الرئيسية / أخــبار / الحكومة تقفز بمفردها من سفينة الأجور والمرتبات والغلاء

الحكومة تقفز بمفردها من سفينة الأجور والمرتبات والغلاء

 والإدارة الأمريكية تبحث عن منفذ لخططها في سوريا

حسنين كروم

 

May 01, 2018

 

القاهرة ـ «القدس العربي»: امتلأت الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 30 أبريل/نيسان بالمقالات والأعمدة التي ترفض طلب الرئيس الأمريكي ترامب إرسال قوات عربية إلى سوريا لتحل محل القوات الأمريكية التي قرر سحبها من هناك. ما أغضب الناس واعتباروا هذا الطلب يتصف بالوقاحة والإهانة لأنه يريد من النظام المصري أن يرسل قواته إلى بلد عربي شقيق، لقتال جيشه، أو حتى بحجة حماية بلده من الإرهابيين الذين زرعتهم أمريكا في العراق وسوريا، وكأن سوريا ليست دولة عربية تربطها مع مصر وغيرها من أعضاء جامعة الدول العربية اتفاقية دفاع مشترك، ولا كانت جزءا من دولة موحدة مع مصر هي الجمهورية العربية المتحدة. ومصدر الغضب نابع أيضا من أن أمريكا تنظر إلى جيوش الدول العربية وكأنها قوات مرتزقة كالتي تستجلبها من أنحاء العالم لتقاتل نيابة عنها، لأنها تعتبر دم ضباطها وجنودها الأمريكيين أغلى من دماء ضباطنا وجنودنا.
ومن الأخبار الأخرى التي اهتمت بها الصحف الصادرة أمس الاثنين ما نتج من كوارث ومصائب بسبب الأمطار الغزيرة، التي عاني منها الجميع، ومتابعة ما ينشر من تحقيقات هيئة الرقابة الإدارية بخصوص الكارثة. ووعود الحكومة بطرح كميات هائلة من السلع بأسعار أقل من السوق في المجمعات الاستهلاكية، خلال شهر رمضان المقبل. كذلك طرح الجيش والشرطة السلع في منافذ البيع التابعة لها والمساعدات الضخمة التي ستقدمها وزارة الأوقاف إلى سكان مئات القرى الفقيرة طوال الشهر. والاستعدادات لامتحانات الجامعات والدبلومات والشهادات الاعدادية والثانوية، ورفع ملايين الأسر حالة الطوارئ بسببها. أما في ما يخص أخبار الحكومة التي اهتمت بها الصحف، فكانت عن إعلان طارق عامر رئيس البنك المركزي النتائج الإيجابية التي حققها الإصلاح الاقتصادي من انخفاض العجز في الميزان التجاري من عشرين مليار دولار إلى ستة مليارات فقط، وموافقة الكويت على تأجيل سحب وديعة لها قدرها أربعة مليارات دولار حان موعد استردادها، وطمأن الناس إلى أن زيادة الديون الخارجية لا تزال في دائرة الأمان، وتحت السيطرة رغم تخويفات الكثيرين.
وأبرزت الصحف تحذيرات هيئة الإرصاد من موجة حارة شديدة وأمطار أيضا، ما دعا رئيس الوزراء شريف إسماعيل إلى التشديد على جميع المحافظين بعدم مغادرة مكاتبهم. وأبرزت الصحف كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الاحتفال بعيد العمال، التي أشاد فيها بتحملهم مصاعب الإصلاح الاقتصادي، وأبرز ما ورد في كلمته أنه يتطلع في الفترة المقبلة إلى أن يقوم مجلس النواب بسرعة الانتهاء من إصدار قانون العمل الجديد، الذي يهدف إلى تحقيق الأمان والاستقرار الوظيفي لعمال القطاع الخاص، ومواصلة أصحاب الأعمال الشرفاء على حد تعبيره، لتعزيز دورهم في حل مشكلات العمال وصون حقوقهم والاضطلاع بمسؤولياتهم الاجتماعية تجاه العمال والوطن. والمعروف أن الاحتفال بعيد العمال تم في مصر بعد ثورة 23 يوليو/تموز سنة 1952 كما أصدر الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر قانونا بتشكيل الاتحاد العام للعمال، وكانت حكومات حزب الوفد قبل الثورة قد سمحت بانشاء نقابات عمالية ولم تتمكن هذه النقابات من تشكيل اتحاد عام لها. وإلى ما عندنا من تفاصيل الأخبار وأخبار أخرى متنوعة..

أمطار وفساد

ونبدأ بأبرز ما نشر عن هطول الأمطار الغزيرة، وما كشفت عنه من إهمال وفساد قال عنه في «الأهرام» الدكتور أسامة الغزالي حرب: «مرة أخرى أكرر ترحيبي بتولي الوزير محمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية التحقيق في أسباب غرق حي التجمع الخامس تحت مياه الأمطار يوم الثلاثاء الماضي، وأدعوه ـ بالمناسبة ـ للتحقيق في شبهات للفساد يعاني منها ذلك الحي المتميز في القاهرة، أولاها يتعلق بالحدائق الصغيرة المنتشرة بين المساكن في التجمع الخامس، يفترض أن تتم صيانتها ورعايتها على نحو سليم، ولكن هذا لا يحدث فعليا. هناك بالفعل مقاولون من الباطن تصرف لهم مستحقات بعقود وهمية، لا تتم على أرض الواقع. ثانيها أن العقود المبرمة بين جهاز المدينة وبين السكان تنص على أن الأرض المباعة مخصصة لغرض السكن، ويحظر على الساكن «أي الساكن صاحب الأرض» استعمالها في أي غرض آخر تجاري أو صناعي أو تعليمي أو ديني، أو أي استخدام آخر، ولكن هذا كله يتم التحايل عليه، وتوجد شركات ومكاتب بكل ما يحيط بها من ضوضاء وزحام للسيارات. مثال ثالث يذكرنا بمسجد «ضرار» الذي قام بعض المنافقين ببنائه أيام الرسول «صلى الله عليه وسلم» فأمر الرسول بهدمه، حيث قام أحد الذين سبقت إدانتهم في قضية الوزير السابق إبراهيم سليمان ببناء مسجد على أرض حدائق محظور البناء فيها. إنني لا أجد في مواجهة هذا الموقف خيرا من الآية الكريمة «يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون» (البقرة 9)».

إهمال صغار الموظفين

وفي «الأهرام» أيضا أشاد أشرف أبو الهول أمس بقرار رئيس هيئة الرقابة الإدارية إيقاف عدد من المسؤولين في جهاز مدينة القاهرة الجديدة والتجمع والتحقيق معهم، إلا أنه طالب بمحاسبة صغار الموظفين الذين استغلوا الموقف للهروب من العمل وقال عنهم: «يجب ألا تتوقف المحاسبة عند كبار مسؤولي الأحياء فقط، وإنما يجب أن تمتد لتشمل كل العاملين في الأحياء والمحليات والنقل العام، بل المرور لأن معظمهم استغلوا حقيقة أن الأمطار هطلت بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية، فأغلقوا تليفوناتهم أو تحججوا بأنهم يقطنون في أماكن بعيدة ولا يمكنهم العودة لأعمالهم للمشاركة في مواجهة الوضع الطارئ الذي عاشته القاهرة، وهو ما فاقم الأزمة فغاب سائقو عربات شفط المياه والكاسحات وعمال الكهرباء وسائقو النقل العام».

أمراض الفساد والإهمال

وفي «الجمهورية» قال ناجي قمحة: «نأمل تكرار نموذج المساءلة والحساب الجاري حول أحداث القاهرة الجديدة في كل موقع مصاب بأمراض الفساد والإهمال، ليس على مستوى البنية الأساسية، بل على مستوى الخدمات التي تقدمها الدولة وتتكلف أموالاً طائلة ولا تؤدي ثمارها المرجوة للمواطنين على المستوى المطلوب، بل تكون محل شكوى ومصدر غضب عندما تتجاهل الحكومة الشكوى ولا تبادر إلى إزالة أسبابها وحل المشكلة ومحاسبة المخطئ فاسداً كان أو مهملاً».

حقوق المجتمع لا تسقط بالتقادم

وفي بابه اليومي «شخبطة» في «المصري اليوم» طالب الكاتب الساخر عاصم حنفي بمحاسبة وزير الإسكان في عهد مبارك المهندس محمد إبراهيم سليمان الذي بنيت كل هذه الأماكن في عهده وظل في منصبه حوالي عشر سنوات وقال: «حقوق المجتمع لا تسقط بالتقادم ونهب المال العام ليس جريمة عادية يرتكبها الفرد وخلاص وهناك من الجرائم ما تلاحق صاحبها طوال حياته، وتلاحق الورثة والأبناء والأهل والأقارب بعد عمر طويل وما حدث في القاهرة الجديدة من إهمال في البنية التحتية هو جريمة مكتملة الأركان حاسبوا محمد إبراهيم سليمان».

وطن بلا «بلاعة»

واقعة سيول التجمع الأخيرة وغيرها من المناطق المتضررة أكدت في رأي إسماعيل عبد الجليل في «المصري اليوم»، أن بيت الداء في حياتنا هو التشخيص الخاطئ لمواجعنا، مما يجعل نتائج روشتة العلاج عكسية.. أسرعنا باتهام الأمطار بالغزارة بتقديرها بحوالي خمسين مليون متر مكعب، وبالمباغتة لسقوطها في غير موسمها، وظن البعض أنها أسباب كافية لتبرير القصور وتبرئة المقصرين، على الرغم من مخالفة تلك الادعاءات ألف باء المنهج العلمي، وهي أن كمية الأمطار وزمن سقوطها متواضعان للغاية، وأن توقيت سقوطها يتوافق تاريخيا مع تقلبات مناخية ربيعية معروفة في هذا التوقيت لخبراء الأرصاد الجوية.. اتهمنا الأمطار وتناسينا أن هناك اختراعا يطلق عليه «بلاعة» لتصريف مياه الأمطار بقدرة تفوق سعتها عشرات المرات لتخزينها وإعادة استخدامها. أسرعنا بتوجيه الاتهام لمخرات السيول وأنها خدعتنا بتغيير مساراتها رغم أن هناك «أطلس» في وزارة الري وصورا فضائية توثق مواقعها بما يسمح بفرص لاستخدامها في التخطيط العمراني، ولكن بعد استيفاء مرافق وبنية أساسية لتهدئة سرعة مياه الأمطار أثناء انجرافها بسدود حجرية أو ترابية أو غيره، وهو التشخيص الخاطئ نفسه لكارثة سيول العريش التي ضربت شمال سيناء في يناير/كانون الثاني 2010 إثر عاصفة أمطار أدت إلى هدم 780 منزلا وخسائر تجاوزت مئة مليون جنيه واتهمنا آنذاك مجرى السيل وتغافلنا حتى اللحظة عن التشخيص الحقيقي وهو أن سعة سد الروافعة المسؤول عن حماية وادي العريش من السيول لا تتجاوز 5 ملايين متر مكعب بينما كانت كمية الأمطار تمثل أربعين ضعف تلك السعة التخزينية، بالإضافة إلى الموقع الخاطئ للسد. فلنتوقف عن اتهام الطبيعة التي لا تملك الدفاع عن نفسها وهي تسخر من ارتباكنا في التعامل معها.
إنني أكتب تلك الكلمات وكلي حزن وأسف على مشاهد العشوائية في تعاملنا مع الظواهر الطبيعية التي تحيطنا والتي تشهد تغيرا انتقل من «حالة الشك» إلى درجة «اليقين» بالبحوث والدراسات والوقائع منذ الثمانينيات وحتى الآن، بأن العالم يشهد تغيرا مناخيا ويعيش مرحلة انتقالية مع الطبيعة».

أمركة القاهرة

وفي «الشروق» أبدى استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور مصطفى كامل السيد شماتته في سكان هذه المناطق لأنهم فئات انفصلت عن الشعب، وتقلد بفجاجة أسلوب الحياة في الكومباونات، وكان مقاله عنوانه «أمركة القاهرة وغرق التجمع الخامس» قال فيه: «التجمع الخامس وغيره من المنتجعات العمرانية التي نمت على صدر الخريطة الحضرية لمصر منذ الثمانينيات هو واحد من أعراض كثيرة لأمركة مدينة القاهرة، والمقصود بذلك شيوع التقليد لممارسات معمارية وأنماط سلوك أمريكية، في عاصمة ذات تراث عريق متعدد الروافد، من فرعوني وقبطي وعربي وإسلامي، وهي ظاهرة يمكن أن نجد بعض أعراضها في مدن أخرى في العالم، ولكنها في حالتنا المصرية تتجاوز حدود ما عرفته تلك العواصم الأخرى، خصوصا بسعي النخبة الحاكمة للخروج منها، وهو ما ينذر بتفاقم مشاكل مجتمعاتنا في المدن وفى الريف على حد سواء، بل ويمتد إلى سكان هذه المنتجعات الجديدة. هذا النمط من المنتجعات شاع في مصر ليس حلا لمشكلة سكن ولا لارتفاع مستوى الجريمة في المدن، ولكنه على الأقل بالنسبة لبعض أعضاء النخبة الحاكمة الجديدة، هو رمز للجاه والتميز الاجتماعي. كثيرون من أصحاب الفيلات في هذه المنتجعات يملكون بالفعل شققا في أفضل أحياء القاهرة، ولكن إغراء المعيشة في منتجعات بعضها مغلق عليهم ولا يختلطون فيها إلا بسواهم من أصحاب الدخل المرتفع والمكانة، هو الذي يجتذبهم إليها وهم يتحملون في سبيل ذلك كل عناء السفر اليومي إلى هذه المنتجعات، الذي يقتطع بكل تأكيد ما لا يقل عن ثلاث ساعات يوميا إذا كانوا سيعودون إلى منازلهم مرة واحدة في اليوم، أو ربما يفضلون الراحة في شققهم التي ما زالوا يحتفظون بها في القاهرة القديمة. هذه الرغبة في الهرب من العاصمة التاريخية للبلاد هي ما يميز بعض النخبة الحاكمة في مصر في الوقت الحاضر، وذلك بدلا من السعى لحل مشاكلها ليس فقط بالاهتمام بها ولكن بدفع التنمية الإقليمية ونشر الخدمات الثقافية والترويحية، وتوفير فرص عمل مناسبة خارجها والتخفيف من المركزية الإدارية المفرطة وإيجاد السبل التي تسمح لسكان المدن والقرى بمساءلة المسؤولين بتوفير سلطات مناسبة للأجهزة المحلية المنتخبة، لا نجد نخبة أخرى في أي من البلدان ذات الحضارات العريقة يظهر هذا التعالي على عاصمته التاريخية. حاكم روسيا يقيم فى الكرملين، وحكام الصين كانوا يقيمون حتى وقت قريب في «المدينة المحظورة» أو المحرمة في قلب بكين، وحكومة الهند ووزراؤها وقادتها السياسيون يقيمون في دلهي، ولم نسمع أن حكام بريطانيا أو فرنسا سعوا للخروج من باريس أو لندن، بل إن رؤساء فرنسا يتنافسون في وضع لمساتهم على عاصمتهم. بومبيدو شيد مركزا ثقافيا، وميتران بنى دارا للأوبرا مكان سجن الباستيل الشهير، واقترح بناء هرم داخل متحف اللوفر. ونصب الألمان احتفالات كبرى عند عودة حكومتهم إلى برلين عاصمتهم التاريخية. أما نحن فنسرع الخطى للانتقال إلى عاصمة إدارية جديدة تتفوق على مانهاتن بأبراجها الشاهقة وعلى ديزني لاند بأكبر مدينة ملاه في العالم. القاهرة تتأمرك ولكن بطريقتها الخاصة، ببيروقراطيتها مضرب الأمثال في انعدام الكفاءة، وبإدارتها التي بلغ فيها الفساد العنق، وبفهمها الساذج لقواعد العمران، وبرفضها أي مساءلة من جانب المواطنين الذين تعيش حكومتهم على ما يتيحونها لها من موارد تقوم بتبديدها».

حكومة ووزراء

والى الحكومة ووزرائها والدهشة التي انتابت محمد السيسي في «الأسبوع» من زيادة مرتبات ومعاشات الوزراء وكبار المسؤولين وقال عنها أمس الاثنين: «حقيقة استفزتني حالة الغضب التي انتابت الشعب المصري في أعقاب موافقة البرلمان وتصديق الرئيس على تعديل قانون رواتب ومعاشات رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء والوزارء والمحافظين ونوابهم، وهي الحالة التي كشفت عن حقد شعبي دفين وإيمان ضعيف وعزيمة رخوة ليثبت المصريون مجددا أنهم شعب غاوي دعايات سوداء وإشاعات مغرضة راح يطلقها العامة والغوغاء ضد أسيادنا الوزراء المحافظين بدافع الحقد والغيرة، رغم ما يعانيه مجتمع المسؤولين من ضيق معيئة وظلم اجتماعي واقع عليهم ماديا ومعنويا».

آخر الناجين وأول المحاربين

بينما شبه حازم الحديدي في «الأخبار» ذلك القرار بأنه قفزمن سفينة غارقة وقال: «في حالات الغرق ينشغل «قبطان»‬ السفينة أولا بإنقاذ الركاب، وبعد ذلك ينجو بنفسه. وفي المعارك يتصدر «‬القائد» الصفوف ليكون أيقونة الشجاعة التي تبث الروح في نفوس الجنود ليتحقق النصر، وهكذا هي المسؤولية وتلك هي تبعات وأصول القيادة، أن تكون آخر الناجين وأول المحاربين لا أن تنجو بنفسك أو تترك جنودك يقاتلون في الصف الأول وأنت تسمع مزيكا في الصف الأخير، ومن هذا المنطلق كنت أتمنى من الحكومة أن تتقدم صفوف المواطنين في معركة الغلاء ولا تتركهم يغرقون وتقفز بمفردها من سفينة الأجور والمرتبات».

كاركتير

لكن ما نسيه محمد السيسي وحازم الحديدي أن الوزراء وكبار المسؤولين مساكين وهو ما علمناه من الرسام عبد الله في جريدة «المصري اليوم» اذ شاهد وزيرا يجلس على كرسي وزوجته ترقيه وتقول: رقيتك واسترقيتك من عين كل موظف عدمان أو عامل كحيان بياخد الحد الأدنى للأجور».

الإهمال يصل إلى المتحف الكبير

في العديد من اللقاءات التي قابل فيها وائل السمري في «اليوم السابع»، الدكتور طارق سيد توفيق كان النقاش محتدما بينهما: «فالدكتور طارق يريد افتتاح المتحف المصري الكبير «جزئيا» لكي تنتعش خزينة المتحف بالتبرعات، وأنا أرى أن الافتتاح الجزئي للمتحف سيضيع شغف العالم بمشاهدته، خاصة أن لنا تجربة سيئة في مسألة الافتتاح الجزئي، فقد افتتحنا متحف الحضارة جزئيا من قبل، ولم يشعر أحد به، وإذا ما تكرر هذا الأمر مع المتحف المصري الكبير فإننا بهذا الأمر نكون قد أبطلنا فعل مفاجأة العالم بأكبر متحف في العالم. وفي الحقيقة ما يريده الدكتور توفيق أمر مشروع ومفهوم، لكنه يريد الحسن وأنا أريد الأحسن. أما فكرة افتتاح المتحف لاستجلاب التبرعات فلدينا عشرات الطرق الأخرى لمثل هذه الحلول، كان هذا النقاش محتدما قبل اليوم، وكانت وجهتي النظر قريبتين من بعضهما بعضا، أما الآن بعد اشتعال النيران في أبنية المتحف، فالأمر مختلف.المؤسف في الأمر أن البعض تعامل مع اشتعال النيران في سقالات المتحف باستخفاف، بينما التاريخ يقول لنا إن سبب احتراق «المسافر خانة» كان اشتعال النار في السقالات أيضا، ومعظم النار كما يقول بيت الشعر من «مستصغر الشرر»، وفي الحقيقة فإنني أشعر بأن هناك شيئا غير مفهوم في هذا الحريق، فلا يوجد شيء في الأبنية التي اشتعلت فيها النيران، فما الذى احترق؟ وكيف احترق؟ وكيف تحولت النيران التي لم يكشف حتى الآن عن مصدرها إلى ألسنة اللهب هذه؟ كل هذه أسئلة تفرض علينا أن نفكر جيدا وأن نحقق في ما جرى وكيف جرى. بالأمس في هذا المكان تحدثت عن فكرة آليات التعامل مع الكوارث وآليات تجنبها، وقلت إنه من المفترض أن توزع هيئة الأرصاد الجوية توقعاتها على جميع الهيئات والمصالح والوزارات المعنية من أجل الإسراع في التعامل مع الكوارث، لكن للأسف ما يحدث عكس هذا، كما قلت في المقال ذاته إن عقاب المسؤولين عن هذا التقصير لابد أن يكون دقيقا وواقعيا وحازما في الوقت ذاته، وألا يتم استثناء أي فرد من هذا العقاب، وأول من يجب أن يشمله العقاب هو الشخص المنوط به المراقبة والتأمين، وهو ما يجب أن يحدث اليوم أيضا».

قوات مصرية في سوريا

وإلى واحدة من القضايا التي يتناولها سياسيون وصحافيون أجانب وعرب ومصريون بشأن الاقتراح أو الطلب الأمريكي من مصر بأن ترسل قواتها ضمن قوات عربية إلى سوريا لتحل محل القوات الأمريكية التي قرر رئيسها دونالد ترامب سحبها ويخوضون في التفاصيل والحجج، بينما الشعب لا يهتم بها، بل ولم يسمع عنها وحتي النظام لا يوليها أي اهتمام ولا تطرأ على خياله أبدا.
وفي «المصري اليوم» قال الدكتور عمرو الشوبكي: «السؤال المطروح: أي غطاء سياسي سيحمله إرسال قوات عربية إلى سوريا في ظل غياب مسار التسوية السياسية «رغم الحديث عنه»؟ فالسعودية مرفوضة من النظام السوري وحلفائه، ومصر المقبولة من النظام وحلفائه على مضض مقبولة أيضاً من الغرب ومرفوضة من تركيا وحلفائها، وهي في النهاية أعلنت رفضها تلك الخطوة.
إن إرسال قوات عربية إلى سوريا قد يكون مطلوباً في حالة واحدة فقط هي، اكتمال أو تبلور مشروع تسوية سياسية في سوريا يُنفذ على الأرض وتقبله كل الأطراف فتدخل القوات العربية كقوات حفظ السلام وبطلب من النظام السورى «مهما كانت معارضتنا الشديدة له» وبغطاء من الجامعة العربية بمعنى أن البديل العربي يجب أن يكون غطاؤه السياسي غطاء سلام وليس غطاء حرب وهو أمر لم يتحقق بعد في سوريا.

مصر تقاوم الضغوط

وفي «الشروق» قال رئيس تحريرها عماد الدين حسين: «مصر قاومت كل الضغوط ولم ترسل قوات إلى اليمن استجابة لطلبات سعودية أكثر من مرة، علما أن الصراع في اليمن أكثر وضوحا ومن مصلحة مصر وأمنها القومي ألا يكون هناك احتلال أو هيمنة إيرانية على اليمن والبحر الأحمر وباب المندب. مصر أرسلت قوات رمزية لليمن وكان دورها مرتبطا بالأساس بحماية مضيق باب المندب، وتأمين الملاحة إلى قناة السويس، إذا كنا فعلنا ذلك في اليمن فهل يمكن تصور أن نرسل قوات إلى سوريا لتنفيذ تصورات أمريكية، وربما إسرائيلية غامضة ومريبة؟ البيت الأبيض رفض التأكيد على أن مصر وافقت على إرسال قوات إلى سوريا، وأغلب الظن أن هذه الصياغة تعني أن الحكومة المصرية ترفض الدعوات الأمريكية.
من المنطقي فهم الحرج المصري من الدخول في صراع مفتوح مع الولايات المتحدة بشأن هذه النقطة، كما يمكن فهم الحرج نفسه مع المملكة العربية السعودية المتحمسة جدا لفكرة إرسال قوات إلى سوريا، رغم أنها تحتاج إلى كل جندي من جنودها أو حتى جنود التحالف العربي لحسم المعركة في اليمن، بل حماية حدودها وأجوائها من الجرأة الحوثية المتزايدة، خصوصا في إطلاق الصواريخ الباليستية التي صارت تطال عدة مدن سعودية».

أمريكا تنصب أفخاخها

وفي «الوفد» قال إسلام الشافعي: «تبدأ الإدارة الأمريكية من جديد في البحث عن منفذ لخططها في سوريا بالدعوة لتشكيل قوة عربية تحل محل قواتها هناك، وبالطبع يتم الزج باسم مصر لتصبح على رأس ذلك التحالف، وهو الأمر الذي تحركه الرغبة العارمة لدى أمريكا والخبثاء المتربصين بمصر، لتوريطها في حرب إقليمية لإشغال جيشها عن معركته الحقيقية في مواجهة الإرهاب، وإعاقة عجلة التنمية في مصر. وبالفعل بدأت الضغوط الأمريكية مباشرة وعبر عدد من الحلفاء لدفع مصر لذلك المستنقع السوري. ويظن أصحاب تلك الدعوة الخبيثة أنهم نجحوا في نصب فخ معقد لمصر، فإما أن تدخل مصر في مكاشفة مع أمريكا حول حقيقة سياساتها في المنطقة ودعمها للإرهاب، أو تقبل بمخالفة ثوابتها القومية الرافضة لتفكيك الجيش العربي السوري وتقسيم سوريا. سيكون على مصر إن بلعت الطعم أن تخسر حليفها الاستراتيجي المهم «روسيا»، وتضع جيشها في مواجهة مباشرة مع الجيش الروسي، أو أن تقبل بتحول خلافها في الشأن السوري مع حلفائها الخليجيين من مجرد خلاف تحت الرماد إلى صراع مسلح على أرض الواقع».

معارك وردود

والى المعارك والردود المتفرقة التي لا رابط بينها، حيث طالب وجدي زين الدين رئيس تحرير «الوفد» ببذل جهود أكبر في محاربة الفساد لأنه حسب قوله: «الفاسدون يخرجون ألسنتهم للدولة، والرشاوى تزداد وتستفحل بشكل يدعو إلى الخزى والعار.
ومصالــــح الناس تتحكم فيها البيروقراطية والروتين وعلى الرافضين لذلك أن يضربوا رؤوسهم في الأسفلت أو أقرب حائط.
وهكذا تزداد المشاكل ويصدر هؤلاء الفاسدون أزمات بصفة دورية للدولة، لإظهارها بمظهر العاجز، الذي لا يقدر على فعل شيء، أليست هذه حقائق دامغة نعيشها كل ساعة؟ أليس الفساد القائم يعمل بندية شديدة ضد الدولة؟ أليس الفساد ظاهراً وصوته عالياً؟ أليس الفساد في كل القطاعات بلا استثناء ويستشرى كالنار في الهشيم؟ لقد آن الأوان لإعلان حرب حقيقية على الفساد إلى جوار الحرب على الإرهاب فضحايا الفساد أكثر من ضحايا الإرهاب».

رؤيا

أما الدكتور معتز بالله عبد الفتاح فقد كتب مقالا أمس في «اليوم السابع» عن حلم رآه للرئيس السيسي بأنه أي الرئيس يوجه خطابا للمسؤولين قال: «رأيت في ما يرى النائم السيد رئيس الجمهورية يقف أمام عدد من المسؤولين في مقدمتهم وزراء التربية والتعليم والتعليم العالي «الخطاب التعليمي» والثقافة «الخطاب الثقافي والفني» والشباب والرياضة «النشاط الرياضي» والمسؤولون عن الهيئة الوطنية للإعلام «الخطاب الإعلامي» وممثل عن الأزهر الشريف وممثل عن الكنائس المصرية «الخطاب الديني» ورئيس مجلس النواب ووزيرة التخطيط يقول رئيس الدولة: بسم الله الرحمن الرحيم لقد قررت أن تكون سنواتي الأربع المقبلة في الحكم هي سنوات إعادة صياغة نسق قيم الإنسان المصري: معرفيا وسلوكيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
إن الدراسات العلمية تؤكد أن هناك قيما إن استوعبت الإنسان وأصبحت منهج عمله ونور بصيرته جعلت منه قادرا على عمارة الأرض واستغلال طاقاته مهما ضنت عليهم الطبيعة بالموارد.
إن كل مؤسسة من مؤسسات الدولة القائمة على صياغة العقل والقيم والوجدان مطالبة، بأن تضع هذه الرؤية منهجا لها وبناء عليه فقد قررت ما يلى: أولا: أن تتبنى وزارة التخطيط مشروع قانون بتشكيل مجلس أعلى لبناء الشخصية المصرية برئاسة رئيس الجمهورية، وأن يصدر به قانون من مجلس النواب باعتباره مجلسا مكملا للمجالس القومية والوطنية الأخرى التي تحارب الإرهاب والتطرف باعتباره مجلسا آخر لمحاربة الإسفاف والتخلف. ثانيا: يتكون هذا المجلس من الوزراء والمسؤولين والمتخصصين المعنيين ببناء الشخصية المصرية».

الخروج من عنق الزجاجة

«إن الطريق لخروج مصر من أزمتها والمباعدة بينها وبين خطر انهيار الدولة والفوضى حسب رأي جورج إسحق في «الشروق» مرتبطة بنخب سياسية وشباب واعد مرّ بتجارب كثيرة وتعلم منها وأصبح أنضج مما قبل وقادرا على إدارة الشأن العام على نحو يؤسس لقواعد دستورية وقانونية عادلة.
ولن تنجح النخب السياسية، حكما ومعارضة، في إخراج مصر من أزمتها بدون اعتماد لمبدأ الشراكة الوطنية والبحث الحقيقب عن توافقات جادة وإشراك حقيقب وشفافية وحرية تداول المعلومات.
فإذا توافقنا على هذا الأمر فسوف نخرج من عنق الزجاجة، فمن اللامنطق أنه كلما ظهرت حركات خارج الشكل النمطي نعتبرها خارجة عن السياق العام، لأن الحس الشعبي أصبح أكثر تأثيرا من كل المؤسسات الرسمية وأكثر حساسية وإحساسا بما يحدث لهم في ممارسة حياتهم اليومية. مصر ستتسع لكل المصريين إذا تحولت إلى دولة قانون وعدالة ومساواة على الكل، إذا طبقنا الدستور بكامل مواده من أكبر رأس في الدولة لأصغر رأس، بدون أي استثناءات. إذا توافر لدينا إعلام حر خارج عن سيطرة النظام الحاكم يعمل في إطار القانون والدستور والقواعد المهنية، بدون توجهات مرضية وإعطاء مسؤولية الإعلام لمهنيين محترفين، ليسوا هواة سطحيين وليس لديهم خبرة فى الحياة السياسية والاقتصادية، وتتمحور مهنتهم في السب والقذف والتشويه والتخوين، فهذا ليس إعلاما، هذا فجور إعلامي.
مصر للجميع عندما يحيا جميع مواطنيها حياة كريمة عادلة لا أن يكونوا تحت مستوى الفقر. عندما يشعر الشعب بالانتماء الحقيقى لهذا البلد بالحب والولاء لهذا الوطن والإدراك الكامل لعظمــته لا عندما يغترب عن الوطن بفوبــــيا تذهب عقــــله وتقتل وعيه وإدراكه. اسمعوا المواطنين، قدروا ظروفهم، افتحوا مجالا للحوار، أغلقوا باب العنف الأمني فقد ثبت فشله في إدارة الأزمات. ضعوا حقوق الإنسان المصري نصب عينيكم فهي الآن تتعرض لرياح عاتية من الممكن أن تدمر الكل إذا لم تتم حمايتها والحفاظ عليها.
إذا كنتم بالفعل تريدون مصر لكل المصريين.. فكما قال ابن خلدون «إن الظلم مؤذن بالخراب».

القنوات الفضائية

وفي صحيفة «الصباح» الأسبوعية التي تصدر كل اثنين قالت سالي عاطف إن هناك عشرات القنوات الفضائية على القمر الصناعي المصري نايل سات اشتراها هواة وأصحاب مصالح: «مع الأسف باتت أغلب هذه القنوات المشبوهة مجرد سبوبة تديرها مجموعة من خريجي التعليم المتوسط الذين لا يفقهون شيئا عن الإعلام أو حتى أبسط مبادئه فهم يتيحون الفرصة لأي شخص أن يصبح إعلاميًا عبر ما يسمى «بيع الهوا»، والغريب أن هذه الظاهرة تنتشر كالوباء في أغلب القنوات الحديثة ليتغير مفهوم الإعلام إلى مفهوم آخر عديم الفائدة والقيمة، بل وصلنا إلى قمة الانحدار بعدما كنا رواد الإعلام في العالم العربي، حيث انتشر الدخلاء من كل مكان بشكل فج ولم تعد المذيعات رمزًا للأناقة والبساطة ومثالًا للفتيات من جيل الرقي، بل أصبحن يتسابقن على وضع أكبر قدر من مستحضرات التجميل، حتى تتغير ملامحها تمامًا فإن صادفتها بالشارع لا تستطيع أن تعرفها. لم تتوقف الحالة على هذا، بل أصبحن يتسابقن في إظهار أكبر قدر من المفاتن ليتوه المشاهد عن المحتوى المقدم واللغة ويركز فقط على الشكل الرخيص الذي أضاع هيبة إعلامنا وسط فضائيات العالم».

حسنين كروم

عن admin

شاهد أيضاً

تحميل كتاب : دراسة مقارنة الوحدة الألمانية و الوحدة المصرية السورية 1958_ بقلم : دكتور صفوت حاتم

بقلم : دكتور صفوت حاتم 1– في فبراير عام 2008 ..  أقيمت في القاهرة ” …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *