعي. ولكن هذا التغير لم يحدث طفرة وإنما تم على مراحل زمنية متدرجة:

  • مرحلة الحرية الاقتصادية، وتمتد منذ 1952 حتى 1956
  • مرحلة الاقتصاد الموجه، وتمتد منذ 1957 حتى 1960
  • مرحلة غلبة القطاع العام على النظام الاقتصادى وإثبات وجوده عمليا – منذ 1961 حتى 1971

وفيما يلى نتناولها بإيجاز.

20266492451468175144.jpgث

القطاعان العام والخاص في مرحلة الحرية الاقتصادية

(1952-1956):

تمثلت السياسة الاقتصادية للدولة فى تلك المرحلة فى تبنى الحرية الاقتصادية كأساس للنشاط الاقتصادى، وانعكس ذلك من خلال المحاولات المتعددة لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار الإنتاجى، سواء فى ذلك القطاع الخاص المحلى أو الأجنبى، بافضافة إلى العمل على توفير الدراسات اللازمة عن المشروعات المقترحة، و كذا المشاركة فى تمويل التنفيذ.

ورغم ما قامت به الدولة من إجراءات لتشجيع رأس المال المحلى والأجنبى للاستثمار فى المجال الإنتاجى، فإن متوسط ما أضيف إلى الاستثمارات خلال عامى 1953، 1952 لم يتجاوز 8ر6 مليون جنيه، مقابل 3ر10 مليون جنيه كمتوسط للعامين 1952،1951 (1) كما أن رأس مال الشركات المساهمة قد انخفض من 2مليون جنيه عام 1952 إلى 9ر1 مليون جنيه سنه 1953 ، فى الوقت الذى زادت فيه مدخرات القطاع الخاص من 58 مليون جنيه الى 64 مليون جنيه 00 أما رأس المال الأجنبى ، فلم يزد المبلغ الذى استثمره فى الفترة 1954-1958 عن 9ر1 مليون جنيه(2).

ونظرا لتباطؤ نمو نشاط القطاع الخاص فى المجال الإنتاجى، فقد تصدت الدولة لمهمة مباشرة النشاط الإنتاجى فى ميادين رائدةمحددة، انطلاقا من الإطار التنظيمى الذى عملت على توفيره، وخاصة بإقامة المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومى.

 

القطاعان العام والخاص في مرحلة الاقتصاد الموجه

( 1957- 1960):

 

فى الفترة من 1957 حتى 1960 حدثت تغيرات كبيرة فى الوزن النسبى لكل من القطاع العام والخاص، لصالح القطاع العام. وتميزت هذه المرحلة بطابعها الانتقالي: فقد انطلقت بالقطاع العام الى آفاق جديدة لم يشهدها فى المرحلة السابقة، وكانت بمثابة التمهيد للدفعة الكبرى التى شهدها القطاع العام فى المرحلة اللاحقة.

وفيما يلى أبرز الخطوات التى حددت طابع المرحلة الانتقالية محل البحث :

أ1-  التمصيــر

بعد انتهاء العدوان الثلاثى البريطاني الفرنسي الاسرائيلى – فى أواخر 1956 ، قامت حكومة الثورة بمجموعه من الإجراءات لاستكمال المهام الوطنية لها فى مواجهة الوجود الاقتصادى الاجنبى – البريطانى والفرنسى خاصة. و تمثل ذلك فى إجراءات التمصير للبنوك وشركات التأمين وعمليات التجارة الخارجية – فصدر القانون رقم 23 لسنه1957 بشأن البنوك والتأمين، والقانون رقم 23 بشأن أعمال الوكالة التجارية.

وقد قضت هذه القوانين بأن تكون البنوك وشركات التأمين ووكالات الاستيراد مملوكا بالكامل للمصريين ، على أن يبدأ التمصير فورا بالنسبة لما يملكه منها البريطانيون والفرنسيون على أن يمنح غيرهم من الأجانب مهلة خمس سنوات ([1]).وقد آلت هذه المصالح الممصرة لا إلى القطاع الخاص ولكن الى الدولة ممثله فى المؤسسة الاقتصادية. وبالإضافة إلى ذلك فقد اشترت المؤسسة من هيئة “الحراسة” الحصص التى كان يملكها (الأعداء)، وبلغت 20 شركة وقدرت قيمة الحصص فى آخر ديسمبر1957 بنحو 24 مليون جنيه.  كما قامت المؤسسة بشراء موجودات 19 شركه أخرى من الشركات الخاضعة للحراسة.

2- إنشاء المؤسسة الاقتصادية

أنشئت المؤسسة الاقتصادية-كمؤسسة عامه- بمقتضى القانون رقم 20 لسنه 1957 والمعدل بالقانون رقم138 لسنه 1957، لتقوم نيابة عن الحكومة بالتوجيه والأشراف على المؤسسات العامة الأخرى. وبذلك تكونت نواة قطاع عام له دور موجه ومسيطر فى مجال الائتمان والتمويل ( حيث سيطرت المؤسسة على أربعة بنوك تجارية تمثل فى مجموعها حوالى 45% من نشاط الجهاز المصرفى، وعلى كبرى شركات التأمين فى مصر)، بالإضافة إلى دور ريادي في مجال الصناعات الثقيلة ( وخاصة صناعة الحديد والصلب، والكيماويات)، و فى بعض الصناعات الخفيفة الهامة ، ومنها ” الشركة الشرقية للدخان “- كبرى شركات التبغ آنئذ- و شركة السكر والتقطير المصرية (1).

 

ثالثا  التصنيع

منذ بداية عام 1957 أخذت حركة التصنيع يشتد عودها لتصبح أحد الأبعاد الجوهرية فى تشكيل البنيان الاقتصادى. وتطبيقا لذلك، أعدت وزارة الصناعة فى سنة 1957 برنامج “السنوات الخمس للتصنيع” وقدرت تكاليفه بحوالى 250 مليون جنيه ، كما أنشئت من أجل تنفيذ هذا البرنامج “الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة” وهى مؤسسة عامة تختص بتنفيذ مشروعات برنامج السنوات الخمس إما بنفسها أو بواسطة غيرها.

وقد صمم مشروع السنوات الخمس على أساس هدف عام هو مضاعفة نصيب الفرد من الدخل القومى خلال عشرين سنة ، وعلى أن تقوم الصناعة بالعبء الأكبر فى هذا المضمار.

وتضمنت تقديرات البرنامج مشروعات تبلغ قيمتها الإجمالية 220.736.000 جنيه كما رصد احتياطى قدره 29.700.000 جنيه. أما على صعيد التنفيذ فقد بلغ اجمالى قيمة المشروعات التى تم التعاقد عليها حتى آخر يونيو 1960 حوالى 304.132.702 جنيه – وترجع الزيادة فى القيمة الإجمالية للتنفيذ عن القيمة التقديرية للبرنامج إلى عدة أسباب منها احداث توسعات فى أحجام بعض المشروعات مما لم يكن مدرجا فى التقديرات الأصلية.

وهكذا، إذا كانت عملية التمصير قد شكلت نواة أولى لتكوين القطاع العام حيث أضيفت المشروعات التى كانت تملكها بريطانيا وفرنسا أساسا إلى الملكية العامة المصرية من خلال (المؤسسة الاقتصادية) – فإن هذه النواة قد توسعت بعملية أخرى واسعة النطاق : هى عملية إنشاء مشروعات عامة صناعية من خلال ” الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة”، وبالتعاون مع  دول بعينها في ذلك الوقت، وأولها “الاتفاق فى شأن التعاون الاقتصادى والفنى” مع الاتحاد السوفيتى والموقع بتاريخ 29 يناير 1958 – ثم الاتفاق فى شأن التعاون الاقتصادى والفنى” مع جمهورية ألمانيا الديمقراطية فى 29 أغسطس 1958 – واتفاقية تسهيلات الدفع “مع اليابان فى 13 سبتمبر 1958 – وأخيرا اتفاقية التعاون الاقتصادى مع ألمانيا الاتحادية فى 7 مايو 1958.

ولا يعنى ما سبق أن الدولة قد نفضت يدها حينئذ من القطاع الخاص – بل العكس هو الصحيح. فإن الخطة الخمسية التى أعدت عام 1959 ، واعتمدت نهائيا فى أغسطس 1960 باعتبارها خطة للسنوات الخمس 1960/61 – 1964/65 أعطت دورا كبيرا بل ومسيطرا للقطاع الخاص – وفى وثيقة الخطة نقرأ هذه الحقيقة بالتفصيل. فلقد استهدفت الخطة جعل نسبة مساهمة القطاع الخاص فى توليد إجمالى الدخل القومى فى السنة الخامسة والأخيرة للخطة 64/65 ، هى نفسها تقريبا النسبة السائدة فى السنة الأولى 59/60 – فقد بلغت النسبة الأخيرة 81% ، أما النسبة الأولى فقد قدرت بـ 80% وقد بدأ تنفيذ الخطة الخمسية وكان القطاع الخاص يسيطر على نحو 90% من الإنتاج الصناعى و95% من الإنتاج الزراعى.

وهكذا يتضح أن الخطة الخمسية الأولى وضعت فى ظل فرضين رئيسيين :

  • افتراض إمكان وضع خطة متكاملة توضح فيها الأهداف التفصيلية للجانب الأكبر من القطاعات الاقتصادية، بينما تحمل جوانب عديدة من الخطة طابع التخطيط (التأشيرى) – كما أن الخطة قد تكونت من مجموعة من المشروعات التى قدمتها مختلف المصالح الحكومية داخل إطار عام فرضته لجنة التخطيط القومى ، وبذلك يمكن النظر إليها على أنها مجموعة من المشروعات الاستثمارية المتفرقة التى تم تجميعها وتنسيقها فى وثيقة واحدة.
  • افتراض استمرار قيام جهاز السوق بتخصيص الموارد وعدم وجود جهاز مركزى يؤدى العملية المذكورة (1).

 

رابعا

بدايات التأميم

إلحاقا بالخطوات الثلاث السابقة : التمصير ، وإنشاء المؤسسة الاقتصادية ، وبرنامج السنوات الخمس للتصنيع ، جاءت خطوة رابعة فى المرحلة محل البحث وهى تأميم بعض المصالح ، وبالتالى تدعيم نواة القطاع العام وذلك على حساب القطاع الخاص.

فلقد اتضح للحكومة أن الاعتماد على القطاع الخاص فى تنفيذ الخطة لا يستند إلى أساس حقيقى ، خاصة فى ضوء سجل تجربة هذه الحكومة مع هذا القطاع منذ 1952 ، وبصفة أخص فى ضوء سجل هذه التجربة بعد بدء تنفيذ برنامج السنوات الخمس للتصنيع أى منذ أواخر 1958 – فلقد حجب القطاع الخاص موارده عن مشروعات التنمية الصناعية الواردة فى البرنامج ، بل وأخذ يحاصر مشروعات القطاع العام الوليد وأخذ يسحب الأموال منه عن طريق عقود الاستيراد والتوريد والمقاولات.

وقد بدأ يستقر فى إدراك الدولة بعد إعداد، ثم بعد مباشرة تنفيذ، الخطة الخمسية الأولى، أن تنفيذ هذه الخطة بكفاءة وفاعلية يتطلب سيطرة الدولة على معظم وسائل الإنتاج الصناعى وعلى قمم النظام المالى والائتمانى .

وتطبيقا لهذا الاقتناع الجديد اتخذت الدولة خطوة حاسمة وجذرية فى فبراير 1960 ، وذلك بتأميم كل من بنك مصر والبنك الأهلى المصرى (القانون رقم 39 والقانون رقم 40 لسنة 1960). ولتقدير أهمية هاتين المؤسستين المصرفيتين، نشير إلى أن بنك مصر قبل تأميمه كان يسيطر على نحو 20% من الإنتاج الصناعى وكانت أصوله تبلغ حوالى ثلث أصول البنوك التجارية مجتمعة، وودائعه أكثر من 40% من مجموع ودائعها. أما البنك الأهلى المصرى فقد كان بمثابة البنك المركزى الذى يشرف على الجهاز المصرفى ويقوم بإصدار البنكنوت وتحديد سياسة الائتمان وتحتفظ الحكومة لديه بحساباتها. وتلزم الإشارة إلى القانون رقم 250 الصادر فى 19/7/1960 والذى أنشأ البنك المركزى ليتولى وظائف (البنك المركزى) وتفرغ البنك الأهلى للعمليات المصرفية العادية.

وقد تبعت هذه الخطوة خطوات أخرى خلال عام 1960 على طريق التأميم وأهمها :

1- تأميم الممتلكات البلجيكية فى مصر:

وقد تم هذا التأميم إثر الأحداث السياسية فى الكونغو أواخر عام 1960 ، وصدرت لذلك القوانين رقم 285 ، 286 ، 287 ، 288 لسنة 1960 والتى نشرت فى الجريدة الرسمية بتاريخ أول ديسمبر 1960 0 وقد قضى القانون رقم 285 بتأميم شركة سكك حديد مصر الكهربائية وواحات عين شمس ، وتحويل أسهم هذه الشركة وحصصها إلى سندات على الدولة لمدة اثنى عشر سنة وبفائدة 5%.

أما القانونان رقم 286 ، 287 فيقضيان بوضع مرفق ترام القاهرة وشركة الكهرباء المصرية تحت الحراسة الإدارية ، وأما القانون رقم 288 فقد قضى بتأميم البنك البلجيكى الدولى بمصر واعتباره مؤسسة عامة. وتجدر الإشارة إلى أنه بموجب أمر رئيس الجمهورية رقم 99 لسنة 1961 (المنشور فى الجريدة الرسمية فى 26 فبراير 1961) فقد تم فرض الحراسة على أموال البلجيك ، استكمالاً للقوانين السابقة بتأميم الممتلكات البلجيكية.

2-  تأميم بعض المصالح وإنشاء بعض المؤسسات العامة:

فى يوليو 1960 تم تأميم تجارة الأدوية ، وأنشئت المؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية، وذلك بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 1253 لسنة 1960 والمنشور بالجريدة الرسمية فى 27 يوليو 1960 – وبموجب القرار رقم 2137 والمنشور بالجريدة الرسمية فى 13 ديسمبر 1960 تم إنشاء المؤسسة العامة التعاونية الزراعية. وبالقرار رقم 2347 والمنشور بالجريدة الرسمية فى 31 ديسمبر 1960 تم إنشاء المؤسسة العامة التعاونية الاستهلاكية.

 

3-  وبمقتضى القانون رقم 267 لسنة 1960 فى شأن المؤسسات العامة التعاونية تم وضع الأسس لتطوير نشاط هذه المؤسسات التى تعمل على وضع السياسات الملائمة للقطاع التعاونى وتوفير المعونة الفنية والمالية للجمعيات القائمة والإشراف عليها.

ورغم اتساع نواة القطاع العام سواء بالتمصير أو بالتأميم أو إنشاء المشروعات العامة ، إلا أن الهيكل النسبى للمتغيرات الاقتصادية يشير إلى زيادة وزن القطاع الخاص داخل الهيكل حتى عام 1960، وهو ما يتمثل فى توزيع القيمة المضافة الصافية وتوزيع القوة العاملة. فقد بلغ نصيب القطاع الخاص من القيمة المضافة الصافية عام 1959 – 1960 ما قيمته 1142 مليون جنيه، بينما لم يتجاوز نصيب القطاع العام 235.5 مليون جنيه ، وبلغ مجموع القوة العاملة فى القطاع الخاص 6069 ألف مشتغل، بينما بلغ مجموعها فى القطاع العام 834 ألف مشتغل. وقد جاءت تقديرات الخطة الخمسية الأولى، كما أشرنا، لتحافظ على دور القطاع الخاص ولكن مع إعطاء دور متميز للقطاع العام.

 

 

 

مرحلة غلبة القطاع العام على النظام الاقتصادى وإثبات الوجود( 1961-1971 )

 

القطاع العام في ظل عمليات التأميم

نجد من الضرورى أن نشير مرة أخرى الى مشروع الخطة الخمسية الأولى الذي صدر به قرار جمهورى في أغسطس 1960 كمرحلة أولى من خطة عشرية تستهدف مضاعفة الدخل القومى عن طريق تنمية الاقتصاد الوطنى فى كافة قطاعاته مع التركيز على التصنيع … وقد اعتمدت تقديرات هذا المشروع على قيام القطاع الخاص بتوفير نسبة عالية من مجمل الادخار المحلى لتحقيق أهداف الخطة .

ولكن البدء في تنفيذ الخطة قد كشف ، وخاصة منذ عام 1961 ، أن هناك تناقضاً أساسياً بين العملية التخطيطية و بين سيطرة القطاع الخاص على الصناعة ومصادر التمويل المحلى. وقد تجلى ذلك في عدم مقدرة رأس المال المحلى الخاص على مواكبة خطى التنمية الاقتصادية والاجتماعية كما رسمها مشروع الخطة الخمسية.

ونتيجة لذلك، فقد استقر في إدراك القيادة السياسية حينئذ أن تحقيق أهداف الخطة بات يتطلب سيطرة الدولة على الهياكل الرئيسية للإنتاج والإنتاج الصناعى خاصة . وسعياً إلى بناء الإطار المؤسسى لسيطرة الدولة، بدأ منذ مستهل عام 1961 العمل على اقامة هيكل تنظيمى لهذه السيطرة ولو فى شكلها الأولى .

ولذا فقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 249 لسنة 1961، بإنشاء مؤسسة مصر ، على أن يتكون رأسمالها من حصص بنك مصر في الشركات التابعة له، وهكذا نزل بنك مصر إلى مستوى بنك تجارى تابع المؤسسة العامة. ثم صدر القرار الجمهورى رقم 250 لسنة 1961، بإنشاء مؤسسة النصر التى يتكون رأسمالها من حصص الهيئة العامة لتنفيذ برنامج السنوات الخمس للصناعة في الشركات التى أنشأتها ، وبذلك وجدت ثلاث مؤسسات رئيسية للقطاع العام هى : المؤسسة الاقتصادية ، ومؤسسة مصر، ومؤسسة النصر .

ومنذ يوليو 1961 تمت أكبر حركة للتأميم، وبمقتضاها قام لأول مرة الجسم العريض للقطاع العام في مصر .. ونظراُ لما تمثله عملية التأميم من أهمية في التطور التاريخى للقطاع العام ، نقدم فيما يلى عرضاً لهذه العملية كما تمت في السنوات 1961-1964 .

 

أولاً : تأميمات يوليو 1961

في يوليو 1961 صدرت قوانين التأميم الثلاثة الرئيسية : القانون رقم 117 ، والقانون رقم 118 ، والقانون رقم 119 لسنة 1961 .

وبمقتضى القانون رقم 117 تم تأميم 80 شركة تأميماً كاملاُ ، وكان منها جميع البنوك وشركات التأمين والتجارة الخارجية وتجارة الأخشاب والنقل والمياه والأراضي العقارية بالإضافة الى عدد من الشركات الصناعية الهامة مثل مصانع النحاس ، والدلتا للصلب ، والأهلية للصناعات المعدنية ، وأبو زعبل ، وكفر الزيات للأسمدة ، وشركات الاسمنت .. وكانت هذه الشركات جميعاُ واردة ضمن جدول ملحق بالقانون المذكور ، ولهذا كانت قوانين التأميم اللاحقة تقتصر على النص على إضافة الشركات إلى الجدول المرافق للقانون رقم 117 لسنة 1961 الذي أصبح بذلك هو القانون الاساسى للتأميم .

وبمقتضي القانون رقم 118 لسنة 1981 تمت مساهمة الحكومة بمقدار 50% من رأسمال 83 شركة تضم أساسا شركات مقاولات وتجارة ، وبعض الشركات الصناعية ، وكان تطبيق هذا القانون يعنى تأميم هذه الشركات تأميماً جزئياً ، أى تأميم نصف ما يمتلكه كل مساهم في تلك الشركات .

أما القانون رقم 119 لسنة 1961 فقد نص على ألا يزيد ما يملكه الفرد عن عشرة آلاف جنيه في رأسمال 145 شركة. وكان الغرض من هذا القانون تأميم كل ما زاد عن هذا الحد بقصد مواجهة سيطرة كبار أصحاب رأس المال على الشركات المذكورة ، حيث اتضح أن مجموعة من هذه الشركات كانت تتركز ملكيتها في يد أسر محدودة ، وتضم شركات صناعية وتجارية وشركات صباغة وبترول وكيماويات .

وتشير بعض التقديرات إلى أن قيمة رؤوس الأموال التى تأثرت بقوانين التأميم خلال سنة 1961 بلغت حوالى 200 مليون جنيه ، وبلغ عدد الأفراد الذين انطبقت عليهم قوانين التأميم الكلى والجزئى حتى آخر عام 1961 (5622) فرداً وذلك على النحو التالى :

-1772  فرداً انطبقت عليهم قوانين التأميم الكامل .

-1715  ،،     ،،     ،،     ،،      ،،    الجزئي .

– 2070 ،،     انطبق ،،    قانون الزيادة عن 10.000 جنيه .

-65      ،،     ،،     ،،     ،،  تأميم محالج القطن  .

 

وبالإضافة إلى ذلك فقد بلغ عدد من فرضت عليهم الحراسة حتى نهاية العام المذكور حوالى 1000شخص ، وشملت الحراسة بعض كبار الملاك الذين خضعوا لقانون الاصلاح الزراعى الأول وبعض كبار رجال السياسة السابقين وبعض كبار أصحاب رؤوس الأموال ممن كان يخشى من محاولتهم السيطرة على الحكم – من وجهة نظر القيادة السياسية .

كما قامت الحكومة – تعزيزاً لحركة التأميم – في ميدان النقل ، بإسقاط الالتزام الممنوح لشركة ( ليبون وشركاه ) لاستغلال مرفق الغاز والكهرباء بمدينة الاسكندرية وأنشأت بدلاً من ذلك مؤسسة الكهرباء والغاز بالمدينة  – كما أسقط الإلزام الممنوح لشركة ترام القاهرة وآلت منشآتها الى مؤسسة النقل العام بالقاهرة .

وهكذا وبإتمام تطبيق قوانين يوليو وما تلاها في نفس العام ، تحققت الى حد كبير السيطرة العامة للدولة على وسائل الإنتاج والهياكل الاقتصادية الأساسية ، وذلك على النحو التالى :

  • شمول التأميم الكامل لجميع المصالح الاقتصادية الكبرى وخاصة الأجنبية منها ، وشموله للجهاز المصرفى وشركات التأمين ، وبذلك تحققت سيطرة الدولة أيضا على الموارد المالية . وشمل التأميم الكامل أيضا شركات المرافق العامة ذات الاتصال الحيوي بالجمهور سواء في مجال النقل أو المياه .. يضاف الى ذلك شمول التأميم للصناعات الأساسية والثقيلة مثل مصانع النحاس المصرية وشركة الدلتا للصلب .
  • التأميم الجزئي (50%) للشركات التى يمكن أن تمثل تجربة جديدة في مجالات الإنتاج والخدمات.
  • تحديد ملكية الفرد بما لا يزيد عن عشرة آلاف جنيه في الشركات التى كانت تتضح فيها سيطرة عائلات محددة مثل شركة سما فيه الصناعية للغزل والنسيج ، وشركة سباهى الصناعية لخيوط الغزل والنسيج .

 

ثانياً : تأميمات الربع الأول من عام 1962

  • في 23 يناير 1962 نشر بالجريدة الرسمية القانون رقم 41 لسنة 1962 والذي نص على التأميم الكامل لبعض الشركات والمنشأت الملاحية بقناة السويس ، وبمقتضى القانون رقم 42 لسنة 1962 والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 3 فبراير 1962 تم تأميم بعض شركات النقل والتخزين تأميماً كاملاً ، كما ساهمت الحكومة بنسبة 50% من رأسمال 77 مخبزاً 98 مطحناً ، 77 مضرباً للأرز .
  • بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 1054 لسنة 1962 والمنشور بالجريدة الرسمية في 31/12/1962 تمت تصفية فروع البنوك الأجنبية بمصر .

 

ثالثاً : تأميمات عام 1963

خلال عام 1963 تحققت سلسلة من التأميمات لتكمل السلسلة الرئيسية من اجراءات التأميم لعام 1961 ، خاصة من حيث تطبيق التأميم الكامل على شركات ومنشآت تم تأميمها تأميماً جزئياً بمقتضى القانون رقم 118 ، 119 لعام 1961 .

  • ففى ابريل 1963 تم تأميم جميع منشآت وشركات تصدير القطن وكذلك جميع محالج القطن وذلك بموجب القانون رقم 38 لسنة 1963 .
  • وفى شهر مايو تم تأميم 167 مطحناً و78 مضرباً للأرز تأميماً كاملاً حيث كان بعضها مؤمماً تأميماًُ جزئياً من قبل ، وتم ذلك بمقتضى القانون رقم 51 لسنة 1963 والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 8 مايو 1963 .
  • وفى عدد الجريدة الرسمية بتاريخ 13 يونيو 1963 نشر القانون رقم 65 لسنة 1963 والذي نص على تأميم شركات ومصانع الأدوية وإلغاء التراخيص الممنوحة لـ50 مصنعاً ومعملاً للدواء لعدم ارتفاعها الى المستوى المقبول – ( ولم يبق من شركات الأدوية في يد القطاع الخاص إلا ثلاث شركات تم تكوينها بالتعاقد مع شركات أجنبية ) (1) .. وبالإضافة إلى ذلك فقد تم تأميم 8 شركات للملاحة والمقاولات البحرية بمقتضي القانون 67 لسنة 1963 .
  • وفى أغسطس 1963 تمت حركة رئيسية للتأميم، فقد نص القانون رقم 72 لسنة 1963 على تأميم 228 شركة صناعية تأميماً كاملاً وهى شركات للغزل والنسيج وللصناعات الغذائية والكيماوية وللصناعات الهندسية ، كما تم تأميم 21 شركة للنقل البرى ، و14 شركة للنقل والملاحة النهرية – وشركتين لتجارة الخشاب – وذلك بمقتضى القوانين أرقام 77 ،78 ، 79 ، لسنة 1963 .
  • فى نوفمبر 1963 تم تأميم بعض مصانع الأسلحة والذخيرة وبعض شركات المقاولات البحرية ( القانون رقم 145 ، 146 لسنة 1963 ) – وتأميم شركات التخزين والتبريد وبعض شركات التجارة الداخلية( القانون رقم 147، 148 لسنة 1963 ) كما تم تأميم 83 شركة ومنشأة في قطاع النقل وإنشاء الطرق ( القانون 151 لسنة 1963 ) وكذا أممت 6 شركات زراعية تعمل في استصلاح الأراضى تأميماً كاملاً ، ووزعت الأراضى على صغار الفلاحين (القانون 157 لسنة 1963).

6-  وبموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 2581 لسنة 1963 تم إنهاء أعمال 40 شركة من شركات التأمين الأجنبية.

 

رابعا:  تأميمات عام 1964

يشكل عام 1964 علامة زمنية فاصلة فى تاريخ نشوء وتطور القطاع العام المصرى ، بموجب التأميمات والإجراءات الأخرى التى اتخذت فى ذلك العام ، وأخذ القطاع العام صورته التى نشهده بها اليوم، أى اكتملت ملامحه، وذلك بأن أصبحت جميع المشروعات والشركات الكبيرة فى مصر داخلة فى نطاق الملكية العامة. إن الفترة من يوليو 1961 إلى مارس 1964 إذن، هى أهم فترات العملية التكوينية للقطاع العام. وفيما يلى عرض لأبرز التأميمات والإجراءات الخاصة بالعام المذكور:

  • بمقتضى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 51 لسنة 1964 والصادر فى أول مارس، تم تغيير وضع 11 شركة للتجارة الخارجية من التأميم الجزئى التى خضعت له بموجب القانونين رقم 118و 119 لسنة 1961 (تأميم 50% وتأميم ما زاد عن عشرة آلاف جنيه للفرد) إلى التأميم الكامل .
  • نص قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 52 لسنة 1964على التأميم الكامل لشركات المقاولات التى سبق تأميمها تأميما جزئيا، وعدها 119 شركة0
  • نص قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 137 لسنة 1964 (الصادر فى 24 مارس) على تأميم أهم شركات استخراج البترول وتسويقه وهى: شركة شل مصر ليمتد، وشركة شل لتوزيع الكيماويات (مصر ليمتد)، وشركة النصر لآبار الزيوت (شركة آبار الزيوت الإنجليزية المصرية سابقا). وبالإضافة إلى ما سبق، فقد شهد شهر مارس 1964 إجراءات هامة أخرى تتعلق بتكوين القطاع العام ، وهى:
    • إلغاء التعويض عن الأراضى الزراعية التى خضعت لقوانين الإصلاح الزراعى وأيلولة ملكيتها إلى الدولة دون مقابل- وذلك بموجب القانون رقم 104 لسنة 1964 والصادر فى 23 مارس 1964، على أساس أن ما ترك لأصحاب الأراضى (فى ظل القوانين الخاصة بالإصلاح الزراعى) يمكن أن يغل دخلا يقرب من الحد لأقصى المقرر للدخل من العمل فى أى مجال من مجالات الدولة والقطاع العام.
    • نص القانون رقم 134 لسنة 1964 على جعل الحد الأقصى للتعويض عن التأميم مبلغاً إجمالياً قدره 15 ألف جنيه للفرد، سواء للتأميم الكلى أو الجزئى. ويؤدى التعويض بسندات على الدولة مدتها 15 سنة وبفائدة 4%.
  • بموجب القانون رقم 150 لسنة 1964، تم رفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم بمقتضى أوامر جمهورية طبقا لأحكام قانون الطوارئ ، على أن تؤول إلى الدولة تلك الأموال والممتلكات ويعوض عنها أصحابها بتعويض اجمالى قدره 30 ألف جنيه ، ما لم تكن قيمتها أقل من ذلك فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة. وقد نص القانون المشار إليه على أن تستمر الحراسة المفروضة وقت صدوره على الأشخاص الاعتبارية إلى أن يتم رفعها أو تصفيتها أو بيعها.

 

وبالتأميمات والإجراءات الأخرى التى استعرضناها فيما سبق، استوى القطاع العام قوة ضاربة رئيسية وأصبح يتمتع بالسيطرة على الاقتصاد القومى فى مجموعه ، مجسدا مفهوم “السيطرة العامة على وسائل الإنتاج” وبتعبير أدق “سيطرة الدولة على وسائل الإنتاج”. وقد أصبح القطاع العام بذلك مسيطرا على جميع مجالات النشاط الاقتصادى القومى باستثناء:

أ-  الزراعة ب-  التجارة الداخلية            ج-  المقاولات والإسكان

 

ويستكمل مفهوم القطاع كقوة ضاربة بتناول بعدين: تنظيم القطاع العام، والبيئة الاقتصادية الكلية، ونتناولهما فيما يلى:

  • البعد الداخلى، بعد تنظيمى، ويتعلق بإنشاء “المؤسسة العامة” بإعتبارها الوحدة التنظيمية للقطاع العام، والإدارة المجسدة لسيطرة الدولة على وسائل الإنتاج. وقد كانت ” المؤسسة الاقتصادية” هى الجسد التنظيمى الرئيسى للقطاع العام منذ 1957 حتى أواخر 1960 وأوائل 1961 حين بدأ إنشاء العديد من المؤسسات العامة الأخرى بلغ عددها 11 مؤسسة وقت صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 486 لسنة 1961 فى 22 ابريل 1961 ، وهو القرار المنشىء “للمجلس الأعلى للمؤسسات العامة” – وكان أهمها ثلاثة مؤسسات: المؤسسة الاقتصادية، ومؤسسة مصر، ومؤسسة النصر.

وقد أخذ عدد المؤسسات النوعية يتزايد حتى بلغ فى نهاية 1961 (28) مؤسسة ، واختصت كل منها بالإشراف على مجموعة من الشركات فى قطاع محدد من قطاعات النشاط الاقتصادى. وفى الأعوام 1962، 1963، 1964، أنشئ المزيد من المؤسسات الاقتصادية، حتى صارت المؤسسة العامة كما قلنا هى الوحدة التنظيمية للقطاع العام.

  • أما البعد “البيئي” فينصب على الإجراءات الاقتصادية الجديدة المحيطة بالقطاع العام الوليد. وأهم هذه الإجراءات والأبعاد ما يلى:
  • تحديد الحد الأقصى للملكية الفردية الزراعية بما لا يزيد عن مائة فدان، وتؤول ملكية الأراضى التى تجاوز الحد الأقصى إلى الدولة، وذلك بموجب القانون رقم 127 لسنة 1961 الصادر فى 25 يوليو. وقد قضى القانون رقم 128 لسنة 1961 بإعفاء الفلاحين الذين استفادوا من قوانين الإصلاح الزراعى من نصف الثمن ومن كل الفوائد، على أن تتحمل الدولة هذا القدر، ثم تم إعفاء الفلاحين (بمقتضى القانون رقم 138 لسنة 1964 الصادر فى 24 مارس 1964) من ثلاثة أرباع أقساط الأرض.
  • تخصيص 25% من الأرباح الصافية للشركات، كدخول موزعة على الموظفين والعمال في هذه الشركات، على أن توزع نسبة 10% منها فى شكل نقدي، ويخصص الباقى للخدمات الاجتماعية والإسكان، وقد تم ذلك بالقانون رقم 111 لسنة 1961.
  • تحديد يوم العمل بسبع ساعات، بموجب القانون رقم 133 لسنة 1961.
  • تحديد الحد الأدنى لأجور العمال فى شركات القطاع العام (25 قرشا كأجر يومى للعامل الذى يتجاوز عمره ستة عشر عاما) وتحديد الحد الأقصى للمرتب الذى يحصل عليه الفرد مقابل عمله فى الحكومة أو فى القطاع العام بمبلغ 5000 جنيه فى السنة. وقد تم الأول بقرار رئيس الجمهورية رقم 262 لسنة 1962 فى 13 يناير 1962، وتم الثانى بالقانون رقم 111 لسنة 1961 والصادر فى 19 يوليو 1961.
  • وبموجب القانون رقم 115 لسنة 1961 فى 19 يوليو تم تعديل أسعار وفئات الضريبة على الدخل، بزيادتها بالنسبة للشرائح الكبيرة، حيث رفعت فئات الضريبة على فئات الدخل التى تبلغ 4000 جنيه فأكثر فى السنة فأصبحت تتراوح بين 25% و 90%.
  • وبموجب القانون رقم 168 لسنة 1961 (والصادر فى 5/11) تم تخفيض إيجار المساكن بنسبة 20% من قيمة الأجرة السائدة حينذاك للمبانى التى أنشئت بعد العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1958، على أن يسرى ذلك ابتداء من شهر ديسمبر1961 (1).

 

الوزن النسبي للقطاعين العام والخاص

خلال السنوات الأربعة الأولى من الخطة أى من عام 60/61 حتى 63/64 بلغت قيمة الاستثمارات المنفذة عموماً نحو 1148 مليون جنيه بمتوسط سنوى قدره 287 مليون جنيه ، وتحمل القطاع العام وحده تنفيذ 91% من هذه الاستثمارات وبما قيمته 1040 مليون جنيه خلال السنوات الأربعة ، أى بمتوسط سنوى قدره 260 مليون جنيه ، بينما قام القطاع الخاص فى نفس الفترة بتنفيذ استثمارات قيمتها 108 مليون جنيه بمتوسط سنوى قدره 27 مليون جنيه .

أما بالنسبة لنصيب كل من القطاعين العام والخاص فى توليد الدخل القومى ، فيمكن الاستدلال عليه من واقع التعرف على عوائد العمل ( الأجور) ، مقارنة بإحصاءات الدخل القومي عموما.

ويتبين أن ما دفعه القطاع العام في 63/64من أجور قد زاد بحوالى 55.6 مليون جنيه عن نظيره فى 62/63 بينما لم تزد الأجور المدفوعة في القطاع الخاص بأكثر من 12.8 مليون جنيه خلال نفس الفترة. وبذلك فإن الزيادة الإجمالية فى الأجور وقدرها 68.4 مليون جنيه تعود إلى القطاع العام بنسبة 81% منها؛ ومن الزيادة المقدرة للأجور في عام 64/65 وقدرها 91 مليون جنيه فقد تمثل إسهام القطاع العام بنحو 73.6 مليون جنيه بنسبة 81%، بينما لم يسهم القطاع الخاص بأكثر من 19% .

وإذا كان ذلك يقودنا الى الاستنتاج بتصاعد إسهام القطاع العام في توليد الدخل القومى ، فإن هذا الاستنتاج لا يعدو أن يكون وجهاً واحداً للحقيقة؛ أما الوجه الثانى فهو أن القطاع الخاص لم يفتأ يلعب دوراً كبيراً في توليد الدخل القومي أيضا : فقد كان القطاع الخاص يسيطر على الإنتاج الزراعي ، وعلى أغلب التجارة الداخلية ، وكل الخدمات الشخصية.

ومن هذا يتبين لنا أن المساهمة الرئيسية للقطاع العام في الدخل القومي إنما تأتى من دوره القيادى في قطاع الصناعة ، أى أن القطاع العام الصناعي قد لعب دور ” حامل”  النمو في فترة الخطة الخمسية الأولى ، بينما حدد توجيه الدولة للقطاع الخاص الزراعى والتجارى والخدمى طرق وقنوات المساهمة في توليد الناتج القومى، وهو التوجيه الذي تم بواسطة الخطة وإجراءات وقوانين التحول (الاشتراكى) والدور القيادى للقطاع العام الصناعى .

وانطلاقاً من القطاع العام الصناعى وتوجيه الدولة للقطاع الخاص، أخذ الناتج المحلى يحقق زيادات متواصلة في الفترة محل البحث – كما زادت العمالة بمعدلات عالية ، بالإضافة إلى تغيرات هيكلية أخرى، على نحو ما يتضح من المؤشرات الآتية : –

  • زيادة إجمالى الدخل المحلى في فترة الخطة الخمسية 60/61 -64/65 بنسبة 37.1% أى بمعدل سنوى قدره 6.5% في المتوسط ، وذلك بتنفيذ استثمارات قدرها 1513 مليون جنيه _ وتجدر الاشارة الى ان تنفيذ الاستثمارات قد أعتمد اساساً على المدخرات المحلية ، وبلغ العجز الاجمالى في تمويل الاستثمار نحو 417.4 مليون جنيه بنسبة 27.6% من اجمالى الاستثمار ، وتم تدبيره من المصادر الأجنبية .
  • زيادة العمالة بنحو 1327 ألف مشتغل أى بمتوسط سنوى يبلغ 265 ألف مشتغل؛ مع زيادة أجر المشتغل ، حيث ارتفع متوسط الأجر من نحو 80.5 جنيه في السنة الأولى الى 112.3 جنيه في السنة الأخيرة (1).
  • التغير في الأهمية النسبية للأجور وعوائد التملك في الخطة الخمسية الأولى: فقد زادت الأهمية النسبية لمجموع الأجور في الاقتصاد القومى من42.8% فى سنة الأساس الى 46.7% فى السنة الخامسة من الخطة ، أما الأهمية النسبية لمجموع عوائد التملك فانخفضت من 57.2% في سنة الأساس الى 53.3% في السنة الخامسة (2).
  • التوزيع القطاعى للاستثمارات، متميزا بزيادة النصيب النسبى لقطاع الصناعة والكهرباء، والذي حظى بما نسبته 34.1% من الاستثمارات في الخطة وقدرها 516.5 مليون جنيه(3).

المصدر : د. على الجريتلى ، خمسة وعشرون عاماً ، دراسة تحليلية للسياسات الاقتصادية فى مصر 1952-1977 ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1977 ، ص 131

 

 

القطاع العام في فترة

1965-1971:

حينما انقضت الخطة الخمسية الأولى ، كان القطاع العام قد أثبت وجوده بوصفه القوة الرئيسية المنفذة لأهداف الخطة. وابتداء من عام 1965 بدا أن الاقتصاد القومى قد توفر له الأساس التنظيمى الذى يمكنه من تحقيق معدلات نمو منتظمة. غير أن دراسة مؤشرات الأداء للاقتصاد القومى قد أسفرت عن صعوبة العمل على مضاعفة الدخل القومى فى عشر سنوات ، وهو الهدف الذى قرره مشروع الخطة العشرية (1959/60-1969/70). واتضح ذلك بجلاء من تقرير (متابعة وتقييم النمو الاقتصادى فى الجمهورية العربية المتحدة عن السنة 1965/66)، والذى ذكر بوضوح أنه من غير الممكن تحقيق هدف مضاعفة الدخل القومى فى عشر سنوات.  ولذلك وضعت خطة سباعية جديدة تشمل الفترة من 1965/66 إلى 1971/72 . وبعد بداية التنفيذ تم العدول عن الخطة السباعية إلى خطة ثلاثية للانجاز تشمل الفترة من 67/68 إلى 69-70.

ولكن فى عام 1967 وقع ذلك الحدث الذى أثر فى مسار التطور الاقتصادى والاجتماعى والسياسى تأثيرا أساسيا، وهو العدوان الاسرائيلى والنكسة العسكرية. وحينئذ تغيرت الأولويات بحيث حلت متطلبات المواجهة العسكرية محل متطلبات زيادة الانتاج. وكذلك أخذت الأوضاع الاقتصادية تتهيأ لتقليص الدور المحورى للقطاع العام وتوسيع دور القطاع الخاص ، وذلك فى مواجهة مشكلات اقتصادية أخذت تتفاقم رويدا رويدا على هيئة انخفاض مضطرد فى معدلات النمو الاقتصادى.

ونظرا لعدم قدرة الاقتصاد القومى – فى ظل الظروف الجديدة – على مواجهة هذه المشكلات بآلياته “القديمة”، آليات الخطة الملزمة والدور المركزى للدولة والقطاع العام،

ونظرا للتحول في التركيبة الطبقية للسلطة بعد وفاة جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970،  والتبدل الجذري في الإيديولوجية السياسية، فإن النظام السياسي التالي، بعد 1971، في ظل الحقبة المتطاولة للسادات-مبارك، قد غير من تلك الآليات تدريجيا، واعتمد آليات أخرى مغايرة، تقوم على إعطاء دور حاكم لقوى السوق ولرأس المال الخاص. وقد تبلور هذا منذ عام 1975 – عقب حرب أكتوبر- فيما صار يسمى  سياسة “الانفتاح الاقتصادى، القاضية بتقليص الوزن النسبي للقطاع العام وتخلي الدولة تدريجيا عن وظيفتها التنموية اقتصاديا واجتماعيا، و إطلاق العنان لقوى السوق، دون ضوابط حقيقية، وتوسيع دور القطاع الخاص ليصبح القوة القائدة للاقتصاد.  وقد أدت السياسة الجديدة، والتي استمرت بشكل عام طوال أربعين عاما، خلال عهد السادات-مبارك( 1971-2010) وحتى ثورة 25 يناير 2011المباركة، إلى تصفية الإرث االتنموي الذي أوجدته ثورة يوليو وقائدها عبد الناصر، والذي قام على التصنيع والعدالة الاجتماعية. و حلت محل التجربة التنموية لثورة يوليو وعبد الناصر، تجربة قائمة على التبعية للنظام الرأسمالي العالمي، وعلى استبدال التصنيع بقطاعات مدرة للدخل السريع في بعض المجالات الخدمية، واستئثار الأقلية الاجتماعية الممثلة لشريحة من القطاع الخاص الكبير بشطر غالب من الدخل القومي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

                              الجزء الثاني

 

      تطور البنية والمنهجية التخطيطية في الوضع الراهن

 

 

 

 

 

محددات البنية المؤسسية والتنظيمية للعملية التخطيطية

 

تتمثل أهم محددات البنية التنظيمية والمؤسسية للعملية التخطيطية – فى ظروف ما بعد ثورة 25 يناير – فى استعادة روح التقدم الاقتصادى والاجتماعى، من خلال جانبين رئيسيين هما: تبنّى استراتيجية تنموية فعالة، وتنشيط الدور التنموى للدولة .

 

أولا         :  أبعاد الاستراتيجية التنموية

  • التركيز على تطوير القطاعات ذات الإنتاجية المرتفعة فى المدى الطويل ، وفى مقدمتها الصناعة التحويلية والزراعة والخدمات القائمة على العلم والتكنولوجيا، مقابل ما كان يسمى ” بالقطاعات النشيطة” قبل ثورة 25 يناير وخاصة قطاعى الإسكان والإتصالات.
  • تحقيق درجة عالية نسبياً من الاعتماد على الذات صناعيا وزراعيا وخدميا، بما يستلزمه ذلك من استقلالية نسبية تجاه العالم الخارجى، فى مجالات التجارة الخارجية والتمويل والإقراض والاستثمار ونقل التكنولوجيا، مع دعم مسيرة التكامل الاقتصادى العربى .
  • مراعاة تحقيق درجة أعلى من العدل التوزيعى ، انطلاقا من إعادة النظر فى توزيع الثروة والدخل القومى، بما يستلزمه ذلك من إعادة النظر فى سياسات الأجور والأسعار والإنتاجية ، والسياسات المالية والنقدية ، والتعليم والصحة ، والسياسات المؤثرة على توزيع أصول الثروة المنتجة.

 

وفيما يتعلق بالنقطة الأولى، فإننا نركز هنا على التحول الهيكلي، من زاوية الوزن النسبي للصناعة التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي.

ويتجلى التباطؤ فى وتيرة التغير للوزن النسبى للصناعة التحويلية من البيانات المأخوذة من مصادر محلية ودولية على السواء . إذ تشير البيانات المستقاه من (وزارة التخطيط) المصرية حول الهيكل القطاعى للناتج المحلى الاجمالى إلى أن الوزن النسبى للصناعة التحويلية لم يتجاوز 12.7% فى عام 1981-82 ، وخلال ربع قرن تقريبا لم يصل ذلك الوزن النسبى إلى أكثر من 17.2% (فى عام 2006/2007) (1) ثم انخفض إلى 16.8% فى عام 2009/2010 (2).

ووفقا لبعض المعطيات البحثية فإن النسبة الأخيرة ظلت تراوح بصفة مستمرة تقريبا خلال النقاط الزمنية المختلفة لمدة عقدين (1975-1995) وزادت بأقل من نقطتين مئويتين عام 2000 (19.35%) لتنخفض مرة أخرى إلى 18.93 فى عام 2000 (3) ، أما طبقا لبيانات منظمة التجارة العالمية فإن النصيب النسبى للصناعة (الصناعة التحويلية بالمعنى المحدد + التعدين) مع استبعاد البترول ومنتجاته – قد انخفض من 19.5% فى عام 1998/99 إلى 18.4% عام 2003/2004 (4) .

وفي المقابل، اهتم صانع السياسة الاقتصادية قبل ثورة 25 يناير بما سمي بالقطاعات النشيطة، والتي لا تحقق التحول الهيكلي المرجو للاقتصاد المصري، وفي مقدمتها القطاع المسمى بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقطاع البناء والتشييد. وفي حين لم يتجاوز معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 4.7 % في عام 2008/2009، فقد حقق قطاع الاتصالات أعلى معدل للنمو بين القطاعات الفرعية المولدة للناتج ( %14.1)  ، وفــي

 

 

عام 2009 /2010 بلغ معدل النمو للناتج المحلي الإجمالي % 5.1، وحقق قطاع الاتصالات معدلا للنمو بنسبة 13 %  ليحل ثانيا بعد قطاع البناء والتشييد([2]).

 

 

أما فيما يتعلق بالنقطة الثانية، فنركز على اختلال هيكل التجارة الخارجية.

ويلاحظ هنا أن الخلل والتقهقر الهيكلى للناتج المحلى الاجمالى، من وجهة نظر الصناعة التحويلية ،  قد انعكس بوضوح على التجارة الخارجية السلعية المصرية.

وفى سلسلة زمنية أوردتها ” منظمة التجارة العالمية” عن مصر ، ممتدة لنحو عشر سنوات (1995-2003) وجدنا أن حصة المنتجات المصنعة قد بلغت 40.3% من اجمالى الصادرات السلعية عام 1995 – وهى أعلى قيمة مسجلة خلال الفترة ، وقد انخفضت بشكل مضطرد تقريبا لتصل إلى 30.5% عام 2003 (2) .

ويلاحظ هنا أن النصيب النسبى للواردات من المنتجات المصنعة من اجمالى الواردات السلعية كان يمثل ذروة عالية فى بداية فترة المقدمة (عام 1995) حيث بلغ 60.6%، وظل ينخفض بشكل مضطرد ولكنه لم يقل عن 48.4% عام 2003 أى حوالـــى النصف من الواردات السلعية (3).  وتعود زيادة الأهمية النسبية لواردات المنتجات المصنعة إلى حد بعيد إلى انخفاض الأهمية النسبية للقطاع التحويلى فى الناتج المحلى ، فما لا يجرى إنتاجه لسد الاحتياجات المحلية يتم استيراده ، وخاصة من فرعىْ السلع الوسيطة والسلع الرأسمالية .

وبتفحص الهيكل السلعي التفصيلي للصادرات الصناعية نجد أن منتجات الحديد والصلب تمثل 20%  تقريبا من الصادرات الصناعية . ومنتجات الحديد والصلب موجهة أساساً للبناء والتشييد إذ تشتمل على (قضبان وأسياخ .. ومنتجات مسـطحة مدرفلة من الصلب ..) على

حد تعبير تقرير لمنظمة التجارة العالمية (1). وتشكل صادرات الأسمنت نحو 10%من الصادرات المصنعة ، مقابل أقل من 15% للمنسوجات ؛ لتمثل منتجات الحديد والأسمنت والنسيج حوالي 45% من إجمالى صادرات الصناعية التحويلية .

وتعكس هذه الصادرات ذات الأهمية النسبية المرتفعة، بشكل عام أوزاناً نسبية مقابلة مرتفعة في هيكل الإنتاج الصناعي، والذي هو هيكل مختل أصلاً، لغياب الأهمية المسيطرة لصناعات السلع الإنتاجية، وخاصة منها السلع الرأسمالية،كقطاع فرعي ديناميكي مؤثر في الأجل الطويل.

 

أما عن واردات السلع المصنعة فإنها تمثل 48.4% من اجمالى الصادرات (قرابة النصف ) وهذه النسبة مرتفعة، بما يعكس حساسية الاقتصاد المصرى للصادرات المصنعة من أجل تسيير دولابه الانتاجي في كافة القطاعات، بما فيها القطاع الصناعي نفسه. وفيما يتعلق الهيكل التفصيلي لهذه الواردات (2) فإن واردات الحديد والصلب تعود فتمثل 8% من إجمالى الواردات المصنعة .

وتمثل المنتجات الكيماوية ( بما فيها الأدوية ) 25% من اجمالى واردات السلع المصنعة . وتمثل فئة ( الآلات ومعدات النقل ) نحو 40% من اجمالى واردات الصناعة التحويلية، وهى اكبر فئات الواردات الصناعية على الإطلاق. و يلاحظ أن الواردات من المنسوجات تمثل نحو 4% من واردات المصنوعات .

 

وتعكس القيم المرتفعة للأهمية النسبية للفروع الصناعية السابقة عدة حقائق:

  • ارتفاع الكثافة الاستيرادية للصادرات المصنّعة، وخاصة الحديد والصلب ، والكيماويات .. بل والمنسوجات المصدرة أيضا بمقتضى الاتفاقية المعروفة بـ (الكويز ) بين مصر وأمريكا وإسرائيل، والتى تشترط استيفاء نسبة معينة من المكونات المستوردة من ( إسرائيل ).
  • ارتفاع متطلبات صناعة تجميع السيارات ومعدات النقل عموماً من الأجزاء والمكونات المستوردة ، حيث تمثل واردات (منتجات السيارات )، و( معدات النقل الأخرى ) نحو 8% من الصادرات المصنعة.
  • غياب ( الآلات والمعدات الانتاجية ) بصورة مؤثرة من خارطة هيكل الانتاج السلعي الصناعي .

 

وفي دراسة حديثة لمعهد التخطيط القومى (1) تبين حدوث تغير نسبي في هيكل الصادرات المصنعة، بارتفاع صادرات الصناعات المعدنية الأساسية ( ويقصد بها أساساً منتجات الحديد والصلب ) في عام 2007 لتمثل 1180 مليون دولار من اجمالى صادرات السلع المصنعة البالغ قيمتها 3579 مليون دولار ، أى قرابة الثلث.   وفي المقابل ، بلغت واردات نفس المجموعة ( الصناعات المعدنية الأساسية ) في نفس العام (2007) هو 2284 مليون دولار. وفضلاً عما يمثله الرقم المرتفع لقيم الواردات هذه ، فإن ورادات المعادن الأساسية (الحديد والصلب أساساً) والتى تصل الى ضعف قيمة الصادرات تقريباً تمثل نحو 15% من اجمالى قيمة الواردات الصناعية.

والمجموعة التالية في الصادرات – بعد المعادن الأساسية- في عام 2007 ، من حيث الترتيب التنازلي للقيمة النقدية، هي الصناعات الكيماوية (819 مليون دولار )، كما أن المجموعة ذات الترتيب الثاني في الواردات هي ( منتجات الصناعات الكيماوية ) بقيمة 1650 مليون دولار . وأما واردات  مجموعة (آلات وأجهزة كهربائية) فبلغت قيمتها 3927 مليون دولار ، و مجموعة (معدات النقل) بقيمة 1147 مليون دولار. وهكذا فإن (الآلات ومعدات النقل) تغيب تقريبا عن الصادرات ، في حين تحضر بقوة في هيكل الاستيراد.

ولاشك أن ارتفاع فاتورة الواردات من ( الآلات ومعدات النقل ) في غيبة مشروع وطنى لتصنيع الآلات والمعدات الانتاجية، و (انقراض) مشروع “تصنيع سيارة مصرية”، يفسر جانب مهماً من العجز التجارى المزمن للاقتصاد المصرى .. مع ملاحظة أن الواردات من السلع المصنعة يبلغ اجماليها في عام 2007  نحو 13878  مليون دولار لتمثل نحو 80% من الواردات الكلية البالغة قيمتها في نفس العام 16176 مليون دولار .

أما عن النقطة الثالثة، المتعلقة باختلال الهيكل التوزيعي، فسوف نقتصر على  النصيب النسبي للأجور من الناتج المحلي الإجمالي، عبر الزمن .  فقد كان هذا النصيب يبلغ ما يقرب من نصف الناتج  المحلي الإجمالي خلال مرحلة التحول الثوري، التنموي-التخطيطي (من نهاية الخمسينات إلى نهاية الستينات)   % 46.4 كمتوسط لفترة 59 /1964) و%48.2 كمتوسط لفترة 65 /1969 ، أما بعد انتهاج سياسات (الانفتاح الاقتصادي) خلال العقود الأربعة الأخيرة، فقد انخفض ذلك النصيب النسبي إلى ما يتراوح بين25.9 %  كمتوسط لفترة 75) -1979) و30  % كمتوسط لفترة([3])1999-98 .  و لا يبدو أن النصيب المذكور قد تغير كثيرا خلال العقد الأخير.

 

ثانيا    :  استعادة دور الدولة التنموى ، اقتصاديا واجتماعيا ، من خلال :

  • تعزيز الرقابة العامة على القمم العليا للاقتصاد، فى قطاعات الصناعة والتجارة والمال، ويستلزم ذلك إعادة النظر فى (الخصخصة) ، وتعزيز دور القطاع العام وربما توسيعه .
  • التأكيد على المنهجية التخطيطية .
  • تأكيد دور سياسات الإنفاق العام فى تحقيق التنمية الاقتصادية والعدل الاجتماعي .

 

وفيما يتعلق بالنقطة الأولى،  والتي أثرت على النقطتين الثانية والثالثة إلى حد بعيد، فإننا نسوق- بطريقة “المقابلة”- بعض ما جرى خلال العقود الثلاثة أو الأربعة الأخيرة، السابقة على ثورة 25 يناير، فيما يتصل بالدور المقارن للقطاعين العام والخاص، لاسيما ما يتصل بطريقة التعامل مع القطاع الخاص، وبقضية “الخصخصة”.

ويلاحظ في هذا المقام أن التجربة المصرية فى التعامل مع القطاع الخاص وإشراكه فى العملية الاقتصادية، تجربة غنية بالدروس المستفادة. فلقد تم تطبيق ما سمى بالانفتاح الاقتصادى منذ منتصف السبعينات، عقب حرب أكتوبر 1973 بالذات، على قاعدتين أساسيتين:

  • التخلى عن الدور القيادى لدولة فى الفضاء الاقتصادى- الاجتماعى.
  • تصفية الدور القيادى للقطاع العام فى المجال الإنتاجى: السلعى والخدمى معا، لصالح القطاع الخاص.

 

واعتبارا من منتصف السبعينات وحتى مطلع التسعينات، تم إدخال القطاع الخاص الكبير، المحلى والأجنبى، طرفا إجباريا فى (المشاركة) فى رأس المال لشركات القطاع العام،  ومن ثم تحويلها تدريجيا إلى شركات للقطاع الخاص.

 

ومنذ مطلع التسعينات، وخاصة منذ اتفاق الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولى على برنامج “التثبيت” فى مايو 1991 وحتى 2003 تقريبا، تم إطلاق العنان للتخلص من الجسم الرئيسي للقطاع العام تحت مسمى(الخصخصة) بأشكال متعددة أهمها:

  • بيع الشركات لمستثمر رئيسى.
  • بيع الشركات من خلال البورصة.
  • بيع الشركات كليا أو جزئيا لما يسمى (اتحاد العاملين المساهمين).
  • تصفية الشركات وبيعها كوحدات إنتاجية أو “أصول”.
  • عقود التأجير، كشكل لخصخصة الإدارة مع الإبقاء على كافة الأصول للدولة، فى حال عدم التمكن من بيع الشركات المعنية.

واعتبارا من عام 1991 – تاريخ اتفاق التثبيت وإصدار قانون قطاع الأعمال معا، توقفت الدولة عن ضخ استثمارات جديدة فى القطاع العام، بل وتوقفت استثمارات الإحلال والتجديد، فى مسعى لإجبار شركات القطاع العام على(الرحيل). وقد بلغ اجمالى عدد الشركات التى تم التعامل معها فى إطار (برنامج الخصخصة حتى 30/6/2003 نحو 194 شركة([4]).

 

واعتبارا من عام 2004 حدث تباطؤ فى وتيرة (الخصخصة) لأسباب متنوعة، من بينها عدم جاذبية ما تبقى من شركات تحت مظلة (قانون قطاع الأعمال العام) القانون رقم 203 لسنة 1991، من وجهة نظر القطاع الخاص الكبير، المحلى والأجنبى، بالإضافة إلى رفض الرأى العام الشعبى فى مصر لخصخصة بعض الشركات ذات الطابع(الاستراتيجى) أو تلك التى تحولت من شركات خاسرة إلى شركات رابحة عبر الزمن.

 

وبعد ثورة 25 يناير مباشرة، أصبح عدد الشركات التى تعمل فى إطار (قطاع الأعمال العام) 147 شركة، تتبع 9(شركات قابضة) تعتبر- على حد تعبير القائم بأعمال وزير قطاع الأعمال العام (شركات استراتيجية هامة وقوية مثل شركة السكر والصناعات الغذائية، ومجمع الألومنيوم، وشركة الحديد والصلب- وجميعها شركات تتمتع بوضع مالى جيد، عدا الشركة القابضة للغزل والنسيج، التى هى مثقلة بالمشاكل ولا تحقق فوائض مالية ولا تستطيع سداد أجور العاملين)([5]).

 

وهكذا فإن الاقتصاد المصرى شهد خلال حقبة الانفتاح الاقتصادى المتطاولة (1971- 2011) تحولا هيكليا جوهريا ثم بمقتضاه تصفية الإرث الاقتصادى – الاجتماعى لثورة 23 يوليو، لصالح القطاع الخاص الكبير واقتصاد السوق، المسمى، وحتى بعد ثورة 25 يناير، بالاقتصاد الحر.

 

 

وقد تحقق هذا التحول الهيكلى -“سلبى الطابع” بصفة أساسية، بمعيار التطور التاريخى- بالوسيلتين الآتيين:

  • الخصخصة، وفق ما أشرنا.
  • ما يسمى تشجيع رأس المال، المحلى والأجنبى، عبر إطار تشريعى وتنظيمى متحول متقلب، عبر العقود الأربعة الأخيرة، وآخر أشكال هذا الإطار(قانون تنظيم مشاركة القطاع الخاص) رقم 67 لسنة 2010. فماذا كانت الحصيلة…..؟

 

من حيث الظاهر، فإن القطاع الخاص حقق نموا منتظما وكبيرا فى نصيبه من الاستثمار الكلى.

ووفقا للتقرير الاقتصادى الدورى لمعهد التخطيط القومى بالقاهرة لعام 2008/2009 فإن فترة 2000/2001 – 2008/2009 شهدت تنفيذ استثمارات كلية تجاوزت قيمتها الكلية حاجز التريليون جنيه، بلغ نصيب القطاع الخاص منها أكثر من 56%.

 

ولكن أين ذهبت استثمارات القطاع الخاص…؟ يذكر التقرير المشار إليه ما يلى:

( إن النصيب النسبى لاستثمارات القطاع الخاص أكبر وأسرع نموا فى القطاعات والأنشطة عالية الربحية ومنخفضة المخاطر نسبيا. ولم يقل المتوسط السنوى للنصيب النسبى للاستثمار الخاص فى الأنشطة العقارية عن 8.94%، و 9.79% فى استثمارات الغاز الطبيعى، وحوالى 74% فى قطاع التشييد والبناء، كما بلغ 7.84% فى قطاع الاتصالات فى عام 2008/2009، بالإضافة إلى سيطرة الاستثمارات الخاصة على 5.94% من الاستثمار الكلى فى قطاع تجارة الجملة والتجزئة، و 9.87% من الاستثمار الكلى فى قطاع (المطاعم والفنادق). وفى المقابل، لم يتعد نصيب القطاع الخاص من الاستثمار الزراعي فى عام 2008/2009 نحو 60%، ولم يتجاوز 75% فى “الصناعات التحويلية” ذات الهيكل المختل أصلا لصالح الصناعات الاستهلاكية وعلى حساب صناعات السلع الاستثمارية، سواء منها السلع الوسيطة أو السلع الرأسمالية من الآلات والمعدات الإنتاجية([6])

 

ونخلص مما سبق إلى أن الدور القيادى للقطاع الخاص فى الاستثمار حتى ثورة 2011، كان يؤكد الطبيعة المحددة للاقتصاد المصرى كاقتصاد قائم على القطاعات ذات الربحية التجارية المرتفعة، وخاصة العقارات والاتصالات، بينما تم إهمال القطاعات ذات العائد الاقتصادى – الاجتماعى الكلى المرتفع، وذات المردودية التنموية بالمعايير العالمية، وهى الصناعات التحويلية الوسيطة والرأسمالية، والزراعة، والخدمات مرتفعة المكون العلمي-التكنولوجي.

وهكذا تعطلت المسيرة التنموية لمصر فى الإطار الإقليمى والعالمى عبر أربعين عاما(1971- 2011) ارتكازا إلى فلسفة اقتصادية قائمة على مقولات من قبيل(اقتصاد السوق) و(الاقتصاد الحر)، فى إطار من هيمنة رأس المال الخاص، وآلية قوى السوق الطليقة، بينما أهمل الدول القيادي للدولة “التنموية”، والقطاع العام المنتج، والقطاع التعاوني، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة جميعا.

 

 

 

 

انعكاسات المحددات التنموية على نمط  إدارة الاقتصاد الوطني والبنية المؤسسية للتخطيط في المرحلة القادمة

تتمثل الانعكاسات الأساسية للمحددات التنموية سابقة الذكر ( وأهمها: تبنّي استراتيجية تنموية، واستعادة الدور التنموي للدولة) في ضرورة اتخاذ المداخل التالية لآلية إدارة الاقتصاد الوطني من الزاوية التخطيطية- المؤسسية:

أولا     :  تبنى منهجية التخطيط وفق أسلوب تدريجى يراعى الطابع المختلط لملكية وسائل الإنتاج فى الوقت الراهن ، وتداعيات الأخذ بسياسات (الانفتاح الاقتصادي) خلال العقود الأربعة الأخيرة بما تضمنه ذلك من وهن فى دور الدولة ومن استبعاد للعملية التخطيطية الجادة .

ويتطلب هذا المدخل إعادة تبنّي و تطوير المنهجية التخطيطية، بالتلازم والتزامن مع التطور المتوقع فى هياكل الملكية والتوزيع فى الاقتصاد المصري، باتجاه توسيع وتعميق الوظيفة الاقتصادية والاجتماعية للدولة وقطاعها العام الاستراتيجي، جنبا إلى جنب العمل على تحقيق العدل الاجتماعي.

وفيما يتعلق بالأجل المتوسط (من 3إلى 5 سنوات) فإنه من الممكن القول إن هيكل الاقتصاد من حيث نمط الملكية سوف تتقاسمه عدة قطاعات:

أ- القطاع الخاص، والذي أخذ يلعب الدور الرئيسي في الاقتصاد القومي، خلال الثلاثين أو الأربعين عاما الماضية، حيث ارتفع نصيبه من الناتج المحلي الإجمالي من 53% عام 82/8119 إلى 62% عام 2006/2007([7]). ويرتبط ارتفاع نصيب القطاع الخاص، على النحو المذكور، بالخلل الهيكلي العميق للاقتصاد، والذي أشرنا إليه سابقا، وبإطلاق العنان لقوى السوق، و الاستبعاد المنهجي للدور المفترض للتخطيط كأداة رئيسية لإدارة وتشغيل الاقتصاد القومي. وكان القطاع الخاص تقوده “الشريحة العليا من القطاع الخاص الكبير” بقيادة حفنة من “رجال الأعمال” في سياق التزاوج بين المال والسلطة في مجتمع ما قبل ثورة يناير.

ب- القطاع العام ( ومعه القطاع الحكومي وما يسمى بقطاع الأعمال العام) حيث يقدم نحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي. ويرتبط الانخفاض المقارن لدور القطاع العام بتضاؤل الوظيفة التنموية للدولة.

ج- القطاع التعاوني. وقد تضاءل دور التعاونيات الإنتاجية بالذات، خلال العقود الأخيرة، ارتباطا بتدهور دور “المجتمع المدني” عموما، علما بأن الاقتصاد المصري، تقليديا، لا يعرف أسلوب “الملكية التعاونية”، وهو ما يجب تداركه، سعيا إلى بناء قطاع تعاوني حقيقي، يجمع شمل قطاع عريض من ذوي الملكيات الصغرى والقزمية في مجالات الزراعة والصناعة الصغيرة الحرف والتجارة والخدمات الأخرى.. وبحيث يقف القطاع التعاوني، جنبا إلى جنب، مع القطاع العام والقطاع الخاص بشرائحه المنتجة، صغيرة الحجم كانت أو متوسطة أو كبيرة.

 

وفي مثل هذه التشكيلة متعددة القطاعات للاقتصاد المصري، في الفترة الانتقالية القادمة، على المدى المتوسط، يلزم أن تنهض منظومة تخطيطية موازية، على أساس التنوع في أسلوب التنظيم المؤسسي والتوجيه والإدارة.

 

وفي مرحلة سابقة، قبل أن يجتاح “التلوث الفكري”، اجتياحا تاما، أوساط شريحة من النخبة العاملة في مجال التخطيط، ضمن أجواء “الفساد المعمم” التي سادت السنوات السابقة على تفجر ثورة 25 يناير؛ قام معهد التخطيط القومي، قبل عشرين عاما تقريبا، من خلال برنامجه البحثي عام 1992، باقتراح منظومة تخطيطية متنوعة الأشكال، وإن كان يشوبها قدر من الغموض وربما توحي في بعض المواضع بشبهة “التلفيق” أو التوفيق المستعصي بين متعارضات، بدون حسم الخيار التنموي والتخطيطي بصورة ناصعة وقاطعة. وجرى الاقتراح على النحو التالي:

[ إن قطاع الخدمات الحكومية سوف يتناسب معه النموذج السيادي للتخطيط… وهذه الخاصية بطبيعتها تقتضي مركزية القرارات… أما القطاع الخاص فإن جوهر إدارته في إطار الخطة القومية سوف يعتمد على النموذج التأشيري الذي يعتمد على الاستفادة من المؤشرات التي قدمه له الجهاز التخطيطي… أما قطاع الأعمال المملوك للدولة (بعد إتمام سياسة الخصخصة) فإن جوهر إدارته في إطار الخطة القومية يجب أن يعتمد على النموذج التنافسي، حيث يحق لكل وحدة من الوحدات الإنتاجية أن تتخذ القرارات الإنتاجية والاستثمارية المرتبطة بها… وخلاصة القول إن الصياغة الجديدة للمنهج التخطيطي لإدارة الاقتصاد القومي في مصر لا بد أن تضمن التكامل والتنسيق الكامل بين النماذج الثلاثة: السيادي والتأشيري والتنافسي…]([8]).

 

ثانيا  :  تبنى الاتجاه التاريخى – فى الأجل المتوسط والطويل – نحو الأخذ بالتخطيط القومي الشامل ، بما يعينه ذلك من :

1- الطابع الوطني العام للتخطيط الذى يستوعب قطاعات الناتج المحلى الإجمالى والعلاقات الاقتصادية الخارجية ، والأقاليم الفرعية للدولة ، وكافة المتغيرات الاقتصادية الأساسية .

فأما استيعاب قطاعات الناتج، فإنه ينصرف إلى ضرورة شمول التخطيط لكل من القطاعات السلعية والخدمية، على اختلافها. ونشير بصفة خاصة إلى استعادة نهج التخطيط الزراعي والتخطيط الصناعي،  وتخطيط التجارة الخارجية، والتخطيط التعليمي والصحي، بالأساليب المناسبة، لما لذلك كله من أهمية في سياق الأولويات التنموية.  وفيما يتصل بالقطاع الصناعي التحويلي، فإن من المهم نزول الحسابات التخطيطية إلى مستوى القطاعات الفرعية، بغرض إيلاء أهمية خاصة لإعادة بناء القطاعات المنتجة للسلع الإنتاجية أو الاستثمارية، من مستلزمات الإنتاج الوسيطة و سلع رأس المال Capital Goods وخاصة “الآلات والمعدات الإنتاجية”.  و ينبغي أن يتم في هذا السياق، توزيع المهام بين كل من القطاع العام والخاص والتعاوني، باستخدام منظومة من الحوافز الإيجابية والسلبية، وخاصة بأدوات السياسة المالية والنقدية، بما في ذلك توفير الائتمان بأسعار فائدة تفاضلية لفائدة القطاعات المرغوبة من وجهة نظر التنمية المخططة، على نحو ما فعلت كوريا الجنوبية في مرحلة الانطلاقة التنموية في أواخر السبعينات و عقد الثمانينات من القرن المنصرم.      أما في قطاع الإنتاج الزراعي والريفي، النباتي والحيواني، فإنه يجب، مثلا، إعطاء أهمية خاصة لتطوير الناتج والإنتاجية في المحاصيل الغذائية، وفي مقدمتها القمح، والزيوت النباتية، واللحوم الحمراء والبيضاء.

أما عن التخطيط التعليمي والصحي، فلدى معهد التخطيط القومي (من خلال “مركز التخطيط الاجتماعي والثقافي” سابقا) تراث جد غنيّ من التقاليد العلمية والعملية والنواتج البحثية، والتي يحسن العودة إليها والاستفادة من المنطق الكامن وراءها،  من أجل المساعدة الفاعلة في اقتراح سبل التطوير المنشود للمنظومة التخطيطية.

هذا عن شمول التخطيط الوطني للقطاعات المختلفة للناتج المحلي الإجمالي.  أما عن شمول التخطيط للأقاليم المختلفة في الدولة، فإنه يجب العمل على مستوى بناء (أقاليم تخطيطية) تجمع شتات الجهود المركزية واللامركزية، وليس مجرد العمل من خلال الأقاليم الإدارية القائمة؛ وذلك بما يحقق الفائدة المرجوة من استعادة الدور الفاعل للدولة التنموية-المركزية بطبيعة الحال- وخاصة في مرحلة الانتقال القادمة، ومن استعادة زخم (المحليات) مع إعادة بناء مستوياتها الشعبية والتنفيذية، بعد ما حل بها خلال المرحلة السابقة على ثورة 25 يناير، بفعل آليات “تعميم الفساد” ضمن النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي السابق.

وأما عن شمول التخطيط لمختلف المتغيرات الاقتصادية الإجمالية، فإننا نشير بصفة خاصة إلى أهمية “تخطيط العمالة”، بما في ذلك: توجيه نسق التشغيل، لحل مشكلة البطالة المتفاقمة، والتي كان وقودها خلال العقود الأخيرة، هم الشريحة الشابة من الهيكل الديموغرافي، والمتعلمة بالذات، ذكورا وإناثا.   و لعله من نافلة القول، في هذا السياق، أن الشباب المتعلم، والمتعطل، ذكورا وإناثا، كانوا، ولم يزالوا، هم القوة المحركة لثورة 25 يناير، عبر “ميادين التحرير” في محافظات الجمهورية، وعبر المواقع الافتراضية للتواصل الاجتماعي، كما هو معروف.

ونشير أيضا إلى أهمية التخطيط للمنظومة المثلثة: “الأجور والأسعار والإنتاجية”، في علاقاتها الارتباطية المتبادلة، وعناصرها الفرعية الثلاثة: الأجور- الأسعار- الإنتاجية، بما يحقق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والاستقرار السياسي.

وبذلك كله، يستمد التخطيط صفته من حيث الشمول، من ترابط الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية أيضا.

 

2- امتداد مظلة التوجه الشامل للتخطيط، فى مقابل “التخطيط الجزئى”.

ويقول د.محمد محمود الإمام،  بهذا الصدد، في أحد أعماله البحثية بمعهد التخطيط القومي، منذ 43 عاما، ما يأتي: [ إن التخطيط الشامل هو المخرج الأساسي من حلقة التخلف، غير أن الأخذ به يتطلب جهودا ضخمة واستعدادا كبيرا قلما تتوفر وسائل نجاحه كمباشرة عند الدول النامية، ولذلك فقد تجد هذه الدول نفسها مضطرة إلى الأخذ ببعض الأساليب البديلة ولو لفترة محدودة، وفقا لإمكانياتها. فهي قد تولي اهتمامها لبعض المشروعات الرئيسية أو بعض القطاعات الاقتصادية، او بعض المناطق..كتقدمة للتخطيط الشامل…]([9]).

ولما كانت مصر قد راكمت خبرات واسعة في مجال التخطيط بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952،  وخاصة خلال ” مرحلة التأسيس” في الخمسينات والستينات من القرن المنصرم، فقد أشار د.الإمام إلى أن التجربة المصرية قد شهدت بالفعل تطبيق أسلوب التخطيط الجزئي، قبل الولوج إلى الخطة القومية الشاملة (1960-1961/1964-1965).  فقد وضعت مصر الثورة ( برامج المشروعات الرئيسية) من خلال مجلسين: أحدهما للإنتاج، والآخر للخدمات، أنشئا في السنة الأولى لقيام الثورة وتمخض كل منهما عن عدد من المشروعات التي بدىء مباشرة في تنفيذ بعضها- (ودع عنك مشروع “السد العالي”). كما أخذت مصر بالتخطيط القطاعي في النصف الثاني من الخمسينات، كمقدمة للتخطيط الشامل؛ ومن هذا القبيل: الخطة التي وضعتها وزارة الزراعة للقطاع الزراعي عام 1956، ثم برنامج التصنيع الأول الذي بدأ في سنة 1957 بعد إنشاء وزارة مستقلة للصناعة.  كما طبقت مصر أسلوب التخطيط الإقليمي بغرض تنمية مناطق بعينها، ومن الأمثلة على هذا النوع من البرامج التخطيطية، برنامج “مديرية التحرير”الذي سعى إلى خلق منطقة زراعية جديدة وسط الصحراء ( ثم مشروع “الوادي الجديد” ) وبرنامج تطوير منطقة أسوان، صناعيا وعمرانيا، خلال الخمسينات، عقب البدء في مشروع السد العالي.

وعلى ذلك، فليس المطروح الآن، أن تعود مصر إلى برامج التخطيط الجزئي، بعد أن كونت موارد بشرية هائلة، وابتنت قواعد بيانات ومعلومات كبيرة، وتوفرت لديها أسس ومقومات التخطيط القومي الشامل، في حال توفر الإرادة السياسية الحقيقية.

 

3- العمل على تطبيق منهج (مركزى – ديمقراطى) للعملية التخطيطية بحيث تجمع بين دور فاعل للدولة على المستوى المركزى للجهاز التخطيطى فيما يتعلق بالتخطيط للأبعاد الكلية ، وترك أوسع هامش ممكن للحرية فى اتخاذ القرارات التخطيطية اللازمة على المستويات الأخرى (الوزارات والمحليات والمشروعات).

وكما يقول د.عمرو محيي الدين، فإن من أهم مباديء بناء الخطة القومية الشاملة، مبدأ “مركزية التخطيط ولا مركزية التنفيذ” :  [.. و يشار إلى هذا المبدأ أحيانا بمبدأ المركزية الديمقراطية… وتعني مركزية التخطيط هنا أن يقوم الجهاز المركزي للتخطيط باتخاذ القرارات الأساسية في وضع الخطة…أما فيما يتعلق بالتنفيذ فيترك مجال كبير للوحدات الإنتاجية، ويتسع نطاق الحرية الممنوحة لها في التصرف. ولا يعني هذا المبدأ عدم اشتراك الوحدات الإنتاجية في صياغة واتخاذ القرار الإنتاجي، إلا أن سلطة اتخاذ القرار النهائي تكمن في يد السلطة المركزية للتخطيط….وبعد أن ينمو المجتمع ويتوسع ويزداد عدد الوحدات الإنتاجية وتكبر وتتعقد الحياة الاقتصادية، وتزداد درجة تنوع الاقتصاد القومي، فإن حجم القرارات التي يتم اتخاذها مركزيا يجب أن يقل، حتى لا تمثل المركزية الزائدة عائقا أمام التنفيذ الأمثل للخطة القومية ]([10]).

ويمكن القول إن الطابع المركزي للتخطيط يعكس حقيقة مهمة من حقائق العملية التخطيطية، وهي تتعلق بالدور الأساسي، وربما المسيطر، للدولة –أو السلطة العامة، وربما الحكومة- في سياق وضع الخطة القومية الشاملة والإشراف على تنفيذها ومتابعة التنفيذ، ولو من باب تعبئة الفائض الاقتصادي، كما أشار بول باران في كتابه العتيد (الاقتصاد السياسي للنمو)([11]).  وهذا ما أشار إليه (يان تنبرجن) –الحائز على جائزة نوبل في علم الاقتصاد، وأحد زائري “معهد التخطيط القومي” بالقاهرة في الستينات بدعوة من إبراهيم حلمي عبد الرحمن- حيث يقول في مفتتح كتابه المعنون (التخطيط المركزي) والذي ترجمه جلال أمين عام 1967:

[ تتناول هذه الدراسة بالبحث عملية التخطيط الاقتصادي المركزي،

وبعبارة أخرى: التخطيط الاقتصادي عن طريق الحكومة…] ([12])

غير أنه، وكما قال شارل بتلهايم في كتابه (التخطيط والتنمية) والذي ترجمه إسماعيل صبري عبد الله، عام 1966، عن مشكلة “المركزية واللامركزية” : [ فيما يتعلق بالقطاع المؤمم والتابع مباشرة للسلطة المركزية، يكون من المستحيل كقاعدة عامة، وفي المستوى الحالي لنمو قوى الإنتاج، أن يصدر المستوى المركزي كل القرارات التي يتعين اتخاذها في مستوى وحدات الإنتاج التي يتكون منها قطاع الدولة…فتكليف السلطة المركزية باتخاذ عدد أضخم مما ينبغي من القرارات يجعلها عاجزة عن اتخاذ قرارات جادة و ناضجة تستند إلى القدر الكافي من المعلومات ]([13])

 

وعلى ذلك، فإن قضية (المركزية واللامركزية) تتصل بالعلاقة بين سلطة الحكومة المركزية واختصاصات المستويات الوسيطة والمحلية ومستوي الوحدات الإنتاجية أو “المشروعات”. ويفرد بتلهايم فقرات عديدة للحديث عن توزيع المهام بين “المركز” و بين المشروعات العامة أو المؤممة في المحليات.

ولكن ما طبيعة العلاقة بين السلطة العامة المخطِّطة والقطاع الخاص..؟ هذا ما نتناوله في النقطة التالية.

 

4- المزج بين الطابع الإلزامى للتخطيط إزاء القطاع الحكومي والعام (دون الانزلاق إلى التخطيط الأوامري) وبين الطابع التأشيري إزاء القطاع الخاص.

يقول شارل بتلهايم : [ …إن التخطيط الشامل والإلزامي هو وحده التخطيط الحقيقي، ولا يمكن الأخذ به إلا في إطار هيكل اقتصادي واجتماعي معين…كما يقتضي هذا التخطيط في القطاعات التي لا تتملكها الدولة إقامة علاقات إنتاج تتفق ودرجة تطور قوى الإنتاج وتتناسب مع مقتضيات التخطيط]([14]).

ويقترب مفهوم بتلهايم هنا من احتياجات مصر التخطيطية في الفترة الانتقالية الراهنة، و المرحلة القريبة القادمة. إذ لا تناقض أو تنافر بين الطابع الإلزامي للخطة في مواجهة الوحدات المملوكة للدولة ضمن القطاع العام والحكومي، و بين الطابع التوجيهي أو الإرشادي لما يسمى “التخطيط التأشيري” إزاء القطاع الخاص، والقطاع التعاوني، إن وُجد.

هذا، وإن البعض من الرعيل الأكاديمي التالي للآباء المؤسسين للتخطيط في مصر (هؤلاء الآباء مثل إبراهيم حلمي عبد الرحمن و محمد محمود الإمام ) كان ينظر للتخطيط التأشيري بريبة نابعة من عدم اتفاق هذا النمط التخطيطي مع إلزامية التخطيط.  وتمثيلا لذلك قيل، من بين ما قيل، في وقت سبق:

[…يعتبر الإلزام صفة أساسية من صفات التخطيط المركزي الشامل، ولذا فهو يختلف جذريا عما يجري العرف على تسميته بالتخطيط التأشيري، حيث يشتمل التخطيط في هذا المفهوم الأخير على وضع مؤشرات عامة تعتبر دليل عمل وهداية للقطاع الخاص في تقريره لسياسته دون إلزامه باتباع سياسة معينة]([15]).

ولكنّا رأينا أن الفترة الانتقالية الراهنة والريبة القادمة من تطور الاقتصاد المصري سوف تشهد “تشكيلة” متنوعة من أنماط الملكية  و” أساليب الإنتاج”، مما يفرض بناء منظومة تخطيطية متنوعة المداخل ولكنها منسجمة و متجانسة،  فلا تثريب على المخطِّط التنموي إذن أن يجمع بين الطابع الإلزامي والتأشيري، في وقت واحد، باعتبارهما شقين متلازمين ومترابطين في نظام تخطيطي واحد. على أن الطابع الإلزامي لا يغلو إلى حد “التخطيط بالأوامر”، وأن الطابع التأشيري لا ينزع عن الخطة قوتها التوجيهية إزاء القطاعين الخاص والتعاوني، انطلاقا من قواعد المعلومات، و المعلمات والمؤشرات، ومنظومة الحوافز الإيجابية والسلبية([16]).

 

 

 

 

 

1 )  د0 عبد الرازق حسن ، عرض للتطور الاقتصادى للجمهورية العربية المتحدة منذ 1952 ،  المجلة المصرية للعلوم السياسية ، العدد 29 ، أغسطس 1963 .

2 )  راجع : الشركات المساهمة التى صدر قرار بتأسيسها فى الفترة من 1954 إلى 1958 ، فى نشرة البنك الصناعى ، المجلد الثالث ، العدد 2 ، 1962 .

[1] ) محمد صبحى الاتربى ، نشأة و تطور القطاع العام فى الاقتصاد المصرى ، المركز العربى للدراسات السياسية والاقتصادية ، الأهرام ، ص 73 0

 

 

1 )  صبحى الأتربى ، نشأة وتطور القطاع العام فى الاقتصاد المصرى ، مرجع سابق ، ص 78-79 0

1 )  صبحى الأتربى ، مرجع سابق ، ص 114 0

1 )  د/ عبد الرازق حسن ، عرض للتطور الاقتصادى في الجمهورية العربية المتحدة منذ 1952 ، المجلة المصرية للعلوم السياسية ، اغسطس 1963 .

1 )  أنظر وزارة الخزانة  ” جداول استخدامات وايرادات الشركات التابعة للمؤسسات للسنة المالية 1967 – 1968″ .

1 )  د. كمال احمد الجنزورى ، التخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في التجربة المصرية ، فى : دراسات في تنسيق الخطط والتكامل الاقتصادى العربى ، معهد البحوث والدراسات العربية ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، القاهرة ، 1978 ، ص  47 .

2 ) الجمهورية العربية المتحدة ، وزارة التخطيط ، متابعة وتقييم الخطة الخمسية  الاولى (60/61- 64/65) ، الجزء الأول ، متابعة وتقييم المعالم الاساسية للتنمية في الخطة الخمسية الاولى ، فبراير 1966 ، ص 55 .

3 )  المرجع السابق ، ص 94 .

1 )  أنظر : بعض الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد المصرى  من الجوانب القطاعية والنوعية والدولية ، سلسلة قضايا التخطيط والتنمية رقم (220) ، معهد التخطيط القومى ، مارس 2010 ، الفصل الثانى ، جدول رقم 1 و 13 .

2 )  وزارة التنمية الاقتصادية     www.map.gov.eg   ، نقلا عن : كريمة محمد الصغير ، مبحث تمهيدى عن وضع الاقتصاد الكلى ، ورقة خلفية للبحث الحالى ، 2011 ، ص 2 ، شكل 2 .

3 )  بعض الاختلالات الهيكلية….، مرجع سابق ، الفصل الثانى ، جدول 4 ، ص 18 .

4 )  منظمة التجارة العالمية ، جهاز مراجعة السياسات التجارية ، تقرير المراجعة الثالثة للسياسة التجارية لمصر ، جدول 1 ، ص 18.

[2] ) علا عاطف عفيفي، دور الاستثمار في البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في النهوض بالقطاع الصناعي المصري بالإشارة إلى تجربة صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، رسالة ماجستير في الاقتصاد، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2011، شكل رقم 12، ص 90. (المصدر: وزارة الدولة للتنمية الاقتصادية، تقارير المتابعة، أعداد مختلفة).

2 ) المرجع السابق ، الجدول أ – 1/1 ، ص 135 .

3)  المرجع نفسه، جدول (أ)  1/2 ، ص 136 .

1 )  المرجع نفسه ، جدول أ 1/1 لهيكل الصادرات للفترة من عام 1995 – حتى 2003 ، ص 135 .

2 ) نفس المرجع ، جدول أ 1/2 ، ص 136 .

1 )  د. مها الشال ، الاختلال الهيكلي  القطاع الصناعي في المصرى ، في : بعض الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد المصرى من الجوانب القطاعية والنوعية والعربية ، سلسلة قضايا والتخطيط والتنمية رقم 220 ، معهد التخطيط القومى ، مارس 2010 ، ص ص 28-66 ، ص 66

[3] ) د.سعد حافظ محمود، دراسة تحليلية للأجور والأسعار في مصر، مذكرة خارجية رقم 1636، معهد التخطيط القومي، فبراير 2008، جدول رقم1، ص15.

 

[4] ) د.مختار خطاب، الإصلاح الاقتصادي والخصخصة، التجربة المصرية، تقرير غير منشور لوزارة قطاع الأعمال بجمهورية مصر العربية، أكتوبر

2003.

[5] ) حديث مع “عادل الموزى” القائم بأعمال وزير قطاع الأعمال العام إلى صحيفة “الأهرام” ، القاهرة ، بتاريخ 20/6/2011، ص5.

 

[6] ) أنظر فيما سبق: معهد التخطيط القومى: الاقتصاد المصرى 2008/2009، بناء الطاقة الإنتاجية والتنمية فى مصر، القاهرة، نوفمبر 2010، ص 148، وأيضا: ص 146، 149.

[7] ) وزارة التنمية الاقتصادية، 25 عاما من التنمية، 2008.

[8] ) معهد التخطيط القومي، تطوير مناهج التخطيط وإدارة التنمية في الاقتصاد المصري في ضوء المتغيرات الدولية المعاصرة، سلسلة ” قضايا التخطيط والتنمية في مصر”، رقم 75، سبتمبر 1992، ص ص  117-118.

[9] ) د.محمد محمود الإمام، التخطيط الجزئي ودوره في التنمية، القسم الأول، مذكرة (خارجية) لمعهد التخطيط القومي، رقم 935، ديسمبر 1969، ص ص 9-22 .

وانظر أيضا:

  • د.صقر أحمد صقر، محاضرات في التخطيط القومي الشامل، مذكرة (داخلية)، معهد التخطيط القومي، رقم 300، إعادة طبع ، يناير 1980،ص ص 68- 73.
  • د. سعد حافظ محمود صدقي، التخطيط من أجل التنمية في ظل آليات السوق، مذكرة (داخلية)، معهد التخطيط القومي(بدون رقم أو تاريخ)، ص ص 48-52.

[10] ) د. عمرو محيي الدين، التخطيط الاقتصادي، دار النهضة العربية، بيروت، 1975، ص ص 36-37.

[11] )  بول أ.باران، الاقتصاد السياسي والتنمية، ترجمة أحمد فؤاد بلبع، مراجعة الدكتور حامد ربيع، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر ودار القلم، القاهرة ، 1967، ص 400.

[12] ) جان تنبرجن، التخطيط المركزي، ترجمة د. جلال أمين، مراجعة د. محمد زكي شافعي، الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، القاهرة، 1967، ص 9.

[13] )  شارل بتلهايم، التخطيط والتنمية، ترجمة د.إسماعيل صبري عبد الله، دار المعارف، القاهرة، 1967، ص. 220.

[14] ) المرجع السابق، ص 213.

[15] ) د.عمرو محيي الدين، مرجع سابق، ص 40.

[16] ) عن الجدل حول التخطيط المركزي والتخطيط التأشيري، أنظر مثلا: د.سعد حافظ محمود،  مرجع سابق، ص ص 64-69.

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول إذاعة ونشر رد «عبدالناصر» على خطاب الرئيس العراقى أحمد حسن البكر

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *