الرئيسية / حوارات ناصرية / جمال عبد الناصر / الزعيم رؤية – بقلم سامى شرف

الزعيم رؤية – بقلم سامى شرف

2014-635256778292482425-248

في كل مناسبة خاصة بثورة يوليو أو زعيمها الخالد الرئيس جمال عبد الناصر، كثيرا ما نرصد مقالات على امتداد الوطن العربي تحلل سر خلود الرئيس جمال عبد الناصر في قلوب وعقول الملايين مع تعاقب الأجيال، ويرجع معظمها هذا إلى كاريزمة الرجل، وانحيازه الواضح للبسطاء والمهمشين من أبناء هذا الوطن، ودوره في توسيع مساحة الطبقة الوسطى المصرية، وغيرها من انجازات عادت بفوائدها على الشعب كله، ولم تكن موجهة لطبقة أو فئة أو جماعة أصحاب مصالح .. وهذه كلها أسباب حقيقية.

ولكني اليوم أردت أن أضيف بعد آخر لهذا الحضور الطاغي المستمر للزعيم في وجدان وعقول الملايين؛ فمصر أقدم دولة في التاريخ، توالى على حكمها المئات من الأفراد، ولكن من علم قدرها ومكانتها، وعمل لمجدها ورفعتها، وامتلك رؤية لتوظيف قدراتها من أجل مستقبل أفضل لشعبها، واستطاع تدشين مشروع نهضة حضاري، غير من خلاله وجه الدولة المصرية، ومن ثم المنطقة، والتاريخ، وهؤلاء كانوا قلة خلدتهم ذاكرة المصريين (قلوبهم وعقولهم عبر الأجيال) قبل أن تخلدهم صفحات التاريخ.

لقد كان الرئيس جمال عبد الناصر أحد حكام مصر العظام في تاريخها الحديث، الذين أدركوا مبكرا قيمة مصر وشعبها، إمكانياتها وقدراتها، وكان لديه رؤية واضحة، لتغيير خريطة الحياة على الأرض المصرية، من أجل أن تأخذ مصر والمصريون مكانتهم التي يستحقونها بين الأمم، كان لديه مشروع محدد المعالم لمستقبل مصر، ودورها في منطقتها والعالم، اجتهد في ظل ظروف محلية وإقليمية ودولية دقيقة لتحقيق مشروعه، وامتد تأثير هذا المشروع إلى خارج حدود الدولة المصرية؛ لآفاق أرحب بكثير، حتى صار نموذجا ملهما لكافة شعوب العالم التي تسعى للحرية والاستقلال، وكسر قيود التبعية بكافة صورها، قاد عبد الناصر مصر نحو تغيير محيطها الجغرافي والاستراتيجي لما فيه صالح الدولة المصرية، وشعوب المنطقة، هذا التغيير الايجابي لمس تأثيراته المواطن البسيط من المحيط للخليج، وفي كل دول العالم الثالث، وعرف العالم مصر عبد الناصر، مصر الثائرة ضد كل صور العدوان، والتبعية، والاستغلال، والعنصرية .. مصر الدولة الساعية للسلام والبناء والتنمية، مصر التي تمد يد العون لكل المستضعفين، مصر المبادئ والقومية.

استطاع مشروع الرئيس عبد الناصر أن ينتقل بالمجتمع المصري لعصر جديد؛ عصر العلم والمعرفة، عصر الكرامة والتنمية، جعل كل مصري وعربي يفخر أنه ينتمي لأمة فيها زعيم بقامة وقدر جمال عبد الناصر، كان كل مواطن عربي يشعر أن له نصير وحامي، له رمز وقائد، الجميع كانوا يلتفون حول مشروع قومي عروبي وحدوي، يرفع رايته مصر الناصرية، كان العالم ينتظر خطاب الزعيم عبد الناصر، ينتظر موقف مصر من مسألة ما، كانت مصر بوصلة العرب وأفريقيا والعديد من شعوب العالم الثالث، “بقوا يعملوا لنا حساب” بتعبير الرئيس عبد الناصر.

حقق المشروع الناصري نجاحات عظيمة، صارت مخزون قوة استراتيجي للدولة المصرية، فقد رحل عبد الناصر تاركا لمصر أرصدة ثمينة في الأمة العربية، وأفريقيا، و أسيا، وأمريكا الجنوبية لازال تؤتي فوائدها إلى يومنا هذا.

 

إن مداد القلم، وصفحات الجريدة لن تكفي للحديث عما أحدثه عبد الناصر من تغيير جوهري في بلاده، امتد لأفاق أوسع على امتداد العالم بأسره، وهذا شأن الشخصيات الكبرى المؤثرة في التاريخ، سواء كانت سياسية أو غير سياسية، وبغض النظر عن مواقفنا منها، إلا أن السمة الرئيسية التي جمعتهم كانت امتلاكهم لرؤية ومشروع لتغيير واقعهم، وأن تكون تأثيرات هذا التغيير ملهمة لآخرين.

هذا هو الزعيم جمال عبد الناصر، الضابط الشاب، ابن الموظف الصعيدي البسيط، الذي كانت لديه رؤية ومشروع عبر به عن آمال وطموحات شعبه وأمته، بل وكل أحرار العالم، استطاع من خلاله أن يقود أمة بأسرها، وعيد تشكيل موازين القوى الإقليمية والعالمية، وساهم مع اثنين من كبار زعماء العالم الثالث (نهرو/ الهند- وتيتو/يوغوسلافيا) في كسر احتكار قوتين عظميين للعالم، من خلال إطلاق حركة عدم الانحياز، تلك الحركة التي لو قدر لها أن تسير كما خطط لها الزعماء الثلاثة، لكانت حركة التاريخ قد اختلفت عما هي عليه الآن، ولكانت دول العالم الثالث هم أسياد الدنيا، وليسوا عبيدها كما هو حاليا.

هذا هو سر زعامة عبد الناصر وحضوره الدائم رغم مرور (48) عاما على رحيله عن عالمنا، لقد كان رجلا بحجم أمة، وحلما وفكرة ومشروع نهضة، وسيستمر هكذا مادام في هذه الأمة قلب ينبض، وعقل يعي ويفكر.

وسأختم ببعض ما قيل عن زعيمنا ..

قال عنه الزعيم الصيني العظيم ماو تيسى تونج “أنه رجل وسعت همته أمال أمته”

أنديرا غاندى رئيسة وزراء الهند: “التاريخ سيسجل للرئيس جمال عبد الناصر مساهمته الفريدة في بعث الشعب العربي.. إن ناصر سيظل ذكره خالدا في الهند، وفي كل مكان بالعالم حارب فيه الناس من أجل حريتهم، باعتباره قائدا عظيما وسياسيا يتسم بالشجاعة والحكمة”.

شارل ديجول- رئيس فرنسا الأسبق: “عبد الناصر قدم لبلاده وللعالم العربي بأسره خدمات لا نظير لها بذكائه الثاقب وقوة إرادته وشجاعته الفريدة، لأنه عبر مرحلة من التاريخ أقسى وأخطر من أي مرحلة أخرى، ولم يتوقف عن النضال في سبيل شرف واستقلال وعظمة وطنه العربي والعالم بأسره”.

د. طه حسين عميد الأدب العربي: “لقد أعطي مصر والعرب أسمي مبادئ – سوف يذكرها له تاريخ الخلود – من أجل الشعب وعزته وكرامته واشتراكيته .. إن تعاليمه يجب أن تكون هدى لمستقبلنا من أجل عزة مصر وشعبها”.

والزعيم الأسطوري نيلسون مانديلا يفتخر بأنه من تلاميذ عبد الناصر وعندما زار مصر سنة 1995 قال أنه يريد رؤية ثلاثة أماكن في مصر؛ الأهرامات، نهر النيل، و ضريح عبد الناصر، وقال لقد كان لدى موعد مع الرئيس عبد الناصر ، ولكنه تأخر ربع قرن .

وعندما كانت مصر تتنافس مع جنوب أفريقيا على شرف استضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2010، وفازت جنوب أفريقيا بغالبية الأصوات وحصلت مصر على الصفر الشهير .. صرح مانديلا الذي كان حاضرا فعاليات التصويت في المؤتمر الصحفي العالمي عقب فوز بلاده: “لو كان جمال عبد الناصر على قيد الحياة ودخلت مصر المنافسة أمام جنوب أفريقيا على شرف استضافة كأس العالم لكرة القدم 2010 لانسحبت جنوب أفريقيا على الفور من الوقوف أمام مصر، ولكن الظروف تغيرت الآن، ومصر لم تعد مصر عبد الناصر “

 

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول إذاعة ونشر رد «عبدالناصر» على خطاب الرئيس العراقى أحمد حسن البكر

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *