أخبار عاجلة
الرئيسية / أخــبار / الشللية أقوى أنواع الفساد ودولة القانون تحمي البلاد من الإرهاب والأزمات الاقتصادية والسياسية

الشللية أقوى أنواع الفساد ودولة القانون تحمي البلاد من الإرهاب والأزمات الاقتصادية والسياسية

 

حسنين كروم

 أبرز وأخطر الأحداث التي وردت أخبارها في الصحف المصرية الصادرة يومي السبت والأحد 29 و30 ديسمبر/كانون الأول، كان تعرض أتوبيس سياحي يقل سائحين من فيتنام في طريق المريوطية في الهرم، لتفجير عبوة ناسفة، أدت إلى مقتل سائحين والمرشد المصري، وإصابة عدد آخر. ولم يكن مفهوما القول بأن العبوة كانت بدائية الصنع!

الحكومة تضرب ظهور الفقراء بسياط الأسعار وتترك المواطنين نهبا لجشع التجار والخشية من انفجار جديد

بدائية الصنع وتحدث هذه الآثار الجسيمة؟! كما أنها تدل على وجود خلية لا يقل عدد أفرادها عن أربعة أو خمسة ما بين معد للعبوة ومن اشتروا موادها ومن راقبوا الطريق، ولابد أنهم من أهل المنطقة لا من خارجها، لأنهم لم يلفتوا انتباه أحد للإبلاغ عنهم، في ما لو كانوا غرباء عنها، ما سيؤدي إلى تمشيط المنطقة كلها حتى تستكمل الشرطة، خاصة جهاز أمن الدولة خريطة المعلومات الكثيفة لديه، وكان الجهاز يراقب ثلاث مجموعات من الإرهابيين، موزعين على مدينة السادس من أكتوبر، ومنطقة مساكن أبناء الجيزة في طريق الواحات ومساكن «ابن بيتك في مدينة العريش» انتظارا لانضمام آخرين إليهم، إلا انه خوفا من إفلات بعضهم عن المراقبة والقيام بعمليات مشابهة سارعت الشرطة إلى مهاجمة الأماكن الثلاثة، وقتلت أربعين إرهابيا موجودين داخلها. كما واصلت حملاتها المستمرة على الهاربين من الأحكام، ومن العناصر الإجرامية وتجار المخدرات والسلاح والبلطجية، في عدد كبير من المحافظات. واستحوذت أحداث العام الذي سينتهي، على مساحات كبيرة من الصحف. وانخفاض معدل البطالة وانتعاش حركة السياحة وزيادة التصدير للخارج عن عام 2017 بحوالي ملياري دولار. وواصلت الصحف الكتابة عن الرئيس الراحل أنور السادات، وعن التطورات في سوريا بترحاب ودعوات للدول العربية أن تنهي خلافاتها، وتعود للتعاون في ما بينها. ومع ذلك كان الاهتمام الأكبر بامتحانات منتصف العام، الابتدائي والإعدادي والثانوي، وهي قضية كل بيت وكذلك الشكوى من استمرار ارتفاع أسعار السلع والخدمات. وإلى ما عندنا من أخبار متنوعة..

الرئيس والسلطة

ونبدأ بالهجوم الذي شنه في «المصري اليوم» رئيس تحريرها الأسبق محمد السيد صالح ضد الرئيسين الراحلين عبد الناصر والسادات، واتهمهما بالديكتاتورية، وطالب الرئيس السيسي عدم تقليدهما والسماح بنقده ونظامه وهو في الحكم كما هاجم سياسات الحكومة وقال: «تابعت الجدل المحتدم حاليا بين الناصريين والساداتيين في الذكرى المئوية للزعمين الراحلين، ولم أجد فروقا جوهرية بين الاثنين. الرئيسان آمنا بالحكم الفردي وتغييب الشعب، فأهدرا الحريات وارتكبا أخطاء عديدة بلا رقيب برلماني أو شعبي، لهما إنجازات عديدة كانا مصريين وطنيين- هكذا نعتقد- لكن الأخطاء العريضة نفسها، كما هي في التعامل مع الشعب. أتمنى أن أستطيع أنا وغيري أن نقول رأينا بصراحة في ممارسات وأخطاء حالية، هذا أفضل بكثير للقيادة ولمصر كلها. من الأفضل أن نتحدث الآن بحرية بدلا من أن نترك التاريخ ليهزمنا جميعا، حكاما ومحكومين. أما عن باقي أمنياتي في العام الجديد فتبدأ أولاها بضرورة مراجعة الإجراءات الاقتصادية الحالية، روشتة «صندوق النقد» ليست قرآنا. أحوال الناس صعبة جدا ولا يستطيعون التعبير عن أحوالهم بشكل جيد، وأخشى من انفجار جديد أتمنى مزيدا من الاهتمام بالخدمات والمرافق في العاصمة والمحافظات. أحوال الشوارع صعبة القمامة في كل مكان. مطلوب تنفيذ دراسات جدوى للمشروعات العملاقة التي استنفدت المدخرات العامة والخاصة، أتمنى الاهتمام بالصناعة من خلال خطة لإنقاذ المصانع المتعثرة الصغيرة والمتوسطة، ووقف السياسة الجديدة لبيع أصول مصانع وشركات قطاع الأعمال. أتمنى نسيما إعلاميا صحيا، الأجواء قاتمة في كل المؤسسات الخاصة والعامة، أخشى من المعلومات المتداولة حول عودة الرقابة بالطريقة التي كانت عليها في قاهرة الخمسينيات والستينيات، أتمنى قضاء نهائيّا على الإرهاب وتنمية حقيقية في سيناء، وإدارة محترفة للثروات. المزارعون وأصحاب المصانع والأهالى هناك يعانون من عدم تطابق القرارات والممارسات مع سياسات الرئيس حول التنمية هناك. أتمنى تحريكا لملف المحبوسين احتياطيا، أرقامهم مُرعبة وأخشى أن يتحول الملف إلى ورقة ضغط ضدنا. وآخر أمنية تتمثل في الإبقاء على الدستور كما هو بدون تغييره لأي هدف – حتى لو كان لصالح الاستقرار، أو يحركه حب صادق للرئيس، هو خطيئة ستعيدنا إلى الدائرة المفروضة علينا وكأننا ارتكبنا خطيئة أقوى مما أقدم عليه «سيزيف» في الأسطورة الإغريقية القديمة. أتمنى أن يأتينا 2019 ويتركنا على خير».

تعديل الدستور

ولكن رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم» ياسر رزق، طالب بتعديل مواد عديدة في الدستور لتلائم الوضع الحالي، ومما طالب به إتاحة الفرصة للرئيس السيسي لاستكمال ما بدأه من إنجازات، والحفاظ على استقرار البلاد، وبدلا من فتح مدد الرئاسة اقترح بعد انتهاء فترة حكم الرئيس تشكيل مجلس انتقالي يترأسه السيسي ويدير البلاد، وقال محذرا أيضا من تحالف الإخوان مع أنصار مبارك: «هذا العام ينبغي أن يكون بداية إصلاح سياسي تأخر، كان في الإمكان البدء مبكرا لولا أحوال أمن داخلية كانت لها الأولوية، وتهديدات خارجية استحوذت على بؤرة الاهتمام، ولولا قيود دستور أعددناه على عجل، بدون قراءة لواقع مغاير ومواد دستورية حاكمة صيغت بصبغة الدستور السابق، الذي وضعه الإخوان على مقاسهم. الإصلاح السياسي الذي أعنيه هو عملية تغيير تعزز الحياة الحزبية وتدعم القوى السياسية وتؤسس لتداول السلطة، في ظل نظام 30 يونيو/حزيران، وتكفل حرية الرأي والتعبير للكتلة الوطنية. صلب التعديل الدستوري – بكل وضوح- يتعلق بمواد أخرى تؤمن غالبية الرأي العام بضرورة تعديلها حرصا على مصلحة وطنية لا مراء فيها، بينما تحوم حولها شريحة من المثقفين والسياسيين، وتحجم عن الولوج المباشر إليها، أو التحدث الصريح عنها، خشية التعرض لقصف باتهامات سابقة التجهيز، من جانب تيارات هي في معظمها تنتمى لجماعة الإخوان، أو لا تتورع عن التحالف معها، على رأس تلك المواد المادة 140 من الدستور، ومن قبلها المادة 226 في فقرتها الأخيرة، التي تمنع إجراء تعديل على النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، وهو أمر يغل يد الشعب عن إجراء تعديل على دستور وضع هو مواده ونصوصه، وكأن الدستور كتاب سماوي منزل غير قابل للتعديل. ولا أشك في أن القلق الذي تشعر به الغالبية الكاسحة إزاء مستقبل الحكم بعد انتهاء السنوات الثلاث المتبقية على رئاسة السيسي، في ظل النصوص القائمة في الدستور، يوازيه تحفز لدى جماعة الإخوان وترقب لدى جماعة ما قبل 25 يناير/كانون الثاني لوصل ما انقطع من أسباب السلطة والانقضاض على الحكم، معبئين بكل شحنات الانتقام والغل السياسي، وإذا سارت الأمور في اتجاه الاكتفاء بزيادة سنوات المدة الرئاسية -كنص انتقالي- إلى 6 سنوات، وعدم توسعة مدد الولاية عن مدتين، أو حتى إذا رُئي – وهو ما أستبعده- الإبقاء على النص الحالي فإنني أرى أن المصلحة العليا للبلاد التي أحسبها مهددة اعتبارا من شتاء 2021/ 2022 تقتضي إضافة مادة إلى الدستور تنص على إنشاء مجلس انتقالي مدته خمس سنوات، تبدأ مع انتهاء فترة رئاسة السيسي، هو مجلس حماية الدولة وأهداف الثورة، على أن يترأس المجلس عبدالفتاح السيسي بوصفه مؤسس نظام 30 يونيو/حزيران، ومطلق بيان الثالث من يوليو/تموز. ويضم المجلس في عضويته الرئيسين السابق والتالي على السيسي ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الشيوخ «إذا أنشئ المجلس» ورئيس مجلس الوزراء ورئيس المحكمة الدستورية العليا والقائد العام للقوات المسلحة، ورئيس المخابرات العامة، ورؤساء المجالس المعنية بالمرأة والإعلام وحقوق الإنسان. ويتولى المجلس كمهمة رئيسية له اتخاذ التدابير الضرورية عند تعرض الدولة لمخاطر تستهدف تقويضها أو الخروج على مبادئ ثورة 30 يونيو. وفي كل الأحوال ليست بدعة تنفرد بها مصر إذا استحدثت مادة جديدة أو أضيفت فقرة إلى المادة 200 الخاصة بمهام القوات المسلحة، تنص على أنها هي الحارس على مبادئ ثورة الثلاثين من يونيو وأهداف بيان الثالث من يوليو».

شهادة مبارك

وإلى الشهادة التي أدلى بها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك أمام محكمة الجنايات ضد الرئيس الأسبق محمد مرسي، في قضية اقتحام السجون أثناء ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وأكد فيها أن حركة حماس في قطاع غزة شاركت في اقتحام السجون في مصر، وأبدى مريد صبحي في «الأهرام» سخريته من الضجة التي أثارتها الصحف قبلها عن هذه الشهادة وأهميتها، لأنها ستكون أول مواجهة بين رئيسين سابقين على طرفي نقيض. وحمل مبارك المسؤولية الكاملة عن تزايد نفوذ الإخوان وقال تحت عنوان «شهادة مبارك ليست للتاريخ»: «بعد ترقب وطول انتظار من الرأي العام لعدة أسابيع، أدلى الرئيس الأسبق حسني مبارك بشهادته في قضية ما يسمى باقتحام الحدود الشرقية المتهم فيها المعزول مرسي و27 آخرين. وعلى عكس المتوقع لم تأت شهادة مبارك بمفاجآت، كما روج لها الإعلام، ولم تكن مناظرة بين رئيسين سابقين أحدهما في قفص الاتهام والآخر خرج منه بحكم القضاء؛ فقد ظهر مبارك وربما للمرة الأولى أمام الرأي العام بكامل هيئته، منذ ثورة يناير/كانون الثاني، فهو يمثل أمام المحكمة هذه المرة كشاهد وليس متهما، وتفاصيل شهادته تنم عن وعي وإدراك كامل لما يقول، بالتنسيق مع محاميه بالطبع، مثل طلبه إذنا للحديث عن دور الإخوان في ثورة يناير، وتآمرهم لإسقاط الدولة بالتنسيق مع حماس بدعم من تركيا وتحريض من إيران، ولكنه رفض الخوض في التفاصيل، مشيرا إلى انها متعلقة بأمن البلد. وتارة بقوله حتى لا أقع تحت طائلة القانون، وأخرج من هنا على حتة تانية، يقصد السجن وقد اتسمت إجابات مبارك بالعمومية حتى لا ينزلق إلى إشكاليات قانونية أو يورط نفسه في وقائع تدخل في إطار مسؤولياته الدستورية كرئيس سابق، فضلا عن أن ما حدث لمبارك منذ الثورة وحتى الآن يجعل الذاكرة تهرب منه إيثارا للسلامة، فجاءت شهادته كإجراء قانوني أمام المحكمة أكثر منها شهادة للتاريخ. ولكنني كنت أود سؤاله من الذي دفع بالإخوان للمعترك السياسي تحت شعار الجماعة المحظورة؟ وحصولهم على 88 مقعدا في برلمان 2005 وفتح المجال الاقتصادي أمامهم على مصراعيه فامتلكوا المولات والشركات والمحال الكبرى، كما أجاب هو بقوله ليست لديهم مشكلة في التمويل».

الصورة الإيجابية

«رغم كل الصخب الذي أثارته شهادة مبارك ما بين مؤيد ومعارض، إلا أنها ستبقى في رأي عمرو الشوبكي في «المصري اليوم» صورة إيجابية في تاريخ مصر السياسي، أن نرى رئيسا سابقا يسير آمنا على قدميه ويذهب كأي مواطن ليدلي بشهادته في المحكمة، أيا كان الرأي في هذه الشهادة. مقالات متعلقة والحقيقة أن صورة مبارك مازالت تثير الجدل والخلاف في مصر، لكنها لم تعد هي مصدر الاستقطاب، ولذا سنجد أن هناك من دافع عن مبارك وهناك من هاجمه، وكلا الفريقين نسي أو تناسى أن الخلاف مع الرجل أو تأييده أمر مشروع في السياسة، وأن الصورة الإيجابية التي أخرجتها مصر عقب ثورة يناير/كانون الثاني هي في قدرتها على ألا تسقط في مسار الانتقام الثوري، وتصفية الحسابات السياسية بإعدام مبارك ورجاله، كما طالب البعض، لأن البلاد التي أعدم فيها الناس بأيديهم حكامهم مثل القذافي في ليبيا، لم تخرج من دائرة العنف والانتقام المتبادل حتى اللحظة. لقد صمدت مصر في مواجهة خيارات الانتقام الثوري والديني، وتمسكت بالمسار القانوني الذي جعلنا نرى أول رئيس مصري سابق يمارس حياته بشكل طبيعي. إن مشهد سقوط مبارك والتمسك بمحاكمته (مهما كانت انتقادات البعض) وإدانته بالسجن المؤبد، ثم إعادة محاكمته وبراءته، ثم إدانته بحكم بات ونهائي من محكمة النقض في قضية فساد القصور الرئاسية، وينفذ الرجل الحكم ويخرج بعدها بشكل طبيعي، هي أمور في جوهرها إيجابية. إن قبول فريق سياسي معارض بالقواعد القانونية السائدة بشرط أن تطبق على الجميع وبشكل غير انتقائي، فلا يستفيد منها فقط إلا مبارك، وتتجاهل حقوق شباب مدني محبوس منذ سنوات. أزمة مصر لم تكن في الانتقام ممن حكموها، إنما تغيير المنظومة السياسية والاجتماعية والثقافية التي أفرزوها، وهذا لن يتم إلا بدولة قانون وتغيير تدريجي للمنظومة السائدة، لا الانتقام من أشخاص. لقد طبق القانون على مبارك وأدين في حكم نفذه الرجل وخرج وأصبح من حقه (مهما كان رأينا في حكمه) أن يمارس حياته بشكل طبيعي، وأن كل من يشغل باله بتصفية حسابات مع مبارك هو يهدم المستقبل لصالح صراعات الماضي. لم أكن من مؤيدي مبارك حين كان في السلطة، والرجل له إيجابيات كثيرة وسلبيات أكثر، وأهم إيجابياته أنه سمح بهامش ديمقراطي، وأنه انتمى لجيل القادة المحاربين الكبار من جنرالات عظماء حرروا الأرض وأعادوا الكرامة، وأن الاختلاف الكلي أو الجزئي مع مبارك لا يجعلنا نهدم المبدأ القانوني الذي يحكمنا جميعا، وتصبح قضيتنا تطبيق القانون على الجميع، لا أن يبدو أنه أنصف مبارك وجار على آخرين. فالعدالة مطلوبة للجميع ولكل الاتجاهات السياسية، ودولة القانون هي وحدها القادرة على حماية البلاد من الإرهاب والأزمات الاقتصادية والسياسية».

المتشددون

«تواصل تحريض المتشددين من رجال الدين لمنع تبادل التهاني بين المصريين في المناسبات الدينية المسيحية، منهم من توقف عند عدم جواز التهنئة، ومنهم من كال السباب للرموز المسيحية والاجتماعية المرتبطة ببعض المناسبات الدينية، مثل شخصية «بابا نويل» و«شجرة الميلاد» حيث أفتى بتحريمهما. منهم من ارتكب جرائم ازدراء المسيحية عند التعرض للتحريم، ولم يبادر أحد في رأي عماد جاد في «المصري اليوم»، بمحاسبة هؤلاء على تجاوزاتهم وتجاوبهم، لاسيما أنهم شخصيات معروفة وتظهر على وسائل الإعلام المختلفة. كنا ننتظر من مؤسسة الأزهر أن تبادر بالتصدي لهؤلاء المتشددين، وتقدم رؤيتها الوسطية التي ترفض الإساءة لأديان ومعتقدات مواطنين مصريين، كنا نتمنى من مؤسسة الأزهر أن تبادر بالتصدي لهؤلاء، عبر التأكيد على عدم جواز الإساءة للأديان والمعتقدات، والتشديد على وحدة المصريين وتلاحمهم. ما حدث هو أن دار الإفتاء تصدت للمهمة، وأصدرت فتوى تبيح جواز تهنئة غير المسلمين بشرط استخدام مصطلحات لا تخالف الشريعة الإسلامية، وهي فتوى أثارت من الجدل أكثر مما حسمت السجال الدائر، فما معنى «بما لا يخالف الشريعة الإسلامية»، هل معنى ذلك استخدام مفردات إسلامية في التهنئة؟ أم أن المقصود هو أن التهنئة تكون بما لا يخالف شرع الله على غرار ما أضاف تيار الإسلام السياسي إلى قسم الولاء للبلاد، عند بدء دورة مجلس الشعب السابق. في تقديري أن الهدف من إضافة، «بما لا يخالف الشريعة الإسلامية» الوارد في فتوى دار الإفتاء هو النص على جواز التهنئة في مناسبات وعدم جوازها في مناسبات أخرى، حسب الشريعة الإسلامية. نحن لسنا في مجال السجال بين الأديان والعقائد، فهذه قضية إيمانية تخص اتباع كل ديانة، ولا فائدة من السجال على أرضية دينية، بل نحن نتحدث عن تعايش أبناء بلد واحد ينحدرون في غالبيتهم الساحقة من الأصل العرقي نفسه، حيث كشفت دراسات جينية عن أن أكثر من 98٪ من المصريين ينحدرون من أصل عرقي واحد، فهم جميعا أقباط، أي مصريون، تحولوا في مرحلة تاريخية إلى المسيحية وتحولت الغالبية في مرحلة تاريخية تالية إلى الإسلام. والأصل في علاقة البشر هو التعايش والحياة المشتركة، بغض النظر عن الاختلافات، وعندما يتبادل البشر التهاني في مناسبات مختلفة فهم لا ينطلقون من إطار ديني أوعقيدي، بل من أرضية إنسانية، إنني أشاركه اعتقاده أو إنني أؤمن بما يؤمن به، فقط أقدم له التهنئة وأتمنى له السعادة والخير كإنسان. وفي تديين التهانى ضرب لفكرة الوطن والوطنية والعيش المشترك، بكل ما يعني ذلك من تنوع وتعدد واختلاف. نظرة خاطفة على ما يتردد على شبكة التواصل الاجتماعي، وما يصدر عن شباب غض، بل ومشايخ كبار يكشف عن مرض عضال الشفاء منه عسير للغاية، ففيروس التعصب والتطرف ضرب قطاعات واسعة من المصريين والأكثر خطورة استمرار النهل من منابع سلفية قديمة بعضها يقول إن الله يغفر ارتكاب المعاصي كافة، ولكنه لا يغفر للمسلم «تهنئة النصراني». في تقديري إن القضية أبعد من التهنئة بالأعياد، القضية هي نشر الكآبة والكراهية بين المصريين، وتركت الدولة الميدان مفتوحا بالكامل أمام هؤلاء العابثين بوحدة الوطن، أمنه واستقراره، القضية أكبر بكثير من التهنئة بالأعياد، القضية تخص ضرب، بل وأد فكرة الدولة المدنية، وتديين المجال العام وتهيئة المسرح أمام ركوب أي تيار ديني للموجة، فما أشبه اليوم بالبارحة، ففي الأمس هيأ مبارك الساحة للإخوان، واليوم الساحة مهيئة لفصيل آخر لحصد ثمار تديين المجال العام، فالمجتمع جاهز لذلك تماما، والدولة المصرية غائبة عن المشهد، وقد يكون الثمن هذه المرة أمن الوطن، وحدته بل وتماسكه، فإما سياسة جديدة جذريا ومراجعة شاملة وتطبيق القانون بعين مجردة على الجميع أو التحلل والتفكك».

ندوب على جسد السياحة

عماد الدين حسين يتساءل في مقاله في «الشروق»: «هل الانفجار الإرهابي الذي استهدف السائحين الفيتناميين مساء الجمعة الماضي في المريوطية كان مفاجئا؟ بالطبع نعم، لكن شخصيا كنت أضع يدي على قلبي منذ شهور طويلة، متحسبا لمثل هذه العمليات الإجرامية بين لحظة وأخرى. المتربصون بالأمن والاستقرار في مصر كثيرون في الداخل والخارج، وضرب السياحة أحد الأهداف الأساسية لديهم، لأنهم يضربون عبرها أكثر من عصفور بحجر واحد. تخيلوا كم تبلغ تكلفة العبوة الناسفة أو القنبلة التي تم تفجيرها مساء الجمعة الماضي؟ تكلفتها قليلة جدا، لكن آثارها للأسف كبيرة، ونتمنى أن يتم احتواؤها بأسرع ما يمكن، حتى لا تترك ندوبا على جسد السياحة، التي بدأت تتعافى في الفترة الأخيرة. الإرهابيون يتعاملون مع السياحة باعتبارها هدفا رخوا وسهلا يمكن استهدافه، ما يؤثر على الاقتصاد بأكمله، مثلما يتعاملون مع الأقباط كهدف رخو يهدفون من ورائه لإحداث فتنة طائفية داخليا، وإظهار مصر كدولة غير قادرة على حماية أقباطها. ضرب السياحة كان هدفا لكل الجماعات الإرهابية منذ عقود طويلة. نتذكر ماذا فعلت «الجماعة الإسلامية»، طوال حقبة التسعينيات من القرن الماضى، حينما كانت دائمة الاستهداف للسائحين، وكانت قمة ذلك العملية التي وقعت في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1997 في الدير البحري في الأقصر، ما أدى إلى مصرع 58 سائحا غالبيتهم من سويسرا، الأمر الذي وجّه ضربة قاصمة للسياحة وقتها. نتذكر أيضا الضربة الموجعة في 31 أكتوبر/تشرين الأول عام 2015 حينما سقطت طائرة الركاب الروسية فوق سيناء، بعد انطلاقها من مطار شرم الشيخ. وكانت النتيجة أن المدينة صارت تسكنها الأشباح، ولم تبدأ عملية التعافي إلا في الشهور الأخيرة. أجهزة الدولة المختلفة خصوصا وزارة السياحة، والوزيرة النشيطة الدكتورة رانيا المشاط لعبوا دورا مهما في إصلاح وسد العديد من الثغرات، وكانت النتيجة أن معدلات السياحة بدأت تعود في مناطق كثيرة إلى مستويات ما قبل يناير/كانون الثاني 2011، حينما وصلت أعداد السائحين إلى أكثر من 12 مليون سائح وقتها. هذا التعافي يعني أن أجهزة الأمن المختلفة لعبت دورا كبيرا في تأمين السياحة والسائحين، ويعني أن الخدمات تحسنت إلى حد ما في العديد من المواقع. وبالتالي فإن من نفذ العملية الإرهابية الأخيرة يدرك تماما كل هذه الوقائع، ويحاول بشتى الطرق عرقلة عودة السياحة إلى دورها الطبيعي والرائد في الاقتصاد المصري. المنفذون اختاروا توقيتا دقيقا، أي قبل رأس السنة الميلادية بثلاثة أيام لمحاولة ليس فقط التأثير على المناسبة، بل والتأثير على الأفواج التي يفترض أن تأتي في الشهور المقبلة. قلت كثيرا وأكرر اليوم أنه يستحيل أن يتم منع العمليات الإرهابية تماما، لأن الاستنفار الدائم ضد طبيعة البشر، ونرى كل يوم عمليات إرهابية في العديد من بلدان العالم، وكان آخرها في المغرب الشقيق قبل أيام، حينما قامت عناصر إرهابية بذبح سائحتين من الدنمارك والنرويج، وفصل رأسيهما عن جسديهما. ونرى عمليات دهس وطعن في العديد من الشوارع الأوروبية، لكن في المقابل، وإذا كان مستحيلا منع العمليات الإرهابية تماما، فإن المعلومات الساخنة والدقيقة عن الشبكات الإرهابية، كفيل بأن يجفف منابع العمليات الإرهابية إلى حد كبير. مطلوب من الشرطة أن تكون لديها معلومات كاملة وتفصيلية عن المتطرفين والإرهابيين قدر الإمكان، خصوصا أولئك الذين لا توجد ملفات عنهم. المطلوب بصفة عاجلة أن نصل إلى هؤلاء الإرهابيين، والأهم أن تقوم وزارة السياحة وسائر المؤسسات المصرية ذات الصلة بتحرك عاجل حتى لا يؤثر حادث الجمعة الماضي على التدفق السياحي. هذا الجهد ينبغي أن يبذله العديد من المؤسسات والأجهزة والوزارات والمجتمع المدني. الإرهابيون يحاولون عرقلة المجتمع بكل الطرق، حتى لو كان الثمن هو أرزاق ملايين المصريين. ويبقى السؤال هل يدرك الإرهابيون أنهم ينفذون أجندات أجنبية فعلا، وأن ثمن ضرب السياحة يدفعه الشعب المصري بأكمله وليس الحكومة فقط».

حكومة ووزراء

وإلى الحكومة والتحذير الذي وجهه إليها في «أخبار اليوم» هشام عطية من انتقال الاضطرابات في السودان، بدون أن يذكر اسمها صراحة إلى مصر، بسبب أسعار السلع والخدمات التي تمارسها الحكومة على الناس وقال: «ما يحدث الآن في دول تجاورنا من دمار وخراب ومحاولات لإعادة إشعال ثورات في المنطقة، في تقديري ما هو إلا إخراج جديد لسيناريو قديم بدأ في 2011 وفشل في عام 2013 تحت مسمى ثورات الربيع العربي. سؤال ليس بريئا وحاشا لله أن يكون هدفه تبرئة أنظمة ديكتاتورية ألبست شعوبها لباس الخوف والجوع سقطت، ماذا جنت الشعوب العربية من ثوراتها؟ نحر القذافي فهل استمتع الليبيون بانهار نفطهم المستباح؟ أعدم صدام حسين فاحتل العراق احتلالا مزدوجا من إرهابيي «داعش» وأمريكا. ودمرت سوريا تماما وأصبحت الموطن الرسمي لكل إرهابيي العالم. رهان بعض القوى الكبري التي تريد بنا السوء، أن الثورات في أزمنة السوشيال ميديا يمكن أن تكون أوبئة معدية تنتقل من أمة لأخرى بكل سهولة، علينا الانتباه والحذر أكثر من أي وقت مضى كشعب، ومن قبله الحكومة التي عليها أن تعي مخاطر اللحظة، وأن تلقي من يديها حتى لو مؤقتا «سياط» رفع أسعار الخدمات التي تقدمها للمواطنين وأن تسعي بكل صرامة لضبط ملف الأسعار الجائرة، ولا تترك مواطنيها نهبا لجشع تجار قست قلوبهم فكانت كالحجارة أو أشد قسوة، إذا فعلت الحكومة فانها تكون بذلك قد أغلقت كل نوافذ الخطر التي يمكن أن تهب منها رياح الفوضى لتضربنا من جديد».

كاريكاتير

رسام «الأخبار» عمرو فهمي أخبرنا أنه كان يسير في أحد الشوارع فشاهد مقدمة برامج تلفزيونية تسأل مواطنا: تحب تقول حاجة لـ2018 ولم تلاحظ المسكينة أنها تخاطب هيكلا عظميا، ومع ذلك قال لها الحمد لله أني خرجت منها بصحتي.

مشاكل وانتقادات

وإلى المشاكل والانتقادات ومنها المشكلة التي أشار إليها في «الوطن» وائل لطفي، وهي سيطرة الشللية على الحياة في مصر وارتباطها بظاهرة الفساد منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك وقال تحت عنوان «الشلة أخطر أشكال الفساد»: «هل نريد حقا أن نحارب الفساد؟ حسنا الفساد ليس هو فقط تلقي الرشاوى والعمولات والتلاعب في المناقصات، وليس هو فقط انعدام كفاءة البعض ما يؤدى لخسائر جراء توليهم المسؤولية، هناك نوع آخر من أنواع الفساد يبرع فيه المصريون ويتفشى في أوساط النخبة المصرية، وللحق والحقيقة فقد فشا في آخر عشر سنوات من عصر مبارك، حتى كاد يصبح هو القاعدة، وما عداه هو الاستثناء. هذا النوع من الفساد هو الشللية في الإعلام والثقافة والبيزنس والفن، أصبحت القاعدة هي الشللية لا بد من أن تكون فردا في شلة بدون شلة فإن فرصك قليلة، وأعداءك كثيرون وطريقك مقطوع ورزقك ضيق بدون شلة، لن يحتفي بك أحد، ولو كنت تستحق الاحتفاء لن يساندك أحد، ولو كنت تستحق المساندة مهما كنت كفؤا فلن تنال ما تستحق، لأن الفرصة لا بد أن تذهب لواحد من «الشلة». الشلة قد تكون على أساس فكري سياسي، وقد تكون على أساس الانتماء لكلية معينة أو لدفعة معينة في الجامعة، وهي في حالات كثيرة تكون عابرة للانتماءات السياسية فبعض أفرادها قد يكونون في مواقع التأييد وبعضهم الآخر يدعى المعارضة، والطرفان يحكمهما قانون دائم هو تبادل الخدمات والمصالح في المواقع المختلفة وقد يدعى بعض أفراد هذه الشلل أنهم يقاومون الفساد في حين أن الشللية التي هي دينهم الأصلي هي أقوى أنواع الفساد».

السفارة وتهجير اليهود من مصر

وإلى معركة أخرى استأنفها في جريدة «اليوم السابع» كريم عبد السلام ضد من سماهم عملاء إسرائيل في مصر، الذين يروجون لأكذوبة تهجير اليهود المصريين قال: «فجأة اندفعت السفارة الإسرائيلية في الهجوم على «اليوم السابع» و«الأهرام» واتهمت الصحيفتين بالترويج لما سمته بـ«الكراهية»، وطبعا كلمة الكراهية وحدها لها جرس يرن في الأذن، ويستدعي للأذهان مجموعة الجرائم الجديدة التي تستخدمها إسرائيل وغيرها لوصف خصومها، لأنها لا تجد ما تدينهم به. والحقيقة أن سفارة الدولة العبرية تأكدت من هزيمة الأصوات الشاذة في مصر التي حاولت إحياء الكذبة القديمة عن التهجير القسري لليهود من مصر، ولذا قررت أن تكشف عن وجهها وتدخل هذه المعركة وتقصف جبهة «اليوم السابع» و«الأهرام» وتوزع عليهما الاتهامات نظرا لموقفهما في فضح كذبة التهجير القسري ليهود مصر، وفي فضح ارتباط الأصوات المروجة لها بأطراف خارجية معروفة. هل تحاول السفارة الإسرائيلية إرهابنا مثلا باتهامنا بالترويج للكراهية؟ هل تحاول أن تقول لنا أسكتوا ولا تتناولوا الحملة المنظمة التي نديرها من الخارج ومن داخل مصر، لنشر الوعي الزائف بوجود تهجير قسري ليهود مصر؟ وهل تتصور سفارة إسرائيل أنها عندما تدخل معنا في سجال أو توزع علينا الاتهامات الجزافية أننا سنكش ونتراجع عن مواقفنا؟ المقاس الإسرائيلي للإنسان المحب والجار الصالح والإنساني المفرط في إنسانيته. لا يهمنا في شيء لأننا نرى أفعال هذا المواطن في الدولة العبرية وخارجها، ونراه في المعارك التي تخوضها تل أبيب وفي كل قطعة أرض عربية تحتلها وتطرد سكانها منها، ونراه أيضا في أشكال العدوان والتعذيب والقهر التي تواجه بها إخواننا الفلسطينيين على أراضيهم، ونحن في المقابل لدينا مقاييسنا وقوانيننا وأخلاقنا المتجذرة منذ آلاف السنين، عندما كان اليهود يعيشون معنا على هذه الأرض ثم خرجوا منها خروج اللصوص بالليل بعد ما سرقوا ذهب المصريين الأبرياء».

عن admin

شاهد أيضاً

فورين أفيرز:لماذا يجب على إسرائيل أن تعلن وقف إطلاق النار من جانب واحد في غزة؟ – فرصة لقلب الطاولة على حماس وإيران – وتعزيز التطبيع مع المملكة العربية السعودية

بقلم دينيس روس وديفيد ماكوفسكي1 مايو 2024جنود إسرائيليون يقومون بدوريات على الحدود بين غزة وإسرائيل، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *