الرئيسية / أخــبار / ترامب وحماقات جديدة تثير الفوضى ضد فنزويلا – بقلم : محمد عبد الحكم دياب

ترامب وحماقات جديدة تثير الفوضى ضد فنزويلا – بقلم : محمد عبد الحكم دياب

 

02, Feb. 2019

2011-634608366251434092-143-150x150.jpg 

 

يرتكب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واحدة من حماقاته «الديمقراطية»، ومثل آخرين من رؤساء أمريكا جعل إلديمقراطية مبرراً للعدوان والتدخل والتمييز العنصري، في تناقض واضح مع الديمقراطية الحقة، وبلغة أدق فإن الديمقراطية الغربية تعني «الليبرالية»، وهي نظريا تعتمد العمل السلمي، ولغة الحوار، وحماية حقوق الإنسان، وضمان حرية التعبير، وحق المشاركة وتداول السلطة، وكل ذلك غاب عن الدول الغربية الكبرى، واتخذتها ذريعة للفتن والتدخل، والحروب العدوانية، والفوضى وعدم الاستقرار في العالم. ولم تَبْد محاولة واحدة، قدمت فيها هذه الدول جهداً استَنفد الوسائل الديمقراطية، أو استمرت بها حتى منتهاها، بل تحشد الجيوش، وتجند وتدرب وتسلح مليشيات سابقة التجهيز، وتطلقها ضد مدنيين وأبرياء ونساء وأطفال وكهول ومعوقين.

هل الديمقراطية هي التي صنعت الدولة الصهيونية، وانتزعت فلسطين من أهلها؟، أم أنها فرضت بمخططات القوى الكبرى وتدخلاتها، وبالمليشيات شبه العسكرية، والتهجير القسري؟.. وبتوالي الفتن والغزوات والتدخلات تحت لافتة الديمقراطية، ازداد الزعم بأن الدولة الصهيونية هي «الديمقراطية الوحيدة» بين الطغاة والمستبدين والمعادين لحقوق الإنسان.. لم نسمع عن جهد غربي حقيقي استنبت ديمقراطية ورعاها بنفس مستوى زراعة وتكاليف رعاية الدولة الصهيونية، وتمت بالحديد والنار وجهود ضخمة لإمبراطوريتين غربيتين، بريطانية وفرنسية، ولحقت بهما إمبراطورية أمريكية بعد الحرب العالمية الثانية.

وكم من مرة ذكرنا أن الغزوات الموجهة لـ «القارة العربية»، والحروب العالمية التي استهدفتها، منذ غزو نابليون لمصر والشام في القرن الثامن عشر، وصولاً للحربين العالميتين الأولى والثانية، بدت كلها من أجل الإعداد لاستقبال جحافل المهاجرين الصهاينة في فلسطين، وبدايات زراعة جسم بشري غريب وسط المنطقة الممتدة من الخليج إلى المحيط، واستولت عليها، وهيأتها للبلقنة والتقسيم، بدويلات عرقية، وكانتونات مذهبية، وكيانات طائفية، وجماعات انعزالية، وجَعْل «الجسم الغريب» كيانا أكبر وأقوى من أي فسيفساء مجتمعة أو متناثرة.

وشهد العالم ما جرى للصومال وما حدث للعراق ولبنان وغزة، ثم ما حدث لليبيا وسوريا واليمن.. وكل ذلك نُفذ بمليشيات إرهابية هلت كالجراد، فدمرت أوطانا وإفرغتها من أهلها، واستبدلتها بعشائر ودويلات تحت أعلام إنعزالية وإرهابية سوداء.. وكثير من هذا تحقق بجهود ومشاركات عربية وإسلامية.. ولما جاءت إفاقة متأخرة كان ما جرى قد جرى خاصة في سوريا، فتحولت غالبيتها لأطلال ما زالت تنتظر التعمير.

وبدا الأمر وكأن تدمير العراق والاستدارة على غزة ولبنان وسوريا ثم ليبيا واليمن، بدا ذلك أيذانا بدخول المرحلة الأخيرة من تصفية القضية الفلسطينية، وكانت أهم دلالاتها انتقال السفارة الأمريكية إلى «القدس»، وسحب الاعتراف بأي حق فلسطيني، ولو كان جزئيا، كحق إقامة دولة على جزء من الأرض الفلسطينية (الأصلية) التاريخية، وحتى «ربع الحل» لم يعد مطروحا من قِبَل ترامب، وهو في حقيقته يمثل تل أبيب في البيت الأبيض.

تطرقنا لذلك اقتناعا بعلاقته بما يحدث في فنزويلا.. وهو استكمال ما جرى لدول «القارة العربية» المثخنة بالجراح والطعنات، وفنزويلا من أكثر الدول ارتباطا وعلى تماس بقوى التحرر العربية، وتعلق شعبها بفلسطين، وسلك طريق الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، في التحرر والتنمية، والعدالة والاشتراكية والوحدة، سلكه طريقا له، واتخذ «ميثاقه الوطني» دليلا لعمله وفلسفة للتغيير الشامل في قارته البعيدة. 

وترامب، المُصِر على إقامة سور عنصري يفصل بينه وبين جيرانه المكسيكيين، تحيَّن الفرص للثأر من الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز في شخص الرئيس نيكولاس مادورو، لموقفه المنصف من القضية الفلسطينية، وإدانته الكاملة للصهيونية. وواتت الفرص ترامب بسبب غياب الدور العربي الجماعي الفاعل، وانشغال العالم الإسلامي وغير الإسلامي بالصراعات الأهلية والحروب البينية، ذلك مكّن الحركة الصهيونية من اختراق كثير من دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية، ولم تكن كراكاس العاصمة الوحيدة المستثناة من الاختراقات.

ومن أجل أن يغطي ترامب على الشراكة الصهيونية بادر بطلب دعم تل أبيب لـ«خوان جوايدو» المناهض للرئيس الفنزويلي، وقد قبل بتنصيب ترامب له بديلا لـ«نيكولاس مادورو»، وطلب يوم السبت قبل الماضي من تل أبيب الإعلان رسميا عن دعم الإجراءات الهادفة للإطاحة بالرئيس الفنزويلي، ودعم الزعيم المناهض، ليكون رئيسا مؤقتا للبلاد.

وبثت القناة الصهيونية رقم 13، في تقريرها مساء السبت الماضي (26 يناير/كانون الثاني) بأن «رسالة أمريكية بهذا الخصوص حملها يوم 24 يناير الماضي مسئولون من وزارة الخارجية الأمريكية إلى سفارة تل أبيب في الولايات المتحدة».. وبها حازت الدولة الصهيونية على إمكانية التدخل المعلن في الشأن الفنزويلي، ونقلت نفس القناة عن مسـؤول صهيوني رفيع المستوى قوله إن رسالة مشابهة نقلتها واشنطن إلي حلفائها حول العالم!!.. هذا في وقت أعلن فيه وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو مساء الجمعة 25 يناير، «تعيين دبلوماسي أمريكي سابق مسؤول عن استعادة الديمقراطية في فنزويلا»!!.

وفي هذا المناخ، تمكن ترامب من الضغط على الأتباع من الرسميين العرب، وتحريضهم على الوقوف في صف عزل الرئيس الفنزويلي وتكثيف الحرب النفسية ضده، وتضخيم ما وُصِف بالأزمة الإنسانية المتفاقمة والقمع السياسي في فنزويلا. ووصل الحال مداه أن اعتبرت الإدارة الأمريكية عزل «مادورو» أمر مفروغ منه، وصرح نائب الرئيس الأمريكي «مايك بنس» أمام قمة دول منظمة الأمريكتين، التي عقدت مؤخراً في «ليما» عاصمة «بيرو» بأن تاريخ 20 مايو/أيار القادم هو موعد إجراء انتخابات الرئاسة الفنزويلية.

وذكرت وكالات أنباء غربية أن المنظمة المعروفة بـ«مجموعة ليما» تأسست العام الماضي، بدعوى التوصل لنهاية سلمية للاضطرابات في فنزويلا. واستند إليها ترامب في تدشين مرحلة جديدة من التدخل الخشن في فنزويلا، وكل جريمتها أنها خالفت رأي رئيس «مصهين»، يعادي القضية الفلسطينية ولا يقر بأي مساعي محلية أو إقليمية أو أممية لحل عادل لها.. وفي حالة سقوط فنزويلا ستغلق أهم نوافذ التخفيف البعيدة، التي أطلت منها القضية الفلسطينية على العالم، وقللت من خشونة ذوي القربى والأشقاء بأبوابهم الموصدة.

وإذا ما انهار حكم «مادورو» سيتمكن ترامب من السطو على ثروات أكبر بلد منتج للنفط في العالم، وسيسيطر على أوضاعه الاقتصادية والمالية ومقدراته السياسية، وتتأكد نظرته إلى فنزويلا كحديقة تابعة، «استردها بديمقراطية الحديد والنار، كما استرد العراق وليبيا، ولم يكتمل استرداد سوريا، وهذا أمر يطول شرحه. وعيّن وزير الخارجية الأمريكي «مايك بومبيو» يوم الجمعة قبل الماضية دبلوماسيا سابقا هو «اليوت أبرامز» مسؤولا في وزارة الخارجية عن «استعادة الديمقراطية» لفنزويلا، وكم من الجرائم تُقْتَرف في حق الإنسانية، وكم من الحماقات تُرْتَكب باسم ديمقراطية خشنة ومسلحة!!.

وافتتحت المملكة المغربية مهرجان بيانات الدعم الرسمي العربي، ورحب «البيان الأول»، بإجراءات «جوايدو» لتحقيق ما سمّاه «الاستجابة للتطلعات الشرعية للشعب الفنزويلي»!!، ويبدو أن ذلك الافتتاح مقدمة لبيانات ستأتي تباعاً من ملوك وأمراء وحكّام عرب آخرين!!.


عن admin

شاهد أيضاً

تحميل كتاب : دراسة مقارنة الوحدة الألمانية و الوحدة المصرية السورية 1958_ بقلم : دكتور صفوت حاتم

بقلم : دكتور صفوت حاتم 1– في فبراير عام 2008 ..  أقيمت في القاهرة ” …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *