بقلم : شهدي عطية *
*مصمم مواقع و مطور برمجيات
ظهرت إذاعة ” صوت مصر الحرة ” في 28 يوليو 1956،وعندما بدأت في بث إذاعتها اعتقدت السلطات المصرية أن هذه الإذاعة تبث من فرنسا وقد دعمت بريطانيا هذا الإعتقاد بتأكيده كعملية تمويه وتعتيم على المكان الأصلي للإذاعة وفي ذلك الوقت كانت الإذاعات المضادة والموجهة ضد النظام المصري عديدة وتبث من مناطق مختلفة بكافة أنواع الدعاية ضد عبدالناصر ونظامه ومن ضمن هذه الإذاعات كانت “صوت الإصلاح” و«صوت مصر الحرة»، و«راديو باريس» و«صوت لبنان».وقد أذاعت إذاعة مصر الحرة أثناء حرب السويس فى 1956، خبرًا مفاده أن الرئيس عبدالناصر قُتِل فى مبنى قيادة الثورة نتيجة القصف الجوى البريطانى واستضافت عملاء لها كمواطنين مصريين يهللون ويفرحون بالخبر وكالعادة اتضح كذبهم . وقد ذكر عبدالناصر وتحدث كثيرا عن هذه الإذاعات في خطبه ففي خطاب له يوم 22 يوليو 1959 تحدث عن تسعة إذاعات تبث أخبار كاذبة ومضادة للنظام المصري وقال بالنص في ذلك الخطاب “تسع محطات بتهاتى ما عملت أى شىء فى هذا الشعب، ولم تحقق أى هدف من أهدافها. ولغاية النهاردة محطة إذاعة «صوت مصر الحرة» مازالت بتهاتى، واللى بيسمعها واللى ما بيسمعهاش بيعرف أن «صوت مصر الحرة» دى محطة بتتكلم باسم الاستعمار وبتذيع من باريس، وإنما هى تعبر عن الحقد اللى بيشعر به الاستعماريين والدول الاستعمارية بعد أن فشلوا وبعد أن انهزموا، وبعد أن انتزعنا منهم النصر”.. وحتى لحظة خطاب عبدالناصر كان الظن هو أن تلك الإذاعة تبث من باريس ثم جاءت أخبار أن الإذاعة انتقلت للسعودية وهنا بدأت موجة جديدة في الصحف المصرية للهجوم على الملك سعود ومن ضمن عشرات الرسوم الكاريكاتورية نعرض الآن رسمتين الأولى تصوّر الملك سعود يخرج لسانا طويلا مكتوبا عليه ” محطة إذاعة مصر الحرة على موجة طولها 7835دولار في الثانية ” وفي أعلى الرسم مكتوب إذاعة صوت مصر الحرة تنتقل من مرسليا إلى السعودية .. أما الرسم الثاني فيصور الملك سعود على هيئة سيدة في مطبخ ومكتوب أسفل الرسم ” ركن المرأة في إذاعة مصر الحرة ” حاقولك على طريقة عمل المؤامرة تجيبي مليون دولار أمريكاني وست رجعيين يكونوا بلدي تنضفيهم كويس بعصير الخيانة وتضيفي عليهم الدولارات” والعديد من الرسوم التي تسخر من هذه الإذاعة كانت تعج بها الدوريات المصرية وقتها وكان للملك حسين أيضا نصيبا كبيرا منها, ولكن بعد سنوات ظهرت مفاجأة كبيرة لها دلالات خطيرة وهو أن هذه المحطة كانت تدار من بيروت ثم عدن وبواسطة عائلة أبو الفتح أصحاب جريدة المصرى وقد تحدث عن هذا الأمر كثيرا منهم خالد محي الدين في مذكراته قائلا”تحدث أبو الفتح بحماس عن ضرورة فعل شيء لإنقاذ مصر من براثن حكم عبد الناصر، وتحدث عن دورى وحاول إثارتى وكيف أننى مبعد، وكيف أن على واجب إزاء الوطن، وأخيراً وصل إلى غايته.. ستكون هناك محطة إذاعة موجهة إلى مصر ومطلوب منى أن أتحدث فيها بشكل مستمر، وأن أكون شريكاً فى العملية كلها.” وكذلك كتب زهير عسيران، فى كتابه “زهير عسيران يتذكر، المؤامرات والانقلابات فى دنيا العرب” وقال نصا ” على أثر الخلاف الذى نشأ بين نظام الضباط الأحرار وآل أبو الفتح الذين صودرت جريدتهم المصرى ومطابعها وشردوا خارج مصر، طرأت فكرة إنشاء إذاعة تعمل ضد النظام الجديد فى مصر. فاجتمع فى بيروت محمود أبو الفتح وبعض المنتسبين إلى الإخوان المسلمين ومنهم كامل الشريف من مصر الذى أصبح فى ما بعد نائبـا ووزيرا فى الأردن، والشيخ مصطفى السباعى من سوريا، وتقرر فى ذلك الاجتماع إنشاء إذاعة فى لبنان تعمل ضد النظام فى مصر. لكن السؤال كان: «كيف؟ وأين يكون مقر هذه الإذاعة؟» فرددت على السؤال فورا: «توضع فى منزلى»…ومع نهاية حرب السويس تم سحب الجنسية المصرية من أسرة أبوالفتح مما دعا نوري السعيد إلى إعطاء محمود أبوالفتح الجنسية العراقية نكاية في عبدالناصر والتي سرعان ما سحبها منه عبدالكريم قاسم بعد ثورة العراق في يوليو 58 ومات أبوالفتح في أوربا في نفس العام ولم تقبله أي دولة ليدفن فيها سوى تونس التي كان بورقيبة وقتها على خلاف أيضا مع عبدالناصر ..
إذاعة مصر الحرة..

