الرئيسية / حوارات ناصرية / النَّاصريّة و قـانـــــون الإصــــلاح الـــزراعــي

النَّاصريّة و قـانـــــون الإصــــلاح الـــزراعــي

وكان الإقطاع يملك حقوله ويحتكر لنفسه خيراتها ولا يترك لملايين الفلاحين العاملين عليها غير الهشيم الجاف المتخلف بعد الحصاد”من الميثاق”

أوراق نـاصــــــــريــــة

النَّاصريّة و قـانـــــون الإصــــلاح الـــزراعــــي

إن نظام الحكم في مصر قبل الثورة أثبت عجزه عن تقديم الحلول المناسبة للأزمات الخطيرة التي كانت تهدد الشارع المصري والتي تبلورت في انخفاض مستوى المعيشة للشعب وما رافقها من عجز النمو الاقتصادي الذي يجب أن يتواكب مع الزيادة الفعلية للسكان وزيادة حدة التفاوت الطبقي داخل البنية الاجتماعية والاقتصادية وكانت الأوضاع يسودها السخط العام وعدم الرضا والقلق من النظام فكان لا بد من عملية التغيير لتحرير الأرض من المستعمر الذي يفرض سطوته عليها نظام ملكي فاسد وتحيط به مجموعة من الإقطاعيين والرأسماليين الباحثين عن مصالحهم بربطها مع القوى الاستعمارية وبطانة فاسدة لا تفكر في مصلحة الشعب والبلد .
كانت الملكية للأراضي الزراعية قبل الثورة موزعة كالآتي :
1- أرض الشفلك . . مزرعة كبيرة يملكها محمد علي أو أحد أفراد أسرته ويشرف عليها وكيل وكانت احتكاراً فعلياً للأسرة المالكة والحاشية .
2- أراضي الابعادية وكانت تعطى لكبار القوم والأعيان لكونهم سدنه النظام الملكي .
3- أراضي العهدة أي الأرض التي عجز الفلاحون عن زراعتها وتعطى إلى أحد الأفراد والمتعهدين بزراعتها .
4- أراضي الوسايا وتعطى للموالين للنظام الملكي .
5- أراضي الرزقة وتمنح للمهنيين والعسكريين والأجانب .
6- وهناك مساحات واسعة من الأراضي استولى عليها بعض الموظفين الموالين للملك وحاشيته . وكذلك بعض شيوخ العشائر والأعيان أو اللذين تولوا مناصب إدارية . . شرطة ، جيش … الخ .
7- وهناك العديد من العلماء ومشايخ الطرق الصوفية اللذين استولوا على الأراضي وأقاموا في أراضيهم الطواحين والمعاصر .
وكانت اللوائح تحدد العلاقة ما بين الفلاح وصاحب الأرض وكانت أجورهم لا تكفي حتى للحاجات الضرورية لمعيشة الفلاحين , أي بقائهم على قيد الحياة .
إن الأراضي الزراعية كانت ملك للملك ولحاشيته وأتباعه والموالين له من المجتمع وكانت تحت أسماء ومسميات عديدة أرض شفالك ، ابعادية ، العهدة ، الوسايا ، الرزقة ، علاوة على المساحات الأخرى من الأراضي التي يتم الاستيلاء عليها من قبل موظفي الدولة الموالين للبطانة الحاكمة وكانت تتقاسم المساحات من الأراضي الحاشية ، أتباعها ، الأحزاب , شيوخ العشائر ، المشايخ ، الطرق الصوفية ، الجيش ، الشرطة، … الخ .
أي هناك مجموعة تملك والغالبية لا تملك حوالي 90% لا يملكون .
لقد كان 280 مالكاً يملكون حوالي 6 مليون فدان بينما حوالي 1,5 مليون مالك لا تزيد ملكية الواحد على نصف فدان علاوة على العمال والفلاحين وعمال التراحيل اللذين يعملون بالأرض وليس لهم نصيب من الإنتاج سوى الجهد والعمل الذي يقدمونه لصاحب الأرض مقابل أن يبقوا على قيد الحياة أي أن يأكل ويشرب فقط .
ولذلك كان لا بد من وجود مجموعة من الوطنيين الأحرار لتغيير نظام الحكم وتمثَّل ذلك في رجال الجيش الأحرار لإنقاذ البلد مما هو فيه لأنَّ الجيش هو جزء من الشعب وكان تنظيم الضباط الأحرار الذي فجر ثورة يوليو 1952 وتبلورت تلك الثورة بمبادئها الستة التي تبنتها كدليل للعمل .
1- القضاء على الاستعمار وأعوانه . 2- القضاء على الإقطاع . 3- القضاء على الاحتكار ورأس المال . 4- إقامة جيش وطن . 5- إقامة عدالة اجتماعية . 6- إقامة حياة ديمقراطية .
إن ثورة يوليو 1952 لم تكن ثورة سياسية فقط بل كانت ثورة سياسية واجتماعية من أجل تحرير الوطن والمواطن من القيود التي كان يعيش فيها من ظلم وفقر وجهل وقهر وتسلط وكانت مبادئها الستة طبقاً لما يتوافق فكرها الذي حملته من أجل التغيير فكان الاستعمار وأذنابه في الداخل ضمن من ربطوا مصالحهم معه ضماناً للحفاظ على امتيازاتهم ومكاسبهم غير المشروعة فكانت الخطوة الأولى والرئيسة لعملية التغيير والإصلاح للمجتمع ويتغير تركيبته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بإصدار قانون الإصلاح الزراعي ضد الإقطاع ورأس المال المتمركز في أيدي حفنة من الأشخاص لأن الإقطاعيين كانوا السند الأساسي والرئيسي للنظام الملكي الفاسد بتمركز السلطة والثروة بأيديهم ملكية الأراضي الزراعية للملك وحاشيته وأتباعه من المصريين وغير المصريين.
ولذلك كانت أول الخطوات لثورة يوليو السياسية والاقتصادية والاجتماعية بإصدار قانون الإصلاح الزراعي رقم 178/1952 وإلغاء الألقاب ، باشا ، بيك ، أفندي , كانت ترمز للطبقة الحاكمة التركية وأتباعها ولقد حدد القانون الملكية الزراعية بـ 200 فدان للفرد على أن تصادر الحكومة ما يزيد عن ذلك مقابل تعويض المالك عن الأراضي المصادرة ولقد كان الهدف من ذلك تغيير البنية الهيكلية للملكية الزراعية ومنع تمركز الملكية الزراعية في يد حفنة من الأشخاص ولذلك نظم القانون طريقة توزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين بمساحة تتراوح ما بين فدانين , وخمسة أفدنة , للفرد الواحد بشرط ن يكون مصرياً وحسن السير والسلوك ولديه القدرة على الوفاء بالالتزامات المنصوص عليها في القانون المتضمن المبادئ الأساسية الآتية:
1- تحديد ملكية الأراضي الزراعية .
2- توزيع الأراضي الزراعية على الفلاحين .
3- إنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية .
4- تنظيم العلاقة القانونية ما بين أصحاب الأراضي والفلاحين .
5- تنظيم العلاقة ما بين صاحب الأرض والعمال الأجراء .
وتختلف الأسس والقوانين التي يقوم عليها قانون الإصلاح الزراعي ما بين الدول باختلاف العلاقات الاقتصادية والاجتماعية لكل مجتمع من المجتمعات .
ولقد كان للقانون الإصلاح الزراعي أثاره السياسة والاقتصادية والاجتماعية على المجتمع كله من الناحية السياسية كان القانون ضد دولة الإقطاع التي كانت تسيطر على الحكم .
لأن الأحزاب وأجهزة الحكم والبرلمان هم نفسهم من يملكون الأرض وما عليها وأصبح الفلاح هو صاحب القرار السياسي وصاحب الأرض بمناقشة أحواله وشؤون البلد في حرية كاملة .
أما من الناحية الاجتماعية فإنه قضى على التفاوت الكبير في الدخل وأصبح الفلاحون مالكين للأرض وأصبح الفلاح مالكاً للأرض وحراً وله الحق بتقرير مستقبله ومصيره .
د. سعيد مسالمة

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول إذاعة ونشر رد «عبدالناصر» على خطاب الرئيس العراقى أحمد حسن البكر

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *