الرئيسية / حوارات ناصرية / الفرق بين التطبيق العربي للأشتراكية و الماركسية

الفرق بين التطبيق العربي للأشتراكية و الماركسية


الفرق بين الإشتراكية العربية و الإشتراكية الماركسية-الشيوعية

 

 يتجسد الإختلاف بين الإشتراكية العربية  و الشيوعية في  الجانب النظري و التطبيقي ، فالشيوعية تنظر نظرة مادية إلى تاريخ الانسان و تقدم رؤيتها في تفسيره على الصراع الطبقي بين اصحاب رؤوس الاموال (البرجوازية) و العمال (البرولتاريا) الامر الذي ينتهي بقضاء البرولتاريا على البرجوازية و قيام ما يسمى بديكتاتورية الطبقة العاملة أو المجتمع اللاطبقي اي الذي تتساوى فيه كل الافراد من حيث علاقتهم بوسائل الانتاج ، و الشيوعية على ذلك تتجاهل دور الدين و الانتماء الوطنى أو القومى للإنسان في تطوره ، بل تعتبره انعكاس للتغيرات في علاقات الانتاج ، على عكس الإشتراكية العربية التى تقوم على موروث من الحضارة العربية الاسلامية في اطار توفيق حضارة الامة مع الواقع المعاصر 

 

 كذلك الاشتراكية العربية تعترف بالملكية الفردية و طالما لم تقم باستغلال من لا يملكون ، و لا تلجأ إلى هذه الاجراءات ( المصادرة أوالتأميم ) إلا عندما يتسع الفارق جدا بين الاغنياء و الفقراء نتيجة الاستغلال و الاحتكار و تزداد خطورة الصراع بينهما ، فتقوم بهذه الاجراءات لاعادة توزيع الثروة بشكل عادل ، الامر الذي يسميه عبد الناصر في الميثاق  الحل السلمي للصراع الطبقي  

 

و من جهة أخرى الإشتراكية العربية تعمل  فقط على  توفير الفرص المتكافئة لكل الناس ، و تتقبل بعدها تمايز أحدهم على الاخر نظرا للتفوق في الجهد أو الذكاء و لكن ليس المستوى المادي أو الاجتماعي ، مثلا الدولة توفر التعليم للكل و من يتفوق فيه و يبدو فيه استعداده الفطري للنبوغ ، تعطيه الدولة امتياز اكبر من الباقيين ( في الداخل أو الاعارة أو الوظيفة أو البعثات ) و هذا ثابت تاريخيا في فترة الزعيم جمال عبد الناصر ، حيث يقول الدكتور أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل للفيزياء ان جودة التعليم الذي تلقاه في مصر في الستينيات لا تقل عن جودة التعليم الذي يتلقاه أبناؤه في المدارس الامريكية 

 

و في الأخير تجدر الإشارة إلى أن  أحد تعريفات الاشتراكية العربية ” كفاية الانتاج و عدالة التوزيع ” أي أن هدفها هو خير المجتمع ككل و سيادة العدل فيه ، و بهذا فإنوهدفها يتفق مع الاسلام تماما ، حيث حرم الاسلام الاستغلال و الربا و الاحتكار و أمر الناس بالعدل
________________________________________________________

الاشتراكيه العربيه و التطبيق العربي للاشتراكيه-بقلم حسن هيكل
ــــــــــــــــــــــــ

قوي الفعل و التغيير :
الفهم الناصري للاشتراكيه :
ـــــــــــــ
بمطالعه الوثبقه الفكريه الناصريه صفحه 180
رأينا تاصيلا فكريا يوضح ان جمال عبد الناصر حسم خلافا ( لا اري ان الوثيقه الفكريه هي منتداه ) بين مسمي التجربه الاشتراكيه الناصريه
هل هي اشتراكيه عربيه
ام انها تطبيق عربي للاشتراكيه ؟!!!
و هذا موضوع هذه المداخله او تلك الدراسه :
اولا : الوثيقه الفكريه الناصريه تخاطب ليس فقط الكوادر الناصريه الواعيه المثقفه و انما هي اداه تلك الكوادر في خطابها المستقبلي تجاه الجماهير العربيه في سعينا لاعاده هذه الجماهير الي خط الحريه و الاشتراكيه و الوحده

ثانيا : ما دام هذا الافتراض قائما يجب الا يكون بالوثيقه اجتهادات بحثيه من كاتبيها في بعض الموضوعات فهذه الاجتهادات موجوده في مئات من المؤلفات و رسائل الماجستير و الدكتوراه التي تناولت التجربه الناصريه ليطلع عليها الباحثون في المكتبات و الجامعات كي يتفقون معها او يختلفون فهذا شأن البحث العلمي و كذا في المنتديات الناصريه كثيرا ما تتناول الكوادر الناصريه التجربه الثوريه التي قادها جمال عبد الناصر بالبحث و التحليل و النقد البناء من ثم يكون هذا هو مكان الاجتهادات البحثيه الطبيعي
اما حين تصدر وثيقه فكريه ناصريه ـ علي غرار ميثاق العمل الوطني ينبغي ان يحدد القائمون علي اصدارها و هم من الكوادر السياسيه الواعيه…
أ ) لمن توجه الوثيقه ؟
ب) اهداف اصدار مثل تلك الوثيقه ؟
ج ) توقيت اصدار تلك الوثيقه
و في كل الاحوال لا ينبغي ان تتضمن وجهات نظر!!!
او ايه موضوعات خلافيه .. ولا حتي ابحاث تخرج بوجهه نظر كاتبها .. فقد تخرج علينا ابحاث اخري بوجهات نظر مختلفه و هكذا ….
اننا نري انه مادامت الوثيقه الناصريه قد اتت غير ممهوره بتوقيع كاتبها فهذا يعني انها ما اتفق عليها التيار الناصري و بالتالي لا يجوز ان تتضمن الوثيقه الا ما اجمع عليه التيار و ليس وجهات نظر كما اسلفنا و الا فان الانشقاقات الفكريه تكون هي نتاج هذا العمل ( التوحيدي !!! ) .
ايها المناضلون تذكروا ان :
العمل السياسي نضال واع محسوب و الا تحول الي مجرد (حرث لسطح النهر) لا يغني اصحابه ولا يفيد من حولهم

ثالثا : قبل الحديث عن ماهيه الاشتراكيه و تجربه ثوره يوليو الاشتراكيه في التنميه والتحديث و هل هي اشتراكيه عربيه ام تطبيق عربي للاشتراكيه يصبح لزاما ان نعرف ماذا جري في المجتمع المصري من تحول نحو الاشتراكيه و كيف جري .
و يصبح لزاما ان نوضح كيف صدر ميثاق العمل الوطني ؟
و بالتالي يصبح لزاما ان نسترجع كيف تاسس الاتحاد الاشتراكي العربي ؟؟
فقد كانت كلها خطوات متلازمه للتحول نحو الاشتراكيه
للاجابه نضع الحقائق التاريخيه التاليه :
1ـ ان قيام الاتحاد الاشتراكي العربي كان ضروره حتميه لصدور قوانين يوليو الاشتراكيه
و التي صدرت في عام 1961
2ـ كان لصدور قوانين يوليو الاشتراكيه اثارها الكبري في المجتمع المصري و العربي
و كان لابد من حمايه الاشتراكيه الوليده قال جمال عبد الناصر نفسه (( ان هناك صراعا بين الطبقات و هذا الصراع لا يحسم الا اذا قام تنظيم سياسي جديد من المؤمنين بالاشتراكيه ايمانا عميقا و ممن تتفق مصالحهم و مصالح الشعب العامل ))
3ـ كان ميلاد الاتحاد الاشتراكي العربي واضحا في اسبابه فالاتحاد القومي كان مفتوحا علي مصراعيه ـ و بعد صدور قوانين يوليو الاشتراكيه كان محتما ايجاد التنظيم الذي يدافع عن التوجه الاشتراكي للثوره و كان طبيعيا ان يضم هذا التنظيم المؤمنين بالفكر الاشتراكي الجديد و تلك كانت مشكله كبري واجهت قياده الثوره
4ـ كانت الافكار الاشتراكيه شديده التباين فالماركسيه اللينينه تري انها اشـتراكيه علمـيه
و كان لها اتباع و مريدون في الجمهوريه العربيه المتحده و كان هناك اشتراكيه صينيه يقودها ماوتسي تونج تري انها الاشتراكيه العلميه و تعادي الاشتراكيه المطبقه في الاتحاد السوفيتي في تلك الفتره عداءا فكريا شديدا !!!
و عشرات التطبيقات في بلدان شرق اوربا
و كان هناك علي الاقل تاريخيا افكار اشتراكيه مثاليه اندثر اتباعها مثل افكار روبرت اوين
و افكار فورييه انها افكار و رؤي اشتراكيه متباينه لا يمكن اغفال محتواها الاشتراكي..
و كان هناك من يري في اشتراكيه الاديان ما يصحح موازين العدل الاجتماعي التي مالت كفتها لصالح فئه صغيره من المجتمع و كان هناك من يرفض اشتراكيه الاديان ويصمها بالاشتراكيه الخياليه
الا ان تجربه ثوره يوليو الاشتراكيه هي اول تجربه في المجتمع العربي و كان هناك من يقتنع بضروره ما يفعله الرئيس / جمال عبد الناصرمن اصلاحات ثوريه في المجتمع بصرف النظر عن ماهيه مسمي تلك الاصلاحات اشتراكيه ام عداله اجتماعيه ام اشتراكيه عربيه فهي في النهايه ضروريه لاصلاح الاختلالات الموجوده في بنيه المجتمع الاقتصادي والاجتماعي
و كان التيار الرافض للميثاق و لقوانين يوليو الاشتراكيه سواء من بقايا التنظيمات الشيوعيه التي حلت نفسها او التنظيمات التي نشأت كبيرا فقد كان هؤلاء يرون ان التحول لم يكن كافيا و ان التطبيق الاشتراكي في الجمهوريه العربيه المتحده مخالفا لاسس الاشتراكيه العلميه (الماركسيه) وان وافق البعض علي مضض علي هذه التحولات باعتبارها خطوه علي الطريق ليس الا !!!.
5ـ كان ايمان جمال عبد الناصر بالتنظيم الفاعل ايمانا واضحا فقد قال يوم 4 يوليو 1962 للمؤتمر الوطني للقوي الشعبيه (( كنا بندرس العوامل و الاسباب التي اثرت علي التنظيمات الماضيه .. لماذا لم نستطع ان نقيم التنظيم السياسي القومي .. ليه ؟
يستطرد جمال عبد الناصر رحمه الله قائلا
فيه تاييد كامل للثوره .. يعني نذهب الي أي بلد نري الناس كلها تطلع مع الثوره .. كل الشعب متمسك بالثوره يعرف اهداف الثوره .. فاهم واعي و فيه تجارب بين الطليعه و بين الشعب و لكن الاسلاك الموصله او الرابطه و التنظيم السياسي لم يمكن عمله الي الان بنجاح .. امر يستدعي ان نتساءل و ان ندرس قبل ما ندخل علي التنظيم الجديد
و يشرح لماذا فشل الاتحاد القومي
اول مره عملنا انتخابات لمجلس الامه سنه 57 و جه مجلس الامه قبل تشكيل الاتحاد القومي و بعد ذلك بدأ الاتحاد القومي باختيار لجان الاختيار .. و الذي قام بهذا اعضاء مجلس الامه .. وقعنا في مشكله
طبعا الذي نجح في مجلس الامه كان امامه ( خصومه في الانتخابات ) اثنين او ثلاثه او اربعه او خمسه كل الذي وقف له من الناس المنافسين عزلهم من الاتحاد القومي
و حصل تفتت و طلع مهلهل ))
6ـ هكذا اصطدم جمال عبد الناصر بعقبتين ضخمتين :
الاولي : اصداره لقوانين يوليو الاشتراكيه و بروز فئات و جماعات تضررت بشكل مباشر
من تلك القرارات و بدا رفضها واضحا من منطلق مصلحتها الذاتيه المتضخمه فوق
مصلحه المجتمع
الثانيه : عقب الانفصال بات واضحا قصور التنظيم السياسي و قوه قوي الثوره المضاده
و قدرتها علي الفعل بذاتها او بالتعاون مع الاستعمار و الرجعيه العربيه
و لعل وصف جمال عبد الناصر للتنظيم ( الاتحاد القومي ) بانه مفتت وطلع مهلهل
وتحليله لاسباب ذلك حسبما اوضح بخطابه تؤكد ذلك القصور الذي نقصده
7ـ ايمان جمال عبد الناصر بالتنظيم الفعال ايمان راسخ فلم يغتبط الرجل و ينام ملء جفونه
و هو يري الجماهير العربيه تهتف لقائدها و تخرج مؤيده للثوره و انما تنبه الي انه رغم
ان (( كل الشعب متمسك بالثوره يعرف اهداف الثوره .. فاهم واعي و فيه تجارب بين
الطليعه و بين الشعب و لكن الاسلاك الموصله او الرابطه و التنظيم السياسي لم يمكن
عمله الي الان بنجاح ))
8ـ هكذا كان ميلاد الاتحاد الاشتراكي العربي ضروريا لحمايه توجه الثوره الاشتراكي
ليكون الاسلاك الموصله اوالرابطه و التنظيم السياسي للثوره علي حد تعبير جمال عبد
الناصر نفسه و يكون مدافعا عن الثوره ضد قوي الثوره المضاده المتربصه
أـ بدأ العمل في انشاء الاتحاد الاشتراكي بدعوه اللجنه التحضيريه التي اجتمعت ووضعت 5
( خمسه) ضوابط لتحدد الفئات المعزوله عن المؤتمر الوطني للقوي الشعبيه لتكون تلك الضوابط هي الموانع التي تمنع تسلل اعداء الثوره للتنظيم السياسي
و كانت تلك الضوابط هي :
ـ كل من ارتكب جريمه في حق الوطن و صدر ضده حكم من محاكم الثوره او الشعب او امن الدوله العليا الا اذا رد اليه اعتباره و صدر في حقه عفو شامل
ـ كل من عاون اجنبيا بطريق مباشر او غير مباشر بقصد تمكينه من السيطره علي البلاد او الاضرار بمصالحها
ـ كل من استغل نفوذه بقصد الاثراء علي حساب الشعب او تحقيق منافع له او لغيره بدون حق
ـ كل من ثبت اشتراكه في افساد الحياه السياسيه بالاعتداء علي الدستور او تزوير الانتخابات او الاعتداء علي الحريات السياسيه او معاونه طغيان الملكيه من رجال القصر والوزراء و الاحزاب و المجالس النيابيه .
ـ افراد الاسره المالكه و اصهارها
و بناء علي قرارات اللجنه التحضيريه دعيت المؤسسات الجماهيريه و النقابات و الاتحادات الي انتخاب ممثليها ليكونوا اعضاء في المؤتمر الوطني للقوي الشعبيه
بالاختيار الديمقراطي الحر المباشر كان تشكيل المؤتمر الوطني للقوي الشعبيه حيث عقد الاجتماع الاول يوم 21 مايو سنه 1962
وتلا جمال عبد الناصر مشروع الميثاق و نوقش مشروع الميثاق علي مدار 14 جلسه متتاليه عقدها المؤتمر الوطني للقوي اللشعبيه استغرقت نحو شهر و نصف الشهر( من 21 مايو 1962 حتي 4 يوليو 1962 ) حيث اقر المؤتمر في ختامها الميثاق و اعلن تقرير الميثاق متضمنا خلاصه مناقشاته و رؤيته …
فتقرير الميثاق اذن هو خلاصه مباحثات و مداولات اربعه عشر جلسه للمؤتمر الوطني للقوي الشعبيه تضمن التقرير 10 اجزاء ليس هذا مجال سردها و نشير ان الفصل الرابع من تقرير الميثاق كان بعنوان الاشتراكيه
و الفصل الخامس كان بعنوان الانتاج و اليهما سنعود فيما بعد
و في الجلسه الثالثه عشر من جلسات المؤتمر الوطني قدم جمال عبد الناصر مشروع تنظيم الاتحاد الاشتراكي العربي و فوض المؤتمر الرئيس جمال عبد الناصر بتشكيل لجنه تنفيذيه عليا مؤقته للاتحاد الاشتراكي
وباعلان الميثاق كان ميلاد الاتحاد الاشتراكي العربي

رابعا : ان مطالعه تشكيل الاتحاد الاشتراكي العربي ( تنظيم شعبي وطني ) قائم علي فكره
تحالف قوي الشعب العامل متخذا شكلا تنظيميا هرميا توضح انه كان يضم المنتخبين
من غير من قررت اللجنه التحضيريه منع دخولهم للتنظيم ( طبقا للضوابط الخمسه
التي حددتها اللجنه و بيناها انفا )
و اذا قمنا بتحليل هذه الضوابط فاننا سرعان ما سنكتشف انها ضوابط لا تجعل التنظيم تنظيما قوميا عربيا اشتراكيا !!!
ولا تضمن الفعاليه للتنظيم في مواجهه خصومه و انما تضمن ابعاد العناصر الاشد خطرا علي الثوره انذاك و كانت الاكثر وضوحا في خطرها ليس الا
ذلك رغم ان التنظيم الجديد كان يضم عمالا وفلاحين بنسبه 50% هم اصحاب مصلحه في التغيير الوليد و كان التنظيم يضم مثقفين و راسماليه وطنيه كانوا جميعا مؤيدين للثوره او هكذا بدت انتمائتهم في ذلك الوقت و لكن الاتحاد الاشتراكي العربي كان في حقيقته اشبه بالتنظيم الجبهوي فهو ليس تنظيما جبهويا و لكنه اشبه ما يكون به لان التنظيم الجبهوي يكون بين تنظيمات مختلفه متباينه الافكار و الايدلوجيات و لكنها متفقه علي هدف متي تحقق انفضت تلك التنظيمات كل حسب توجهه الفكري
و لم يكن الاتحاد الاشتراكي يضم تنظيمات متباينه و انما كان لاعضائه مشارب فكريه متباينه و دخل بعض الشيوعيون بعد حل تنظيمهم الاتحاد الاشتراكي فرادي سواء بصفه العامل او الفلاح او المثقفين … الخ قوي التحالف
نعم كان تنظيم تحالف قوي الشعب العامل ممثلا للشعب بكل فئاته و تياراته و كان بالاختيار الديمقراطي الا ان ذلك اصطدم بالهدف الذي انشيء من اجله
فما جري ليس هو ما كان يبحث عنه عبد الناصر !!! (ولعل ذلك ما دعاه بعد ذلك لتوقعه الخطر المحدق ان يبحث و ينشيء تنظيما سريا داخل الاتحاد الاشتراكي للدفاع عن الثوره)
كيف كان ذلك كيف انشأ عبد الناصر تنظيمه السياسي الكبير ( الاتحاد الاشتراكي العربي ):
نحيل الي ما قاله عبد الناصر لنعرف ماذا كان يريد
انه ما عرضناه عن الاتحاد القومي و اسباب فشله قال عبد الناصر ولا نمل تكرار ما قاله لنعرف اين الخلل فلتلك المقوله اهميتها (( كل الشعب متمسك بالثوره يعرف اهداف الثوره .. فاهم واعي و فيه تجارب بين الطليعه و بين الشعب و لكن الاسلاك الموصله او الرابطه
و التنظيم السياسي لم يمكن عمله الي الان بنجاح ))
لذا كان ضروريا ان يكون لهذه القوي التي اتفقنا انها بتشكيلها هذا و رغم الضوابط التي وضعت علي الانضمام للاتحاد الاشتراكي قوي لا تجعل التنظيم تنظيما قوميا عربيا اشتراكيا ولا تضمن الفعاليه للتنظيم في مواجهه خصومه و انما تضمن ابعاد العناصر الاشد خطرا علي الثوره و الاكثر وضوحا في خطرها
اين الرابط الفكري الذي يضمن ولائها اين برنامج العمل الوطني الذي تسير علي منهاجه تلك القوي التي تشكل صيغه التحالف فلا تحيد عنه وفقا لمشاربها الفكريه المختلفه انه كان الميثاق
نستطيع ان نقول:
لقد ولدت صيغه تحالف قوي الشعب العامل من رحم الميثاق فكان الاتحاد الاشتراكي العربي هو الابن الشرعي و الممثل الطبيعي لتلك الصيغه ليصبح الاداه التنظيميه للثوره لتنظم و تفعل عمل الجماهير حسبما اراد جمال عبد الناصر في مواجهه اخطار محدقه كادت تعصف بالثوره
ـ و لنترك رؤيه عبد الناصر للتنظيم السابق للاتحاد الاشتراكي لنطالع الاحداث الخطيره التي سبقت تشكيل الاتحاد الاشتراكي و كادت تعصف بالثوره:
من حادث الانفصال و وقوف عبد الناصر مناديا الجماهير العربيه في سوريه و هي
الجماهير التي حملت رايه الوحده قبل سنتين و هي التي اسقطت الانفصالين بعد ذلك
الا ان هذه الجماهير عجزت عن حمايه دوله الوحده من السقوط !!!
لماذا …لان الاسلاك الموصله او الرابطه والتنظيبم السياسي لم يمكن عمله الي الان بنجاح!!!
و لنعرض ماذا حدث يوم الانفصال لاهميتها القصوي في بيان القصور و العجز التنظيمي للثوره في تعاملها مع الجماهير المؤمنه بالثوره !!!
وقف عبد الناصر صباح يوم 28 سبتمبر سنه 1961 ( التاسعه صباحا القي جمال عبد
الناصر بيانه الاول الي الامه … ثم في السابعه مساءا القي بيانا اخر )
( تشاء الاقدار ان يكون يوم الانفصال هو نفسه يوم وفاه عبد الناصر و رحيله بعد تسع سنوات من طعنه الانفصال )
مناشدا :
كل مواطن من ابناء الجمهوريه العربيه المتحده (( ان يؤدي واجبه في خدمه المبدأ
وفي خدمه العقيده اطالب كل جندي و كل ضابط من القوات المسلحه ان يؤدي واجبه
يا من امنتم بالقوميه العربيه ,
يا من امنتم بالمبدأ .. يا من امنتم بالوحده العربيه .. انني لن اقبل المساومه لن اقبل
حلا وسطا لن اتخلي عمن ايدوا اليوم الجمهوريه العربيه و سيروا في طريق الحق
و سيروا في طريق العدل ))
انه نداء عبد الناصر للجماهير المؤمنه بالوحده الجماهير المؤمنه بالثوره
الا ان الجماهير عجزت و قوي الثوره كلها عجزت عن حمايه دوله الوحده
و حدث الانفصال !!
و لم تتحرك قوي الثوره المؤمنه بالوحده العربيه في مواجهه قوي الانفصال و لم تستجب لنداءات عبد الناصر المتتاليه عبر ازاعه الجمهوريه العربيه المتحده فقد توالت الاحدات بسرعه و انتصرت قوي الانفصال رغم ان الاغلبيه كانت تؤيد جمال عبد الناصر الا انها كانت غير منظمه طاقات مهدره لا يربطها منهج عمل ثوري محدد سلفا ولا ينظم عملها تنظيم فاعل
القائد يناشد جماهير الثوره ان تنهض لتصد عدوان قوي الانفصال و جماهير الثوره لا تتمكن من الوقوف امام القوي الانفصاليه !!!
كان هذا حدثا جللا ينبغي الوقوف امامه من ثم كان تعبير عبد الناصر عن الاتحاد القومي بانه تنظيم مفتت و مهلهل كان مبنيا عن ايمان عبد الناصر بعدم فعاليه التنظيم عمليا فلو كان تنظيم الاتحاد القومي فعالا لما اغمض عينيه و القائد يستصرخ الجماهير علنا ان تتحرك اين المدافعين عن الثوره اين كوادر التنظيم
انها كوادر عاجزه
كوادر غير قادره علي الفعل
غير ملتحمه بالجماهير
متصارعه فيما بينها
مصلحتها الذاتيه فوق المصلحه القوميه
و عندما حانت ساعه الاختبار رسبت بجداره
فكان لابد من التغيير
ـ و ها هي قوانين يوليو الاشتراكيه تصدر فهل لا تجد الاشتراكيه هي الاخري من يدافع
عنها؟؟؟
من ثم كان ميلاد الاتحاد الاشتراكي العربي حتميا لدي جمال عبد الناصر وهكذاولد
التنظيم حسبما اوضحنا كيفيه ميلاده
خامسا : ظل عبد الناصر لسنوات يشرح اشتراكيته و يطبقها و يطورها و لكن علينا ان
نضع الحقائق التاليه عند مناقشه التجربه الاشتراكيه الناصريه
1ـ جمال عبد الناصر كان ثائرا يغير الواقع و يعيد صياغه قوانين حركه المجتمع وفقا
لرؤاه الثوريه و لم يطرح جمال عبد الناصر نفسه مفكرا او فيلسوفا ثوريا!!
2ـ لم يضع جمال عبد الناصراولا نظريه لها فكرها و منهجها ثم التفت حولها جموع المؤيدين و انما تحرك وفق رؤاه الوطنيه وطبقا لفكر استراتيجي تحددت معالم حركته منذ البدايه في رسمه للدوائر الثلاث العربيه و الافريقيه و الاسلاميه بكتابه فلسفه الثوره و وضح منهجه التنموي بصدور قوانين يوليو الاشتراكيه و تبلورت افكاره في ميثاق العمل الوطني الذي وضعه كبرنامج للعمل الوطني و انضجت التجربه نفسها فكره اكثر فكانت احاديثه و خطاباته محدده لافكاره التي انضجتها تدعيات الاحداث و السنون
3ـ نحن الناصريون الذين لم نعش عصر عبد الناصر و انما امنا بالناصريه كعقيده سياسيه ثوريه لا نري ان جمال عبد الناصر نبيا منزها او معصوما من الخطأ و لن تكون اقواله قرآنا لا ياتيه الباطل من امامه او من خلفه بل هي اراء قائد ثوري فذ ينبغي النظر اليها في منظور زماني و مكاني كي نستخلص منها الناصريه الجديده
فلا نقع اسري الماضي الذي لن يعود في حاضر غريب و مستقبل يلوح في الافق اننا مغيبون عنه !!..
4ـ يلزم الاخذ في الاعتبار اثر محددات الدور و محددات الموقف علي اراء جمال عبد الناصر عند دراستها فقد كان الرجل رئيسا للدوله و كان لهذا الدور اثره في اطروحات الرجل الثائر فكان هناك ما يجوز للثائر ان يقوله ولا يجوز لرئيس الدوله ان يقوله فاذا كان الثائر رئيسا للدوله كان طبيعيا ان يقول ما يفرضه عليه الدور و ما يمليه عليه الموقف ولا يقول ما يمنع الدور قوله تري ماذا كان في جعبته لم يقله ؟!! لا شك انه كثير و ماذا فرض عليه الموقف ان يقول ؟؟ … لا شك انه كثير
5ـ ان الناصريين اليوم يناضلون في ظروف مختلفه فهم يناضلون بدون جمال عبد الناصر
ويستهدفون اجيالا لم تشاهد جمال عبد الناصر و كثير منها لا يعرف من هو جمال عبد
الناصر ولا حتي انور السادات فقد ولدوا و بلغ بهم العمر ما بعد العشرين و لم يشاهدوا
غير رئيس واحد
ناصريوا اليوم يؤمنون بالحريه و الاشتراكيه و الوحده
ناصريوا اليوم هم الذين صاغوا الناصريه كايدلوجيا ثوريه عربيه من مباديء و افكار قائد ثوره يوليوجمال عبد الناصر ومن التجربه الناصريه خلال سنوات حكم عبد الناصر و عليهم ان يضيفوا اليها و يطوروا اساليب العمل الثوري بما يتناسب مع التغيرات التي طرأت علي العالم .
ناصريوا اليوم عروبيون يعيشون عصر العولمه و الانفلات الاعلامي يبحثون عما يحافظ علي هويه هذه الامه لتبقي عربيه يلهثون وراء كل ما يمايز عروبتنا لنحافظ هلي هويه هذه الامه عربيه

سادسا : حين ياتي الحديث عن الاشتراكيه هل هي اشتراكيه عربيه ام تطبيق عربي للاشتراكيه دون خلاف جذري حول مضمون التجربه الاشتراكيه الناصريه اري ان الناصريين من ابناء جيل اليوم ينحازون الي الاشتراكيه العربيه بلا تردد طريقا للتنميه الاقتصاديه المستقله محققه مجتمع الكفايه و العدل
اراني رافضا الاسترشاد ببعض مقولات جمال عبد الناصر نفسه من انه يطبق الاشتراكيه بمفهوم عربي
لماذا ؟
هذا يجعلنا نعود الي اصل الموضوع لنبحث و نتامل و نستخلص النتائج بعد ان عرضنا كيف كانت الظروف حول عبد الناصر و ماذا كان يريد الرجل و كيف انتهي به المطاف الي تاسيس تنظيم سياسي قائم علي فكره تحالف قوي الشعب العامل وفقا لضوابط لم تحد من تسلل قوي ليست علي خط الثوره قلبا و قالبا و انشأ عبد الناصر التنظيم الطليعي داخل الاتحاد الاشتراكي العربي ليكون هو المدافع الحقيقي عن الثوره و ليس الاتحاد الاشتراكي :

سادسا : التاصيل الفكري للفهم الناصري للاشتراكيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الميثاق و الاشتراكيه العربيه :
ـــــــــــــــــ
بالرجوع للميثاق نفسه لم يطلق الميثاق فيما طرح من تحولات اشتراكيه مسمي الاشتراكيه العربيه ولم يطلق مسمي تطبيق عربي للاشتراكيه الا مره واحده عرضا علي نحو ما سنبين
و انما ذكر بالباب السادس المعنون في حتميه الحل الاشتراكي عبارات مثل :
(( الاشتراكيه بدعامتيها , من الكفايه و العدل , هي طريق الحريه الاجتماعيه …
ان الحل الاشتراكي لمشكله التخلف الاقتصادي …..
ـ ان هذا الحل الاشتراكي هو المخرج الوحيد الي التقدم الاقتصادي و الاجتماعي
ـ ان ذلك الحل الاشتراكي هو الطريق الوحيد الذي يمكن ان تتلاقي عليه جميع العناصر في عمليه الانتاج علي قواعد علميه و انسانيه …
ـ ان التقدم بالطريق الاشتراكي هو تعميق للقوائم التي تستند اليها الديمقراطيه السليمه و هي ديمقراطيه كل الشعب
ـ لكن الطريق الاشتراكي بما يتيحه من فرص لحل الصراع الطبقي سلميا و بما يتيحه من امكانيه تذويب الفوارق بين الطبقات يوزع عائد العمل علي كل الشعب طبقا لمبدأ تكافؤ الفرص
ـ ان الطريق الاشتراكي يفتح الباب للتطور الحتمي سياسيا من حكم ديكتاتوريه الاقطاع المتحالف مع راس المال الي حكم الديمقراطيه الممثله لحقوق الشعب العامل و اماله .
و هكذا خلا الباب السادس الذي هو عنوانه (( في حتميه الحل الاشتراكي )) من أي عباره مفادها ان كان هذا الحل الاشتراكي يعني اشتراكيه عربيه ام تطبيق عربي للاشتراكيه
الا ان الباب السابع المعنون الانتاج و المجتمع ذكر الاشتراكيه مرتين فقط الاولي اورد فيها لاول مره عباره التطبيق العربي للاشتراكيه عرضا حين تحدث عن تطوير الزراعه
فقال ما نصه (( ان التطبيق العربي للاشتراكيه في مجال الزراعه لا يؤمن بتاميم الارض
و تحويلها الي مجال الملكيه العامه , و انما هو يؤمن ـ استنادا الي الدراسه و الي التجربه ـ بالملكيه الفرديه للارض في حدود لا تسمح بالاقطاع ))
و المره الثانيه جاءت (( ان الحدود الاشتراكيه التي تم رسمها بدقه في قوانين يوليو قد قضت
علي اثار الاستغلال … ))
النتائج :
مما سبق يتضح ان الباب السادس من الميثاق لم يطرح علي الاطلاق عبارات حاسمه او غير حاسمه لوصف ما يجري و هل هو اشتراكيه عربيه ام تطبيق عربي للاشتراكيه
فقد استخدم عبارات ان هذا الحل الاشتراكي و الطريق الاشتراكي فقط لا غير في تناوله لقضايا التخلف الاقتصادي و الاجتماعي و هذا الباب اصلا هو الباب الذي تناول الاشتراكيه فكريا في الميثاق
اما الباب السابع الذي تحدث عن الانتاج و المجتمع فهو يتناول تطبيق الاشتراكيه التي نادي بها و حدد معالمها الباب السادس و ذلك في قطاعات المجتمع
و عندما تحدث عن قطاع الزراعه ذكرلاول و اخر مره عباره التطبيق العربي للاشتراكيه
و كان ذلك عندما تناول التمايز الذي يمايز الحل الاشتراكي في قطاع الزراعه عن التطبيقات الاشتراكيه بلدان اخري تمنع الملكيه الفرديه
فكان طبيعيا ان يذكر عباره ان التطبيق العربي للاشتراكيه في مجال الزراعه لا يؤمن بتاميم الارض و تحويلها الي مجال الملكيه العامه و انما يؤمن بالملكيه الفرديه للارض في حدود لا تسمح بالاقطاع …
و عندما تناول هذا الباب الصناعه و سياسات التصنيع و الصناعه الثقيله و العامل و العمل
و الالات …الخ
لم تذكر قط عباره تطبيق عربي او اشتراكيه عربيه او حتي أي وصف اشتراكي .
و لم يذكر بالباب السابع من الميثاق الا عباره (( الحدود الاشتراكيه )) مره واحده فقط عندما تناول الاستغلال و المبادره الفرديه واصفا قوانين يوليو الاشتراكيه بانها وضعت حدود اشتراكيه قضت علي الاستغلال و لم تقيد المبادره الفرديه .

2ـ تقرير الميثاق و الاشتراكيه العربيه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما قدم جمال عبد الناصر الميثاق في 21 مايو سنه 1962 للاعضاء المؤتمر الوطني للقوي الشعبيه في اول اجتماع لهم بعد انتخابهم ( في ضؤ) محددات اللجنه التحضيريه السابق الاشاره لها بهذه الدراسه
تلا عبد الناصرمشروع الميثاق و نكرر تلا عبد الناصر مشروع الميثاق و ليس الميثاق في صيغته النهائيه
طرح القائد مشروع الميثاق ليتدارسه اعضاء المؤتمر و يناقشوه و لابداء المقترحات بشأنه
و بالفعل عقد المؤتمر 14 جلسه ـ غايه في الاهميه استغرقت الفتره من 21 مايو 1962 حتي 4 يوليو 1962 ـ حضر معظمها جمال عبد الناصر بنفسه
و قد تدارس اعضاء المؤتمر الميثاق دراسه علميه مستفيضه ( تم تشكيل لجنه من اعضاء المؤتمر انبثقت عنها 6 لجان هي : ـ
لجنه المسائل العامه
لجنه الديمقراطيه
لجنه الاشتراكيه
لجنه الانتاج
لجنه الوحده العربيه
لجنه السياسه الخارجيه بخلاف لجنه التنسيق
فاذا كان عبد الناصر قد قدم مشروع الميثاق للمؤتمر لمناقشته و تعديله و ابداء الرأي فيه لاصداره بالصيغه النهائيه

فقد تم ذلك فعلا الا ان الاعضاء لم يشاءوا تعديل الميثاق و انما صاغوا تقرير الميثاق ليضم خلاصه دراسات و اراء اعضاء المؤتمر الذين انتخبهم الشعب ليعبروا عن اراده الشعب
فماذا كانت ارائهم و تلك كانت مفاجأه لنا ؟
كانت الدراسات علي قدر عال من النضج و الموضوعيه في حضور جمال عبد الناصر شخصيا
فكان هذا التقرير بعد تحليل و تفسير و توثيق و دراسه لمشروع الميثاق و ما تضمنه من اصول و مباديء و احكام ) و صدر تقرير الميثاق من 10 اجزاء هي :
1ـ ضروره الميثاق و طبيعته و مغزاه التاريخي
2ـ الدين و المجتمع
3ـ الديمقراطيه
4ـ الاشتراكيه
5ـ الانتاج
6ـ العلم و الثوره الثقافيه .
7ـ المرأه و الاسره و الشباب
8ـ الوحده العربيه
9ـ السياسه الخارجيه
10ـ اعلان الميثاق
لاحظ ان الميثاق جاء في عشره ابواب و تقرير الميثاق جاء في عشره ابواب
الا انها تضمنت اضافات و ايضاحات غايه في الاهميه و معبره عن رؤيه ثاقبه لابناء الشعب المؤتمرون
و ليس هذا محل دراسه تلك الاضافات او التعديلات التي قررها المجتمعون و التي اصدروها في تقرير الميثاق فقد جاءت مشيئتهم الا يعدلوا الميثاق نفسه

الاشتراكيه في تقرير الميثاق
ـــــــــــــــ
يقول تقرير الميثاق
(( و كانت اشتراكيتنا انعكاسا امينا لكل تاريخنا بما استقر فيه من مباديء و ما تفاعل فيه من قيم دينيه و خلقيه مما جعلها اشتراكيه عربيه في قيمها و في حلولها ))
ليس هذا فحسب بل ان المجتمعون حسموا أي خلاف او رؤيه حتي و لو كانت لجمال عبد الناصر نفسه فقد دار الحوار في مواجهته و ناقشه المجتمعون من اعضاء المؤتمر الوطني
و ناقشهم علي مدار اكثر من 14 جلسه استغرقت قرابه شهر و نصف و انتهت تلك المناقشات بشان الاشتراكيه (كل هذا كان بعد صدور قوانين يوليو الاشتراكيه و صدور مشروع الميثاق)
حسم تقرير الميثاق بشكل لا يحتمل الجدل حسما نهائيا ان ما نطبقه و نريد ان نطبقه في الجمهوريه العربيه المتحده هو اشتراكيه عربيه
و لم يكتفي بذلك المؤتمر و انما صاغ سمات الاشتراكيه العربيه و حددها تحت عنوان سمات الاشتراكيه العربيه :
لننظر ماذ صاغ تقرير الميثاق خول الاشتراكيه
لعل اهميتها في ذلك التحديد الرائع للمفاهيم و الافكار الذي يعكس نضجا فكريا كبيرا لدي اعضاء المؤتمر و لتتقل ما نصه :
.. (( لقد انتهي التطبيق الاشتراكي في بلادنا الي اقامه اشتراكيه عربيه متميزه . فهي تؤمن بالله و برسالاته و بالقيم الدينيه و الخلقيه
و هي تؤمن بالجماعه
و تقدم مصالحها علي كل اعتبار اخر و لكنها في الوقت نفسه تحترم كرامه الانسانيه و حريه الفرد
و هي اذ تسعي لتحقيق الكفايه لا تضحي بالجيل الحاضرفي سبيل رفاهيه الاجيال القادمه و انما تقيم التوازن بين تضحيات الاجيال المتلاحقه
و هي تؤمن بالملكيه الفرديه غير المستغله و بحق الارث الشرعي و بالمبادره الفرديه الخلاقه التي لا تنحرف عن المصلحه العامه .. و هي بهذا تختلف عن الاشتراكيه التي تلغي الملكيه الفرديه لوسائل الانتاج الغاء تاما.
و هي تؤمن بوحده الشعب و سيادته فلا تسمح بدكتاتوريه ايه طبقه او سيطرتها , و انما تعمل علي تذويب الفوارق بين الطبقات
و هي تؤمن بحل المتناقضات الطبقيه حلا سلميا فتنكر العنف و سيله لحل المتناقضات
و هي هي في اسلوب عملها اشتراكيه علميه تعتمد في تحقيق الكفايه و العدل علي الاسس العلميه و علي كل ما وصل اليه العلم الحدبث من نتائج
هذا هو الطريق الاشتراكي الذي سلكناه له خصائصه و مميزاته الذاتيه
ان الشيوعيه ليست اذن هي البديل الوحيد للطريق الراسمالي
لقد حتمت علينا ظروفنا و قيمنا و مبادئنا سلوك طريق يختلف عن الطريقين الاخرين معا
( الشيوعيه و الراسماليه ))
هكذا حسمت هذه القضيه منذ زمن ها الشعب المصري يريد اشتراكيه عربيه ام تطبيق عربي للاشتراكيه
حسمها تقرير الميثاق في مواجهه عبد الناصر شخصيا

الاشتراكيه العربيه و الماركسيه :
ــــــــــــــــــ
لقد هوجم عبد الناصر من الماركسيين واتهم بانه لا يطبق الاشتراكيه العلميه ( كما يرونها)
و نسوا او تناسوا ان ثوره يوليو الاشتراكيه لم تقم علي نظريه الجدليه الماديه فهي لم تنشا نتيجه تطور نظام راسمالي بلغ اوج متناقضاته فتولدت الاشتراكيه فقد كان المجتمع المصري اقطاعيا في المقام الاول و ليس مجتمعا راسماليا !!!
و يهاجم السلفيين عبد الناصر متهمينه بالشيوعيه والماركسيه !!! لانه يطبق الاشتراكيه !!
و نسوا انها ليست تطبيقا عربيا للاشتراكيه العلميه ( الماركسيه ) و انما هي اشتراكيه عربيه كما وصفها تقرير الميثاق
هي اشتراكيه عربيه متميزه . فهي تؤمن بالله و برسالاته و بالقيم الدينيه و الخلقيه
و هي في اسلوب عملها اشتراكيه علميه تعتمد في تحقيق الكفايه و العدل علي الاسس العلميه و علي كل ما وصل اليه العلم الحدبث من نتائج
و نسوا انهم صفقوا لشعر شوقي امير الشعراء مادحا الرسول صلي الله عليه و سلم بقوله (الاشتراكيون انت امامهم) قبل قيام الثوره كلها بسنوات طويله !!
و نسوا ان الاشتراكيه العربيه جاءت قولا و فعلا
فلم يكن عبد الناصر يريد الماركسيه علي مراحل
نسوا ان خرشوف هاجم في مؤتمر الحزب الشيوعي السوفيتي عبد الناصر و ما يحدث للرفاق الشيوعين علي يد عبد الناصر هجوما مريرا
اشتراكيه عبد الناصر كانت اشتراكيه عربيه قولا و فعلا فقد انشأ عبد الناصر مدينه البعوث الاسلاميه ليستقبل الاف المبعوثين الافارقه ليعلمهم الاسلام و الثوره فكيف يكون شيوعيا !!!
نسوا ان عبد الناصر انشأ ازاعه القرأن الكريم ازاعه دينيه اسلاميه
نسوا ان عبد الناصر اوفد مئات الدعاه الي افريقيا و اسيا و طبع مئات الالاف من الاسطوانات علي نفقه الثوره للقران الكريم بقراءات كبار المقرئين المصريين لتوزع في بلدان كاد الاسلام ان يعود فيها غريبا كما بدأ
تلك هي الاشتراكيه العربيه فهي اشتراكيه عربيه متميزه . تؤمن بالله و برسالاته و بالقيم الدينيه و الخلقيه قولا و عملا .
فهل ناتي اليوم لنقرر ان ما حدث كان مجرد تطبيق عربي للاشتراكيه !!!
لنكن علي وعي باهدافنا
و علي وعي باننا كي ننجح في تحقيق اهدافنا فعلينا ان نخاطب الجماهير بفكر جديد
ووعي مدرك لما نحن فيه اننا فقدنا السلطه فقدنا الجماهير
كي ننجح
نريد افكارا و شعارات لا اختلاف حولها ابدا
كي ننجح
نريد ان تكون شعاراتنا شعارات لها بريق يخطف العقول و اراء تلقي الهوي في نفوس ابناء الشعب العربي بتعبيرها عن اهدافه و قيمه و مستقبله
و الا فلن يلتف حولنا احد و سنتقلص عددا و ننزوي لنصبح اثرا من بعد عين
و الا اجيبوني كيف تلتف الجماهير و تتفق حول ما لم يتفق عليه اصحابه !!!

القاهره في 28/سبتمبر ايلول /2004
حسن هيكل ـ محاسب قانوني

 

عن admin

شاهد أيضاً

ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول إذاعة ونشر رد «عبدالناصر» على خطاب الرئيس العراقى أحمد حسن البكر

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 أغسطس 1970.. القاهرة ترفض الرد على احتجاج بغداد حول …

2 تعليقان

  1. Mohamad Aabdeen
    قالها “عبد الناصر”بصراحة ، في خطاب جماهيري بكوادر الإتحاد الإشتراكي . قال : ليس هناك إشتراكية عربية ، وإنماإشتراكية علمية،برده على ماطرحه “عبدالله الريماوي”عام١٩٦٨ . وحتى “د. عصمت سيف الدولة”صاحب منهج (أسس الإشتراكية العربية)حمل الطبعةالثالثة عنوان (الأسس)فقط.وحذف الاشتراكية العربية.
    *الماركسية تعتبر الإشتراكية نظام رجعي بالنسبة للشيوعية . وليس لهاعلاق بالمشروع الناصري.
    *النظام، والفكر،والإيديولوجيا ، الناصري ، هو الأول من نوعه في العالم الحديث .فالصيغة الفلسفية (لتحالف قوى الشعب العاملة)،كناظم للنظام الإشتراكي ،أول من أوجدها هو”عبد الناصر ، ومعه المفكرون الناصريون” . وهذامايميز الناصرية على أنهاعقيدةعالمية.
    *هوأول من أسس النظام الإشتراكي بالعالم كله . والناصرية كمذهب سياسي تناسب جميع الأديان السماوية والأرضية.وهذه خصائص المذهب بكل دين،بأن لايختلف عليه جموع الشعب والأمة. ولكل مذهب نظرية ، وبدون نظرية هو ليس بمذهب ديني وسياسي.فالدين لكل زمان ومكان . أماالمذهب هو إجتهاد في الدين لمشكلات معينة،في زمن معين ، في مكان معين . ويبقى كتاب الله هو الأصل.
    *وصدق شيخ الفلاسفة”د.زكي نجيب محمود” عندما قال: الدين بحاجة لإمام عربي……وكان يقصد عبدالناصر.
    *هكذايتقدم الإسلام،وكل الديانات،للتقدم والحضارة.
    #أتمنى لكاتب المقال الموضوعية،وإعادةالصياغة.وله جزيل شكرناعلى جهده المميز.

  2. في تعقيب للأستاذ سامي شرف علي المقال تليفونيا قال : التطبيق العربي للأشتراكية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *