الرئيسية / تقارير وملفات / المخاطر الاستراتيجية لمشروع نيوم: يخلق تحالفا ثلاثيا عربيا – إسرائيليا يتجاوز الحقوق الفلسطينية

المخاطر الاستراتيجية لمشروع نيوم: يخلق تحالفا ثلاثيا عربيا – إسرائيليا يتجاوز الحقوق الفلسطينية

المخاطر الاستراتيجية لمشروع نيوم: يخلق تحالفا ثلاثيا عربيا – إسرائيليا يتجاوز الحقوق الفلسطينية

 

ليس مجرد مشروع اقتصادى وإنما ترسيخ لشراكة سياسية واجتماعية مركبة وعميقة 

– نزع الرئيس الأمريكى برقع الحياء السعودى بالتعاون مع إسرائيل، من خلال إقلاع طائرته مباشرة من الرياض إلى “إسرائيل”

– لا يمكن فصل طرح هذا المشروع دون أن يكون هناك ظل واضح لمشروع شيمون بيريز فى كتابه الشهير “الشرق الأوسط الجديد”

فى أعقاب زيارة تاريخية ناجحة للرئيس الأمريكى الجديد “دونالد ترامب”، ذو الإتجاه العنصرى والصهيونى إلى المملكة السعودية بتاريخ   20  / 5  / 2017، بما كان يخالف الأعراف المستقرة للرؤساء الأمريكيين الذين أعتادوا على ان تكون أولى زياراتهم الخارجية بعد توليهم المنصب الرئاسى إلى حلفائهم فى أوروبا أو كندا.

وقد أعتبرت هذه الزيارة ناجحة من عدة زوايا  اقتصادية وسياسية وإستراتيجية، إحداها يتعلق بالمكاسب المباشرة التى حققها الرئيس الأمريكى بالاتفاق على أكبر صفقة مالية وإستثمارية وتجارية لبلاده ، على حساب المملكة السعودية، من خلال تعهد المملكة والإلتزام بضخ استثمارات قدرها 450 مليار دولار فى الاقتصاد الأمريكى وقطاعاته المختلفة خلال عشر سنوات قادمة، بالإضافة إلى التعاقد على شراء أسلحة ومعدات عسكرية أمريكية بقيمة 100 مليار دولار أخرى.

585f6d52a9d9f81fdb792bc8842d47ef

وقد حفز هذا الموقف السعودى، بقية دول مجلس التعاون الخليجى لعقد صفقات مماثلة مع الولايات المتحدة فى تسابق مجنون لشراء الأسلحة الأمريكية، سواء مدفوعة برغبة فى ترويض الرئيس الأمريكى الجانح والمتعجرف ضد دول الخليج النفطية عبر تصريحاته المتعددة سواء أثناء معركته الانتخابية عام 2016، أو حتى بعد توليه منصبه الرئاسى، وهكذا تعاقدت قطر على شراء صفقة طائرات ومعدات عسكرية أمريكية بقيمة 16 مليار دولار، ومثلها ذهبت مملكة البحرين المأزومة أصلا بالتعاقد على شراء طائرات وأسلحة بقيمة 8 مليارات دولار، وبعدها جرت سبحة الكويت والإمارات وسلطنة عمان.

ومن زاوية اخرى فقد دشن الرجل لتحالف إقليمى جديد تحت زعامة الولايات المتحدة بصورة شبه علنية يضم دول مجلس التعاون الخليجى الخمسة مضافا إليها هذه المرة مصر والأردن، تحت زعم محاربة الإرهاب والتهديدات الإيرانية وأذرعها الإرهابية فى المنطقة، والمقصود بالأساس حزب الله اللبنانى .

ومن زاوية ثالثة فقد نزع الرئيس الأمريكى برقع الحياء السعودى بالتعاون مع إسرائيل، من خلال إقلاع طائرته مباشرة من الرياض إلى “إسرائيل”، ليفتتح علنيا الخط الجوى المباشر بين المملكة السعودية ودولة الإحتلال الصهيونى فى فلسطين المحتلة، ليكون بذلك الحط الملاحى الجوى الثالث بعد الحط الذى أفتتحه الرئيس المصرى الأسبق أنور السادات بزيارته إلى القدس المحتلة فى 19 نوفمبر عام 1977، وبعدها الخط الأردنى الذى افتتحه الملك الحسين بتوقيع اتفاقية وادى عربة  عام 1994 بين بلاده وإسرائيل.

وما لم يعلن فى ذلك الحين، ومضمون الزيارات المتكررة التى ظل معظمها سريا لصهر الرئيس الأمريكى ومستشاره المقرب جدا من الدوائر الصهيونية بحكم نشأته اليهودية (جاريد كوشنير)، هو تلك المقايضة الخفية التى أظهرتها التصرفات المتلاحقة على الجانبين، فمن ناحية جرى التصعيد السريع جدا، والمخالف لأعراف الأسرة السعودية فى تولى المناصب العليا وسلسلة الوراثة الملكية، للأمير الشاب محمد بن سلمان  فى أقل من عامين فحسب، من منصب وزير الدفاع، والمسئول الأول عن الشئون الاقتصادية والمالية للمملكة، صعودا إلى منصب ولى ولى العهد، ثم الإطاحة الغامضة والسريعة لولى العهد الأمير (محمد بن نايف)، وتخلى الدوائر المؤثرة فى الولايات المتحدة عن الأمير محمد بن نايف، الذى ظل لسنوات طويلة ينظر إليه أنه صمام الأمن للمصالح الأمريكية فى المملكة بحكم توليه لفترة طويلة لمنصب وزير الداخلية والمنسق الأول للعلاقات الأمنية والإستخبارية بين الجانبين.

ولم يكن ليقدم الأمير الشاب “محمد بن سلمان” على عملية إنقلاب القصر الكبرى، من خلال عمليات الإعتقال الواسعة النطاق للكثير من الأمراء والمسئولين ورجال المال والأعمال فى المملكة وأحتجزهم فى فندق “الريتز كارلتون” بالرياض، تحت ستار محاربة الفساد، لولا الدعم المباشر والمعلوماتى الذى قدمه صهر الرئيس الأمريكى “جاريد كوشنير” إلى الأمير الشاب، عبر زيارة سرية خاطفة لم تستغرق سوى سويعات قليلة إلى الرياض قدم خلالها معلومات إستخبارية أمريكية حساسة إلى الأمير محمد بن سلمان، عن ملامح مؤامرة تدبر ضده من أسماء قدمت إليه وكانت هى الذريعة الحقيقية لعمليات الإعتقال والإحتجاز القسرى فى الريتز كارلتون.

وهنا نشأت الإلتزامات المتبادلة بين الأمير الشاب الطامح بجنوح إلى تولى العرش السعودى، والمستشار الجامح الطامح إلى الربح المالى وإلى تحقيق ما ظنه حلم الدولة اليهودية لجسر العلاقة الوطيدة بين إسرائيل والمملكة السعودية بكل ما تمثله المملكة من رمزية دينية لدى المسلمين فى العالم أجمع.

وهكذا بدأت تلوح فى الأفق إشارات وتسريبات ما بات يعرف بصفقة القرن التى لم تكتمل ملامحها بعد، وإن كانت قد تحددت أهدافها بوضوح فى تصفية نهائية للقضية الفلسطينية ، وإهدار دم الشعب الفلسطينى بسكينة عربية سافرة.

ولم يمض على هذه الزيارة للرئيس الأمريكى، والزيارات المتكررة السرية وغير السرية لصهره ومستشاره جاريد كوشنير، سوى شهور قليلة، إلا وجاء الإعلان الرسمى لولى العهدالسعودى فى أكتوبر عام 2017 عن ما يسمى “مشروع نيوم” NEOM ، والذى صممته وخططت له مؤسسة ” ماكينزى ” الأمريكية الضخمة للإستشارات والمشروعات.

وبرغم أن مؤسسة ماكينزى كانت وراء ما سبق وأعلن عنه الأمير الشاب محمد بن سلمان عام 2016 وأطلق عليه “رؤية 2030″، فأن مشروع نيوم لم يكن من تلك المشروعات التى أعلن عنها فى ذلك الحين.

فما هو مشروع نيوم؟ وما هى أبعاده وتداعياته على المملكة والمنطقة العربية بأسرها؟

أولا : وصف المشروع 

  1. يأتى مشروع نيوم فى إطار إعلان ولى العهد السعودى عن إقامة عدد أخر من المشروعات العمرانية الجيدة فى إطار ما سمى تنويع مصادر الدخل والنشاط الاقتصادى فى المملكة ومنها مشروعات الطائف الجديد، وبوابة الدرعية، والفيصلية، والبحر الأحمر، والقدية، وجدة داون تاون، ورؤى مكة، ورؤى المدينة، وأخيرا مشروع نيوم.
  2. وباستثناء مشروع نيوم فإن الملاحظ للمشروعات الخرى أنها مشروعات عقارية وسياحية وخدمية، ومناطق للجذب السياحى والترفيهى، والتسوق.
  3. أما مشروع نيوم فهو أضخمها من حيث الحجم والاستثمارات، واخطرها من حيث الأهداف والنتائج الجيوسياسية والجيو– إستراتيجية.
  4. ومشروع نيوم مقدر له حجم إستثمارت قدرها 500 مليار دولار، ومساحته المقدرة حوالى 26.5 ألف كيلو متر مربع، يقع على الساحل الشمالى الغربى للمملكة، أى على ضفاف خليج العقبة نزولا إلى البحر الأحمر وجزيرتى تيران وصنافير، ليمتد لحوالى 468 كيلو متر على الساحل.
  5. يبدأ تنفيذ المشروع على عدة مراحل تنتهى المرحلة الأولى المقدرة عام 2025، ويمتد بعد ذلك لينتهى عام 2050.
  6. سيركز المشروع على تسعة قطاعات استثمارية متخصصة أهمها السياحة والموانىء والطاقة والمياة والتقنيات الحيوية، والغذاء والترفية وسياحة اليخوت، والانتاج الإعلامى.
  7. يستهدف المشروع إقامة 7 نقاط جذب سياحى، وإقامة 50 منتجعا سياحيا، بالاضافة إلى أربعة مدن صغيرة على البحر الأحمر.
  8. يقع المشروع المعلن بين ثلاثة دول عربية هى المثلث الرابط بين السعودية والأردن وسيناء فى مصر.

ثانيا : السياق السياسى والتاريخى للمشروع 

يأتى السياق السياسى والتاريخى لمشروع نيوم السعودى الذى أعلنه ولى العهد الجديد فى أكتوبر عام 2017 فى سياق تاريخى وسياسى معين يمكن تحديده على النحو التالى:

  1. لا يمكن فصل طرح هذا المشروع دون أن يكون هناك ظل واضح لمشروع شيمون بيريز رئيس الوزراء الإسرائيلى وأحد كبار مؤسسى الكيان العنصرى فى فلسطين المحتلة الذى طرحه عام 1994 فى كتابه الشهير “الشرق الأوسط الجديد” بعد أن إكتملت سلسلة الاتفاقيات والتنازلات العربية لصالح إسرائيل بدءا بالزيارة المشئومة للرئيس المصرى أنور السادات للقدس المحتلة فى 19 نوفمبر عام 1977، مرورا بأتفاقية أوسلو عام 1993 مع منظمة التحرير الفلسطينية، إنتهاء باتفاقية “وادى عربة” مع الأردن عام 1994.
  2. يأتى طرح المشروع فى إطار تنسيق سرى محموم بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، والأمير السعودى الشاب الطامح  والجامح بقوة وإندفاع لتولى العرش السعودى متجاوزا كل الأعراف التى كانت سائدة فى تسلسل الأسرة الحاكمة السعودية، ومن خلال ترتيبات أشرف عليها مباشرة صهر الرئيس الأمريكى ومستشاره المقرب من الدوائر الصهيونية “جاريد كوشنير”، استمر لما يقارب الثمانية عشرة شهرا، ومنذ تولى الرئيس الأمريكى “دونالد ترامب” منصبه الرئاسى فى يناير من عام 2016.
  3. وجاء المشروع فى إطار تصريحات سعودية وبحرينية وأماراتية متناغمة بشأن التطبيع مع إسرائيل صاحبها زيارات علنية لوفود من هذه الدول إلى الكيان العنصرى فى فلسطين المحتلة، وصلت إلى حد القول بالحق التاريخى للتواجد اليهودى فى فلسطين والحق فى إقامة دولة يهودية فيها.
  4. جاء المشروع لينقل العلاقات المنفردة بين بعض الدول العربية ( مصر – الأردن – قطر ) وإسرائيل، إلى إطار إقليمى أوسع نطاق وأعمق حجما على كافة المستويات.
  5. وجاء إعلان المشروع بعد أن وقعت حكومة السيسى فى إبريل عام 2016 مع المملكة السعودية عدة أتفاقيات للتعاون الاقتصادى، ووعود باستثمارات ومساعدات تقدر بحوالى 25 مليار دولار فى السنوات الثلاثة القادمة، بالمقابل وقعت مصر ما سمى “اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المصرية – السعودية” تنازلت حكومة السيسى عن جزيرتى “تيران” و “صنافير” الاستراتيجيتين على مدخل خليج العقبة إلى المملكة، وبهذا تحول الممر المائى من ممر مصرى خالص إلى ممر دولى تتشارك فيه مصر والمملكة السعودية وإسرائيل والأردن، وبهذا توفر مجال جديد للتعاون الإقليمى بين هذه الدول.
  6. وتدشينا عمليا لهذا الإطار التعاونى الجديد، قام الرئيس الأمريكى “دونالد ترامب”  بعد إنتهاء زيارته للمملكة فى 22 مايو 2017، بالطيران مباشرة من الرياض إلى تل أبيب، ليفتتح بذلك وفى سابقة هى الأولى من نوعها الخط الملاحى الجوى بين المملكة وإسرائيل.
  7. وقد أكتمل الإعلان عن المشروع  بجولة لولى العهد السعودى الجديد “محمد بن سلمان”، إلى عدة عواصم أوربية، اختتمها بزيارة مطولة  بتاريخ 19/3/2018، استغرقت نحو أسبوعيين للولايات المتحدة الأمريكية، ألتقى خلالها بجماعات الضغط الصهيونية، وبقادة فى الكونجرس، ورؤوساء شركات كبرى، وحكام ولايات هامة، ليقدم نفسه من ناحية، ويرسخ لعلاقات التعاون الإقليمي المخطط إقامتها.

ثالثا : مخاطر هذا المشروع على البنيان العربى 

بإعلان عبد الفتاح السيسى بقبوله لهذا المشروع وتخصيص ألف كيلو متر مربع من مساحة سيناء، وعلى الساحل الشرقى من خليج العقبة، يكون هناك بنية هيكلية متعددة المستويات بين الدول الثلاثة المعلن عنها بالإضافة بالطبع إلى الكيان الإسرائيلى المشارك بقوة دون إعلان أو ضجيج.

وهذا المشروع الذى قدرت حجم إستثماراته خلال ثلاثين عاما بحوالى 500 مليار دولار (2017-2050) ، والتى ستشارك فيه كبريات الشركات العالمية، والدول وغيرها، ليس مجرد مشروع اقتصادى – برغم ضخامته – وأنما هو ترسيخ وتعميق لشراكة سياسية، وقانونية، واجتماعية مركبة وعميقة . وبالتالى سيؤثر تأثيرا بعيد المدى على كامل البنيان الجيو – سياسى ، والجيو – إستراتيجى للإقليم العربى والشرق أوسطى، ولقد أثبتت تجربة الأطر الفرعية للعمل العربى طوال الخمسين عاما الماضية خطورة هذه الأطر على الإطار العربى الجماعى المؤسسى، وبالتالى دقة الموقف المصرى الذى تبناه جمال عبد الناصر ضد هذه الكيانات الفرعية، سواء كان الاتحاد الهاشمى، أو الهلال الخصيب فى عهده، أو ما تكرر فيما بعد وفاته حينما انتشر هذا النمط الفرعى فى المنطقة، فضعضع البنية المؤسسية الجماعية، حينما أنتشرت أطر مثل مجلس التعاون المغربى، ومجلس التعاون العربى، ومجلس التعاون الخليجى، وكلها لم تضف للعمل العربى الجماعى بل على العكس، وفى هذا الإطار الجديد المسمى مشروع ” نيوم ” سوف تتمثل مخاطره  على النحو التالى:

  1. لعل من أولى ضحايا وتأثيرات هذا المشروع  هم الشعب الفلسطينى والقضية الفلسطينية تماما وبصورة نهائية، فالمشروع سوف يخلق تحالفا ثلاثيا عربيا – إسرائيليا متجاوزا الحقوق الفلسطينية، وتضيع معها واحدة من أهم أوراق القوة العربية والفلسطينية للأبد، خاصة إذا انضمت أو طلبت الانضمام دول عربية أخرى فى خضم بناء المشروع.
  2. بخلق هذا الإطار التعاونى الإقليمى، يكون الإطار الإقليمى العربى سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى، قد تلقى ضربة قاصمة إن لم تكن قاضية، لأن دول الثقل العربى المالى والسكانى قد انتقلت نهائيا إلى نمط وهيكل تعاونى إقليمى أخر، يحظى بكل الإهتمام الغربى والأمريكى، وبهذا ينفرط ما بقى من عقد عربى، فالمؤكد أن بقية دول ما يسمى مجلس التعاون الخليجى سوف يلتحق بهذا المشروع، بينما تذهب دول المغرب العربى فرادى إلى مسارات تعاون ذيلية مع أوروبا، ودول الشام تتجه إلى مسارات أخرى، هذا إذا لم تسع للانخراط فى هذا المشروع المشبوه، أما السودان فسوف يترك لمصيره الأفريقى ومعه الصومال.
  3. هذا النوع من المشروعات يصاحبها عادة إخراج هذه الأراضى والمساحات الهائلة من الدول المشاركة فيه من الإختصاص القضائى والقانونى للدول العربية، ويصبح خاضعا لقواعد قانونية دولية فى كافة المجالات ( العمالة – الجمارك – الضرائب  – الإدارة وغيرها )، بما يشكل خطورة إستراتيجية على المدى البعيد فى حال تجدد بؤر الصراع والنزاع من جهة، أو فى حالات الخلاف بين أطرافه الأربعة الأساسية، ولا شك أن مساحة ألف كيلو متر مربع من سيناء، وفى اهم المناطق الاستراتيجية الحساسة المجاورة لفلسطين المحتلة سيكون لها تداعيات خطيرة .
  4. الجوهر الغالب على هذا المشروع هو الأنشطة السياحية والعقارية والخدمية والتسويقية، مما سيعمق الاختلالات الهيكلية فى البنيان الاقتصادى للدول المشاركة فيه، سواء على المستوى الاقتصادى أو المستوى الاجتماعى، فغلبة الطابع الخدمى والسياحى على الاقتصاد فى الدول النامية مع إهمال قطاعات الانتاج السلعى، أن تجعل هذا الاقتصاد عرضة للمفاجآت والإهتزاز المستمر، خاصة إذا ارتبطت تلك القطاعات بالاقتصاد الرأسمالى العالمى ودورة إنتاجه وتمويله.
  5. من شأن قيام هذا المشروع تشجيع إسرائيل على بعض المشروعات التى قد تكون ضارة ومنافسة لقناة السويس، أو مشروعات محور القناة مثل قناة البحرين (البحر الميت بالبحر الأحمر)، وبالتالى خط النقل الممتد من إيلات  جنوبا إلى مينائى أشدود وحيفا غربا، مما يعزز من النفوذ الإسرائيلى فى المنطقة باعتبارها نقطة مقبولة لتقاطع حركة النقل والتجارة الإقليمية والدولية.
  6. من شأن أقامة هذا المشروع وبحكم الحقائق على الأرض أقامة تحالف إستراتيجى بين أطرافه ( السعودية – الأردن – مصر – إسرائيل ) متعدد الأبعاد، يتجاوز المفهوم الاقتصادى الضيق ليصل إلى تحالف ذو طبيعة عسكرية وأمنية، وهذا يمثل خطورة على مستقبل المنطقة العربية لسنوات وربما عقود قادمة.
  7. قد يؤدى هذا المشروع إلى خلق حقائق ديموجرافية جديدة، من خلال إستقدام عشرات الشركات المشاركة فيه لعشرات الآلاف من العمال والفنيين الأجانب من كافة دول العالم، ويستحيل معه اعتراض أي من الدول العربية المتورطة فيه بحكم البنية القانونية والإختصاص القضائى المظلل له.
  8. بإعلان السيسى عن إقتطاع ألف كيلو متر مربع من سيناء لصالح المشاركة فى هذا المشروع، ثم ما أعقبه من إعلان النية لتأسيس صندوق مصرى – سعودى بقيمة 10 مليار دولار للاستثمار فى هذه المنطقة كتحفيز سعودى للمشاركة المصرية، نصبح أمام وضع جيو –إستراتيجى جديد يحمل من المخاطر بأكثر مما يحمل من فرص للتنمية الاقليمية.

ولحسن الحظ فقد جاءت جريمة إغتيال وذبح وتقطيع جثة الصحفى السعودى المعارض جمال خاشقجى، لتوقف الإندفاع نحو تنفيذ هذا المشروع، وتدفع كثيرا من المستثمرين والشركات الغربية لمراجعة موقفها من الإدارة السعودية الراهنة التى تتسم بالكثير من الجنوح والغلظة والوحشية.
——————
بقلم: عبد الخالق فاروق *
*الخبير فى الشئون الاقتصادية والاستراتيجية

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم.. 2 أغسطس 1990..إيقاظ مبارك وفهد وحسين من النوم على اتصالات هاتفية باحتلال العراق للكويت

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 2 أغسطس 1990..إيقاظ مبارك وفهد وحسين من النوم على اتصالات …

2 تعليقان

  1. د عبد الرحيم سويسة

    ولا استبعد وجود أهداف تلمودية لهذا المشروع :

    فعلى المدى الطويل ستؤول غالبية ملكية هذه الشركة والأرض المقامة عليها إلى إسرائيل وستكون عبارة عن نواة استيطانية ستتمدد حسب مفهوم الاستيطان الزاحف لتصل إلى الأراضي المقدسة (المحرمة ) وتحقق حلمهم بالعودة إلى خيبر

  2. كما زوروا الأسفار وجعلوا فلسطين أرض الميعاد وأقنعوا يهود الخزر أنهم بني إسرائيل وجمعوهم لخدمة القوى الإستعمارية في العامل بزرعهم في الشرق الأوسط، الأن ييتمددون بناء على تزوير أخر أن بني إسرائيل خروجوا من مصر عبر جنوب سيناء وعبروا خليج العقبة عند نويبع المزينه إلي شمال الحجاز وسكنوا صحراء البدع.
    هذا وتتطابق المساحة المخصصة لمشروع نيوم في شمال الحجاز وجنوب سيناء مع خط سير ذلك الخروج والإستيطان المزعوم في زمن موسي.
    هم يألفون ويزورون ويقنعون متبع الدين البسيط بما زوروا ثم يسوقونهم لتنفيذ مخططاتهم خطوة خطوة ومهما تنوعت الأساليب فالهدف واحد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *