الرئيسية / كتاب الوعي العربي / مشروع الدولة الفلسطينية الحائر بين الضفة و«غزة الكبرى«.! -بقلم : محمد عبد الحكم دياب

مشروع الدولة الفلسطينية الحائر بين الضفة و«غزة الكبرى«.! -بقلم : محمد عبد الحكم دياب

 

04, May 2019

2011-634608366251434092-143-150x150.jpg 

 

قناعتي تقول بوجود علاقة بين تعديلات الدستور المصري، والتمديد الرئاسي، واستئثار «المشير» بالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والرقابية والأمنية والسيادية كافة؛ كلها لها علاقة بـ«صفقة القرن»، وتمكن «المشير» من إحكام قبضته؛ واستعان على ذلك بنجليه في «المخابرات العامة» وفي «الرقابة الإدارية»، مع رجاله وحوارييه المنتشرين في دهاليز الحكم وأجهزة الأمن، وكل ذلك من أجل أن تمر «صفقة القرن» بأمان. ومعه «مجلس نواب» لا يتجاوز دور إدارة قانونية في المجالس المحلية.. وانتفى دوره التشريعي المتعارف عليه، وزاد عليه ما فرضته «الرغبة الرئاسية» في إقرار وجود غرفة تشريعية ثانية؛ «مجلس شيوخ»؛ ليس له من اسمه نصيب، وبدا مسخا وتقليدا للنظام الأمريكي، والغالبية .العظمى من أعضائه يُعَينهم «المشير» منفردا؛ دون حاجة لانتخابات ولمهرجانات مكلفة

وهذه صيغة «حكم شخصي»، أو ملاكي؛ وهي أدنى من الحكم الفردي والاستبدادي، فتلك النماذج بسوءاتها متقدمة سنوات ضوئية عما هو موجود في مصر.. ومن المتوقع زيادة الاحتقان والاضطراب لأقصى حد، مع تفاقم أعباء الجباية والاستدانة، ووجود النية المبيتة لتعويم الجنيه المصري مجددا، تنفيذا لتعليمات «صندوق النقد الدولي»، وكان الأجدى التوقف عن السفه، وعدم تبديد الأموال الطائلة التي جُمِعت في السنوات الخمس الأخيرة، واستثمارها في مشروعات إنتاجية كبرى؛ صناعية وزراعية وبتروكيماوية وألكترونية ومائية، ورفض شروط قصر المشروعات على أعمال صغيرة ومتناهية الصغر، والتحرر من القيد الصهيوأمريكي، الذي يمنع المشروعات الكبرى والاستراتيجية؛ غزيرة الإنتاج كثيفة العمالة؛ خاصة المشروعات المُحَقِّقة للكفاية والمعتمدة على الانتاج الوطني؛ صناعة وزراعة واستصلاح أراض، وعدم الرضوخ لقيود المؤسسات الاحتكارية على زراعة القمح والقطن والبقوليات والمواد الغذائية.. وأضحت مصر أكبر مشتري للمواد الغذائية، وأكبر مستورد للقمح على مستوى العالم، فحكوماتها الفاشلة وغير الرشيدة تفضل التعامل مع المستوردين والمرابين والمضاربين والسماسرة على حساب قوت الشعب، وتخلت عن الانتاج واعتمدت الاقتصاديات الريعية واقتصاديات القروض.

ومن المتوقع أن يصب النجاح الأمني في إدارة الاستفتاء ومعركة «التمديد الرئاسي» حتى سنة 2030؛ يصب في بيئة حاضنة للفقر والفوضى والإرهاب، وتمثل بيئة مثالية لتدخلات ترامب لفرض «صفقة القرن»، ومنع قيام «دولة فلسطينية مستقلة»؛ لذا تم الإعلان مجددا عن «صفقة القرن» أو «صفعة القرن»، ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» «خطة السلام الأمريكية»؛ الاسم الرسمي لـ«الصفقة»؛ بفرض «التطبيع الاقتصادى» بدعوى تحسين حياة الفلسطينيين وأوضاعهم، دون الإشارة إلى مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة، والاكتفاء بالنص على ضمانات استمرار الوجود الصهيوني، وأمن المستوطنين ومستوطناتهم، وتجاهل تام لحقوق أصحاب الأرض ولحل الدولتين، والتخلي عن نتائج المفاوضات المستمرة لأكثر من ربع قرن، وبعد عامين من جهود صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر تم الإعلام عن «الصفقة» عقب عيد الفطر، وبعد تشكيل حكومة نتنياهو الجديدة خلال أسابيع

ونشرت صحيفة «واشنطن تايمز»؛ تفاصيل أوردها المؤرخ الأمريكي «دانيال بايبس» عن كيان فلسطيني آخر في الضفة الغربية؛ يتكون من منطقتي «أ» و«ب»، وأجزاء من منطقة «ج»، ويُقدَّر بنحو 90٪ من مساحة الضفة، وعاصمة مقترحة له قيل إنها «قريبة من القدس وليست فيها»؛ بداخل حدود بلدية القدس، وقد تقام في منطقة تمتد من شعفاط إلى العيسوية وأبوديس وجبل المكبر، وتشرف عليها هيئة دولية؛ تشارك فيها السلطة الفلسطينية والحكومة الصهيونية، وتتضمن المناطق المقدسة والبلدة القديمة.

وأشار «بايبس»، وكان قد عمِل بالإدارة السياسية في الخارجية الأمريكية؛ أشار إلى إن الخطة تقوم على «مبادلة كبرى»، يعترف فيها العرب بالدولة الصهيونية، التي تعترف بدورها بالفلسطينيين، وأوضح إن ذلك تم اعتمادا على عناصر قدمها السيسي في 2016، بحانب تصورات سابقة للرئيس السابق باراك أوباما في 2009، و«مبادرة السلام العربية» في 2002.

وللعلم فإن «دانيال بايبس» مثير للجدل، فهو كمؤسس ومدير لمركز أبحاث «منتدى الشرق الأوسط»، إدعى إن دراساته عن العرب والمسلمين «نقدية»، ويصفها باحثون ومثقفون وأكاديميون بالمتحاملة على منتقدي الحركة الصهيونية والاستيطان. ويقول «بايبس» إن «المبادلة الكبرى» في صالح الفلسطينيين، بينما يرى «صفقة القرن» ضامنة لنقل اليهود من الضفة الغربية، وفتح ممر بري يربط الضفة بقطاع غزة، المقرر ضمه إلى الكيان الفلسطيني المقترح؛ عندما تعود «السلطة» إلى غزة. مع وعود بتقديم واشنطن مساعدات اقتصادية ضخمة قد تصل إلى 40 مليار دولار، أو حوالي  25000 دولار لكل فلسطيني مقيم في «الضفة»، على أن يتواصل الفلسطينيون مؤقتا عبر منافذ بحرية وجوية؛ إلى أن تقوم «الصناديق الأجنبية» ببناء منافذ ومنشآت خاصة بهم.

وكالعادة احتوت «الصفقة» على قيود ضد الفلسطينيين؛ استمرار السيطرة العسكرية على الحدود والمجالات الجوية والبحرية والمياه الإقليمية، وتمتد إلى وادي الأردن، زيادة على اعتراف باطل من جانب ترامب؛ يسمح بضم المستوطنات والتجمعات اليهودية الأكبر إلى الدولة الصهيونية، ومساحتها 10 في المائة من مساحة الضفة الغربية، ومعنى ذلك صرف النظر عن «مشروع غزة الكبرى» وتغير الأولويات بوقوع أمريكا «في قبضة نتنياهو» كما قال «روبرت فيسك» في صحيفة «الإندبندنت» البريطانية نهاية شهر آذار/مارس الماضي؟.. ويبدو إن الأولويات تغيرت حقا، وحلت الضفة الغربية محل «غزة الكبرى»؟.

أما أكاذيب مهندسي «صفقة القرن» عن عدم الحاجة لدولة فلسطينية.. لا تستقيم في قضية مصيرية كهذه، فليس الأمر بالبساطة التي يتصورها الخيال الصهيوني المريض، ومن المرجح فشل «الصفقة» إذا أصر الفلسطينيون على رفضها صفا واحدا. ورغم الظروف الصعبة، فليس هناك غير التمسك بالرفض.. وهناك قوى وتيارات وطنية وقومية وإسلامية مستنيرة ووازنة، وقوى وتيارات بين دول وجماعات في عالم مُستفَز من العنصرية الصهيوغربية ودمويتها.. ومن تطابق سياسات تل أبيب وواشنطن.. وذيول عربية إسلامية مندفعة نحو الصهينة.

وإذا ما تم الابتعاد عن الحالة الرسمية الغالبة حاليا على العرب فسوف يرى المرء واقعا يفور، وشارع قطع شوطا لا بأس به في استرداد الوعي، والتعلم من تجاربه الناجحة والفاشلة على حد سواء، وأضحى أمر التغيير ممكنا، بالاحتجاجات والخروج المليوني والاعتصامات السلمية، بجانب التركيز على اكتشاف الخيوط الواصلة بين قوى وعناصر الحراك والارتقاء به بعيدا عن الانحيازات الفئوية والطائفية والانعزالية، ولم الشتات، والعمل ضمن دوائر ومجالات حيوية، وخلق بيئة متحررة من الخوف.. وقادرة على «الرفض الإيجابي».

هذه بدايات كافية لحث الجموع الباحثة عن لحظة وحافز خروج ضمن حراك وطني وثوري مقاوم، ولن يعدم جهدا وعملا جماعيا مؤازرا، وتضامنا شعبيا وإنسانيا كبيرا!.

عن صحيفة «القدس العربي» اللندنية


عن admin

شاهد أيضاً

رغيف العيش

محمد سيف الدولة Seif_eldawla@hotmail.com   لم تكن هذه هى المرة الاولى الذي يعبر فيها رئيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *