الرئيسية / أخــبار / التّعديلات الدستوريّة تُحوِّل مِصر إلى “ملكيّةٍ عسكريّةٍ” والسيسي رئيسًا مدى الحياة.. ما هي نُبوءة هيكل التي قالها قبل وفاتِه

التّعديلات الدستوريّة تُحوِّل مِصر إلى “ملكيّةٍ عسكريّةٍ” والسيسي رئيسًا مدى الحياة.. ما هي نُبوءة هيكل التي قالها قبل وفاتِه

التّعديلات الدستوريّة تُحوِّل مِصر إلى “ملكيّةٍ عسكريّةٍ” والسيسي رئيسًا مدى الحياة.. ما هي نُبوءة هيكل التي قالها قبل وفاتِه ببضعة أشهر؟ وما الذي تستطيع المُعارضة فِعله لوقف هذه التطوّرات غير المُفاجِئة؟ وما هي مَرجعيّتها الحقيقيّة؟ ولماذا الآن؟

يَصعُب علينا في هذه الصّحيفة “رأي اليوم” أن نفهم هذه الضجّة الكُبرى المُثارة حاليًّا في بعضِ الأوساط المِصريّة سواء داخل مِصر أو خارجها بسبب إدخال تعديلات دستوريّة تسمح للرئيس المِصري عبد الفتاح السيسي بالبقاء في الحُكم حتى عام 2034، فالبرلمان الذي عدّل هذا الدستور لم يتم انتِخاب أعضائه بطَريقةٍ ديمقراطيّةٍ شفّافة، واقتَصرت عُضويّته على المُؤيّدين للرئيس، باستِثناء 16 عُضوًا في حزب يقول إنّه “مُعارض” من مجموع ما يَقرُب من 600 عُضو، كما أنّ نتائج الاستِفتاء الشعبيّ للمُصادقة النّهائيّة عليها بعد شهرين مَعروفةٌ مُسبقًا، إن لم تَكُن قد تحدّدت بنسبة المُؤيّدين قبل شهرين.

الرئيس السيسي يُمثّل المؤسسة العسكريّة المِصريّة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك وبالعمليّة الديمقراطيّة المِصريّة والرئيس المُنتخب محمد مرسي في تمّوز (يوليو) عام 2013، وأسّست “لملكيّة عسكريّة” باتت تتحكّم بالبِلاد والعِباد وتُمسِك بقبضتها الحديديّة على كُل مُؤسّسات الدولة المصريّة ومُقدّراتها دون أيّ مُنافس، ومَن يُعارض وتُشكّل مُعارضته خطَرًا، مكانه خلف القُضبان، إن لم يَكُن على مِنصّات المشانق.

لم يَكُن من قبيل الصّدفة أن تأتي هذه التّعديلات الدستوريّة التي كان مِن أبرز موادها الجديدة تأكيد على “دور الجيش المِصريّ في صون الدّستور والديمقراطيّة”، بعد أيّام مِن احتفالات الذّكرى السنويّة لثورة 25 كانون الأوّل (يناير) عام 2013، التي أطاحت بحُكم الرئيس حسني مبارك، الديكتاتوريّ الفاسد، فاختِيار هذا التّوقيت كان مقصودًا لدفن هذه الثورة الشعبيّة العظيمة وإرثِها الدّيمقراطيّ.

أنصار الرئيس السيسي يقولون إنّ تمديد ولايته حتى 2034 يأتي ضروريًّا لإتاحة المزيد من الوقت أمامه لتنفيذ خُطط التنمية الاقتصاديّة التي بَدأها، وضمان استقرار مصر التي تُواجه أخطارًا أمنيّةً عديدةً وسط جِوارٍ مُلتهبٍ، بينما يرى مُعارضيه أن هذا التّمديد يُحوّل مِصر إلى ديكتاتوريّة عسكريّة، ويُلغي الحريّات الديمقراطيّة بأشكالها كافّة، بِما في ذلك التّداول السلميّ للسُّلطة عبر صناديق الاقتِراع في انتخاباتٍ شفّافةٍ.

طبعًا هُناك تعديلات أُخرى مِثل إلغاء الهيئة الوطنيّة لكُل من الإعلام والصحافة، ولكن أين هو الإعلام، وأين هي الصحافة، في الوقت الذي تحتل فيه مِصر المرتبة رقم 105 حسب تقرير مُنظّمة الشفافيّة الدوليّة للحريّات، الشيء نفسه يُقال أيضًا عن المادّة المُتعلّقة بإنشاء مجلس شيوخ مُكوّن من 250 عُضوًا يُعيّن الرئيس ثلثهم، فهذا المجلس سيكون نُسخةً طِبق الأصل من البرلمان الصوريّ الحاليّ، مُجرّد صورة أو “خيال مآته”.

الرئيس السيسي الذي يضع كُل السلطات بين يديه يتبع التجربة الصينيّة بكُل حذافيرها، أيّ إلغاء الانتخابات الرئاسيّة مثلما فعل الرئيس الصينيّ الحاليّ تشي جين بينع، ولكنّ الرئيس الصينيّ وحزبه قاد الصين إلى مصاف الدول العُظمى، وجعل من اقتِصادها ثاني أقوى اقتصاد في العالم بعد نظيره الأمريكيّ، ومن المُتوقّع أن يقفز إلى المرتبة الأُولى في غُضون خمس سنوات، فهل سيُحقّق الرئيس السيسي الإنجاز نفسه في مِصر ويُعيدها إلى مكانتها كقوّة قياديّة رائدة في الشرق الأوسط والعالم؟ هذا السّؤال افتراضيٌّ وسابِقٌ لأوانِه، ولكنّ هُناك الكثير من الشّكوك خاصَّةً في أوساط المُعارضين المِصريين، وما أكثرهم.

المُقرّبون من الرئيس السيسي ونظام حكمه يَهمِسون بأنّ الأمن والاستقرار يتقدّمان على كُل شيء بالنّسبة إليه وأجنداته، بِما في ذلك الديمقراطيّة، لأنّ التنمية الاقتصاديّة لا يُمكِن أن تتحقّق في ظِل الفوضى والإرهاب، ولكن الرّد على هذه المقولة يبدو سهلًا لأنّ هُناك العديد من الدّول في العالم تحوّلت إلى نُمور اقتصاديّة عبر بوّابة الديمقراطيّة والحُريّات، أبرزها ماليزيا وأندونيسيا، ناهِيك عن الدول الغربيّة.

المرحوم محمد حسنين هيكل، الذي كانَ من أبرز المُؤيّدين للرئيس السيسي، أكّد في جلسةٍ خاصّةٍ انعقدت في بيروت أثناء زيارته لها قبل وفاته ببضعة أشهر، أنّ مِصر لن يحكمها إلا الجيش المصري، وأحد ضبّاطه على وجه الخصوص، سواء كان ببزّة عسكريّة أو ملابس مدنيّة، والمُؤسّسة العسكريّة هي التي أطاحت بالرئيس مبارك لأنّه رضخ في أيّامه الأخيرة لضُغوط زوجته وقبل بتولّي ابنه جمال السّلطة من بعده ومنحه والمجموعة المُحيطة به صلاحيّات واسعة حتى بات الحاكم الفِعليّ للبِلاد.

ما جَرى ويجرِي يُؤكّد هذه النّبوءة، فمِصر تترسّخ فيها “الملكيّة العسكريّة” حاليًّا، والرئيس السيسي سيَبقى في السلطة ليس فقط حتى 2034، وإنّما طالما بقي حيًّا، ويتمتّع بدعم مؤسسة الجيش، وسيُعدّل الدستور مرّةً أُخرى في ثوانٍ مَعدودةٍ، اللهم إلا حدثت “معجزة ما”، ليس إلا، رغم ثقتنا بأنّنا لسنا في زمن المُعجزات.. واللُه أعلم.

“رأي اليوم”

عن admin

شاهد أيضاً

تحميل كتاب : دراسة مقارنة الوحدة الألمانية و الوحدة المصرية السورية 1958_ بقلم : دكتور صفوت حاتم

بقلم : دكتور صفوت حاتم 1– في فبراير عام 2008 ..  أقيمت في القاهرة ” …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *