الرئيسية / حوارات ناصرية / الرئيس جمال عبد الناصر يزور السويداء

الرئيس جمال عبد الناصر يزور السويداء

في ذكرى لزيارة عبد الناصر لمدينة السويداء
26 شباط 1960
بقلم : المحامي توفيق عبيد
زيارة عبد الناصر لمدينة السويداء وترحيب الأهالى به بمناسبة العيد الثانى للوحدة
[٢٤ فبراير ١٩٦٠]

 

                        أطلَّ جَمال يا شٌـمَّ الجِبالِ

                                                     فضـُميه بأنـفاسِ الـدلالِ
زعيمي مرحباً تأتيك عفواً
من الشَعبِ الطمُوحِ إلى المعَالي
زعيمي مرحباً تأتيك عفواً
من السُمر الرَواعِف و النِصالِ
فذا جَبلٌ على الأهوالِ صَلدٌ
بَنـُوه تعَشـقوا مـُرَّ النِضـالِ
فمُرنا نبتدِرها من عُمانَ
إلى وَهـرانَ دامـيةَ الجـِبالِ

بهذه الكلمات استقبلت الرئيس جمال عبد
الناصر عند وصوله إلى مدينتي الغالية السويداء،أعتقد أنَّ ذلك اليوم كان يوماً حافلاً في تاريخ الجبل و يوماً تاريخياً في حياة جبل العرب

 

و أحسست أنَّ جسمي مشحون بالكهرباء عندما صافحت الرئيس جمال عبد الناصر حيث شعرت بأني أصافح رجلاً من أقوى الرجال عبر التاريخ و شخصيته الحلوة و قامته المديدة و نظراته الجذابة كلها تعطي تلك الشخصية النادرة كاريزما أخاذة.
كانت حشود أهالي جبل العرب قد ملأت ساحة سلطان باشا الأطرش و مداخلها و شوارعها بالكامل إلى جانب أسطح المنازل المجاورة التي امتلأت بالنساء و الصبايا بلباسهنَّ التقليدي و قد حمل أهالي القرى بيارق تلك القرى التي قاتلوا أيام الثورة و هم يحملونها و ضحوا من أجل أن تبقى مرفوعة ترفرف فوق رؤوسهم كان هذا الجمع النادر الوجود الذي يضم آلاف مؤلفة كلها تنظر إلى شرفة السرايا تنتظر مني كلمة بعد أن ألقيت أبياتاً من مطلع القصيدة التي ذكرتها في أول المقال إلاَّ أنَّ الرئيس الذي تحمل عناء السفر و استقبال الأهالي عبر طريق طويلة تمتد من دمشق إلى قرى حوران حتى وصل إلى قرى الجبل حيث توقف ركبه في أرض المزرعة حيث جرت في عام 1925 معركة تاريخية نادرة انتصر فيها الثوار نصراً مؤزراً على جيوش فرنسا المحتلة
أذكر أني قدمت للسيد الرئيس فنجان قهوة مع علبة سكاير رفع رأسه و قال لي
( جيت في وقتك )
لقد كانت تربطني صداقة حميمة مع اللواء عبد المجيد تجار الذي كان حينها محافظاً للسويداء و لهذا كنت دوماً إلى جواره يسألني الرأي في كثير من القضايا الهامة و لهذا كان لي دوري البارز و الهام في هذا الإستقبال التاريخي لهذا حرصت أن يجلس سلطان باشا الأطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى إلى جانب الرئيس عبد الناصر لتبادل الحديث قبل أن يلقي الرئيس عبد الناصر خطابه في الجماهير علماً بانَّ السيد المحافظ إستعار مقاعد صالون المرحوم يحيى سرايا لكي تستوعب الضيوف القادمين و أثناء الجلوس تحدث الرئيس جمال عبد الناصر مع اللواء عبد المجيد تجار همساً طالباً إليه أن يكلف سلطان باشا الأطرش بإلقاء كلمة و فوراً نقل إلي رغبة الرئيس لأفاتح سلطان باشا برغبة الرئيس و عندما همست في أذن سلطان باشا عن تلك الرغبة إعتذر قائلاً لست خطيباً عندها وقف الرئيس و أمسك بيد سلطان باشا و خرجا إلى الشرفة و ما إن رأتهما الجماهير حتى بدأت بالهتاف و التصفيق و أحسست أن هذه الجموع الهادرة أشبه بالبحر الهائج و هي تهز بيارقها و ترفع أيديها معانقة السماء
و كان مع مرافقي عبد الناصر عدد من الوزراء و عدد من كبار الصحفيين المصريين و السوريين أذكر بينهم المرحوم أحمد بهاء الدين و كانت تربطني به صداقة متينة و محمد حسنين هيكل و نصوح بابيل و كان أيضاً حسين بكر مصور عبد الناصر و قد طلبت منه أن يلتقط لي صورة تجمع بين عبد الناصر و سلطان الأطرش و صورة لسلطان باشا إلى حد ما جانبية و قد نفذ الرغبة و أرسل لي صور من مصر و كنت .له شاكراً
و قد همست في أذن هيكل قائلاً : أرجو أن تنقل إلى السيد الرئيس حاجة هذه المحافظة الفقيرة إلى المشاريع الحيوية و منها المدارس و الفنادق و الطرقات قال لي : بل أراها غنية قلت له أين ترى غناها قال : أراه على رؤوس نسائكم و في ثياب رجالكم
و لم أستطع أن أرد عليه لأنَّ الرئيس بدأ بإلقاء كلمته كانت خطاباً وطنياً مختلفاً عن كل خطاباته في سورية لأنَّ الجبل هو موطن الثورات و البطولات و انتقل الجمع إلى نادي الضباط و في الطريق حاول جمع من الجمهور حمل سيارة عبد الناصر إلاَّ أن عبد الناصر رجاهم ألا يفعلوا ذلك و حمل الجمهور سلطان باشا الأطرش على الأكف و الأعناق إلى نادي الضباط لا سيما و انَّه لا يملك سيارة و حين وصلوا إلى نادي الضباط لتناول طعام الغداء الذي كان عبارة عن مناسف عربية جبلية تمتاز بطيبها و رائحتها الجذابة و عند الاستراحة تابعت الحديث مع الأستاذ هيكل و قلت له : إن ما رأيته على رؤوس النساء عائدٌ لسبب بسيط و هو أنَّ النسوة في جبل العرب لا يلبسنا الذهب في أيديهن و لا يعرفن المباريم الذهبية و لا الخلاخيل
و بعض هذا الذهب ليس ذهباً حقيقياً و أما ثياب الرجال لأن الرجال من جبل العرب يحافظن على بذلةٍ هي ( بذلة الخطرة )يحافظ عليها لمناسبات الهامة و ما هو أهم من زيارة الرئيس لمحافظة السويداء !
شكرني على هذا الإيضاح لأنَّه كان يتصوَّر أن المحافظة أثرى من أية محافظة في سوريا قلت له : إنَّها فعلاً أثرى محافظة سورية لكن بالعمل الثوري و التضحيات الكثيرة بدماء المجاهدين و المجاهدات ثم انتقل الرئيس إلى دار السينما و أصر أن ينتقل إليها مشياً على الأقدام ليشاهد مدينة السويداء حيث استمع هناك إلى كلمة الإتحاد القومي و ألقى كلمة حول برامج العمل و المشاريع التي يجب أن تنفذ في السويداء و التي نفذ العديد منها و منها:
ثانوية شكيب أرسلان و الفندق السياحي و الملعب البلدي و شق شارع السويداء – شهبا – دمشق
علماً بأنَّ أطفال السويداء مع معلماتهم أصروا على اللقاء مع عد الناصر الذي احتضن بعضاً منهم
لقد عدت إلى هذه الذكرى في هذا الشهر الكريم بخيرات السماء و لأنَّه شهر الوحدة بين مصر و سورية و قيام الجمهورية العربية المتحدة التي كانت أمل العرب الكبير بالوصول إلى الوحدة العربية الكبرى

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول إذاعة ونشر رد «عبدالناصر» على خطاب الرئيس العراقى أحمد حسن البكر

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *