الرئيسية / كتاب الوعي العربي / حرب 1967 إنتصار إسرائيل الأخير بقلم : عوني فرسخ

حرب 1967 إنتصار إسرائيل الأخير بقلم : عوني فرسخ

 

1024412728

 

في صباح الخامس من يونيو / حزيران 1967 بدأت 400 طائرة إسرائيلية غاراتها على مصر وسوريا والأردن والعراق ساحقة معظم طائرات سلاح جو الدول العربية الأربع ومدمرة مدارج مطاراتها . وبذلك توجت إسرائيل سلسلة انتصاراتها العسكرية التي توالت منذ انتصارها على القوات الشعبية والنظامية العربية في حرب 1948/ .1949 دون أن تؤدي انتصاراتها العسكرية المتوالية ، بما في ذلك الانتصار الأخير ،لأي نصر سياسي لاجماع الدول العربية على رفض التسوية على اساس الأمر الواقع ، وإنما على أساس قراري الأمم المتحدة رقمي 181 و 194 . وذلك بانسحاب إسرائيل لحدود التقسيم وإعادة اللاجئين لديارهم واستردادهم أملاكهم ، والتعويض عليهم .

 

فضلا عن المتغيرات المستجدة في ميدان القتال بدءا من فشل اسرائيل في معركة الكرامة يوم 21/3/1968 بمواجهة الفدائيين وقوات من الجيش العربي الأردني . وحين أعلن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مسؤوليته عن الهزيمة العسكرية ، وتخليه عن جميع مناصبه الرسمية ليلة 9/6/1967 ليعود لصفوف الشعب لمقاومة الغزاة ، انتفضت جماهير مصر والأمة العربية معلنة إصرارها على مواصلة الكفاح بقيادته ، فأقدم مستقويا بالتأييد الجماهيري على تطهير الجيش من القيادات الفاسدة والمتخاذلة واعادة بنائه على اسس علمية ، واحلال قيادات متميزة بالمعرفة والكفاءة العسكريتين ، وليبدأ الجيش المصري تحت إشرافه المباشر حرب الاستنزاف ، مستعينا بالدعم العسكري والاقتصادي والسياسي السوفياتي . وتواصلت الحرب ثلاث سنوات ، حقق فيها الجيش المصري عدة انجازات ، برغم الاستنزاف المضاد الذي قامت به اسرائيل بدعم امريكي غير محدود . وبموجب مبادرة وزير الخارجية الامريكي روجرز في 23/7/1970 جرى وقف اطلاق النار صباح 8/8/1970 . وكانت مصر قد قبلت مبادرة روجرز بهدف التمكن من انشاء وتجهيز اكبر تجمع عسكري غرب قناة السويس مباشرة ، إذ تم وضع اول قاعدة هجومية لعبور القناة والاندفاع في سيناء الى منطقة المضائق تحت مظلة وحماية اكبر شبكة للدفاع الجوي تطورا .

 

وفي تقويم نتائج حرب الاستنزاف كتبت صحيفة دافار الاسرائيلية في 14/8/1970 تقول : “لقد اصبحت المبادرة الامريكية وسيلة خلاص ، لذلك لا يجوز ان نعرقل هذه المبادرة المباركة ، ولنساعد الأمريكيين على اخراجنا من الوضع المعقد الذي نحن فيه بسبب حرب الايام الستة وحرب الاعوام الثلاثة . وليس صحيحا أن المصريين استنزفوا في حرب الاستنزاف ، وانما نحن الذين استنزفنا ولذلك استجبنا للمبادرة الأمريكية ” .

 

وهذا ما يؤكده ماتي بليد ، عضو هيئة الاركان الاسرائيلية في حرب 1967 ، الذي نقل عنه زئيف شيف ، المراسل العسكري لصحيفة هارتس قوله : “لقد فشل الجيش الاسرائيلي من الناحية العسكرية في حرب الاستنزاف . وهذه أول معركة نهزم فيها في ساحة القتال منذ قيام الدولة ” . وعلى مدى السنوات الخمسين التالية لحرب 1967 توالى فشل الجيش الاسرائيلي في كل مواجهة مع الجيوش والقوات الشعبية العربية ، التي توالت انتصارتها .

 

وبالتالي لم تعد اسرائيل كنزا استراتيجيا لرعاتها الامريكان والاوروبيين بقدر ما غدت عبئا تاريخيا عليهم ، مشغول صناع قرارهم السياسي بتوفير امنها وضمان استمرار وجودها . بعد أن اسقطت المقاومة اسطورة “الجيش الذي لا يقهر ” ، وافقدت اسرائيل قوة ردعها ، وفرضت عليها توازن الرعب في شمالها وجنوبها .

 

وأي قراءة موضوعية لمعطيات الصراع العربي –  الصهيوني بعد خمسين عاما من حرب 1967 توضح أن هناك عجزا متبادلا بين اسرائيل وقوى الممانعة العربية والاسلامية. فاسرائيل باتت عاجزة تماما عن قهر ارادة قوى المقاومة العربية والاسلامية ، برغم احتلالها معظم فلسطين ، عدا قطاع غزة ، وما تلقاه من دعم مادي وسياسي من رعاتها الأمريكان والاوروبيين ، ومن الجاليات اليهودية الأمريكية والأوروبية .

 

وبالمقابل فان قوى المقاومة ، وإن هي افقدت اسرائيل قوة ردعها ، وفرضت عليها أن تعقد اجتماع حكومتها المصغرة “الكابينت” في مركز تحت الأرض تحسبا من الصواريخ العربية ، كما ذكرت اجهزة الاعلام الاسرائيلية مؤخرا . فقوى المقاومة لما تزل بعيدة عن تحقيق الحل التاريخي لصراع الوجود واللاوجود مع الكيان الصهيوني .

 

ما يعني أن صراع الوجود واللاوجود ، الذي فرض على شعب فلسطين وأمته العربية ، باقامة اسرائيل لما يزل قائما وممتدا . وإن كانت المتغيرات والمستجدات الدولية والاقليمية تؤشر الى ان ليس لاسرائيل مستقبل . وان المستقبل في الأرض العربية لن يخرج عما عرفت به تاريخيا من توالي اندحار القوى الغازية الاجنبية سواء جاءت من الشرق الاسيوي او الغرب الاوروبي ، ولم يعد خالدا فيها سوى العرب واشجار زيتونهم .

 

عن admin

شاهد أيضاً

رغيف العيش

محمد سيف الدولة Seif_eldawla@hotmail.com   لم تكن هذه هى المرة الاولى الذي يعبر فيها رئيس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *