الرئيسية / تقارير وملفات / سد النهضة..الدبلوماسية لم تعد ناجعة

سد النهضة..الدبلوماسية لم تعد ناجعة

08140751365324049557633118213037

أحمد البهائي
من فينا لا يتذكر تصريح وزير الخارجية المصرية سامح شكري حين قال ” بعد طول مدة ووقت طويل لم نتوقع أن يستغرق المسار الفني هذا القدر من الوقت للتوافق على شركة فنية يجب أن تعمل بشكل محايد ولم نكن نتوقع أن يصطدم نطاق عملها بأي رؤى تصعّب المسار والاتفاق بشأنه لتوجيه الشركة في مجال عملها.. وأوضح أن هذا الأمر يؤدي إلى القلق “. ذلك عقب فشلت مفاوضات سد النضة التي انعقدت في القاهرة يومي 11 و12 نوفمبر 2017 ، حيث أعلن عدم التوصل إلى اتفاق بشأن اعتماد التقرير الاستهلالي الخاص بالدراسات الفنية للسد، والمقدم من شركة استشارية فرنسية وقد قال وقتها المتحدث باسم الخارجية المستشار أحمد أبو زيد أن ” مصر لديها خطة تحرك واضحة للتعامل مع هذا الملف، حيث تم تكليف السفارات المصرية في الخارج لشرح مسار المفاوضات والمرونة التي تعاملت بها مصر خلال الفترة الأخيرة، والتأكيد على الالتزام باتفاق إعلان المبادئ وهذه خطوة أولى لإشراك المجتمع الدولي في هذا الأمر”.وها نحن بالفعل وبعد مرور عامين على هذا التصريح  أستأنفت فيهما مصر المفاوضات مرة أخرى !! ، تعلن مصر ان المفاوضات بين مصر وإثيوبيا بشأن بناء سد النهضة على النهر النيل وصلت إلى طريق مسدود، ليؤكد لنا ان ذلك ليس كان مضيعة للوقت والجهد والمال فحسب ، بل ان هناك خلال ما تعاني منه الدبلوماسية المصرية.
الدبلوماسية ببساطة هى فن التعامل مع الحدث والمقدرة على توقع حدث المستقبل ، والإستعداد له اي كان نوعه (محليا, إقليميا, دوليا) بما تملكه من آليات التي تقوم على ” التوقع-الخبرة-التأثير” ، لتمكنك من كيفية التعامل مع ردودد الافعال المتعلقة بالحدث الفاعل .
الدبلوماسية المصرية على مستوى كل الصعد في أسوء عهودها ، تقع في أخطاء تدل على قلة الخبرة وعدم الدراية بمجريات الامور ، ما تعاني منه الدبلوماسية ليس وليد اللحظة او اليوم … بل وليد أخطاء وإهمال سنوات تراكمية ، اعتمد فيها على عناصر اغلبهم من اهل المحسوبية ، بعيدين في اختيارهم عن موهبة المهنة ، فاقدين لكاريزما المنصب ، وتنقصهم النظرة والقراءة المستقبلية ، وقلة القدرة على التعلم واكتساب الخبرات ، ففى الاونة الاخيرة اعتبر العمل في الدبلوماسية على انه وظيفة كباقي وظائف مؤسسات الدولة تحكمها كرسي الدرجات في سلم الوظيفة فقط ، مع العلم بان العمل الدبلوماسي هو في حقيقته موهبة تسبق الخبرات تقوم على الكاريزما والمهارات لها كرسي النجاحات .
وهنا نأتي الى الازمة الكبيرة المتعلقة بمشروع سد النضة ( عندما أعلنت إثيوبيا تحويل مجرى النيل الأزرق أحد الروافد الأساسية لنهر النيل ، ويأتي القدر الأكبر من مياه النيل ما نسبته 80% من إجمالي الموارد المائية لمصر من النيل الأزرق ، من أجل البدء في تشييد سد النهضة العملاق على نهر النيل )، الذي يتم تشيده لأهداف سياسية تتعلق بإضرار مصر في المقام الاول ، واوشكت اثيوبيا على الانتهاء منه ، ليبين لنا حجم ما تعانية الدبلوماسية المصرية من ترهل وشيخوخة وكبر ، وعدم القدرة على الرؤية المستقبلية ، والتأثير على الاخر ، ما يستدعي الى عملية جراحية كبيرة في كافة اركان تلك المؤسسة العريقة ، حتي يمكن ان تعود الى شبابها وسابق عهدها .
بعد ان رفضت أثيوبيا ان تكون مصر شريكا في بناء سد النهضة ، فقد كان خطأ الكبير إنضمام مصر الى ما يسمى إتفاق مبدئي بشأن سد النهضة ، وتقسيم مياه النيل بين مصر والسودان وأثيوبيا الذي عقد في مارس /آذار 2015 !!، بعيدا عن تفاصيل هذا الاتفاق وتحليل بنوده التي يعلمها الجميع ، والتي تختص بنظم وآلية تشغيل سد النهضة وآلية التعاون في هذا السد، إلا انه كان مضيعة للوقت والجهد والمال واعطي للطرف الاخر الوقت الكافي والحجة للسير في مخططه الذي اوصلنا الى هذا الموقف ، ما جعلنا نتساءل هل مصر كانت في حاجة الى اتفاقية جديدة ، واذا كان ذلك ما مصير الاتفاقيات السابقة التي تختص بتنظيم وضبط استخدام مياه النيل والتي تؤكد بأنه لا يجب المساس مطلقا بحقوق مصر الطبيعية والتارخية في مياه النيل ، بداية باتفاقية أديس ابابا 1902، واتفاقية لندن 1906، واتفاقية عام 1925، واتفاقية عام 1929،واتفاقية لندن 1934،واتفاقية نوفمبر1959.

بعد جولات مكوكية من المفاوضات ومنها 18 جولة رسمية من المفاوضات الفنية ، ضربت اثيوبيا بإعلان مبادئ سد النهضة عرض الحائط ، وفشلت الجولة الأخيرة للمفاوضات، إذاً لم يعد هناك متسع من الوقت للدبلوماسية التي اثبتت فشلها من موقف الى اخر ، الامر جد حرج يحسب بالساعات ، مازلنا نعيد ونكرر الدبلوماسية المصرية بها عطب واصابها الكبر ، ولم تعد قادرة على تحمل ملفات كتلك في الوقت الراهن ، جميع التقارير والصور تؤكد وتكشف ان اثيوبيا سوف تنتهي من بناء السد النهضة خلال فترة وجيزة ، وليس في2022 كما اعلنت عنه الذي كان للتمويه، حيث   نفذت اكثر من 70% منه ، ودشنت بالفعل عدد من التوربينات للبدء في تخزين المياه ، حيث تفوق سعته التخزينية اكثر من 90 مليار متر مكعب، وليس كما يتردد بأنها لا تتعدى الـ74 مليار متر مكعب ، فإذا أنتهت اثيوبيا من بناء السد وبدأت بتخزين المياه هذا يعني ان الامر اصبح واقع ، ويجب على مصر حماية السد ، نعم لا تتعجب اذا قلنا حماية سد النهضة ، لانه في هذه الحالة لو تعرض السد لاي عمل تخريبي او خلل او إنهيار سوف تكون الواقعة كارثية ، وسيحدث خلل للسد العالي، ويؤدي لغرق بعض المدن المصرية في الجنوب والوسط. ، وتتعرض مصر لمخاطر كبيرة ، المياه بالنسبة لنا حياة او موت، مياه النيل قضية امن قومي، اثيوبيا متعنتة ، الحقيقة اثيوبيا تعبث بالامن القومي المصري ، الامن القومي المصري في خطر، وعلى الجميع ان يعرف ان نهر النيل بالنسبة للمصريين شريان الحياة ، ولا احد يملك التفريط في نقطة واحدة من حقوقنا المكتسبة في مياه النيل ، والرجوع للمفاوضات بنفس الطريقة العقيمة لن يؤدي إلى نتيجة ، فكل ما تقوم به إثيوبيا من افعال واجراءات واقوال يبين انها تتحرك من منطق القوة ، اعتقادا منها ان مصر في مركز ضعف لا يمكنها من المواجهة ، ولذا نطالب بخلق عامل ضغط قوي لمواجهة هذا التعنت والاستهتار بمكانة مصر، ليثبث ان مصر مازالت قوية ومؤترة ، المسألة أكبر بكثير من كون أثيوبيا تبني سدا.. الخطورة ليس في وجود سد في أثيوبيا فقط ، ولكن الأخطر في حالة السماح بتمام بناء السد بهذه الطريقة التي تريدها اثيوبيا ، ان نصل الى عدم السيطرة على مياه نهر النيل شريان الحياة لمصر ، ولم تصل نقطة مياه واحدة الينا، هنا ستتبخر أحلامنا في التنمية الزراعية و الصناعية و الإقتصادية ، وتصبح الحياة كلها في مصر مهددة ، ولا نبالغ اذا قلنا ان يأتي من يقول يوما هنا كانت مصر ، إذ لم تقف مصر أما المخطط الأثيوبيي والقوي المساندة له بحزم ، فلاحقا ستتخذ كل دول حوض نهر النيل نفس الموقف ، وتحذو حذو أثيوبيا ، وتبني هي الأخرى سدودا لا نهاية لها ، وقتها لا ينفع الندم ، وهنا نطالب بنقل ملف سد النهضة من مرحلة الإحتواء الي الإجهاض.

عن admin

شاهد أيضاً

مطارق الحنين الي فلسطين

مطارق الحنين!! د.شكري الهزَّيل لم يكن يدور بخلدي يوما ان تضرب الاسوار اطنابها حول قلمي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *