الرئيسية / تقارير وملفات / الشائعات ومصر العظمى

الشائعات ومصر العظمى

2017-636218236834815892-481

حادث حصار القوات الأنجليزية لقصر عابدين 1942 – 4 فبراير

https://www.marefa.org/%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB%D8%A9_4_%D9%81%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D8%B1_1942

12-8-2018 | 00:30

 
د. حاتم عبدالمنعم أحمد

عرضت بعض الفضائيات فيلما من المفترض أنه وثائقي عن “مصر العظمى”، والتي انتهت برحيل الملك فاروق، وسرعان ما انتشر هذا الفيلم ومضمونه عبر وسائل التواصل بشكل كبير.

وللأسف وسط تعاطف فئات كثيرة من المتعلمين وتتضمن هذه الشائعات مغالطات كثيرة وساذجة، مثل أن فترة الحكم الملكي كانت أفضل فترات الحياة السياسية والديمقراطية في العصر الحديث، وأن ثورة 52 كانت سبب التخلف والتراجع في الحياة السياسية والديمقراطية، وأن الاقتصاد المصري في عهد الملك كان أقوى من الاقتصاد الإنجليزي، وأن إنجلترا كانت تقترض من مصر العظمى، وأن الملك فاروق رفض استخراج ذهب السكري حفاظا على حقوق الأبناء، كما أنه ليس في حاجة له.

في حين أضاعت ثورة يوليو رصيد مصر من الذهب، وأن الجنيه كان يساوي خمسة دولارات في عهد فاروق، ومن ثم كان ناصر نكبة على مصر في كل المجالات وبداية انهيار مصر العظمى، ومن يتأمل يجد أن الهدف واضح وهو الجيش المصري، ويتم التركيز على ناصر بوجه خاص لعدة أسباب أولها؛

أنه قائد الثورة التي قضت على الملكية، ثم لأنه النموذج الأكبر والأكثر شعبية ونجاحًا وارتباطا بالجماهير، وبالطبع إذا سقط هذا النموذج سقط الكل، ويصبح الجيش هو سبب انهيار مصر، هذا فضلا عن أن أعداء ناصر كثيرون، ولذلك ينتهزون الفرصة لتصفية حسابات قديمة وفي المقدمة جماعة الإخوان وأتباعهم وبقايا الإقطاعيين وأشباههم ممن تضرروا من التأميم وسياسات ناصر وخدام الملكية في مصر وخارجها وخدام الرأسمالية المحلية والعالمية وصناع وهم حرية السوق على مستوى العالم، وينضم إليهم الفاشلون في الداخل والحاقدون.

وللأسف إن كل هؤلاء لهم الصوت العالي ويملكون الفضائيات ومعهم الإعلام، ويسعون لقلب الحقائق وتشويه التاريخ، والمؤسف أن يشارك بعض المسئولين في هذه الحملات مثلما ادعى وزير سابق أن مجانية التعليم في عصر ناصر هي سبب تخلف التعليم، وعلينا جميعا الرد ومناقشة هذه الأكاذيب، ونبدأ بمصر العظمى التي كان يحكمها أجنبي؛ حيث لم تكن الأسرة المالكة مصرية وتتوارث حكم مصر، ومع ذلك كانت مصر تعاني من احتلال ثان وتخضع لسيطرة إنجلترا وكان الجيش الإنجليزي في العباسية أي أن المحتل الأول قبل بمحتل ثان، وتقاسما ثروات البلاد؛ حيث ضم محمد علي لأملاكه كل أراض مصر الزراعية، ثم وزع وباع الكثير للأهل وللإنجليز، فهل هذه هي الحياة الديمقراطية؟، وهل هذا العصر الذهبي للحريات ومعظم المصريين يعيشون في الريف كعبيد في أرضهم، وحتى الملك لم يكن حرا؛ فالسفير الإنجليزي كان يغير الوزارة، فعن أي حرية أو ديمقراطية تتحدثون وما قيمة أحزاب كارتونية لا تحكم، بل إن الملك نفسه لا يحكم، بل إنه توارث الحكم وسنه أقل من 18 عامًا، هل هذه هي مصر العظمى، ثم نأتي بعد ذلك لقوة الاقتصاد المصري الذي يقرض إنجلترا؟

بداية لي تساؤل، لماذا نقرض إنجلترا فقط، ولا نقرض الدول الشقيقة أو الفقيرة؟!، الإجابة واضحة لأن إنجلترا تحتل مصر ولا يستطيع حاكم مصر المحاصر بالجيش الإنجليزي رفض الأوامر، فكانت إنجلترا تأخذ ما تريد من محاصيل وخلافه بدون تسديد الثمن، فهذه حقيقة دين إنجلترا، حيث كان الملك منبطحًا أمامهم، وفي هذا المجال يقول عالم الاقتصاد عبدالجليل العمري، إن الاقتصاد المصري قبل ثورة يوليو، كان مثل البقرة التي تحلب وتعيش لصالح الإنجليز فقط، وبالنسبة للشائعات الخاصة بالدولار والذهب والدخل القومي يمكن الرجوع لبيانات البنك المركزي المصري والبنك الدولي وتشير إحصاءات الدخل القومي لمصر الملكية عام 1951 بلغ 50 مليون جنيه، وكان عدد السكان نحو 20 مليونًا أي كان متوسط دخل الفرد 25 جنيهًا في السنة أي نحو جنيهين فقط شهريا؛ وهو ما يعادل نحو خمسة دولارات ونصف شهريا، وحد الفقر المدقع دولار يوميًا؛ ولذلك كان المشروع القومي لمصر هو “مكافحة الحفاء”.

وكان عجز الميزانية عام (1951) 39 مليون جنيه، وبالنسبة للذهب كان النظام العالمي السائد يربط العملات بالذهب، ثم تغير النظام العالمي نتيجة لتقلبات أسعاره، وتم ربط الجنيه بالإسترليني، ثم الدولار؛ حيث كان سعره عام 1936 في عصر فؤاد 14 قرشًا، وفي نهاية عصره ارتفع الدولار إلى 20 قرشًا أي فقد الجنيه نحو 40% من قيمته، وفي عام 1951 في نهاية عصر فاروق ارتفع الدولار إلى 39 قرشًا، وفقد الجنيه 80% في عصر فاروق فقط، لاحظ أن الشائعات تعرض أفلامًا مصرية قبل عام 51 تقول إن الجنيه بخمسة دولارات، وهي حقيقة تتعمد تجاهل السنة الأخيرة وبعد حرب أكتوبر، ووفاة ناصر بلغ سعره 39 قرشًا، وكان سعر الجنيه الذهب أربعة جنيهات مصرية، وشهد عام 1969 أول فائض في الميزان التجاري لمصلحة مصر بالجنيه المصري والدولار، وفي هذه الفترة زاد عدد الطلاب في المدارس والجامعات بنسبة 300% مع قاعدة صناعية ونهضة زراعية لم تحدث في تاريخ مصر، ثم نأتي لقضية منجم السكري الذي أغلقه فاروق لمصلحة الأجيال التالية، وهي قضية لا تستحق البحث أو التفكير، لأنها تتعارض مع أبسط مبادئ الاقتصاد، حيث إن التكلفة الاقتصادية لاستخراجه هي التي تحسم ذلك، بمعنى قد يكون هناك ذهب أو بترول، لكن تكلفة استخراجه قد تكون أعلى من سعره العالمي، وهذا حدث مع البترول الصخري في أمريكا، حيث إنه متوافر داخل أمريكا، ولكن كانت تكلفته أعلى من سعر بترول الخليج، فكانت تستورده وعندما ارتفع سعر البترول أصبحت تستخرج البترول الأمريكي، لأن تكلفة استخراجه أصبحت مربحة، ثم لماذا ترك ناصر والسادات منجم السكري.

يقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) صدق الله العظيم.

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم.. 2 أغسطس 1990..إيقاظ مبارك وفهد وحسين من النوم على اتصالات هاتفية باحتلال العراق للكويت

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 2 أغسطس 1990..إيقاظ مبارك وفهد وحسين من النوم على اتصالات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *