الرئيسية / حوارات ناصرية / 23يوليو.. ثورة بيضاء نجحت في تغيير وجه التاريخ المصري ونقطة تحول فى مسار الوطن

23يوليو.. ثورة بيضاء نجحت في تغيير وجه التاريخ المصري ونقطة تحول فى مسار الوطن

66812685_2373110069616112_8413514532529373184_n

وسام عبد العليم

تحل الذكرى ال  67 لثورة ٢٣ يوليو التى حولت نظام الحكم بمصر من الملكية إلى النظام الجمهورى، بما تبع ذلك من تطورات اجتماعية واقتصادية مهمة، استرد المصريون من خلالها كرامتهم واستعادوا وطنهم المسلوب على مدى عقود طويلة من الزمان، وكان اللواء محمد نجيب بمثابة أيقونة ثورة يوليو التى قادها الضباط الأحرار.

لمصر تاريخ طويل في الثورات أثبت من خلالها الشعب المصري أنه شعب يتميز بالصبر والتريث، وليس شعبًا مسالمًا خانعًا يرضى بالذل، ويصمت على العار والهوان، وينام على الضيم. فقد أثبتت الأحداث عبر التاريخ أن الشعب المصري تجاوز كثيرًا ما حل به من كوارث، تلمسًا لطريق النجاة، وبعد فيض الكيل يتجه إلى الخلاص، خلاص ليس له طريق سوى الثورة وتغيير الأمر الواقع.

وشهدت بدايات القرن العشرين ثورة غاية في الأهمية مهدت لثورة يوليو، فقد اندلعت ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول احتجاجًا ضد المعاملة القاسية التي عانى منها المصريون من قبل الاحتلال البريطاني، وكان أبرز نتائجها إلغاء الأحكام العرفية التي كان يحكم من خلالها الإنجليز مصر، والوعد بحصول مصر على الاستقلال بعد ثلاث سنوات، مقابل إبقاء قوات بريطانية في مصر.

وما بين 1919 و1952 ساد الواقع المصري العديد من الأوضاع التي كانت بمثابة قوة دافعة لقيام الثورة والتمهيد لها بما حملته من عوامل السخط وعدم الرضا والقلق، والبعد عن الاستقرار.

وفي عام 1952 كانت أهم الثورات المصرية علي مر العصور ثورة بيضاء نجحت في تغيير وجه التاريخ المصري تمامًا، ثورة الجيش المصري التي نقلت مصر من عهد الملكية الي عهد الجمهورية. ثورة أيدها الشعب المصري بكل قوة، وتفاعل معها ومع ما صدر عن رجالها من قرارات غيرت وجه الأحداث في البلاد.

خطة ثورة يوليو

عقد الضباط الأحرار عدة اجتماعات يتدارسون من خلالها الموقف في حذر وحيطة، كان آخرها الاجتماع الذي عقد يوم 22 يوليو عام 1952 للإطلاع على الخطة النهائية للتحرك، والعمل الإيجابي، وقد شارك زكريا محيى الدين في وضع خطة التحرك النهائية مع جمال عبد الناصر، وكانت الخطة تحمل في طياتها عوامل نجاحها لبساطتها وتحقيق السيطرة الكاملة على القوات المسلحة، وبالتالي الاستيلاء على سلطة السيادة فى البلاد ، وكانت مقسمة إلى مراحل هى :

المرحلة الأولى :

السيطرة على القوات المسلحة بالاستيلاء على مبنى القيادة العسكرية بمنطقة كوبرى القبة باقتحامها والاستيلاء عليها بمجموعة من الضباط الأحرار، وتقدم مجموعة أخرى من الضباط الأحرار باعتقال بعض كبار ضباط الجيش والطيران من منازلهم لضمان عدم تحرك قوات عسكرية .

المرحلة الثانية :

السيطرة على جهاز الحكومة المدني، وإنزال قوات إلى الشوارع للسيطرة على عدد من المواقع المدنية الحيوية .

المرحلة الثالثة :

التحرك لمحاصرة الملك ومنعه من الاتصال بأي وحدات من القوات المسلحة أو القوات البريطانية، كل ذلك تمهيدًا لعزله ولكن في سرية تامة .

بعد اجتماع لجنة القيادة بعد ظهر 22 يوليو 1952 ، تحدد لبدء التحرك ساعة الصفر في منتصف ليلة 22 يوليو، ومع غروب شمس يوم 22 يوليو كان معظم الضباط الأحرار المكلفين بمهام التحرك موجودين بمعسكراتهم تحسبًا لأي مفاجآت، منتظرين تعليمات القيادة بالتحرك.

تأييد الشعب للثورة:

أظهر الشعب تأييده التلقائي للجيش، وخرج بجميع فئاته وطوائفه ليعلن مساندته لهذه المجموعة الوطنية من أبنائه الضباط الأحرار، وكان هذا التأييد بمثابة تكليف لقادة الحركة بالاستمرار، وبذلك استمدت ثورة يوليو شرعيتها من الشعب بعد تأييده لها، وتعبيرها عن واقعه وآماله في تحقيق الاستقلال والكرامة.

إعلان الجمهورية وسقوط الملكية:

أصدر مجلس قيادة الثورة قرارًا فى 18 يونيو 1953 بإلغاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية، وبذلك استطاع الشعب المصري أن يسترد حقه الشرعى في اختيار حكامه، وتم تعيين اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية كما تولى الحكومة، وتم تعيين جمال عبد الناصر في منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية، وفي 24 فبراير 1954 تولى رئاسة مجلس الوزراء لفترة قصيرة.

وفي 17 إبريل 1954 تخلى محمد نجيب عن رئاسة الوزارة ، واقتصر على رئاسة الجمهورية ومجلس الثورة ، وتم تكليف جمال عبد الناصر بتشكيل الوزارة فألفها برئاسته .

وفي 14 نوفمبر 1954 قرر مجلس الثورة إعفاء محمد نجيب من جميع المناصب التي كان يشغلها، كما قرر أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغرًا وأن يستمر مجلس الثورة في تولي كافة سلطاته برئاسة جمال عبد الناصر، حتى أُجرى استفتاء على شخصية رئيس الجمهورية بعد حوالى عام ونصف وانتخب جمال عبد الناصر رئيسًا للجمهورية في 23 يونيو 1956.

وحرصت القيادتان السياسية والعسكرية على إحياء اسم اللواء محمد نجيب رئيس الجمهورية الأسبق، في ذكرى احتفالات ثورة 23 يوليو، وتم إطلاق اسم اللواء محمد نجيب على أكبر قاعدة عسكرية بمنطقة الحمام، التي تعد الأكبر من حيث الانتشار العسكري في الشرق الأوسط، وتم تأسيسها على مساحة 18 ألف فدان.

قال الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته التي ألقاها أثناء افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية بمدينة الحمام بمرسى مطروح، إن هذا الافتتاح برهانٌ على وفاء مصر لابن من أبنائها، تصدى للعمل الوطني في لحظة دقيقة وفارقة، وهذا يعد تكريمًا لإسهامه الوطني.

الزعيم جمال عبد الناصر وثورة يوليو:

بدأت ثورة 23 يوليو 1952 بقادة تنظيم الضباط الأحرار الذى ضم طليعة من شباب ضباط الجيش المصرى بزعامة جمال عبد الناصر وقوبلت باستجابة شعبية عارمة وتحولت إلى ثورة شاملة عبر مجموعة من الإجراءات بدأت بالإصلاح الزراعى ثم التخلص من النظام الملكى وإعلان الجمهورية، وصولاً إلى معاهدة الجلاء وكسر احتكار السلاح حتى وصلنا إلى قرار الرئيس عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس والصمود أمام العدوان الثلاثى حتى خرجت مصر منتصرة واستردت قناتها، وبذلك اكتملت كل معالم ثورة 23 يوليو 1952 وهو ما تجلى واضحًا فى الفترة من عام 1956 حتى نهاية حرب أكتوبر 1973 .

فى تلك الفترة استردت مصر استقلالها سياسيًا وبعد فشل العدوان الثلاثى بدأت استرداد اقتصادها من الأجانب واليهود وتغير شكل المجتمع المصرى تمامًا عن الفترة السابقة على الثورة فى كل المجالات، شهدت تلك الفترة ذروة النهوض الاقتصادى والاجتماعى والأدبى والفنى والفكرى المصرى، كما شهدت بروز دور مصر الاقليمى والدولى كإحدى القوى المؤثرة فى العالم ولا يمكن لأحد أن ينسى الدور المصرى فى الوطن العربى وفى العالم الثالث وفى حركة عدم الانحياز .

حققت مصر فى تلك الفترة معدلات نمو اقتصادى غير مسبوقة وغير ملحوقة حتى الآن ، وتلك الفترة هى التى شهدت بناء السد العالى و1200 مصنع صناعات إستراتيجية وثقيلة وتحويلية، كما شهدت توسعًا زراعيًا غير مسبوق وأحسن معدلات إنتاج للمحاصيل الزراعية .

كانت تلك الفترة هى التى شهدت أوسع عملية للحراك الاجتماعى فى مصر عبر مجانية التعليم وبواسطة تكافؤ الفرص بين الأغنياء والفقراء.

تغيرت صورة مصر تمامًا خلال تلك الفترة، لذا فقد شكل هذا الصعود المتنامى للقوة المصرية ونجاح تجربة التنمية التى كان يقودها جمال عبد الناصر فزع لدى القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية فتم نصب فخ 5 يونيو 1967 للقضاء على مشروع النهضة العربى ولكن الجماهير العربية فى مصر، وعلى امتداد الوطن العربى، رفضت الهزيمة وطلبت من الرئيس عبد الناصر البقاء فى موقعه وجلب النصر.

وقد شهدت الأعوام الأخيرة من حكم الرئيس عبد الناصر أفضل إنجازاته، فقد تم إعادة بناء الجيش المصرى من جديد على أحدث النظم العلمية فى العالم، وتم بناء حائط الصواريخ المنيع على حافة الضفة الغربية لقناة السويس، وتم وضع خطط العبور وتحرير الأرض العربية المحتلة كل الأرض العربية المحتلة وليس سيناء فقط، فقد رفض الرئيس عبد الناصر أكثر من عرض أمريكى وإسرائيلي ينص على عودة سيناء فقط لمصر دون شروط وقال كلمته الشهيرة “القدس والضفة الغربية والجولان قبل سيناء” ، ولم يقبل بحل جزئى منفرد لقضية النزاع العربي الإسرائيلي .

صعدت روح الرئيس عبد الناصر إلى بارئها بعد ثلاثة أعوام من النكسة، واقتصاد مصر أقوى من اقتصاد كوريا الجنوبية، ولدى مصر فائض من العملة الصعبة تجاوز المائتين والخمسين مليون دولار بشهادة البنك الدولي.

لا تزال ثورة يوليو تشكل علامة بارزة في تاريخ الوطن ونقطة تحول أساسية في مساره الوطني، بما قدمته من إنجازات مهمة وما أجرته من تحولات جذرية في جميع جوانب الحياة.

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول إذاعة ونشر رد «عبدالناصر» على خطاب الرئيس العراقى أحمد حسن البكر

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *