الرئيسية / حوارات ناصرية / 23يوليو.. “الإصلاح الزراعي” أيقونة الثورة ورمز خلاص الفلاح المصري من الاقطاع

23يوليو.. “الإصلاح الزراعي” أيقونة الثورة ورمز خلاص الفلاح المصري من الاقطاع

22-7-2018 | 13:47

أحد المواطنين يقبل رأس الراحل جمال عبد الناصر

أحمد حامد

لم تكن ثورة 23 يوليو 1952، مجرد ثورة إصلاح سياسي فقط، بل جاءت للإصلاح الاجتماعي أيضًا، وإنحازت للفلاح المصري بنسبة كبيرة جدًا، حيث صدر قانون الإصلاح الزراعي المصري، 9 سبتمبر 1952، في عهد الرئيس محمد نجيب، وطبقه جمال عبدالناصر، وهذا بعد ثورة 23 يوليو بخمسة وأربعين يومًا، وكان الهدف الأساسي من هذا القانون هو إعادة توزيع ملكية الأراضي الزراعية في مصر بحد أقصى 200 فدان للفرد.

هذا القانون الذي حول اهتمام الدولة بالفلاح، من مجرد رمز على جدران معابدها الممتلئة برسومات الفأس والمحراث والأدوات الزراعية، فى الدولة الفرعونية القديمة، مرورًا بالعصر الحديث، إلي مواطن يمتلك كافة الحقوق، وأهمها حقه في تملك أرضه، ومن هنا جاء الاحتفال بعيد الفلاح فى 9 سبتمبر من كل عام، اليوم الذي مكنه فيه قانون “الإصلاح الزراعي”.

ونص القانون على تحديد الملكية الزراعية للأفراد، وأخذ الأرض من كبار الملاك، وتوزيعها على صغار الفلاحين المعدمين، وصدرت تعديلات متتالية حددت ملكية الفرد والأسرة، متدرجة من 200 فدان إلى خمسين فدانًا للملاك القدامى.

وعرفت هذه التعديلات بقانون الإصلاح الزراعي الأول والثاني، وأنشئت جمعيات الإصلاح الزراعي لتتولى عملية استلام الأرض من الملاك بعد ترك النسبة التي حددها القانون لهم، وتوزيع باقي المساحة على الفلاحين الأجراء المعدمين العاملين بنفس الأرض، ليتحولوا من أجراء لملاك.

جاءت هذة الإجراءات الإصلاحية الكبيرة ليرفع الفلاح المصري رأسه، ويمتلك أرضه الذي تكبد الكثير من الجهد والتعب بها منذ سنوات طويلة، وتوسعت بالإصلاح الزراعي زراعات مثل القطن، وبدأ الفلاح يجني ثمار زرعه، ويعلم أبناءه، ويتولى الفلاحين حكم أنفسهم، وانهارت طبقة باشوات مصر ملاك الأرض الزراعية وحكام مصر قبل الثورة.

وبلغ مجموع الأراضي التي يطبق عليها قانون سبتمبر سنة 1952، مساحة 653.736 ألف فدان، تنتمي إلى 1789 مالكًا كبيرًا، ولكن الأرض التي طبق عليها القانون في واقع الأمر بلغت 372.305 آلاف فدان، أما البقية، وهي حوالي النصف فقد قام الملاك ببيعها بأساليبهم الخاصة حتى أكتوبر سنة 1953 حينما ألغت الحكومة النص الذي كان يتيح للملاك بيعها بأساليبهم.

حيث تم نزع ملكية ما يقرب من نصف مليون فدان في ظل قانون الإصلاح الزراعي، أي ما يقرب من 8.4% من إجمالي المساحة المنزرعة في مصر في ذلك الوقت، وتم توزيع هذه الأراضي وفقًا لنظام معين من الأولويات، بحيث أعطيت الأولوية عند التوزيع “لمن كان يزرع الأرض فعلًا مستأجرًا أو مزارعًا، ثم لمن هو أكبر عائلة من أهل القرية، ثم لمن هو أقل مالًا منهم، ثم لغير أهل القرية”.

أيضًا عمل القانون على القضاء على الركيزة الثانية للاحتلال الإنجليزي، وهم ما أسمته الثورة بالإقطاع، أي كبار ملاك الأراضي الزراعية، الذين كانوا يحتكرون الأرض والحياة السياسية في البلاد، وما كان يعني ذلك من خلل اجتماعي رهيب، بدأت آثاره تظهر في شكل مصادمات بين الفلاحين وكبار الملاك والسلطات المحلية في بعض القرى.

واستقالت وزارة علي ماهر، بعد صدور القانون بيومين، كما أعلن الكثير من السياسيين والشخصيات القيادية في الأحزاب العلنية الموجودة على الساحة معارضتهم للقانون، بل إن أحدهم تجاوز مرحلة المعارضة إلى التمرد المسلح ضده، فقد تصدى “عدلي لملوم” المالك الكبير، ومن ورائه عائلته ذات النفوذ في محافظة “المنيا” جنوب مصر، ومعه مئات من الرجال المسلحين، للسلطة الجديدة، وأعلن أنه لن يترك هذا القانون يمر.

ورغم أن هناك من رأى فى القانون أخطاءً في بعض جوانب عملية الإصلاح الزراعي، ومنها، أن قوانين الإصلاح الزراعي لم تحل مشكلة المعدمين الزراعيين، الذين بلغت نسبتهم قبل الثورة نحو 44 بالمائة، وفي عام 1965 انخفضت إلى 40 بالمائة، ثم ارتفعت عام 1972 إلى 45 بالمائة، لكن كثيرين يرون أن ما منحه القانون من مكتسبات للفلاح مادية ومعنوية لا يمكن حصرها.قال الدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين، إن مكتسبات ثورة 23 يوليو كانت كثيرة للشعب المصري، أهمها ما يخص الفلاح، وهي إصدار قانون الإصلاح الزراعي، الذي جعل الفلاح بعد أن كان مستأجرًا أو عاملًا فى الأرض أصبح مالكًا لها، وبهذا عمل على تحقيق العدالة الاجتماعية لدي المجتمع المصري، وإلغاء الفجوة التى كانت موجود فى المجتمع حينذاك.

وأشار نقيب الزراعيين، إلى أن الإنجاز الثانى التى حققته ثورة 23 يوليو هو إنشاء السد العالى، الذي من خلاله استطاعت الحكومة المصرية وقتها شق الترع والمصارف والمجاري المائية لاستصلاح أراض جديدة، والتوسع في الرقعة الزراعية لإحداث تنمية حقيقية فى البلاد.

وأضاف خليفة لـ”بوابة الأهرام”: “من يقول إن قانون الإصلاح الزراعي عمل على تفتيت الحيازة الزراعية، غير صحيح، لأن قوانين المواريث هى السبب فى ذلك، فالمالك لديه أبناء يتم توزيع أرضه عليهم بعد وفاته ومن هنا جاء تفتيت الأرض، وأصبح أبناؤه يملكون عددًا من القراريط، وهى مساحة صغيرة جدًا.

وأوضح، أنه لا نستطيع تقديم إرشاد زراعي صحيح فى ظل وجود مليون حائز لديهم مساحة 6 قراريط فقط، مشيرًا إلى أن مصر فى عهد ثورة 23 يوليو كان عدد السكان بها 20 مليون نسمة، وبها الحيازات الزراعية القليلة بـ10 فدادين للمالك الواحد، والآن أصبح 100 مليون فى ظل زيادة سكانية كبيرة تقضي على أى تنمية حقيقية فى البلاد، وهذا التحدي الأكبر.

وأشار، إلى أننا يجب أن نواجه مشكلة تفتت الحيازة الزراعية بإصدار الحكومة حزمة تحفيزية لحائزي المساحات المفتتة من توزيع سماد، ودعم تقاوي، والمبيدات، وتسوية الأرض بالليزر، حتى نعمل على تجميع الأرض، ونستطيع أن نستغل هذه المساحات فى زراعات قومية تنهض بالتنمية الزراعية فى البلاد.

الدكتور محمد الفرجاني، مستشار رئيس الوزراء للقطاع الزراعي والري، قال، إن قانون الإصلاح الزراعي الذي أصدره الرئيس محمد نجيب، وطبقة الرئيس جمال عبدالناصر، حقق العدالة الاجتماعية التى لم تكن موجودة قبل ثورة 23 يوليو، حيث كان يمتلك الأرض عدد قليل من المصريين حوالي 10% فقط، والباقى يعمل أجيرًا بها.

وأضاف الفرجانى ، أن هذا القانون جعل للفلاح حقًا فى أرضه الذي زرعها ولم يحصد منها شيئًا، وحقق العدالة له فى تملكه لما يزرعه، مشيرًا إلى أنه كان هناك خلل اجتماعي بسبب سوء توزيع الثروات على أبناء الشعب، والذي جاءت ثورة 23 يوليو لتحقيق المساواه بين أبناء الشعب الواحد.

وأوضح أن مصر شهدت طفرة حقيقية فى القطاع الزراعي فى ظل ثورة يوليو، وشهدت زيادة فى حجم الرقعة الزراعية المنزرعة، وكذلك فى شق الترع والمصاريف الجديدة بسبب بناء السد العالى، ومشاركة أبناء المصريين فى حقهم من حيث التعليم والوظائف الحكومية اللذين كانوا لا يعملون بها، مشيرًا إلى أن مشكلة تفتيت المساحات المنزرعة سببها هو قانون تحرير الزراعة المصرية، وليس قانون الإصلاح الزراعي.

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول إذاعة ونشر رد «عبدالناصر» على خطاب الرئيس العراقى أحمد حسن البكر

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *