مجلة الوعي العربي
مقالات مشابهة
بقلم: عمرو صابح
تبدو علاقة الرئيس السادات بالسوفيت من أكثر العلاقات تعقيدا ، فالحقائق والأرقام تثبت قيام الاتحاد السوفيتى بتسليح مصر بكميات ضخمة من الأسلحة الحديثة والمتطورة والتى خاض بها المصريون كل حروبهم ضد اسرائيل ، لنلق نظرة مركزة على العلاقات العسكرية المصرية – السوفيتية بعد حرب 1967.
قام الاتحاد السوفيتى بتعويض مصر عن خسائرها فى المعدات والأسلحة فى حرب 1967 والتى بلغت 80% من معدات وأسلحة الجيش المصرى ، وساعد السوفيت الرئيس عبد الناصر فى عملية اعادة بناء الجيش المصرى من الصفر ، بل أنه خلال المرحلة الأخيرة من حرب الاستنزاف تولت قوات سوفيتية من كتائب صواريخ وطيارين مع القوات المصرية حماية سماء مصر من غارات العدو ، واقامة حائط الصواريخ على حافة الضفة الغربية لقناة السويس .
الدور السوفيتى فى حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية هو الأكبر للسوفيت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، وقد تفوق على الدور السوفيتى فى فيتنام ، والتعاون العسكرى المصرى السوفيتى بدأ من التدريب على مستوى الكتيبة عقب حرب 1967 ، ثم مشاركة أطقم دفاع جوى وطيارين ومظليين وقوات خاصة سوفيتية فى القتال على الجبهة المصرية منذ مارس 1970 ، وصولاً لتزويد مصر بصواريخ سام 3 وصواريخ ستريلا وصواريخ سكود وهى أسلحة لم تخرج من الاتحاد السوفيتى لأى دولة فى العالم إلا مصر.
شارك العسكريون السوفيت نظرائهم المصريين فى كل التدريبات على الحرب القادمة وصولاً لعملية العبور ذاتها التى جرت تجارب محاكاة لها على فرع لنهر النيل مماثل لقناة السويس بالخطاطبة ، وفى منطقة القصاصين بالشرقية على ترعة صغيرة تسمى البعالوه ، ثم تطور إلى التدريب على الرياح البحيرى بمنطقة برقاش على الحدود الغربية لمحافظة المنوفية.
استشهد العديد من الضباط والجنود السوفيت خلال معارك حرب الاستنزاف وقد تم تكريم أسماءهم .
استطاع السوفيت بفضل علاقاتهم بمصر الحصول على امتيازات بحرية فى الموانئ المصرية كما شكلت علاقاتهم بمصر مدخلاً هاماً لهم للدخول فى علاقات وثيقة مع معظم دول القارة الأفريقية.
وفى عهد السادات واصل الأتحاد السوفيتى دعمه بالسلاح لمصر عبر صفقات ضخمة للتسليح فى أكتوبر 1971 ، ومايو 1972 ، ومارس 1973 ، وتميزت هذه الصفقات بدخول نوعيات متطورة من المعدات العسكرية ، مثل الدبابة ت 62 ، والعربة المدرعة المتطورة و المدفع الميدانى طويل المدى سكود ، ووحدات الصواريخ سام 6 المتحرك ضد الطيران المنخفض و المتوسط ، والصواريخ سام 3 وسام 6 وسام 7 المعدل.
وفى أثناء حرب أكتوبر بدأت الإمدادات العسكرية السوفيتية لمصر وسوريا مبكرا عن طريق الجسر الجوى اعتبارا من يوم 9 أكتوبر 1973 ، بعدد 900 رحلة حملت حوالى 15000 طن معدات وأسلحة ، وعن طريق النقل البحرى اعتبارا من 9 أكتوبر 1973 ، وصلت لمصر و سوريا معدات وأسلحة تزن 63000 طن ، مما يجعل المساعدات السوفيتية للدولتين خلال فترة الحرب 78000 طن ، كما وصل من الاتحاد السوفيتى يوم 9 أكتوبر 1973 عدد 4 طائرات ميج 25 وتمركزت فى مطار غرب القاهرة ومعها 400 فرد سوفيتى من طيار و فنى و ادارى وذلك لردع اسرائيل عن القيام بأى هجوم جوى على الجبهة الداخلية ، كما وصل فى نفس اليوم 2 مدفع ميدانى صواريخ أرض / أرض طويل المدى سكود بمدربين سوفيت ، ووصل يوم 12/10/1973 اللواء الثالث صواريخ سام 6 .
فى يوم 28 أكتوبر 1973 منح الاتحاد السوفيتى مصر 250 دبابة هدية كتعويض عن خسائر الحرب ، وصلت لمصر بعد 48 ساعة .
لم يُقصر الاتحاد السوفيتى فى إمداد مصر بكميات هائلة من العتاد والسلاح بأسعار رخيصة بل أن أغلبها لم يسدد ثمنه ، كان هذا كله يتم فى إطار الإستراتيجية العالمية للدولة السوفيتية كقوى عظمى فى أهم منطقة إستراتيجية فى العالم .
ورغم كل ذلك قام الرئيس السادات بإشاعة أكاذيب عن التقاعس السوفيتى عن إغاثة مصر فى المعركة ، وهى تشبه أكذوبته عن صديقه شاه إيران محمد رضا بهلوى ، الذى تثبت كل الوثائق أنه هو الذى قام بتزويد إسرائيل بكل طلباتها من البترول منذ نشأة الدولة اللقيطة عام 1948 وحتى أطاحت به الثورة الإيرانية عام 1978 ، كما أن كيسنجر يثبت فى مذكراته رفض الشاه عبور الجسر السوفيتى لنجدة مصر وسوريا أثناء حرب 1973 سماء إيران ، حتى لا يصل لهم مما يتيح وقتا أطول وظروف أفضل لإسرائيل ، ربما كان الشاه صديقا للسادات لأسباب لا نعلمها ولمصالح بينهما ، ولكنه لم يكن أبدا صديقا للعرب .
—-
المصادر:
– كتاب “عملية القوقاز” : للباحث الإسرائيلى “ديما أدامسكى” – ترجمة : د.جمال الرفاعى.
– كتاب ” حرب الثلاث سنوات “: الفريق أول محمد فوزى.
– مذكرات الفريق عبد المنعم واصل : الصراع العربى الإسرائيلى.
– كتاب ” الطريق إلى رمضان ” : محمد حسنين هيكل.
