الرئيسية / حوارات ناصرية / العدالة الاجتماعية.. أيقونة ثورة يوليو الخالدة

العدالة الاجتماعية.. أيقونة ثورة يوليو الخالدة

 

355
 أحمد أبو المعاطي

منذ تضمنتها مبادئ يوليو الستة، التي أقرتها ثورة «الضباط الأحرار» في عام 1952، والعدالة الاجتماعية تراوح مكانها في مصر، بين ما حققته يوليو بالفعل على أرض الواقع، بسلسلة الإجراءات والقرارات التي انتصرت للفلاحين والعمال، وسلسلة الضربات والإجراءات السياسية، التي طالت المبادئ الرئيسية ل«يوليو»، في العقود الأربعة التي تلت رحيل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وفي القلب منها ما يتعلق بالعدالة الاجتماعية، وهي الفترة التي شهدت خلالها السياسة الداخلية في مصر، العديد من التقلبات، بلغت حد النكوص على مبادئ يوليو الرئيسية، ما كان لها بالغ الأثر في حياة المصريين، وبخاصة من أبناء «الطبقة الوسطى» التي كانت هي التجلي الأبرز، لواحدة من أهم وأكبر الثورات التي شهدتها مصر والمنطقة العربية في التاريخ الحديث.

كانت العدالة الاجتماعية هي أحد المبادئ الرئيسية التي أرست قواعدها ثورة يوليو، التي أقرت بعد نحو أربعين يوماً من الإطاحة بحكم الملك فاروق، أول قانون ذو صبغة اجتماعية مباشرة، وهو قانون الإصلاح الزراعي الأول الذي صدر في 9 سبتمبر من العام 1952، ولعب الدور الأكبر في تحديد الملكية الزراعية للأفراد، وتوزيع ما يزيد عنها على صغار الفلاحين المعدمين.

لعبت القوانين التي وضعتها يوليو، دوراً كبيراً في تغيير الخريطة الاجتماعية في مصر، بإقرار مجانية التعليم ورعاية حقوق العمال، وما صاحب هذا التغير من ظهور طبقة اجتماعية جديدة، ظلت على مدار عقود ترفد مؤسسات الدولة المختلفة بالعديد من الكفاءات في كافة المجالات، هؤلاء الذين نجحوا تالياً في الوصول إلى مقاعد القيادة، التي ظلت لعقود طويلة حكراً على أبناء طبقة الأثرياء والإقطاعيين من كبار الملاك، قبل أن تشهد مصر منذ مطلع السبعينات ما يمكن وصفه ب «سنوات الردة» على مبادئ يوليو/‏تموز، بانتهاج سياسات مغايرة، كان لها بالغ الأثر في انهيار العديد من المكتسبات التي حققتها ثورة «الضباط الأحرار»، وبخاصة ما يتعلق منها بالملف الاجتماعي، وقد لعب هذا الانهيار الدور الأكبر، في ميلاد العديد من الحركات الاحتجاجية التي ظهرت في مصر، على مدار الأربعة عقود المنصرمة، بدءاً من انتفاضة الخبز في 18-19 يناير من عام 1977، وليس انتهاء بخروج العديد من الحركات الاحتجاجية التي ولدت في السنوات العشر الأخيرة.يرى كثير من المفكرين والمحللين السياسيين، أن تغيير حياة الشعوب وتحسين مستوى معيشتهم للأفضل، يظل هو الهدف الأسمى لأي ثورة، التي تنطلق دائماً من أفكار تتعلق بضرورة تحقيق المساواة والعدل الاجتماعي، باعتبارهما الركيزتين الأساسيتين للاستقرار، وهو ما يعني بوضوح، أن غياب العدل الاجتماعي يظل هو المحرك الرئيسي لما قد تشهده المجتمعات من حالة غليان تسبق الثورة دائماً، بل وتجعلها حتمية مع مرور الوقت.

تتوج ثورة يوليو كتاب التاريخ المصري باعتبارها الثورة الأعظم في التاريخ الحديث، ليس فحسب لأنها أعادت حكم مصر للمصريين، ونجحت في انتزاع استقلال وحرية الوطن، إلى جانب ما حققته من نهضة تنموية في مختلف مجالات الحياة، وإنما لأنها كانت ثورة، استهدفت بالأساس تغيير حياة الإنسان، بإرساء مبادئ العدل الاجتماعي، والحرية والكرامة في الأوطان.

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول إذاعة ونشر رد «عبدالناصر» على خطاب الرئيس العراقى أحمد حسن البكر

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *